كلمة صغيرة
شهدت إندونيسيا في نهاية حكم سوهارتو فترة اضطرابات عصيبة، وكان
الرجل قد استنفد على مدار 33 عاماً من الحكم كل الطرق والوسائل في خدمة
الأهداف الغربية، وقد ساعدوه في الوصول إلى سدة الحكم لتحقيقها، فكان حقاً
مخلصاً واستحق لقب: «صاحب القلب الطيب» ، برغم ذبحه لما يقارب مليون
إندونيسي من أتباع أحمد سوكارنو «المعادي للغرب» .
أريد لإندونيسيا أن تدخل مرحلة جديدة، أرادوا انتزاع بعض من أرضها
وبعض من ناسها، فاستقلت الأرض، وضم بعض الناس الثرى المتشبع بدم
المذابح. استمرت الاضطرابات من نهاية حكم سوهارتو إلى نهاية حكم «واحد» ،
كما استمر السلب والنهب والمظاهرات، واستقر في خلد كثير من الناس أن
إندونيسيا ذاهبة إلى مصير مجهول، ذاهبة إلى تفكك كبير، إلى هاوية سحيقة
لتنسينا أكبر بلد إسلامي.
وفجأة جاءت المعجزة «الغربية» بإقالة «واحد» من قِبَل البرلمان،
وتعيين السيدة: ميجاواتي أحمد سوكارنو رئيسة لتلك الدولة الكبيرة، وبنفس
المفاجأة التي مُهد لها بتعيينها نائبة الرئيس، توقفت كل أشكال العنف «المعلن»
في إندونيسيا، فلم تعد هناك مظاهرات تخرج لتندد، ولا حرائق تضرم هنا وهناك،
ولا بشر يقطَّعون إرباً، ولا الإعلام ينقل من ذلك شيء ألبتة، بل نسي الإعلام
إندونيسيا بعد أن وُضِعت في يد «أمينة» .. عفواً.. ميجاواتي..
لم نعد نرى من إندونيسيا إلا صور تلك السيدة في المسجد! ! رافعة أكف
الضراعة في المناسبات الدينية! !
التصعيد المفاجئ لأحداث إندونيسيا ثم التوقف المفاجئ للأحداث ذاتها ينبئنا أن
ميجاواتي يراد لها أن تثبت أقدامها في إندونيسيا التي قال عنها نائب الرئيسة إنها
لن تتحول إلى دولة إسلامية! !
وقد حافظ الأمريكان على مشاعر ميجاواتي، فمنعوا كتاباً أمريكياً يوضح دور
المخابرات الأمريكية في المذبحة التي نفذها سوهارتو بحق أتباع والدها؛ حيث لا
داعيَ لنكء الجرح القديم! !