مجله البيان (صفحة 3804)

نحن والمجتمع المدني حقيقة هذه الدعوة. . وماذا وراءها من أهداف؟

في دائرة الضوء

نحن والمجتمع المدني حقيقة هذه الدعوة..

وماذا وراءها من أهداف؟

د. أحمد إبراهيم خضر [*]

احتفل العالم العربي احتفالاً بهيجاً بما يُسمى بالمجتمع المدني. ومع كل

الضجة التي أثيرت وتثار حول هذا المفهوم الجديد الذي بدأ يحتل موقعه في بلادنا؛

فإنه لا يهمنا فيه إلا مسألة واحدة وهي: العلاقة بين المجتمع المدني وسلامة البناء

العقدي للمجتمع.

يقتنع كثير من الناس بأن المجتمع المدني لا يخرج عن حدود هذا التعريف

الذي وضعه له سعد الدين إبراهيم وهو: «مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة

التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة؛ لتحقيق مصالح أفرادها ملتزمة بقيم

ومعايير الاحترام والتآخي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف، وتشمل

تنظيمات المجتمع المدني كلاًّ من: الجمعيات والروابط والنقابات والأحزاب

والأندية؛ أي: كل ما هو غير حكومي، وكل ما هو غير عائلي أو إرثي» [1] .

إن هذا المفهوم في تصورنا قاصر ومخادع، ويجب علينا أن نبحث عن أصوله

وجذوره في البلاد التي نشأ فيها قبل أن يستورد منها ويصاغ في بلادنا بصورة تجعله

مقبولاً.

«المجتمع المدني» مصطلح غامض ومتعدد المعاني، يمكن تطويعه في

خدمة عدة أغراض؛ فهو مصطلح قادر على أن يجمع أي شيء بكل شيء، نشأ

عبر تطور تاريخي طويل يحمل في طياته فروقاً وتناقضات هي السر في غموضه

. وصفه بعض الناس بأنه حساء المتسولين، جمع أعقاب النظريات المختلفة،

والحقب الزمانية المتعاقبة، وأنه تسمية جديدة لأحلام قديمة. وأكد بعض آخر أنه

ذو تاريخ مشبوه نسي الناس بمرور الزمن أنه مجتمع الأرستقراطية، وأنه قد صيغ

لاستبعاد طبقات شعبية معينة، لكنه يُقدم الآن بكثير من الزخرف ليعمِّي بريقُه عن

كل ما عداه، وكأنه الحل السحري لجميع مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية

وغيرها [2] .

ترجع الجذور اللادينية للمفهوم في الغرب إلى (توماس هوبز) الذي رأى فيه

تعبيراً عن انتقال مبدأ السيادة من السماء (الحكم بالحق الإلهي) إلى الأرض

(الحكم على أساس العقد الاجتماعي) ، فأدانته جامعة أكسفورد في عام 1683م؛

لأنه استخلص كل سلطة مدنية من أصل مجتمعي دنيوي ولم يسندها إلى الحق

الإلهي، وجعل هذه السلطة كائناً اصطناعياً أي (إلهاً) من صنع البشر. ويعرَّف

(العقد الاجتماعي) بأنه: «تجريد عقلاني مؤسس على الافتراض أن الفرد هو ذات

مزودة بأداة حرة، وأن المجتمع عبارة عن تعاقد بين مثل هذه الذوات، وأن شرعية

الدولة قائمة على هذا التعاقد وليس على الإرادة السماوية» [3] .

أكد الباحثون عن مفهوم المجتمع المدني في دوائر المعارف، أن كلمة (مدني)

ترتبط بالمواطن، وأن أهم معانيها: غير إكليريكي أي غير لاهوتي، وبمعنى

واضح تماماً: (غير ديني) [4] . أما القانون الذي تسنُّه وتفسره وتطبقه سلطات

المجتمع المدني فهو القانون الطبيعي أو قانون العقل. وقوانين الطبيعة عند دعاة

المجتمع المدني هي قوانين العقل الأزلية. أما (الله) عندهم فهو هذا العقل الذي

يسكن القانون الطبيعي [سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُواًّ كَبِيراً]

(الإسراء: 43) . وعمل العقل الأساسي عندهم هو التقدير والحساب الواعي

لكيفية الوصول إلى أهداف، أما التزام العقل بنظام كوني للأشياء فهذا ليس من

مهامه [5] .

استقبل هذا المفهوم في الغرب بالطبول والزمور، وأصبح سلعة رائجة في

الصناعة الأكاديمية بعد أن اهتزت مفاهيم الاشتراكية والليبرالية والديمقراطية،

وبوجه خاص بعد تحدي حركة التضامن العمالية التي ضمت ملايين العمال

والمثقفين للنظام في بولندا في نهاية السبعينيات، ولهذا يتحدث الباحثون عما

يسمونه بالمجتمع المدني الأول: ذلك المجتمع الذي سعت إليه النخبة الأوروبية في

القرنين السابع عشر والثامن عشر، والمجتمع المدني الثاني: وهو المجتمع الذي

تبنته في الثمانينيات بعض القوى في بلدان أوروبا الشرقية وبخاصة في بولندا

وأمريكا اللاتينية ثم العالم العربي [6] .

إن مفهوم المجتمع المدني مفهوم غربي مستورد وُلد ونشأ في ظل الصراع

السياسي والاجتماعي الذي عرفه المجتمع الأوروبي منذ القرن السابع عشر،

وتلازم نشوؤه مع التشكيلة الرأسمالية الغربية، مما يعني أنه مفهوم دخيل على الفكر

العربي والإسلامي ولا تاريخ له في هذا الفكر، ولا زال هذا المفهوم كالجنين الذي

هو في طور التكوين تختلف تفسيراته وتضطرب وتختلط ويسودها الغموض

والضبابية بين المروِّجين له من المثقفين في بلادنا [7] حتى في أشد الدول استهلاكاً

له. ولم يتعرف هؤلاء المثقفون على هذا المفهوم بحد ذاته، وإنما جاء هذا التعرف

عبر اهتماماتهم بالأفكار الماركسية المحدثة القادمة من المجتمعات الأوروبية التي

نشط فيها هذا المفهوم بعد غفوة طويلة، خاصة بعد أن تأكد لهم عدم مصداقية

المفاهيم الماركسية القديمة كالصراع الطبقي وغيرها [8] ، وقد تبناه هؤلاء المثقفون

باعتباره حجر الزاوية في كل ما يعتقدون أنه تحوُّل ديمقراطي حقيقي في البلاد

العربية على حد قولهم. والغريب في الأمر أنهم حاولوا التنقيب عن تماثلات

وتشابهات للمفهوم في التراث الإسلامي، فهداهم تفكيرهم إلى تصور أن الجذور

الأولى لهذا المفهوم ترجع إلى ما يسمونه بـ «وثيقة المدينة» أو «الصحيفة»

التي اعتبروها «دستور المدينة» التي افتتح بها النبي صلى الله عليه وسلم إقامته

في المدينة بهدف تدعيم ما يسمونه بـ «البناء الداخلي الجديد» الذي كان النبي

صلى الله عليه وسلم يضع لبناته الأولى في المدينة، وقد بلغت بهم السطحية

وكراهية الشريعة أن تصوروا أن هذه الصحيفة تبين أن الإسلام ممثلاً في الرسول

صلى الله عليه وسلم قد أدار الحكم وشؤون البلاد وفق صيغ وقوانين وضعية؛ ومن

ثم فإن نظام الحكم في الإسلام متروك للبشر وفقاً لحاجاتهم وظروفهم والعصر الذي

يعيشون فيه [9] .

والذي نتصوره هو أن فكرة «المجتمع المدني» التي يُروَّج لها في بلادنا

اليوم ليست إلا تقليعة أو موضة جديدة ظهرت في غير أوانها على حد تعبير بشارة

أنشئت من أجلها مراكز أبحاث ونشرات إخبارية ودوريات علمية ومؤتمرات

وندوات، تبناها مثقفون علمانيون من أصحاب التطلعات الاجتماعية والطموحات

الشخصية الذين جرفتهم موضة التيار السائد (المجتمع المدني) دون تفكير في

السؤال الهام: لماذا سارع المثقفون الآن إلى تبني هذا المفهوم؟

والجواب في تصورنا للأسباب الآتية:

أولاً: المثقفون نخب مشتغلة بالتنافس على الوكالات؛ فكما توجد حروب

على الحصول على الوكالات الأجنبية في الاقتصاد فكذلك يوجد تنافس بين النخب

الثقافية على وكالات الأفكار، وبخاصة أن مؤسسات المجتمع المدني يتم تمويلها

بأموال المساعدات الغربية؛ فمؤسسات المجتمع المدني تقوم بإرسال أخبار الأوضاع

الداخلية للبلاد إلى الخارج، وتراقب الانتخابات في الدوائر العمالية والنقابات، كما

تستفيد من تقارير هذه المؤسسات وخاصة تلك العاملة في مجالات التنمية والصحة

والمرأة والأقليات في الاختراق المعرفي، أو ما تسميه (ثناء المصري) : اختراق

النقاط المنعزلة البعيدة في جسد المجتمع، وإدماج البلاد في السوق الرأسمالي

وتدعيم عملية التطبيع مع إسرائيل كما كشفت عن جانب من ذلك أحداث مركز ابن

خلدون الأخيرة في مصر. ومما يدعم هذا الرأي أن ثقافة النخبة كما يعترف

أصحابها بأنفسهم ليست واقعاً أو حقيقة صلبة إنما هي متغير معرض دائماً ليد

المصالح الخفية، وحسابات النظام والقوة [10] .

ثانياً: وجد المثقفون أنهم حينما يتحدثون عن المجتمع المدني يتحدثون عن

أنفسهم وعن الطبقات الاجتماعية التي يتواصلون معها؛ لأن الإرادة الخاصة لبسطاء

الناس لا تنسجم مع الرأي العام الذي يمثله هؤلاء المثقفون ويحاولون عرضه على

اعتبار أنه مجتمع مدني، كما أن توافر مستوى معيشي لائق بالجماهير هو شرط

لتطور مجتمع مدني كامل، وهذا الهدف مستحيل التطبيق طالما بقيت هذه الجماهير

في ظروف أدنى من مستوى الفقر، مما يعني بوضوح أنها مستثناة من المجتمع

المدني [11] .

ثالثاً: وهو السبب الأكثر أهمية حيث إنه يكمن في أنهم شعروا بشدة الحاجة

إلى هذا المفهوم لمواجهة الخطاب الإسلامي. يقول بشارة: «إن ازدياد استخدام

المثقفين العرب لمفهوم المجتمع المدني راجع إلى الحاجة لوضع أيديولوجية جديدة

بيد خطاب التحديث الفاشل في الوطن العربي في مواجهة الخطاب الإسلامي، ليس

الهدف إذن فهماً أفضل لآليات تطور المجتمع المدني، وإنما أداة في مكافحة المد

الإسلامي» [12] ، ولهذا قام مثقفونا باستحضار المناقشات الدائرة في العالم الغربي

منذ ثمانينيات الأزمة البولندية عن دور المجتمع المدني في مواجهة الدولة الشمولية،

لعلها تفيدهم في مواجهة المد الإسلامي، ذلك المد الذي حاصر العلمانيين

واضطرهم إلى الهروب إلى أنفاق القومية واليسارية، فلم تسعفهم؛ وبدلاً من

الاعتراف بالإخفاق راحوا يحسمون المعركة في نفق آخر هو نفق

(المجتمع المدني) .

ولا زال أهل هذه الشريحة من المثقفين في بلادنا داخل هذا النفق يتمسكون

بما يسميه (بشارة) بتقليعة المجتمع المدني، وهم موقنون تماماً بأن المفاهيم

المرتبطة بالمجتمع المدني تصطدم تماماً مع قيم المجتمع الإسلامي.

إن المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه المجتمع المدني هو الفرد الجزئي وعليه

يصبح المجتمع المدني تركيبة من أعضاء مستقلين لكل منهم نظرة خاصة للأشياء

ويعمل أساساً من أجل غاياته الخاصة، وينظم الإنسان حياته في المجتمع المدني

ليس على الروابط العائلية وقدسية البنى الاجتماعية وإنما على المصالح الخاصة،

أي على كسر علاقات التعاطف وأصل العائلة، فتكون النتيجة هي قيام مصالح

جزئية متنافرة ليس بينها لغة مشتركة [13] . ويسوِّغ دعاة المجتمع المدني ذلك

بالقول: بأن الجزئي هو نفسه الكلي وأن المصلحة الذاتية للفرد هي نفسها مبدأ

مشترك يصهر الناس جميعاً في بوتقة واحدة [14] .

ومن أهم مقومات المجتمع المدني مبدأ الحرية الفردية والمواطنة القومية،

ويتضمن مفهوم المواطنة القضاء على كل الانتماءات القديمة دينية كانت أم غير

ذلك، كما يتأسس على حق المواطنة حرية المعتقد، وفصل الدين عن الدولة،

وحرية الرأي والتعبير مهما كان مخالفاً لانتماءات غالبية الناس العقدية؛ فعلى كل

إنسان أن يسوي أموره مع (الله) بطريقته الخاصة. وفي هذا المجتمع تختفي

مفاهيم الفرد المؤمن، وغير المؤمن والرجل والمرأة، والحر والعبد، وتستبدل

جميعها بمفهوم الفرد المواطن [15] .

أما العلمانية فهي مفهوم لا ينفصل كلية عن المجتمع المدني؛ بحيث يصعب

الحديث جدياً عن قضايا المجتمع المدني دون تناول العلمانية ليس باعتبارها جزءاً

من منظومات المفاهيم التي تشكل حقل هذا المجتمع المدني وفضاءه، بل لأنها

تشكل الجذر الذي تنحدر تحته كل القضايا المرتبطة به [16] . ويقر العلمانيون بأن

العلمانية في بلادنا لا تمتلك ولا تستهدف بناء مشروعها الخاص بقدر ما تعبر عن

رفض ما يسمونه بالتصور السلفي الديني، وعن الارتباط الوثيق بين المجتمع

المدني والعلمانية. يقول محمد كامل الخطيب: «فالعلمانية تبدو اليوم أكثر من أي

وقت مضى سبيلاً مفتوحاً، وربما جيداً لإنقاذ المجتمع العربي من تفتته وتخلفه

وربما تبعيته سواء للماضي أو للحاضر الأمريكي الأوروبي، والمجتمع المدني هو

القادر على أن يكون متماسكاً وعادلاً، وفي هذا تعلن العلمانية أنها لم تخفق؛ لأن

في إخفاقها الموت الحضاري وربما الوجودي لهذا المجتمع، ولأن في إخفاقها العودة

إلى مجتمع الملل والطوائف» كما يرتبط مفهوم المجتمع المدني بمفهوم الديمقراطية

التي لا انفصال بينها وبين العلمانية في المجتمع المدني؛ بحيث لا يمكن الدفاع عن

الديمقراطية كما يقول كمال عبد اللطيف بدون الدفاع عن العلمانية، وكما يقول

ناصيف نصار: «الدفاع عن الفلسفة الديمقراطية يكون دفاعاً ناقصاً أو مبتوراً إذا

أسقط من الحساب قضية العلمانية» [17] ؛ فالديمقراطية تقوم على مبدأ السلطة

التعاقدية وتقول بالاختيار العلماني. وتبين مقولة صريحة لعزيز العظمة كيف

نستغل الديمقراطية لنبذ الدين يقول العظمة: «إنه لا امتلاك لأسس الديمقراطية إلا

بانفكاك الفكر والحياة عن الارتهان للمطلق، والتخلي عن محاولات إدغام المستقبل

بالماضي، وترجمة مبادئ ومفاهيم الحاضر المعاصر إلى لغة تنتمي إلى سياق

تاريخي تام الاختلاف» [18] .

يرى العلمانيون أن التمسك بالعقيدة (تعصب) يؤثر سلبياً على العلاقات

داخل المجتمع المدني الذي يفترض التعدد والتنوع وحتى الاختلاف في مقوماته،

ويقولون: «التعصب في جوهره نفي للآخر وإقصاء لرأيه وصوته، وتمركز

حول العقيدة أو الأيديولوجيا والذات يمنع صاحبه من امتلاك أي تصور من الحقيقة

يقع خارجه، وهو يفترض أحادية الحقيقة والانفراد بامتلاكها، كما يفترض تقديم

إجابات جاهزة على الأسئلة المطروحة والإشكاليات القائمة. والتعصب بهذا المعنى

يقتل الحافز للبحث والتفتيش عن إجابات جديدة أو حتى لصياغة الأسئلة القديمة

بأشكال مبتكرة، أي أنه يساهم في تكريس السائد والمعروف والتقليدي، ويصادر

على المختلف والمغيب والمبتكر» [19] . وهذه العبارات تشير بشكل أو بآخر إلى

رفضهم التمسك بالعقيدة؛ لأن هذا التمسك الذي يسمونه (تعصباً) لن يسمح بأي

اختراق لتصوراتهم وأفكارهم التي من شأنها التأثير على البناء العقدي للمجتمع.

وكما لا تنفصل العلمانية عن الديمقراطية في المجتمع المدني فإنها لا تنفصل

كذلك عن (العقلانية) ؛ فجميع هذه المفاهيم دروع مهمتها الأساسية الحيلولة دون

اختراق العقيدة لبناء المجتمع المدني الجديد. وعن العقلانية وارتباطها بالمجتمع

المدني ومقاومتهما للعقيدة يقول دعاة المجتمع المدني إن العقلانية هي: «تحرير

العقل من المسبقات والأوهام والمطلق؛ فالعلمانية إذ تقيم سلطة العقل إنما تعلن

نسبية الحقيقة وتاريخيتها وتغيرها، بل وإمكانات تجاوزها لفتح آفاق وإمكانيات

للمعرفة الموضوعية عبر الانتقال من الأيديولوجيا إلى العلم ومن التبرير إلى

التفسير» [20] .

والذي يهمنا هنا هو أن دعاة المجتمع المدني قد انتهوا إلى حقيقة هامة أوردها

طيب تيزيني على لسانأبو حلاوة اعتبرها جماع القول في مسألة المجتمع المدني

مؤداها: «لا يحسبن أحد أن المجتمع المدني هو الحل الناجز لكل القضايا

والمشكلات التي تعيشها المجتمعات المعاصرة ومنها مجتمعنا العربي، وهو ليس

مفهوماً خلاصياً أو وصفة يمكن تعاطيها وتداولها من تجاوز الراهن المأزوم إلى

مستقبل، إنه بصيغة أدق: حقل للتنافس وفضاء للصراع، وميدان لعمل القوى

الاجتماعية ذات المصالح والرؤى والمواقف المختلفة بل والمتناقضة» [21] .

والسؤال الآن: إذا لم يكن في المجتمع المدني الحل الناجز لكل قضايانا

ومشاكلنا التي نعيشها، ونظرنا إلى العقيدة على أنها أوهام ومسبقات وارتهان

للمطلق ورفضنا ربط الحاضر بالماضي فأين يكون الحل إذن؟

وإذا كان المجتمع المدني حقلاً للتنافس والصراع، وميداناً لعمل القوى

المتعارضة ذات المصالح والرؤى المتباينة، والكل يعمل فيه من أجل غاياته

الخاصة ولا قدسية فيه للروابط العائلية والاجتماعية؛ فأين ومتى تتحقق وحدة

المجتمع وتماسكه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015