مجله البيان (صفحة 4211)

دراسات في الشريعة

علماء الشيعة والنسب الهاشمي

د. سلمان الظفيري

كنت في جلسة مع بعض الأساتذة الشرعيين قبل سنوات فقلت: لماذا لا نحقق

وندقق في قضية النسب الهاشمي التي كثرت كثرة فاحشة عند علماء الشيعة ولا

سيما العجم منهم؟

وهذه القضية مهمة؛ لأن تفنيدها وكسر أضلاعها مما يساهم في تفتيت كثير

من باطل الشيعة ولا سيما هذه التكأة أعني أهل البيت وتسترهم خلف هذا الاسم

الشريف اللامع.

غير أن هؤلاء الإخوة منهم من سكت، ومنهم من قال الأمر فيه صعوبة؛

وذلك لأن النسب الهاشمي لا يعدو أن يكون نسباً يملكه صاحبه فقط فلا توجد

سجلات عامة يمكن للباحث الاستفادة منها وتحقيق الدخيل في النسب.

وقفات مع هذا الادعاء:

أولاً: العادة المعروفة عند علماء الشيعة أن من كان هاشمياً فإنه يلبس العمامة

السوداء، ومن كان من غير بني هاشم فإنه يلبس العمامة البيضاء.

وهذه العادة سارية مثل القانون في جميع البلاد التي يكون فيها للشيعة علماء

مثل إيران والعراق وغيرها من البلاد.

ولكننا نجد هؤلاء الهاشميين فيما زعموا ألقابهم منسوبة إلى مدن من مدن

البلاد الأعجمية مثل الميلاني والأردبيلي والخميني والخوئي.

وهؤلاء أحدهم لا يعرف نسب أجداده وإلا لانتسب إليهم بدل أن ينتسب إلى

أسماء المدن.

وهذه الحقيقة المرة يقف الباحث إزاءها ويتعجب من كثرة من ينتسب إلى

النسب الهاشمي بهذه الكثرة العظيمة من علماء الشيعة؛ ثم بعد ذلك هم ينتسبون إلى

مدينة من مدن إيران؛ مما يدل على عدم قناعة أحدهم بهذا النسب.

ثانياً: من شعارات الشيعة المعروفة: (التقية ديني ودين آبائي، ومن لا تقية

له لا دين له) ، فإذا عرف هذا لاح لنا أن الكذب في هذه القضية له نصيب كبير.

ثالثاً: مما يشكك بهذه الدعوى رغبة علماء الشيعة في اللغة الفارسية

واهتمامهم العظيم بها حتى إن الخوئي كان بالنجف يدرس باللغة الفارسية، وبنو

هاشم هم عرب ولغتهم اللغة العربية وسيدهم صلى الله عليه وسلم هو أفصح من

نطق بالضاد؛ فكيف لا يدعوهم هذا إلى الاهتمام بلغة القرآن الكريم ولغة سيدهم

(سيد بني هاشم) والإنسان ميال إلى أصله؟ !

رابعاً: من المضحكات في هذه الدعوى أن المدعو التيجاني التونسي مؤلف

كتاب (ثم اهتديت) الذي زعم أنه كان تيجانياً صوفياًَ ثم صار شيعياً جلداً قال وهو

يتكلم عن مذهب الشيعة وعن ترجيحه الفاشل له: «وأبي أخبرني بأننا أصولنا من

العراق، وأن نسبنا ينتهي إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) » .

أقول وبهذه السهولة بحث في ذكرياته القديمة ودفاتره العتيقة إن كان صدق

فإذا به سيد هاشمي يستطيع أخذ الخمس، وتأوي إليه كل راغبة ببركة المتعة لعلو

أرومته ونصاعة نسبه! !

خامساً: شكك الدكتور موسى الموسوي بنسب الخميني (النسب الهاشمي) ؛

وذلك لأن أصله من الهند؛ فقد جاء جده من الهند واستقر في مدينة خومين وتديرها؛

فلماذا قطع الخميني صلته بأقاربه؛ والعهد ليس ببعيد؛ فلا يعرف له صلة بقومه

وأقاربه؛ فعلامَ يدل هذا؟ [1] .

أقول: يدل هذا على سر سعي الخميني إلى إخفائه تلك الصلة، وأن وراء

الأكمة ما وراءها.

سادساً: ذكر الأستاذ أحمد الكاتب أن الخوئي كان أبوه يلبس العمامة البيضاء

فلما صعد الخوئي بدأ يلبس العمامة السوداء [2] !

وهذا معناه أنه زوَّر نسبه وادعى الهاشمية.

سابعاً: ومما يزيد الشبهة قوة ما وقع من حوادث وقعت في النجف كشفت

المغطى بستور غليظة؛ وقد سجلها بعض علماء الشيعة العائدين؛ إذ يقول:

«توفي أحد السادة المدرسين في الحوزة النجفية، فغسلت جثمانه مبتغياً بذلك

وجه الله، وساعدني في غسله بعض أولاده، فاكشتفت أثناء الغسل أن الفقيد الراحل

غير مختون» [3] .

والختان شائع عند المسلمين واليهود ولا يعمله النصارى، وهذا السيد الفقيد

محسوب على بني هاشم؛ فهل بعد هذا التزوير في الدين والنسب تُصدَّق دعواهم؟ !

ويقول أيضاً: «وهناك بعض السادة في الحوزة لي عليهم ملاحظات تثير

الشكوك حولهم والريب؛ وأنا والحمد لله دائب البحث والتحري للتأكد من

حقيقتهم» [4] .

أي حقيقة: حقيقة الدين، أم حقيقة النسب؟

لا شك أنه يريد حقيقة الدين: هل هم يهود، أم نصارى، أم مجوس؟

فهؤلاء أساتذة الحوزة من السادة (من بني هاشم) هذه حقيقتهم؛ فماذا تكون

حقيقة السادة السياسيين؟

اعترافات خطيرة:

في السنوات الأخيرة تاب ثلة من علماء الشيعة من أباطيلهم، واعترفوا بفساد

العقيدة الشيعية، ومن هؤلاء الشيخ حسين الموسوي مؤلف كتاب: (لله ثم للتاريخ)

حيث ذكر أحوالاً سافلة في تزوير النسب الهاشمي بأبخس الأثمان وأحط الأحوال.

ويحسن بي أن أنقل كلامه حول النسب الهاشمي وتزويره في النجف إذ يقول:

«ويحسن بنا أن ننبه إلى أن الفقهاء والمراجع الدينية يزعمون أنهم من أهل

البيت؛ فترى أحدهم يروي لك سلسلة نسبه إلى الكاظم (عليه السلام) . اعلم أنه

يستحيل أن يكون هذا الكم الهائل من فقهاء العراق وإيران وسوريا ولبنان ودول

الخليج والهند وباكستان وغيرها من أهل البيت، ومن أحصى فقهاء العراق وجد

أن من المحال أن يكون عددهم الذي لا يحصى من أهل البيت؛ فكيف إذا ما

أحصينا فقهاء البلاد الأخرى ومجتهديها؟ لا شك أن عددهم يبلغ أضعافاً مضاعفة؛

فهل يمكن أن يكون هؤلاء جميعاً من أهل البيت؟

وفوق ذلك فإن شجرة الأنساب تباع وتشترى في الحوزة؛ فمن أراد الحصول

على شرف النسبة لأهل البيت فما عليه إلا أن يأتي بأخته أو امرأته إذا كانت جميلة

إلى أحد السادة ليتمتع بها، أو أن يأتيه بمبلغ من المال وسيحصل بإحدى الطريقتين

على شرف النسبة وهذا أمر معروف في الحوزة.

لذلك أقول لكم: لا يغرنكم ما يضعه بعض السادة والمؤلفين عندما يضع

أحدهم شجرة نسبه في الصفحة الأولى من كتابه ليخدع البسطاء والمساكين كي

يبعثوا له أخماس مكاسبهم» [5] .

وبعد فإن نبينا صلى الله عليه وسلم نهانا عن الطعن في الأنساب، وأنها من

الجاهلية وأخلاقها؛ غير أن الأمر هنا يتعلق بالدين والافتراء عليه، والتعلق

بالنسب الهاشمي الشريف لتضليل العباد وتكفيرهم وهدم الإسلام والتفريق بين أبنائه؛

فكان على من علم أن ينصح ويحذر المسلمين، وعسى أن تكون هذه الكلمات

طليعة لأقلام أخرى تساهم في إماطة اللثام عن وجه الحقيقة في هذه القضية الخطيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015