مجله البيان (صفحة 4366)

دراسات في الشريعة

مقاطعة بضائع الكفار

نفرة شرعية

هاني بن عبد الله بن محمد بن جبير [*]

الحمد لله وحده، وبعد:

فقد (فوجئ العالم الإسلامي في هذا العصر بتفوق عدوه عليه في ميادين شتى،

ولو أن هذا التفوق كان في مجال السيف والرمح والكر والفر، فلربما كنا نستطيع

أن ندفع عن أنفسنا شره ونحول دون انتصاره علينا، بل قد نهزمه فنسترد ما ضاع

منا. ولكنه كان ولا يزال تفوقاً غير متكافئ؛ فالعدو على اختلاف توجهاته يملك من

وسائل القوة ما يضمن له التحكم والقهر، وبسط النفوذ وإملاء الإرادة في الوقت

الذي أصبحنا فيه عالة عليه في كل شيء، مما يجعلنا نصنّف أنفسنا قبل أن يصنفنا

غيرنا بأننا متخلفون. ونتيجة لذلك فنحن (عالم التبعيّة) الواقع تحت التأثيرات

الخارجية وقانون التوازن الدولي. إن الصدمات العنيفة التي كان من المفروض أن

تولِّد فينا ردود أفعال مناسبة لم تتوقف هزاتها وتحدياتها، ولقد بقينا مدة طويلة دون

أن تكون مواجهاتنا لها في المستوى المطلوب) [1] .

ويبقى الأفراد الغيورون يلتفتون صوب كل اتجاه بحثاً عن سبيل مواجهة أو

طريق نجاة أو وسيلة إنقاذ إيماناً منهم بأنه لا بد من أن يستنفد المرء كل طاقته ولا

يدّخر منها شيئاً لتبرأ ذمته ويستحق وعد الله تعالى: [أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ

وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ

الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ] (البقرة:

214) .

ولما كان الاقتصاد في هذا الزمن ذا تأثير كبير وفعال على مواقف الدول

واتجاهاتها؛ فقد بدأت الدعوة إلى (مقاطعة) البضائع والمنتجات التي تصدرها

الدول التي تحارب المسلمين أو تقف معها؛ لتكون وسيلة ضغط عليها لتوقف (أو

تخفف) من موقفها المعادي للمسلمين.

وكان لهذا النداء تجاوباً كبيراً من الشعوب المسلمة التي لا حول لها ولا قوّة،

ولا تعرف كيف تعمل، ولا كيف تنتصر.

حتى قال بعضهم إن (سلاح المقاطعة) هو السلاح الوحيد المؤثر في سجل

المواجهة مع إسرائيل في وقتنا الحاضر [2] .

وفي الحقيقة إن المتابع لمجريات الأحداث يلمس لهذه المقاطعة آثاراً كبيرة

تدفع بعض الشركات إلى التبرُّؤ من دعم الدولة اليهودية، أو إلى تعهدها بدفع

تبرعات لجهات فلسطينية، إلى غير ذلك.

وقد انتشرت في الساحة الإعلامية عدة فتاوى تقول: إن «كل من اشترى

البضائع الإسرائيلية والأمريكية، من المسلمين فقد ارتكب حراماً، واقترف إثماً

مبيناً، وباء بالوزر عند الله والخزي عند الناس» [3] .

وحقيقة أن الغيرة الإسلامية تشتعل في النفس إذا رأت ما يحل بالمسلمين وما

يدبر لهم على أيدي أعداء الله.

إلا أن موقف الموقِّع عن رب العالمين وهو يتلو قوله تعالى: [وَلاَ تَقُولُوا لِمَا

تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ

عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ] (النحل: 116) .

موقفٌ لا تؤثر فيه العواطف ولا يغلبه الحماس عن تأمل نصوص الوحيين،

وإعمال قواعد الشرع وأدلته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «كما أن الله نهى نبيّه أن

يصيبه حزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره؛

فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم أو يكون في ضيق من مكرهم. وكثير من الناس إذا

رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال الإسلام: جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل

المصائب وهو منهي عن هذا بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين

الإسلام، وأن يؤمن بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى،

وأن ما يصيبه فهو بذنوبه، فليصبر إن وعد الله حق، ويستغفر لذنبه، وليسبح

بحمد ربه بالعشي والإبكار» [4] .

وفي هذه الورقات القليلات نظرات شرعية عاجلة لموضوع (المقاطعة) ،

حاولت فيها الوصول لحكم شرعي فقهي فيها.

* أولاً: تعريف المقاطعة الاقتصادية:

المقاطعة مفاعلة من القطع. يقال: قطعه يقطعه قطعاً.

والقطع: إبانة بعض أجزاء الجرم من بعضٍ فصلاً [5] .

والقطع والقطيعة: الهجران ضد الوصل [6] .

والبضاعة: السلعة، وأصلها القطعة من المال الذي يتجر فيه، وقيل جزء

من أجزاء المال تبعثه للتجارة [7] .

والسلعة: ما تُجر به والمتاع، وجمعها: سِلَع [8] .

قال في المنجد الأبجدي: (المقاطعة: عدم التعامل مع شخصٍ أو شركة أو

مؤسسة أو دولة، ومنه مقاطعة بلد لمنتجات وحاصلات بلدٍ آخر) [9] .

وقال في المعجم الوسيط: (المقاطعة: الامتناع عن معاملة الآخرين اقتصادياً

أو اجتماعياً وفق نظام جماعي مرسوم) [10] .

وشاع استعمال المقاطعة في الامتناع عن شراء منتجات من يحارب المسلمين

أو يعينهم دون الامتناع عن البيع؛ وذلك لأن أهل الإسلام صاروا مستهلكين، وقل

الإنتاج فيهم.

* ثانياً: قواعد ومقدمات:

وهي سبع أسردها تباعاً..

الأولى: جواز معاملة الكفار.

الأصل أنه يجوز معاملة الكفار بالبيع والشراء سواء كانوا أهل ذمّة أو عهد أو

حرب [11] إذا وقع العقد على ما يحل، ولا يكون ذلك من موالاتهم [12] .

عن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - قال: كنا مع النبي صلى

الله عليه وسلم ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها. فقال النبي صلى الله

عليه وسلم: أبيعاً أم عطيّة؟ أو قال: أم هبة؟ قال: لا، بل بيع. فاشترى منه

شاةً [13] .

وقد بوّب البخاري على هذا الحديث في صحيحه: باب البيع والشراء مع

المشركين وأهل الحرب.

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي بأن يكاتب، والمكاتبة أن

يشتري العبد نفسه من سيده، وكان سيده يهودياً [14] .

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قُبض رسول الله صلى الله عليه

وسلم وإن درعه مرهونة عند رجل من يهود على ثلاثين صاعاً من شعير أخذها

رزقاً لعياله [15] .

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من

يهودي طعاماً إلى أجل [16] .

وسواء في ذلك أن يسافر المسلم لبلد الكفار وديار الحرب أو يجيء الكافر

لبلاد الإسلام ليبيع أو يشتري.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإذا سافر الرَّجل إلى دار الحرب ليشتري

منها جاز عندنا كما دل عليه حديث تجارة أبي بكر - رضي الله عنه - في حياة

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام، وهي حينذاك دار حرب، وغير

ذلك من الأحاديث» [17] .

عن الحسن قال: كتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -:

أن تجار المسلمين إذا دخلوا دار الحرب أخذوا منهم العُشر. قال فكتب إليه عمر:

خذ منهم إذا دخلوا إلينا مثل ذلك: العشر [18] .

قال الحافظ ابن حجر: «تجوز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم على

المتعامَل فيه، وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم» [19] .

هذا هو الأصل العام في معاملة الكفار.

يستثنى من هذا الأصل مسائل؛ منها:

أنه لا يجوز أن يبيع المسلم للكفار ما يستعينون به على قتال المسلمين. لقوله

تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان] (المائدة:

2) .

قال ابن بطال: «معاملة الكفار جائزة، إلا بيع ما يستعين به أهل الحرب

على المسلمين» [20] .

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن معاملة التتار، فأجاب:

(يجوز فيها ما يجوز في معاملة أمثالهم، ويحرم فيها ما يحرم في معاملة أمثالهم ...

فأما إن باعهم أو باع غيرهم ما يعينهم به على المحرمات كبيع الخيل والسلاح لمن

يقاتل به قتالاً محرماً فهذا لا يجوز.. في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم:

«لعن في الخمر عشرة: لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها،

والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها» [21] . فقد

لعن العاصر وهو إنما يعصر عنباً يصير عصيراً، والعصير حلال: يمكن أن يتخذ

خلاً ودبساً وغير ذلك) [22] .

وسواء كان ذلك وقت الحرب بين المسلمين والكفار أو وقت الموادعة والهدنة

بينهم.

قال السرخسي: ولا يمنع التجار من حمل التجارات إليهم إلا الكراع [23]

والسلاح والحديد؛ لأنهم أهل حرب، وإن كانوا موادعين؛ ألا ترى أنهم بعد مضي

المدة يعودون حرباً للمسلمين، ولا يمنع التجار من دخول دار الحرب بالتجارات ما

خلا الكراع والسلاح؛ فإنهم يتقوون بذلك على قتال المسلمين فيمنعون من حمله

إليهم، وكذلك الحديد؛ فإنه أصل السلاح. قال الله تعالى: [وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ

بَأْسٌ شَدِيدٌ] (الحديد: 25) [24] .

وهذه المسألة من معمولات سد الذرائع المفضية إلى المفاسد، ومن أمثلة قاعدة

الوسائل لها أحكام المقاصد.

الثانية: وسائل التعامل مع الكفار.

شراء بضائع الكفار يتخذ في هذا العصر صوراً متعددة، وله وسائل لا بد من

معرفتها ليتم الحكم عليها من خلالها. ولعله يمكن حصرها في الصور الآتية:

1 - الشراء المباشر من الكافر الذي يبيع أو يصنع أو ينتج السلعة، وهذا آكد

ما يشمله حديثنا.

2 - الشراء من خلال وسيط (سمسار) ؛ حيث يكون لديه علم بعدد من

المصانع والشركات المنتجة، فيقوم بالتنسيق والتقريب بين المشتري وبين المنتج

أو المصنع، ويتولى كتابة وثيقة البيع بين الطرفين، وكل ذلك مقابل نسبة يستلمها

الوسيط من الشركة أو المصنع المصدّر [25] .

وهنا تكون الأموال مدفوعة للبائع الأصلي فهو كالشراء المباشر في الاستفادة من

الشراء والتضرر بالمقاطعة.

3 - الشراء من (وكيل بالعمولة) إذ يستورد البضائع باسمه ولحسابه هو،

وتجري معاملاته باسمه أو بعنوان شركة ما، ثم ينقل الحقوق والالتزامات إلى

موكله تنفيذاً لعقد الوكالة المبرم بينهما مقابل أجرة تسمى: (عمولة) [26] .

والفرق بينه وبين الذي قبله أن هذا يستورد البضائع ويبقيها لديه معروضة

ليبيعها باسمه هو، ويتم التعاقد معه أو مع شركته، ثم بعد ذلك يسلم للمنتج أو

المصنع قيمة المبيع ويطالبه بالالتزامات. أما الأول فإنه وسيط فقط يربط بين

الطرفين، ثم تنتهي مهمته. وفي هذه الحالة تكون الأموال أيضاً مدفوعة للبائع

الأصلي؛ فهو كالشراء المباشر في الاستفادة من الشراء والتضرر بالمقاطعة، إلا

أن المقاطعة تضر بهذا الوكيل أيضاً لتحمله تخزين وعرض البضائع.

4 - شراء بضائع أصلها من صنع الكفار، وجرى تصنيعها داخل بلاد

المسلمين على يد شركة مسلمة تأخذ امتياز تصنيعها من الشركة الأصلية مقابل مبلغ

مالي يدفعه صاحب امتياز التصنيع للشركة الأصلية بشكل دوريّ. وهنا يستفيد أولاً

من البيع: الشركة المسلمة وتتضرر هي أولاً من المقاطعة. أما الكافر فيكون

ضرره غير مباشر من خلال ما قد يعرض لصاحب امتياز التصنيع من الاستغناء

عن حق الامتياز المذكور فيتوقف عن مواصلة دفع ما يقابله.

5 - الشراء من مسلم اشترى بضائع صنعها الكفار أو أنتجوها؛ فهنا

المتضرر من المقاطعة أولاً المسلم الذي اشترى البضاعة. مع أن المقاطعة تضر

الكافر إذا امتنع التاجر المسلم من شراء منتجاته مرة أخرى لعدم رواجها.

الثالثة: أنواع بضائع الكفار.

البضائع عموماً سواء باعها كفار أو مسلمون، إما أن تكون ضرورية أو

حاجيّة أو تحسينية [27] .

ولا شك أن بينها فرقاً كبيراً؛ فالشرع جاء بالتفريق بين الضروري وغيره،

وأباح المحرم عند الاضطرار قال تعالى: [وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا

اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] (الأنعام: 119) .

وقعّد أهل العلم قاعدة: «لا محرم مع اضطرار» [28] . مستندين لنصوص

متوافرة من أدلة الشرع تقررها. ومعلوم أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة إذا كانت

عامّة [29] .

وعليه فإننا لا بد أن نفرّق بين بضاعة ضروريّة لا غنى عنها كالدقيق مثلاً،

أو حاجيّة عامة كبعض المراكب وبين التحسينيات من أنواع الألبسة والكماليات

ونحوها.

ومن شواهد ذلك في موضوعنا ما جاء عن عمر بن الخطاب - رضي الله

عنه - أنّه كان يأخذ من النبط من القِطْنيّة (وهي الحبوب التي تطبخ) العُشْر،

ومن الحنطة والزيت نصف العشر؛ ليكثر الحَمْل إلى المدينة [30] . فقد خفف عمر

رضي الله عنه ما يأخذه منهم للمصلحة في ذلك؛ فإن في الحنطة معاش الناس.

ومن هذا نقول: إنّه يخفف في أمور الضرورات والحاجيات العامة ويراعى فيها ما

لا يراعى في غيرها.

قال الشاطبي: «الأمور الضرورية إذا اكتنفها من خارج أمور لا تُرضى

شرعاً فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة

من غير حرج» [31] .

الرابعة: سد الذرائع.

سد الذرائع من الأدلة المستعملة عند أهل العلم. والمراد بها منع الجائز لئلا

يتوصّل به إلى الممنوع [32] .

ونتيجة إعمالها: تحريم أمرٍ مباح لما يفضي إليه من مفسدة.

وأداء الوسيلة إلى المفسدة: إما أن يكون قطعياً أو ظنيًّا أو نادراً.

فإن كان قطعياً: فقد اتفق العلماء على سدّه والمنع منه سواء سُمّي سَدَّ ذريعة

أو لا [33] .

وإن كان نادراً فقد اتفق العلماء أيضاً على عدم المنع منه، وأنّه على أصل

المشروعيّة.

وأما إن كان ظنياً فقد اختلف أهل العلم فيه هل يمنع أو لا؟ [34] .

وقد أطال العلامة ابن القيم في الاستدلال على صحة قاعدة سد الذرائع،

واستشهد عليها بتسعة وتسعين دليلاً [35] .

ولعل الصحيح في هذا القسم الأخير أنه يُنظر فيه إلى المصلحة والمفسدة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ثم هذه الذرائع إذا كانت تفضي إلى المحرم

غالباً فإن الشرع يحرمها مطلقاً. وكذلك إذا كانت تفضي وقد لا تُفضي، لكن الطبع

متقاضٍ لإفضائها. وأما إن كانت إنما تفضي أحياناً؛ فإن لم يكم فيها مصلحة

راجحة على هذا الإفضاء القليل وإلا حرمها أيضاً» [36] . وسيأتي لهذا مزيد بيان.

والمقصود أن الشرع راعى الوسائل والطرق التي يسلك منها إلى الشيء

وتتوقف الأحكام عليها؛ فطرق الحرام والمكروهات تابعة لها.

وإذا نهى الشرع عن شيء فنهيه يستلزم النهي عن كل ما يفضي إليه ويوصل

إليه [37] .

ولذا فقد نبه أهل العلم على أنه يجب على المفتي والمجتهد أن لا يحكم على

فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل من

مصلحة أو مفسدة تنشأ عنه. فلا يأذن بفعل ولو كان فيه جلب مصلحة إلا أن ينظر

في مآله لئلا يكون استجلاب المصلحة فيه مؤدياً إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد

عليها [38] .

قال ابن كثير: «الشريعة شاهدة بأن كل حرام فالوسيلة إليه مثله؛ لأن ما

أفضى إلى الحرام حرام، كما أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» [39] .

الخامسة: قاعدة المصالح والمفاسد.

لا شك «أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد

وتقليلها، وأنها ترجح خير الخيرين وتحصّل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما،

وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما» [40] .

ونظرنا في المصالح والمفاسد ينحصر في ملحظين:

الأول: أن الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة، فإنه

يُنْهى عنه؛ وذلك لأن الشريعة مبنيّة على الاحتياط والأخذ بالحزم، والتحرز مما

عسى أن يكون طريقاً إلى مفسدة؛ ولذا سدّت ذرائع مفضية إلى الإضرار والفساد

في شواهد كثيرة من الكتاب والسنة [41] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «الفعل إذا كان يفضي إلى مفسدة وليس فيه

مصلحة راجحة يُنْهى عنه كما نُهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة لما في ذلك من

المفسدة الراجحة وهو التشبه بالمشركين الذي يفضي إلى الشرك، وليس في قصد

الصلاة في تلك الأوقات مصلحة راجحة لإمكان التطوّع في غير ذلك من الأوقات.

ولهذا تنازع العلماء في ذوات الأسباب؛ فسوّغها كثير منهم في هذه الأوقات،

وهو أظهر قولي العلماء؛ لأن النهي إذا كان لسدّ الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة

وفعل ذوات الأسباب يحتاج إليه في هذه الأوقات ويفوت إذا لم يفعل فيها، فتفوت

مصلحتها، فأبيحت لما فيها من المصلحة الراجحة بخلاف ما لا سبب له؛ فإنّه

يمكن فعله في غير هذا الوقت، فلا تفوت بالنهي عنه مصلحة راجحة، وفيه مفسدة

توجب النهي عنه» [42] .

وفي المقابل فقد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة

راجحة كالتوسل إلى فداء الأسارى بدفع المال للكفار الذي هو محرم عليهم الانتفاع

به، وكدفع مال لرجل يأكله حراماً حتى لا يقع القتل بينه وبين صاحب المال. فهذه

صور جائزة لرجحان ما يحصل من المصلحة على هذه المفسدة [43] .

الثاني: أن المصالح والمفاسد يكفي فيها الظن الغالب؛ وذلك أن المصالح

والمفاسد لا يعرف مقدارها إلا بالتقريب؛ أما تحديدها بدقة فغير ممكن غالباً.

قال العز بن عبد السلام: «أكثر المصالح والمفاسد لا وقوف على مقاديرها

وتحديدها، وإنما تُعرف تقريباً لعزّة الوقوف على تحديدها» [44] . ولذا يقوم الظن

الغالب فيها مقام العلم.

قال الشاطبي: «وإذا كان الضرر والمفسدة تلحق ظنًّا، فهل يجري الظن

مجرى العلم.. أم لا..؟ اعتبار الظن هو الأرجح لأمور: أحدها: أن الظن في

أبواب العمليات جار مجرى العلم؛ فالظاهر جريانه هنا. والثاني: أن المنصوص

عليه من سد الذرائع داخل في هذا القسم كقوله تعالى: [وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ

مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ] (الأنعام: 108) . فإنهم قالوا: لتكفن

عن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك.. والثالث: أنه داخل في التعاون على الإثم

والعدوان المنهي عنه» [45] .

السادسة: الإضرار الاقتصادي طريق من طرق الجهاد المشروع.

وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم التضييق والضغط الاقتصادي بتلك

السرايا والبعوث التي سيّرها لمهاجمة قوافل قريش التجارية؛ فقد بعث النبي صلى

الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص فقال: «اخرج يا سعد حتى تبلغ الخرّار؛ فإن

عيراً لقريش ستمر بك» [46] .

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه يعترض عيراً

لقريش في غزوة بواط [47] . كما خرج لغزوة العشيرة لاعتراض قافلة لقريش في

طريقها إلى الشام، ولما عادت خرج يريدها [48] . وغزوة بدر إنما كان سببها طلبه

عير أبي سفيان [49] .

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لما سمع رسول الله صلى الله عليه

وسلم بأبي سفيان مقبلاً من الشام ندب المسلمين إليهم، وقال: «هذه عير قريش

فيها أموالهم؛ فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها» فانتدب الناس [50] . إلى غير ذلك

من شواهد كثيرة، وكما استعمل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب فقد

استعمله أبو بصير لما خرج إلى سيف البحر ولحق به أبو جندل بعد صلح الحديبية،

واجتمع إليهما عصابة ممن أسلم من قريش لا يسمعون بعير خرجت لقريش إلى

الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم [51] . بل وأبلغ من ذلك أن النبي

صلى الله عليه وسلم دعا على قريش أن تضيق عليهم معيشتهم.

عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما دعا قريشاً كذبوه واستعصوا عليه، فقال: «اللهم أعني عليهم بسبعٍ كسبع

يوسف» فأصابتهم سنة حصّت كل شيء حتى كانوا يأكلون الميتة، وكان يقوم

أحدهم فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجَهْد والجوع، فأتاه أبو سفيان

فقال: أيْ محمد! إن قومك هلكوا؛ فادع الله أن يكشف عنهم [52] .

السابعة: ارتباط المقاطعة بإذن ولي الأمر.

لا شك أن من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة وجوب السمع

والطاعة لولاة أمور المسلمين في المعروف.

وأعمال الرعيّة منها ما يشترط لفعله إذن الإمام، ومنها ما لا يشترط له إذنه.

والمقاطعة بشكلها المعاصر مما لا يظهر لي ارتباطه بإذن ولي الأمر؛ بدليل

حديث ثمامة الآتي نصّه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بعث رسول الله

صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن

أُثال سيّد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال عندي خير: إن تقتل تقتل ذا

دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت.

فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟

فأعاد عليه مقالته؛ حتى كان من الغد أعاد عليه مقالته، فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: أطلقوا ثمامة. فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل

المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. يا محمد! والله

ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك؛ فقد أصبح وجهك أحب الوجوه

كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغضَ إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله

إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة؛ فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: لا،

ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة

حبّة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم» [53] . زاد ابن هشام:

«فانصرف إلى بلاده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يُخَلّي إليهم حمل

الطعام ففعل» [54] .

والشاهد من الحديث أن ثمامة منع الحمل إلى مكة وهو نوع من المقاطعة

الاقتصادية لهم مع أنه لم يتقدمه إذن نبوي بذلك، وإنما قاله حميّة لله ورسوله لما

قالوا له: صبوت، كما هو ظاهر الحديث.

* ثالثاً: حكم المقاطعة الاقتصادية:

لا شك أن التعامل التجاري والاقتصادي الحاصل في هذا الزمن يباين

التعاملات التجارية في الأزمان السابقة؛ فهو الآن أوسع وأشمل وأيسر، ولا شك

أن ارتباط الاقتصاد بالسياسة وتأثيره على التوجهات السياسية والنزاعات الحزبيّة

صار أكبر وأقوى.

ولذا فإن بحث هذه المسألة بالتوسع في النظر فيها هو من خصائص هذا

العصر.

والذي يظهر أن حكم المقاطعة يختلف باختلاف الأحوال، وإليك التفصيل:

الأول: إذا أمر بها الإمام:

إذا أمر الإمام بمقاطعة سلعة معينة أو بضائع دولة من دول الكفر فإنه يجب

على رعيته امتثال أمره؛ قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا

الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ] (النساء: 59) .

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: «اسمعوا وأطيعوا إن استعمل عليكم عبدٌ حبشي كأن رأسه زبيبة» [55] .

وليس للإمام أن يأمر بذلك إلا أن يرى في ذلك مصلحة عامّة لا تقابلها مفسدة

أو ضرر أرجح منه؛ وذلك أن الأصل في تصرّفات الولاة النافذة على الرعية

الملزمة لها في حقوقها العامة والخاصَّة أن تبنى على مصلحة الجماعة، وأن تهدف

إلى خيرها. وتصرّف الولاة على خلاف هذه المصلحة غير جائز [56] .

ولذا قعَّد أهل العلم قاعدة: تصرّف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة [57] .

ولعلَّ في قصة كعب بن مالك - رضي الله عنه - إذ نهى رسول الله صلى

الله عليه وسلم المسلمين عن كلامه وصاحبيه [58] شاهداً لأمر الإمام بالمقاطعة.

الثاني: إذا لم يأمر بها الإمام:

إذا لم يأمر الإمام بالمقاطعة فلا يخلو الحال من أمرين:

1 - أن يعلم المسلم أنَّ قيمة ما يشتريه يعين الكفار على قتل المسلمين أو

إقامة الكفر. فهنا يحرم عليه أن يشتري منهم؛ وذلك لأن الشراء منهم والحال ما

ذكر مشمول بالنهي عن التعاون على الإثم والعدوان، ومشمول بقاعدة سد الذرائع

المفضية إلى الحرام. وإذا علم المسلم أن أهل العلم حرَّموا بيع العنب لمن يتخذه

خمراً، وبيع السلاح لأهل الحرب أو وقت الفتنة خشية استعماله لقتل المسلمين،

وحَرَّموا إقراض من يغلب على الظن أنه يصرف ماله في محرم [59] ؛ فكيف إذا

كان عين الثمن الذي يشتري به يُقتل به مسلم أو يعان به على كفر؟!

سئل ابن القاسم عن النصراني يوصي بشيء يباع من ملكه للكنيسة هل يجوز

لمسلم شراؤه فقال: لا يحل ذلك له لأنه تعظيم لشعائرهم وشرائعهم. وسئل في

أرض لكنيسة يبيع الأسقف منها شيئاً في إصلاحها؟ فقال: لا يجوز للمسلمين أن

يشتروها من وجه العون على تعظيم الكنيسة [60] .

وسئل الإمام أحمد عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة أيستأجرها الرجل المسلم

منهم؟ قال: لا يأخذها بشيء لا يعينهم على ما هم فيه [61] .

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن [62] : «الكافر الحربي لا

يُمَكَّن مما يعينه على حرب أهل الإسلام ولو بالميرة والمال، ونحوه، والدواب

والرواحل، حتى قال بعضهم بتحريق ما لا يتمكن المسلمون من نقله في دار

الحرب من أثاثهم وأمتعتهم، ومنعهم من الانتفاع به» [63] .

وعلى كلٍ فالنهي عن التعاون عن الإثم والعدوان يشمل هذه الصورة وغيرها

وهي آية محكمة.

هذا حكم ما لو علم ذلك يقيناً سواء باطلاع مباشر، أو خبر موثوق به، أو

غير ذلك. وغلبة الظن تجري مجرى العلم كما سبق.

2 - أن لا يتيقن أن عين ما يشتري به منهم يستعان به على حرام من قتال

المسلمين أو إقامة الكفر؛ فهذا باق على الأصل العام وهو جواز البيع والشراء

وسائر المعاملات.

فإن الأصل في البيوع الإباحة سواء منها ما كان مع المسلمين أو الكفار. كما

سبق. وحيث لم يوجد ناقل عن هذا الأصل فلا يتغير الحكم ولكن يرتبط به الحالة

الآتية:

3 - أن لا يتيقن أن عين ما يشتري به منهم يستعان به على حرام؛ لكن في

مقاطعتهم مصلحة، ولعل هذه الحالة هي أكثر ما يكون الحديث عنه.

ولبيان حكم هذه الحالة فإني أحتاج لتقسيمها إلى قسمين:

أ - أن يتم الشراء من الكافر مباشرة أو من خلال سمسار أو وكيل بعمولة.

وإذا أردت الوصول للحكم الشرعي في هذا القسم فإني بحاجة لتقرير مسلَّمات

شرعيّة توصلنا للنتيجة: فالأصل جواز التعامل مع الكفار ولو كانوا من أهل

الحرب، وأن وسائل الحرام حرام. ولا يحكم على فعلٍ حتى يُنْظر في مآله وعاقبته.

ولا يباح مما يفضي إلى مفسدة إلا ما كانت مصلحته أرجح. ولا يحرم مما يفضي

إلى مصلحة إلا ما كانت مفسدته أرجح. ولا مانع من استعمال الإضرار المالي

جهاداً لأعداء الله ولو لم يأذن به الإمام.

وعليه فإن كان في المقاطعة والحال ما ذكر مصلحة فإنه يُنْدب إليها على أنه

يراعى مدى الحاجة للبضائع كما سبق.

ب - أن يتم الشراء من مسلم اشترى البضاعة أو صاحب امتياز. ولبيان

الحكم فإني مع تذكيري بما سبق من مسلَّمات فإني أذكر بأن المنتج الكافر يأخذ مقابل

منحه امتياز التصنيع، وهو يأخذه سواء قلَّ البيع أو كثر، فالمقاطعة إضرار به

وبعمالته وبالمساهمين معه في رأس ماله، وكذا الحال بالنسبة لمن اشترى بضاعة

من الكافر وصارت من ماله فالمقاطعة إضرار به.

ولذا فإن القول بندب المقاطعة فيه ثِقَل لوجود المفسدة والضرر الكبيرين، ولا

يقال فيها إن المفسدة خاصة والمصلحة عامة؛ وذلك لأن المسلم سيكون هو

المتضرر، ولأنَّ نفع المقاطعة مظنون وتضرر الشركة مقطوع به، والمقطوع يقدم

على المظنون.

وعلى كلٍّ فاعتراض المفسدة قد يمنع القول بندب المقاطعة في هذا القسم،

والله تعالى أعلم.

وأنبّه هنا إلى أن من قاطع البضائع والسلع المنتجة من دول الكفار بنيّة حسنة

كتقديم البديل الإسلامي أو زيادة في بغض الكفار فإنه إن شاء الله ممدوح على فعله

مثاب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «المباح بالنيّة الحسنة يكون خيراً، وبالنيّة

السّيئة يكون شراً، ولا يكون فعل اختياري إلا بإرادة.. فإذا فعل شيئاً من المباحات

فلا بد له من غاية ينتهي إليها قصده، وكل مقصود إما أن يقصد لنفسه وإما أن

يقصد لغيره فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة الله وحده لا شريك له وهو إلهه

الذي يعبده لا يعبد شيئاً سواه وهو أحب إليه من كل ما سواه؛ فإن إرادته تنتهي إلى

إرادته وجه الله، فيثاب على مباحاته التي يقصد الاستعانة بها على الطاعة، كما

في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:» نفقة الرجل على أهله

يحتسبها صدقة [64] « [65] .

وبعد! فإن جميع ما سبق إنما هو نظر فقهي مجرد يحتاج تنزيله على وقائعه

إلى نظرين: فقهي يحقق المناط، وواقعي يعرف الحال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» الواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل

الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم

النظر في ظاهر الدين؛ فلا يؤخذ رأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم

في الدنيا « [66] .

اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت

الوهاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015