مجله البيان (صفحة 4160)

البيان الأدبي

حين هاجت ذكرى القرون

عبد الله بن حماد البلوي

فرس خالد بن الوليد وسحابة هارون الرشيد ...

رواية عجيبة وملحمة خالدة ...

لم يصُغها الجاحظ ولم ينسجها الخيال ...

بل هي حقيقة سجلها التاريخ لتبقى ...

ليفرح بها المؤرخون.. ...

ويبتهج بها الكتاب.. ...

* * *

فتحت ظل سحابة هارون.. ...

لتمطر هذه السحابة على جبال الهند ...

لتحمل خيرات الأمطار إلى بغداد ...

ثم لتقسم الخيرات على فقراء بغداد ...

ومساكين المغرب.. ...

وحين تعثرت بغلة في العراق ...

بكى عمر بن الخطاب.. ...

وحين نادت الثكلى أين المعتصم؟ ! ...

تحركت جيوش ...

وحمحمت خيول ...

وصلصلت سيوف.. ...

* * *

وأذَّن المؤذنُ في الصين ...

فرددت جموع المسلمين في الأندلس النداء ...

نظر المسلمون إلى تمرات عمير ...

فتقدموا للموت بكنانة سعد ...

وحين طارت الرؤوس رفعوا أكف البراء ...

راجين النصر أو كفن مصعب ...

فجاء النداء ...

«إن تنصروا الله ينصركم» .. ...

* * *

صاح اليهود: محمد والخميس [1] ...

فنادى الرسول صلى الله عليه وسلم: «خَرِبَتْ خيبر» ...

وحين نام الكثير ... ...

أعلن لويس التاسع لجنده: ...

ارموا بالحرب بعيداً.. ...

وهاتوا الكأس والغانية ... ...

ونادوا: هيا لخلع ثياب الطهارة ...

على عتبات الحضارة.. ...

وقاوم هذا الضجيج بعضنا ...

ولكن ... بلا كنانة سعد ...

وبلا.. حربة خالد.. ...

أما الباقون فتاهوا باحثين ...

عن تمرات عمير التي ألقى ... ...

* * *

وتمضي القرون ويتسع الجرح ...

وتهب رياح الشام بنسمات من القدس ... ...

فيلتهب الشوق في الأفئدة ... ...

فيتمنى الجميع سجدة فيه للمعبود ...

فيمنعنا من دخوله اليهود ...

فهاجت ذكرى القرون ...

فمَلَكَتْنا عدالةُ الأرض! ! وتحت هذه العدالة ...

مات أطفال الصومال ...

وصرخت فاطمة الكشميرية ...

ونصبت خيام كوسوفا على مقابر الآباء والأبناء

وسالت العيون البريئة ...

أين صوت الأذان يا أبي؟ ...

فيبست خبزة الشيشان ...

وتاه أيتام الأفغان ...

وتوارت سحابة هارون في الأفق الحزين ...

وأبت أن تعود حتى ترجع تلك القرون التي ملكنا.. ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015