مجله البيان (صفحة 4136)

ملفات

العولمة.. مقاومة وتفاعل

العولمة الاجتماعية للمرأة والأسرة

فؤاد بن عبد الكريم آل عبد الكريم [*]

أصبحت «المرأة» و «الأسرة» محورين أساسيين من محاور عمل

التجمعات والفعاليات الاجتماعية في العالم، ولدى كثير من المنظمات والجمعيات

(الحكومية وغير الحكومية) التي ترفع لواء ورداء الحرية والمساواة وحقوق

الإنسان.

كما أصبح الشغل الشاغل لتلك التجمعات والمنظمات: السعي لعولمة

الحضارة الغربية ممثلة في الحياة الاجتماعية لتلك الدول؛ وذلك من خلال تقنين

الإباحية والرذيلة، ومن خلال محاولة تعميم الشذوذ باسم حقوق الإنسان والحرية

الشخصية، وتقويض بناء الأسرة؛ لأنها في زعمهم أكبر عائق من عوائق التقدم

والرفاهية؛ فهي أقدم مؤسسة اجتماعية يدَّعون أن الرجل يتسلط من خلالها على

المرأة، ويمارس عليها أشكال القهر، ومن أجل التحرير المزعوم للمرأة فإنهم

يرون ضرورة التخلص من شيء اسمه «الأسرة» ، ولو أدى ذلك إلى التمرد على

كل التعاليم الدينية، والمبادئ الفطرية، التي أرست دعائم الشعوب والأمم على مر

التاريخ البشري.

تلك هي رؤيتهم التي دأبوا على بثها بكل وسيلة ممكنة، وذلك هو برنامجهم

الذي لم يسأموا من السعي لتحقيقه في الواقع، وفرضه بالقوة [1] مستعينين بأمور

منها:

أولاً: وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها (المقروءة والمسموعة

والمرئية) ، وهذا الأمر معلوم للجميع ومشاهد على أرض الواقع.

ثانياً: الاستعانة بمؤسسات الهيمنة الدولية، وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة،

وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. وهذا ما سيدور حوله الكلام إن شاء الله؛

حيث إنه يقع في دائرة الاهتمام والمتابعة الشخصية.

ففي السنوات الأخيرة وخاصة في التسعينيات الميلادية، كما سيتبين ذلك بعد

قليل كثفت الحركات النسوية جهودها، وكذلك نشطاء حقوق الإنسان من أجل نقل

تصوراتها وأفكارها من حيز الكلام التنظيري إلى حيز التنفيذ العملي، ومن الأطر

الثقافية، والأخلاقية، والاجتماعية الخاصة ببعض الشعوب والحضارات الغربية

إلى النطاق العالمي العام مستغلين طغيان موجة العولمة؛ وذلك بإقامة مؤتمرات من

خلال هيئة الأمم المتحدة بعضها خاص بالمرأة، وبعضها الآخر تصبح المرأة فيه

جزءاً مهماً من قضاياها.

أولاً: أجهزة الأمم المتحدة المعنية بالمرأة:

هناك أجهزة وهيئات تابعة للأمم المتحدة معنية بالمرأة تشارك في الإعداد

والتجهيز لهذه المؤتمرات، منها:

أ - لجنة مركز المرأة التابعة للأمم المتحدة.

ب - صندوق الأمم المتحدة للسكان [2] .

ج - صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.

د - برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

هـ - المعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة.

و جامعة الأمم المتحدة.

ز - معهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية.

ح - اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.

ط - منظمة الأمم المتحدة للطفولة.

ي - مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) .

ك - مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ل - منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

وهذه المنظمة الأخيرة التي تعرف باسم: «منظمة اليونسكو» ، لها دور

فاعل ومميز في هذه المؤتمرات من حيث الإعداد والمشاركة فيها؛ فقد قرر المدير

العام لهذه المنظمة إنشاء لجنة استشارية معنية بالمرأة، وعهد إلى هذه اللجنة بإعداد

ما يمكن لهذه المنظمة الإسهام به في مؤتمر المرأة الرابع في بكين 1995م،

وتهدف هذه المساهمة إلى ما يلي:

- تعزيز نشاط اليونسكو وتفكيرها بشأن موضوعات المؤتمر الثلاثة:

المساواة، والتنمية، والسلام، وإبرازها بصورة أوضح.

- تعزيز أهمية نوعية التعليم المقدم إلى البنات والنساء على جميع

المستويات، وفي جميع المجالات.

- إشاعة صور إيجابية عن المرأة تبرز مواهبها، وخبراتها، وقدراتها،

وإسهامها الفعلي بصفتها عاملاً من عوامل التغيير الاجتماعي.

- تعزيز إمكانيات المرأة في اتخاذ القرار في جميع مجالات اختصاص

اليونسكو كالتربية، والاتصال، والعلوم، والثقافة، ومكافحة جميع أشكال التمييز

والعنف تجاه المرأة.

- الإسهام في القضاء على القوالب الجامدة التي لا تزال تحدد أدوار وسلوك

الرجال والنساء، وتبقي من ثم على أشكال التفاوت والتمييز التي تستند إلى

الجنس [3] .

ثانياً: تاريخ موجز لهذه المؤتمرات:

بدأ اهتمام هيئة الأمم المتحدة بالمرأة منذ عام 1946م، حين أُنشئت لجنة

مركز المرأة (وهي هيئة رسمية دولية تتألف من خمس وأربعين من الدول

الأعضاء تجتمع سنوياً بهدف عمل مسودات وتوصيات وتقارير خاصة بمكانة المرأة

وتقويم تلك الأعمال) .

وقد أكد دستور هيئة الأمم المتحدة وميثاقها [4] الذي أبرم بتاريخ 26/6/

1945م مبدأ عدم التفرقة بين الناس بسبب الجنس، فجعل للرجال والنساء حقوقاً

متساوية، كما ورد في نصوص موادها: الأولى والثامنة.

ونشير هنا إلى تركيز الأمم المتحدة في اتفاقياتها ومؤتمراتها على قضية

المساواة بين المرأة والرجل بالمفهوم الغربي [5] بوصفها قيمة عليا من القيم التي

قامت عليها الحضارة الغربية، والتي أصبحت من القضايا المسلَّمة التي لا تقبل

النقاش حولها، واستخدمت قضية المساواة هذه في تمرير كثير من القضايا التي

تنادي بها الأمم المتحدة لعولمة النموذج الغربي للمرأة في جميع مجالات الحياة

السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والإعلامية.. إلخ.

وقد أكدت المادة الثامنة هذا المفهوم؛ حيث جاء فيها: (لا تفرض الأمم

المتحدة قيوداً تحد بها جواز اختيار الرجال والنساء للاشتراك بأي صفة وعلى وجه

المساواة في فروعها الرئيسية والثانوية) [6] .

وفي عام 1948م صدر (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) شاملاً كافة

حقوق الإنسان المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية التي

يجب أن يتمتع بها كل فرد رجلاً كان أو امرأة.

ففي المادة الثانية مثلاً من هذا الإعلان: (لكل إنسان حق التمتع بجميع

الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما

التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي

سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد،

أو أي وضع آخر) [7] .

كما أكدت الأمم المتحدة [8] ضمن بنود دستورها (ل) و (م) ، على حقوق

المرأة السياسية والاجتماعية، وحقها في الزواج والاتفاق على الرضا بالزواج

والتوصية بذلك، بالإضافة إلى حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ

والمنازعات المسلحة.

وفي عام 1951م اعتمد المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية: (اتفاقية

المساواة في الأجور بين العمال والعاملات) [9] .

وفي عام 1952م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (الاتفاقية الخاصة

بالحقوق السياسية للمرأة) ، وذلك بناء على توصية اللجنة الخاصة بمركز المرأة.

وبالنظر إلى (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية

والثقافية) المتفق عليه، والذي أصدرته الأمم المتحدة في عام (1966م) ، نجد

أن المادة الثالثة من هذا العهد [10] تنص على ما يلي: (تتعهد الدول الأطراف في

هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية

والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد) [11] .

وكذلك صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة (العهد الدولي الخاص بالحقوق

المدنية والسياسية) في عام 1966م، ونص في مادته الثالثة على ما يلي: (تتعهد

الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع

الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد) [12] .

وفي عام 1967م صدر (الإعلان الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة) ،

وقد أقرته هيئة الأمم المتحدة مع توصية ببذل أقصى الجهد لتنفيذ المبادئ الواردة

فيه للحكومات والمنظمات غير الحكومية والأفراد، والذي ينص على حق المرأة

الدستوري في التصويت، والمساواة مع الرجل أمام القانون، وعلى حقوقها في

الزواج والتعليم وميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية مع الرجل سواء

بسواء) [13] .

وفي عام 1968م عقد في طهران مؤتمر دولي لحقوق الإنسان تحت إشراف

الأمم المتحدة، وسمي: (إعلان طهران 1968م) ، ونص في بنده الخامس عشر

على أنه: (يتحتم القضاء على التمييز الذي لا تزال المرأة ضحية له في عديد من

أنحاء العالم؛ إذ إن إبقاء المرأة في وضع دون وضع الرجل يناقض ميثاق الأمم

المتحدة، كما يناقض أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتنفيذ الكامل

لإعلان القضاء على التمييز ضد المرأة ضروري لتقدم الإنسانية) . أما البند

السادس عشر من هذا الإعلان فكان من ضمنه (أن حماية الأسرة والطفل تظل

شاغلاً للمجتمع الدولي) [14] .

ثم بعد ذلك بدأت الأمم المتحدة في عقد مؤتمراتها الخاصة بالمرأة:

- فعقدت أول مؤتمر عالمي خاص بالمرأة وهو: (مؤتمر مكسيكو لعقد

الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم) ، وذلك في عام 1975م في

المكسيك؛ حيث حضرته 133 دولة، واعتمد فيه أول خطة عالمية متعلقة بوضع

المرأة على المستوى الحكومي وغير الحكومي في المجالات السياسية والاجتماعية

والتدريب والعمل على حماية الأسرة.

كما اعتمدت خطة العمل العالمية لعقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية

والسلم، للأعوام (1976 - 1985م) .

- وفي عام 1979م عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمراً تحت شعار:

(القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) ، وخرج المؤتمرون باتفاقية للقضاء

على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وجاءت هذه الاتفاقية لأول مرة بصيغة ملزمة قانونياً للدول التي توافق عليها،

إما بتصديقها أو بالانضمام إليها. وقد بلغ عدد الدول التي انضمت إلى هذه

الاتفاقية مائة وثلاثاً وثلاثين دولة، إلى ما قبل مؤتمر بكين عام 1995م. وكان من

أبرز مواد هذه الاتفاقية:

- الاعتراف بتساوي الرجل والمرأة في الميادين السياسية، والاقتصادية،

والاجتماعية، أو في أي ميدان آخر، بغض النظر عن حالتها الزوجية.

- اتخاذ جميع التدابير المناسبة - بما في ذلك التشريعي منها - لتغيير أو

إبطال القائم من القوانين، والأنظمة، والأعراف، والممارسات التي تشكل تمييزاً

ضد المرأة.

- تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية للقضاء على العادات القائمة على فكرة

تفوق أحد الجنسين، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

- القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل والمرأة على جميع

مستويات التعليم، وفي جميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من

أنواع التعليم.

- تمنح الدول الأطراف المرأة في الشؤون المدنية أهلية قانونية مماثلة لأهلية

الرجل، ونفس فرص ممارسة تلك الأهلية.

- أن يكون للمرأة نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية

عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر.

- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية، والقوامة، والوصاية على

الأطفال وتبنيهم [15] .

- وفي عام 1980م عقدت الأمم المتحدة (المؤتمر العالمي لعقد الأمم المتحدة

للمرأة: المساواة والتنمية والسلم) في (كوبنهاجن) بالدانمارك وهو المؤتمر الثاني

الخاص بالمرأة؛ وذلك لاستعراض وتقويم التقدم المحرز في تنفيذ توصيات المؤتمر

العالمي الأول للسنة الدولية للمرأة الذي عقد عام 1975م في المكسيك، ولتعديل

البرامج المتعلقة بالنصف الثاني من العقد الأممي للمرأة.

- وفي عام 1985م عقد (المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد

الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم) في (نيروبي) المؤتمر الثالث

الخاص بالمرأة والذي عرف باسم: (استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض

بالمرأة) وذلك من عام 1986م حتى عام 2000م. وقد شارك فيه سبع وخمسون

ومائة دولة. وقد بين المؤتمر أهداف وغايات العقد الأممي، وشدد على صحتها

بالنسبة إلى المستقبل، وبين الحاجة إلى اتخاذ تدابير ملموسة للتغلب على العقبات

التي تعترض سبيل إنجازها أثناء الفترة 1986-2000م.

- وفي عام 1995م عقدت الأمم المتحدة (المؤتمر العالمي الرابع المعني

بالمرأة) في (بكين) . وقد دعت فيه إلى مضاعفة الجهود والإجراءات الرامية إلى

تحقيق أهداف استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة بنهاية القرن الحالي.

ويعتبر هذا المؤتمر متميزاً عن المؤتمرات الأخرى التي تبنتها الأمم المتحدة؛

حيث دعت فيه بصراحة وبوضوح إلى العديد من الأمور التي فيها مخالفة للشريعة

الإسلامية، بل فيها مخالفة للفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها. مثل:

الدعوة إلى الحرية والمساواة - بمفهومهما المخالف للإسلام والقضاء التام على أي

فوارق بين الرجل والمرأة، دون النظر فيما قررته الشرائع السماوية، واقتضته

الفطرة، وحتمته طبيعة المرأة وتكوينها.

وكذلك الدعوة إلى فتح باب العلاقات الجنسية المحرمة شرعاً؛ ومن ذلك:

السماح بحرية الجنس، والتنفير من الزواج المبكر، والعمل على نشر وسائل منع

الحمل، والحد من خصوبة الرجال، وتحديد النسل، والسماح بالإجهاض المأمون،

والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره، وكذلك التركيز على تقديم

الثقافة الجنسية للجنسين بسن مبكرة، وتسخير الإعلام لتحقيق هذه الأهداف.

كما أن في هذا المؤتمر إعلاناً للإباحية، وسلباً لقوامة الإسلام على العباد،

وسلباً لولاية الآباء على الأبناء، وقوامة الرجال على النساء.

بالإضافة إلى هذه المؤتمرات الخاصة بالمرأة فهناك مؤتمرات أقامتها الأمم

المتحدة خاصة بالسكان، إلا أنها ناقشت في وثائقها قضايا متعلقة بالمرأة وبالعقد

الأممي الخاص بالمرأة، وهي:

- المؤتمر العالمي الأول للسكان في (رومانيا) عام 1974م. وقد اعتمدت

في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية، جاء فيها:

* الدعوة إلى تحسين دور المرأة ودمجها الكامل في المجتمع.

* الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل.

* الدعوة إلى تحديد النسل، وتخفيض المرأة لمستوى خصوبتها.

- (المؤتمر الدولي المعني بالسكان) في (المكسيك) عام 1984م. وقد

جاء في هذا المؤتمر:

* الدعوة إلى إعطاء المرأة حقوقها المساوية لحقوق الرجل في جميع مجالات

الحياة.

* الدعوة إلى رفع سن الزواج، وتشجيع التأخر في الإنجاب.

* إشراك الأب في الأعباء المنزلية، وإشراك المرأة في المسؤولية على

الأسرة.

* الإقرار بالأشكال المختلفة والمتعددة للأسرة.

* الدعوة إلى التثقيف الجنسي للمراهقين والمراهقات.

* الإقرار بالعلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة.

* تقديم الدعم للزناة والزانيات، بتقديم الدعم المالي، وتوفير السكن المناسب

لهم.

* وفي عام 1994م أقيم (المؤتمر الدولي للسكان والتنمية) في (القاهرة) .

وقد نوقشت في هذا المؤتمر قضايا شبيهة تماماً بالقضايا التي سبق ذكرها في

المؤتمر الرابع للمرأة ببكين؛ فقد أكد قضية المساواة بين الجنسين وأفرد لها فصلاً

مستقلاً [16] . وأما التنمية فإن عنوان المؤتمر أشار إلى ذلك، فضلاً عن قضايا

تنمية المرأة التي نوقشت في ثنايا المؤتمر.

ومؤتمر السكان والتنمية هذا يعد من المؤتمرات التي أثارت وثيقته ضجة

واسعة في العالم الإسلامي وغير الإسلامي؛ بسبب مخالفتها للشرائع السماوية

وللفطرة السليمة.

كما أقيمت مؤتمرات أخرى للأمم المتحدة نوقشت فيها بعض قضايا المرأة؛

فمن هذه المؤتمرات:

- (المؤتمر العالمي لتوفير التعليم للجميع) المنعقد في (جومتيان - تايلاند)

عام 1990م الذي تم فيه الإعلان العالمي لتوفير التعليم للجميع.

- (مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل) المنعقد في (نيويورك) عام

1990م الذي أكد فيه ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة

للأمم المتحدة عام 1989م. ومن ذلك: حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين،

والدعوة إلى سلب ولاية الآباء على الأبناء؛ وذلك من خلال الدعوة إلى تمكين

الطفل من الحصول على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية.

- (المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية) المنعقد في (ريودي جانيرو البرازيل)

عام 1992م الذي أشير فيه إلى حقوق النساء في التحكم في قدرتهن على الإنجاب،

والدعوة إلى إنشاء مرافق صحية وقائية وعلاجية للرعاية الصحية التناسلية تكون

مأمونة وفعالة، وكذلك الدعوة إلى تحديد النسل.

وكذلك المطالبة بتحسين مركزهن الاجتماعي والاقتصادي، ومن ذلك وضع

استراتيجيات للقضاء على العقبات الدستورية، والقانونية، والإدارية، والثقافية،

والسلوكية، والاجتماعية، والاقتصادية التي تحول دون مساواة المرأة بالرجل.

- (المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان) في (النمسا) ، عام 1993م. وقد

حث هذا المؤتمر على تمتع المرأة تمتعاً كاملاً وعلى قدم المساواة بجميع حقوق

الإنسان السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها من الحقوق بالمفهوم

الغربي لهذه الحقوق، وأن يكون هذا الأمر أولوية من أولويات الحكومات.

وكذلك أكد على قضايا تخص المرأة مثل قضية المساواة التامة مع الرجل،

وأهمية إدماج المرأة في عملية التنمية بوصفها فاعلة ومستفيدة من هذه العملية.

وكذلك حث هذا المؤتمر على استئصال جميع أشكال التمييز ضد المرأة الخفية منها

والعلنية على السواء وطالب هذا المؤتمر بالتصديق العالمي من قبل جميع الدول

على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحلول عام 2000م.

- (إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد النساء) ،

وذلك في عام 1993م.

- (مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية) الذي أقيم في (كوبنهاجن) عام

1995م الذي تم فيه الإقرار بأشكال الأسرة المختلفة، والدعوة إلى المساواة بين

المرأة والرجل، ومن ذلك إسقاط قوامة الرجل على المرأة داخل الأسرة، ودعوة

الرجل لتحمل الأعباء المنزلية، ودعوة المرأة للخروج للمساهمة في سوق العمل.

وكذلك إزالة القيود المفروضة على المرأة في وراثة الممتلكات.

- (مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية) (الموئل الثاني) الذي انعقد

في (تركيا) عام 1996م ودعا إلى كفالة مشاركة النساء مشاركة تامة وعلى قدم

المساواة مع الرجال في الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وكذلك الالتزام

بهدف المساواة بين الجنسين في تنمية المستوطنات البشرية، وكذلك الالتزام

بإدماج الاعتبارات المتعلقة بنوع الجنس (جندر) في التشريعات، والبرامج

والمشاريع المتصلة بالمستوطنات البشرية، عن طريق التحليل الذي يراعي نوع

الجنس.

كما تم الاعتراف بالأشكال المختلفة للأسرة. وأيضاً دعا هذا المؤتمر إلى

إجراء إصلاحات تشريعية وإدارية؛ من أجل الحصول الكامل وعلى قدم المساواة -

على الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الميراث، والائتمان.

- (مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة عام 2000م المساواة والتنمية والسلام في

القرن الحادي والعشرين) الذي انعقد في (نيويورك) .

وقد تضمنت وثيقة هذا المؤتمر التحضيرية ما يلي:

* الدعوة إلى الحرية الجنسية والإباحية للمراهقين والمراهقات والتبكير بها

مع تأخير سن الزواج. وأوجدوا مسمًى جديداً للداعرات وهو: (عاملات الجنس) ،

وتشجيع جميع أنواع العلاقات الجنسية خارج إطار الأسرة الشرعية (رجلاً

وامرأة) ، وتهميش دور الزواج في بناء الأسرة.

* إباحة الإجهاض.

* تكريس المفهوم الغربي للأسرة، وأنها تتكون من شخصين يمكن أن يكونا

من نوع واحد (رجل + رجل، أو امرأة + امرأة) .

* تشجيع المرأة على رفض الأعمال المنزلية، بحجة أنها أعمال ليست ذات

أجر.

* المطالبة بإنشاء محاكم أسرية من أجل محاكمة الزوج بتهمة اغتصاب

زوجته.

* إباحة الشذوذ الجنسي (اللواط والسحاق) ، بل الدعوة إلى مراجعة ونقض

القوانين التي تعتبر الشذوذ الجنسي جريمة.

* فرض مفهوم المساواة الشكلي المطلق، والتماثل التام بين الرجل والمرأة

في كل شيء بما في ذلك الواجبات: كالعمل، وحضانة الأطفال، والأعمال

المنزلية، وفي الحقوق: كالميراث.

* المطالبة بإلغاء التحفظات التي أبدتها بعض الدول الإسلامية على وثيقة

مؤتمر بكين 1995م.

ويعتبر أهم هدف في هذا المؤتمر هو: الوصول إلى صيغة نهائية ملزمة

للدول بخصوص القضايا المطروحة على أجندة هذا المؤتمر، والتي صدرت بحقها

توصيات ومقررات في المؤتمرات الدولية السابقة، تحت إشراف الأمم المتحدة.

ولأهمية هذا المؤتمر وتعويل التيار النسوي العالمي عليه؛ فقد أقيمت عدة مؤتمرات

إقليمية لمتابعة توصيات مؤتمر بكين، والتمهيد لهذا المؤتمر المسمى: «المؤتمر

التنسيقي الدولي للنظر في نتائج وتطبيق قرارات المؤتمرات الأممية للمرأة» .

ومن هذه المؤتمرات الإقليمية:

- اجتماع في نيويورك في عام 2000م، تحت شعار (بكين +5) إشارة

إلى السنوات الخمس التي مضت على مؤتمر بكين وقد جرى في هذا الاجتماع

محاولة لإدخال تعديلات على وثيقة مؤتمر بكين.

- (مؤتمر المرأة الخليجية) في البحرين، في شهر مارس تحت شعار

(الفرص، والمعوقات، والأدوار المطلوبة) الذي نظمته جمعية فتاة البحرين،

وشارك فيه عدد من الشخصيات النسائية والرجالية من كل دول الخليج.

- (مؤتمر تونس) في 1999م لدول المغرب العربي.

- (المؤتمر النسائي الأفريقي السادس) في 1999م في أديس أبابا، نظمه

المركز الأفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية.

- مؤتمر - شبيه لما سبق - في عمان بالأردن، وفي بيروت، وذلك في

أواخر عام 1999م، نظمته اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا.

ثالثاً: أهم السلبيات التي دعت إليها هذه المؤتمرات وهي كما يلي:

1 - ما يتعلق بالجانب الأخلاقي والاجتماعي، ومن ذلك [17] :

أ - الدعوة إلى حرية العلاقة الجنسية المحرمة، واعتبار ذلك من حقوق

المرأة الأساسية.

ب - توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للمرأة.

ج - نشر وسائل منع الحمل ذات النوعية الجيدة، ومنع حالات الحمل غير

المرغوب فيه، والدعوة إلى منع حالات الحمل المبكر.

د - الدعوة إلى تحديد النسل.

هـ - الاعتراف بحقوق الزناة والزانيات.

و الاعتراف بالشذوذ الجنسي.

ز - السماح بأنواع الاقتران الأخرى غير الزواج.

ح - التنفير من الزواج المبكر، وسن قوانين تمنع حدوث ذلك.

ط - إنهاء تبعية المرأة والبنت من الناحية الاجتماعية.

ي - سلب قوامة الرجال على النساء.

ك - سلب ولاية الآباء على الأبناء.

2 - ما يتعلق بالجانب التعليمي [18] :

أ - تشجيع التعليم المختلط.

ب - الدعوة إلى المساواة في مناهج التعليم.

ج - الدعوة إلى التثقيف والتربية الجنسية.

3 - ما يتعلق بالجانب الصحي [19] ، وأهم السلبيات في هذا الجانب:

أ - الأمراض الجنسية، ومن ذلك:

- الدعوة إلى أن يكون السلوك الجنسي المأمون، والوقاية من الأمراض

المنقولة بالاتصال الجنسي جزءاً لا يتجزأ من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية،

مع ضمان السرية والخصوصية للمراهقين والمراهقات فيما يتعلق بهذا الجانب.

- تيسير انتشار وتوزيع الواقيات الذكرية (الرفالات) بين الذكور على

نطاق واسع وبأسعار زهيدة.

- القضاء على التمييز ضد الأشخاص المصابين بالإيدز.

- ضمان عدم تعرض المصابات بالإيدز للنبذ والتمييز بما في ذلك أثناء السفر.

- تقديم ما يلزم من الرعاية والتعاطف للرجال والنساء المصابين بالإيدز.

- الاعتراف بهذه العلاقات الجنسية المحرمة، والتي تسبب هذه الأمراض

الجنسية.

ب - الإجهاض، ومن ذلك:

- الدعوة إلى أن يكون الإجهاض غير مخالف للقانون، وأن يكون مأموناً

طبياً.

- الدعوة إلى إلغاء القوانين التي تنص على اتخاذ إجراءات عقابية ضد المرأة

التي تجري إجهاضاً غير قانوني.

- الدعوة إلى أن يكون الإجهاض حقاً من حقوق المرأة، وتيسير حصولها

على هذا الحق، عندما تريد إنهاء حملها.

- الدعوة إلى إنشاء مستشفيات خاصة للإجهاض.

- الدعوة إلى قتل الأجنة داخل الأرحام، بحجة أنه غير مرغوب فيه.

ج - ختان المرأة، ومن ذلك:

- حث الحكومات على حظر بتر أجزاء من الأعضاء التناسلية للإناث.

- أن يكون التنفير الفعال من الممارسات الضارة - مثل بتر أجزاء من

الأعضاء التناسلية للأنثى جزءاً لا يتجزأ من برامج الرعاية الصحية الأولية.

- أن إزالة أجزاء من الأعضاء التناسلية للإناث يشكل انتهاكاً للحقوق

الأساسية للمرأة، ويعتبر من العنف والتمييز الواقع عليها.

- تضخيم الآثار السلبية الطبية، من جراء عملية ختان المرأة.

- سن وإنفاذ قوانين لمواجهة مرتكبي ممارسات العنف ضد المرأة - ومنها

ختان الإناث.

4 - ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ومن ذلك [20] :

أ - التقليل من عمل المرأة داخل المنزل، واعتبار ذلك عملاً ليس له مقابل،

ومن ثم فهو من أسباب فقر المرأة.

ب - الدعوة إلى خروج المرأة للعمل المختلط.

ج - الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل فيما يتعلق بالعمل (نوعية العمل

ووقته) .

د - دعوة الحكومات للقيام بإصلاحات تشريعية وإدارية لتمكين المرأة من

الحصول الكامل على الموارد الاقتصادية، كحقها في الميراث بالتساوي مع الرجل.

هـ - تيسير حصول المرأة على الائتمانات (القروض الربوية) .

5 - ما يتعلق بالجانب السياسي، ومن ذلك [21] :

أ - دعوة الحكومات والمنظمات لاتخاذ إجراءات من أجل مشاركة المرأة في

الأنشطة السياسية.

ب - ضمان حق التصويت للمرأة، وحقها في الانتخاب.

ج - تشجيع الأحزاب السياسية على تعيين مرشحات من النساء من أجل

انتخابهن على قدم المساواة مع الرجل.

د - الدعوة لإصدار تعليمات حكومية خاصة لتحقيق تمثيل منصف للمرأة في

مختلف فروع الحكومة.

هـ - الدعوة لتمثيل المرأة تمثيلاً منصفاً على جميع المستويات العليا في

الوفود، كوفود الهيئات والمؤتمرات واللجان الدولية التي تعالج المسائل السياسية

والقانونية ونزع السلاح، وغيرها من المسائل المماثلة.

و حق المرأة في أن تكون رئيسة دولة، أو رئيسة وزراء، أو وزيرة.

رابعاً: أهم جوانب الخطورة في هذه المؤتمرات، وهي:

أ - أن القاسم المشترك بينها هو المرأة، ومساواتها التامة بالرجل في كافة

مجالات الحياة المختلفة، وكذلك الجنس، والحرية المطلقة.

ب - أنها تستظل بمظلة الأمم المتحدة، وتستثمر شعارات العولمة وأدبياتها.

ج - أنها توظف سلطان الدول الكبرى سياسياً واقتصادياً وحضارياً لفرض

تنفيذ توصياتها.

د - أن الهدف النهائي لها هو: عولمة الحياة الاجتماعية بالمفهوم الغربي

الإباحي.

خامساً: بعض إيجابيات هذه المؤتمرات:

الأمور السابقة هي أبرز سلبيات مؤتمرات الأمم المتحدة - في نظري - حول

المرأة. إلا أنه إحقاقاً للحق وحكماً بالعدل، وامتثالاً لقول الله تعالى: [َلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ

شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى] (المائدة: 8) فإن هذه

المؤتمرات قد دعت إلى أمور تخص المرأة، وتعتبر أموراً إيجابية،

ومن ذلك:

أ - الدعوة إلى تعليم المرأة، وإزالة الأمية عنها.

ب - الدعوة إلى مكافحة الأمراض السارية عند النساء، خاصة في البيئات

الفقيرة.

ج - الدعوة إلى الرضاعة الطبيعية، بالنسبة للأم.

د - محاربة الاتجار بالمرأة والطفل، واستغلالهما جنسياً، من خلال شبكات

وعصابات دولية متخصصة في هذا المجال، واعتبار ذلك جريمة دولية محرمة.

هـ - تشجيع وسائط الإعلام على الامتناع عن تصوير المرأة على أنها

مخلوقة أدنى منزلة من الرجل، وكذلك عدم استغلالها مادة وسلعة في سوق الجنس.

و الدعوة إلى المساواة في الأجور بين الجنسين لنفس العمل، وبنفس

الجودة.

ز - الدعوة إلى إعطاء إجازة أمومة للمرأة العاملة.

ح - مكافحة التحرش الجنسي ضد المرأة من قِبَل الرجل في مواقع العمل

وغيرها.

ط - مسؤولية الوالدين عن تربية الطفل وتنشئته تنشئة سوية.

ي - منع استغلال المرأة جنسياً من خلال النزاع المسلح، أو من خلال

استغلال ظروف اللاجئات وفقرهن.

ك - التحذير من وأد البنات، والانتقاء الجنسي قبل الولادة.

سادساً: المواقف والظواهر السلبية والإيجابية حول هذه المؤتمرات في

العالم العربي والإسلامي:

1 - الظواهر والمواقف السلبية، ومنها:

أ - مشاركة بعض الجمعيات النسائية العربية والإسلامية في الإعداد لهذه

المؤتمرات والمشاركة في اللجان التحضيرية، بل إن بعض الجلسات التحضيرية

لمؤتمر بكين - مثلاً - عقدت في الأردن، وبمشاركة بعض الجمعيات النسائية فيها.

ب - تزايد نشاط التيار النسوي الوافد بما يحمله من فكر تغريبي، ومثاله:

الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية بالمغرب، وما قامت به الهيئات المساندة

لمشروع الخطة من تنظيم مسيرات تأييد من 8 مارس/ آذار 17 أكتوبر/ تشرين

الأول 2000م.

ج - تزايد التمويل الأجنبي المشبوه لمنظمات نسوية، أو معنية بشؤون المرأة

والأسرة في العالم العربي.

د - بداية الاتجاه لإعادة النظر في قوانين الأسرة - أو ما يسمى بالأحوال

الشخصية - في العالم الإسلامي، كما حصل في مصر.

هـ - طرح مناقشات وبرامج تجاه المرأة في المجتمعات المحافظة، كما هو

الأمر في بعض دول الخليج.

2 - بعض المواقف والظواهر الإيجابية، ومنها:

أ - قيام عدد من الهيئات الإسلامية باستنكار بعض ما ورد من وثائق لهذه

المؤتمرات وخاصة الأخيرة منها، ومنها: موقف هيئة كبار العلماء في السعودية،

وموقف الأزهر في مصر حول وثيقتي مؤتمري السكان في القاهرة، والمرأة في

بكين.

ب - ازدياد ظاهرة الوعي الإسلامي بهذه المؤتمرات المشبوهة، ورصد

المؤامرة وكشفها.

ج - وجود بعض الفعاليات الإسلامية ضد التيار التغريبي، مثل:

د - مؤتمر الاتحاد النسائي العالمي من 25 27 فبراير 2000م، وهذا

الاتحاد هو مؤسسة دولية غير حكومية، ذات صبغة استشارية لدى المؤتمر

الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، تأسس عام 1996م للدفاع عن الممارسات

الظالمة ضد المرأة، والتي تخالف الدين وكرامة الإنسان، ومقره الخرطوم، وهذا

الاتحاد ونشاطاته عليه بعض الملاحظات، إلا أننا نقدر الهدف الذي من أجله نشأ

وأقام مؤتمره.

هـ - اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل (ممثلة رابطة العالم الإسلامي) ،

والتقرير الذي أعدته، والمعنون بـ (التقرير البديل) ، والمقدم إلى لجنة

مركز المرأة بالأمم المتحدة بوصفها اللجنة التحضيرية للدورة الاستثنائية للجمعية

العامة للأمم المتحدة، والتي عنوانها: «المرأة عام 2000م» تحت شعار:

(مساواة النوع الاجتماعي والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين) .

و ما قامت به الندوة العالمية للشباب الإسلامي من خلال المؤتمر الصحفي

الذي عقده أمينها العام د. مانع الجهني في 20 صفر 1421هـ، لكشف أبعاد ما

في وثيقة (مؤتمر بكين + 5) من مخططات إفسادية.

وغيرها من الظواهر والمواقف الإيجابية.

سابعاً: كيفية مواجهة هذه المؤتمرات المعولمة للحياة الاجتماعية (أو

الموقف من هذه المؤتمرات) :

إن الوعي بأهداف هذه المؤتمرات، وما تدعو إليه، ومن يقف وراءها يجعلنا

نتمكن من اختيار الطريقة المناسبة لكيفية مواجهتها، واتخاذ الموقف المناسب

تجاهها. وهذه الطريقة ذات اتجاهين: موقف نظري معرفي، وموقف عملي.

فالموقف النظري المعرفي يقوم على ما يلي:

1 - كشف سوءاتها وعوارها للجمهور الإسلامي، وبيان مراميها، ومخالفتها

لمقاصد الشريعة، وأنها أحد أذرعة العولمة المعاصرة؛ وذلك من خلال وسائل

الإعلام المختلفة (المقروءة، والمسموعة، والمرئية) ، والندوات، والمحاضرات؛

وذلك من قبل العلماء، والدعاة، وطلاب العلم، والمثقفين الإسلاميين،

والإعلاميين، والقيادات النسائية، وتحميلهم المسؤولية في بث الوعي العام؛

للوصول إلى تحصين داخلي قوي.

2 - أن تقوم الوزارات والهيئات والمؤسسات الإسلامية (الرسمية وغير

الرسمية) ، كوزارات الخارجية، والشؤون الإسلامية، والشؤون الاجتماعية،

ورابطة العالم الإسلامي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وهيئة كبار العلماء، وعلماء

الأزهر، ودور الإفتاء، وكل من يقوم على أمور المسلمين بأداء دورهم اللازم،

وتكوين حضور قوي في الداخل والخارج، ومن ذلك إصدار بيانات تستنكر هذه

المؤتمرات وأهدافها الخبيثة، ونشر هذه البيانات وتغطيتها تغطية إعلامية حتى

يتبين الأمر للجمهور الإسلامي.

3 - كشف زيغ التيار النسوي التغريبي في العالم الإسلامي والعربي، وأنه

جزء من تيار الزندقة المعاصر، والمدعوم من هيئات مشبوهة خارجية.

4 - قيام الجهات الخيرية الإسلامية والأقسام النسائية فيها على وجه

الخصوص، والجمعيات الخيرية النسائية، بتحمل مسؤولياتها، والتنسيق فيما بينها،

وإصدار وثيقة للأسرة المسلمة تؤصَّل فيها الرؤية الشرعية حول المرأة وحقوقها

الأساسية في الإسلام، وكذلك الأسرة ومفهومها الشرعي.

وكذلك القيام بالمناشط الدعوية التثقيفية لمختلف شرائح المجتمع.

5 - عمل رصد إعلامي جاد لكل فعاليات المؤتمرات الدولية والإقليمية،

ومتابعة الخطوات الفعلية لتنفيذ توصيات المؤتمرات السابقة التي ناقشت قضايا

المرأة، وإصدار ملاحق صحفية؛ لبيان الموقف الشرعي من هذه المؤتمرات

وتوصياتها.

6 - إقامة أسابيع ثقافية في المدارس والجامعات؛ لبيان مخالفة مثل هذه

المؤتمرات لمقاصد الشريعة الإسلامية.

7 - ممارسة ضغوط شعبية قوية على وسائل الإعلام المختلفة التي تقوم

بالترويج والتغطية السيئة لهذه المؤتمرات لتكف عن ذلك.

8 - اعتماد إدخال الأسرة في مناهج التعليم في المرحلة المتوسطة والثانوية

للبنين والبنات، ويشتمل هذا المنهج بوصفه صيغة مقترحة على: قيمة الأسرة،

ومكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الشرعي للعلاقة بين الرجل والمرأة، والحقوق

الزوجية، والوسائل الفعالة في تربية الأولاد، وبيان الأفكار المتصادمة مع الفطرة،

ويشتمل هذا المنهج أيضاً على عرض تاريخي للجهود الدولية في إفساد الأسرة

والمرأة المسلمة، وعولمة الحياة الاجتماعية عموماً عن طريق هذه المؤتمرات

العالمية، وبيان أهدافها الخبيثة الحالية والمستقبلية.

9 - تكوين هيئات عليا للنظر في كل ما يتعلق بالأسرة من النواحي النفسية،

والثقافية، والصحية، وتفعيل دور وزارات الشؤون الاجتماعية للقيام بدور فاعل

للاستجابة لمتطلبات الأسرة المسلمة.

10 - تفعيل دور الأئمة والخطباء، وإعطاؤهم دورات تثقيفية حول هذه

المؤتمرات، والإيعاز إليهم بتكثيف التوعية بخطورة مثل هذه المؤتمرات

وتوصياتها على الأجيال القادمة مع تجنب العنف والإثارة.

أما الموقف العملي فيقوم على ما يلي:

1 - المشاركة الفعالة في هذه المؤتمرات، وطرح البديل الإسلامي في

المسألة الاجتماعية، وكشف عوار الحياة الغربية الاجتماعية - كلما أمكن -.

وحجة القول بهذا الرأي: أن الضعيف إذا قاطع مثل هذه المؤتمرات لا تؤثر

مقاطعته، وبذلك تسود وجهة نظر القوي. بينما إذا قاطع القوي فإن مقاطعته ستؤثر.

وكنموذج لهذا الكلام فإن مقاطعة الولايات المتحدة الأمريكية لمنظمة اليونسكو قد

أضعفتها كثيراً.

والمسلمون اليوم ضعفاء أمام أصحاب وجهات النظر الأخرى؛ فمقاطعتهم لا

تؤثر، بخلاف لو حضروا وطرحوا ما عندهم بقوة، وأبدوا ما لديهم من تحفظات؛

فإن هذا يقطع الطريق على تفرد وجهة النظر الغربية في هذه المؤتمرات؛ حيث

يعلم البشر أنه يوجد وجهة نظر أخرى في المسألة الاجتماعية؛ خاصة إذا علمنا أن

قرارات هذه المؤتمرات ملزمة إلى حد كبير.

ومما يؤكد هذا الاتجاه - أي المشاركة - ما حصل في مؤتمر السكان والتنمية

بالقاهرة/1994م ومؤتمر المرأة الرابع في بكين /1995م؛ حيث كان لمشاركة

الوفود والهيئات الإسلامية دور واضح في رفض وتعديل بعض توصيات هذين

المؤتمرين.

2 - تأسيس مراكز متخصصة لمتابعة النشاط النسوي التغريبي العالمي

والإقليمي، ومعرفة ما يتعلق به من مؤتمرات، من حيث: مواعيد إقامتها،

وأوراق العمل التي ستقدم فيها، والاجتماعات التحضيرية لها، وغير ذلك؛ حتى

يتمكن المهتمون بهذا الجانب من مقاومة أفكار هذه المؤتمرات بكل جدية وسرعة،

وتقديم الأبحاث، والرؤية، والرأي لأصحاب الشأن العلمي، والاجتماعي،

والشرعي لإعانتهم على تشكيل الموقف الصحيح عند الحاجة، وكذلك كشف الوجه

الآخر البشع للحياة الاجتماعية الغربية، وتقديم الإحصاءات، ورصد الظواهر في

تلك المجتمعات؛ حتى يتبين لهم أنه الحق.

3 - الاستفادة من بعض الجمعيات النسائية الغربية - المناهضة والمعارضة

لبعض أفكار هذه المؤتمرات - وذلك من خلال الاستفادة من نفوذها في بلدانها،

وكذلك ما يتوفر لديها من معلومات وحقائق عن مجتمعاتها وعن بعض الاجتماعات

السرية التي تدور من خلف الكواليس؛ وخاصة أن كثيراً من هذه الجمعيات لها

مواقع على شبكة المعلومات العنكبوتية؛ فيمكن من خلال «الإنترنت» التواصل

معهم، والحصول على المعلومات منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015