المنتدى
محمد بن سعيد الغامدي
روى البخاري ومسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: «غزونا مع
النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثار معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من
المهاجرين رجل لعّاب فكسع أنصارياً، فغضب الأنصاري غضباً شديداً حتى
تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجر: يا للمهاجرين، فخرج
النبي صلى الله عليه وسلم فقال:» ما بال دعوى الجاهلية «ثم قال:» ما
شأنهم؟ «فأخبر بكسعة المهاجري للأنصاري فقال:» دعوها فإنها
خبيثة « [1] .
وهذه القصة ذكرها بعض أهل السير في أحداث غزوة بني المصطلق في
السنة الخامسة أو السادسة للهجرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» فهذان الاسمان (المهاجرون والأنصار)
اسمان شرعيان جاء بهما الكتاب والسنة، وسمَّاهما الله بهما، وانتساب الرجل إلى
المهاجرين والأنصار انتساب محمود عند الله وعند رسوله، ليس من المباح الذي
يقصد به التعريف فقط، ثم هذا لما دعا كل واحد منهما طائفته منتصراً بها أنكر
النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وسمَّاها دعوى الجاهلية « [2] .
لقد بنى النبي صلى الله عليه وسلم صرح الإسلام العظيم على هذا الإخاء
الراقي حتى أصبح الناس في زمنه أمة واحدة ينصر بعضها بعضاً تحت راية واحدة
هي راية الإسلام لا غير.
ولقد آن للمسلمين اليوم أن يرجعوا إلى ما بناه نبيهم محمد صلى الله عليه
وسلم، وأحق من يفعل ذلك هم الدعاة إلى الله - تعالى - إن راموا العز والنصر
والتمكين؛ فإن الفرقة لن تجلب نصراً وإنما هو الخذلان. قال - تعالى -:
[وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ] (الأنفال: 46) .