ملفات
العلمانية في العالم الإسلامي.. تساقط الأوراق
(1 - 3)
هي شجرة غريبة، جلبوها من أحراش الغرب الفكرية، وغرسوها في تربة
ليست بتربتها.. لم تنبت كما أرادوا، فراحوا يعملون في أشجار هذه التربة تقطيعاً
وتحريقاً؛ لاستنبات الشجرة الغريبة.. قالوا: إن هذه الشجرة لا تنبت وسط أشجار
من غير فصيلتها، حرثوا الأرض لها، اقتلعوا كل ما عداها، ثم راحوا يجففون
المنابع عن كل ما سواها؛ لتوفير التربة المناسبة والمناخ الملائم.. شجرة مدللة
محمية! ..
وعَدُونا بقطف ثمارها عندما تينع باسقة، ووعَدُونا بالراحة في ظل رخائها،
ووعدُونا بالتمتع بشمس الحرية وبالتنعم بنور العلم اللذين حُرمنا منهما عندما حجبتها
الأشجار المقتلَعة.. هكذا وعدُونا وهكذا زعموا! .
استوت الشجرة الغريبة الغربية وأينعت، فإذا بنا نطعم ثمارها حنظلاً، وإذا
بظل رخائها يُتخم بطوننا فقرًا وفسادًا، وإذا بشمس حريتها تُلهب ظهورنا قمعاً
وقهرًا، وإذا بنور علمها يغشى بصيرتنا وهمًا وسرابًا..! .
قالوا: صبراً! فلا بد من دفع ضريبة التقدم، ولا بد من تحمل مشاق
الطريق.. فمَن زرع حصد، ومَن جدَّ وجد.. صَبَرْنا وصَبَرنا وتحملنا، نعم.. هم
حصدوا وهم وحدهم وجدوا، أما نحن فوجدنا أنفسنا نجلس في العراء لنشاهد تساقط
أوراق شجرتهم غير مأسوف عليها.. عندها قالوا: إن ما ذقتموه ليس حنظلاً؛
بل هو شهد مصفَّى، والعيب في ذائقتكم، وإن تساقُط أوراق الشجرة ليس علامة
مرض واحتضار، بل علامة صحة وتجديد، والعيب في بصيرتكم.. عليكم بتجرع
المزيد..!
تلكم هذه قصة العلمانية في بلادنا..
فحتى متى المخادعة؟ وإلى متى نستمرئ الدجل؟ متى نقتلع هذه الشجرة من
أرضنا المباركة ونتخلص من سمومها وحنظلها؟
إلى الذين ما زالوا يشكُّون في هذه المخادعة، ويترددون تجاه هذا الدجل،
ويتحيرون في الموقف من العلمانية والعلمانيين.. نقدم هذا الملف: ليس
تصيُّداً لأوراقهم المتساقطة؛ فتساقط الأوراق لم يبق من شجرتهم الخبيثة إلا
عصا هراوة.. وليس جمعاً لكل حصاد العلمانية، فحنظلهم علا وطمَّ..
وهذا الملف للعلمانية أقل من جرد حساب لكامل التجربة العلمانية، وأكثر من
مجرد هجاء لها؛ فهو يكشف نقطة من بحر.. عفواً: نقطة في مستنقع.. مستنقع
آسن تُرفع على حدوده لافتة تقول: ممنوع دخول الطهر والمتطهرين.. محمية
محظورة!