نص شعري
محمد عبد الحكيم القاضي
جاءني يسأل: أليس لك شِعر تعبر من خلاله عن عقيدتك وآرائك في الحياة
كما يفعل الشعراء؟
فزجرته قائلاً:
خَلَّ عنِّي؛ ولا تقلْ: أين فَنِّي؟ ... إن فنِّي يصيحُ بي: لَسْتَ مِنِّي!
خَلِّ عنِّي؛ ففي ضميرِ الليالي ... قَدْ ثوى أَلْفُ ساجعٍ ومُغَنِّ
غرِقَتّ هذه الأناشيدُ في الليل ... وأَعْيَتْ ما بَيْنَ مَدٍّ وغَنِّ
أتُراها قد مزقت غيهب الزو ... رِ، وشَقَّتْ غُرُورَهُ بالمِجَنِّ؟
أن تُراها قد حَطَّمَتْ فَيْلَقَ الظلمِ ... وفلَّتْ شَوْكَ الظلامِ المُسِنِّ؟
أم هيَ الآنًَ صاحِ ما فتئت تغْري ... ظلامَ النُّهى بِصُبْحِ التَّمَنِّي؟
وتثيرُ الرُّقادَ في مَيِّتِ النَّفْسِ ... بَهَجْسٍ مُوَزَّعٍ مُسْتَكِنِّ؟
خلِّ عنِّي؛ ففي أناشيدنا العُو ... جِ رُؤَى فتنةٍ، وصورةُ مَيْنِ
أيُّ شِعْرٍ؟ وكلنا اليوم ملقى ... في كهوفٍ مُخَوِّفات، وسجن!
حاورتْنا الأيامُ، حتى سُحِقنا ... أم أَفَقْنا على شَكَاةٍ وحُزْنِ؟
وغزوْنا الأوهامَ حتى غَنِمْنا ... بَعْدَ طُولِ الجِلادِ (خُفَّيْ حُنَيْنِ) !
في تجاعيدنا تموتُ الأغاريدُ ... كأني واريتها. وَيْ كأنّي!
فتزودتُ للنهايةِ بالبَدْ ... ءِ، وآمنتُ في العُلا بالتَّدنِّي
رُبَّ عالٍ، وحتفُه في علاه ... وضعيفٍ مُوَفَّقٍ مُطْمَئِنِّ
فتعريتُ للجهادِ غريباً ... فَوْقَ جَمْرِ الرمضاءِ أو في الدُّجُنِّ
حرمتني مواجع الدهرِ زادي ... وأتانِي الأعداءُ يبغون حَيْني
وسُلبت العتادَ؛ أعزلَ فرداً ... ودعاني إلى الكريهةِ قِرْني
فتسلحتُ بالصلاةِ وبالصبرِ ... ونِعْمَ السلاحُ عند التَّعَنِّي
لا تلمني، وقد زجرتُك عني ... واعتذر لي بسابقاتي وسِنّي
فالذي أقلقَ الدجى في صباه ... أقلقتْه الدجى زمانَ التَّفَنِّي
قد منعتُ القريضَ لما تَوَجَّى ... وكمِ اسْتَقْتُهُ سحابةَ مُزْنِ
فأَصِخْ للنداءِ من خالقِ الحقِّ ... وأَذِّنْ بِهِ، ورَتِّلْ، وغَنِّ
وحد الله والرسالة والدين ... وَثلِّثْ ما شئتَ بَعْدُ وَثَنِّ