المنتدى
منى السيف
في غمرة الخوض في أحداث القدس الأخيرة وملاحقة نتوءاته وتفاصيله
تنهض تساؤلات شتى عن موقف المثقف الداعي للتطبيع مع (إسرائيل) ، حيث إن
نفراً من «المناضلين» القدامى المتقاعدين يصرون على إعادة عقارب الساعة إلى
الوراء وتجنيد خبراتهم السابقة في توزيع «الوطنية» على هذا وحرمان ذاك منها،
ووصف ذاك بالأيديولوجي المنغلق والآخر بالعقائدي الجامد (!) محاولين عبثاً
البحث عن بارقة تعزز مزاعمهم التي ما زالت تخبط خبط عشواء في حقل الحراك
العربي الثقافي فتسممه وتدفعه برعونة هستيرية قلَّ نظيرها إلى الحائط الشاهق
الأصم بلا دليل ولا هادي له؛ في حين أن حسماً قاطعاً لهذا الأمر يتحقق يومياً على
أرض الواقع بمرأى ومسمع من العالم؛ بحيث يغدو التعاطي مع (إسرائيل)
والتعامل معها وفق نظريات «التطبيع» و «الأمر الواقع» مسوغاً لـ (إسرائيل)
في إزهاق المزيد من أرواح الناس لأنه «من أمن العقوبة أساء الأدب» .
والمفهوم من التطبيع (لغوياً) هو إقامة علاقة طبيعية بين شيئين أو كيانين
متوافقين ومنسجمين، على ما يشترط لذلك بداهة من تسليم كل منهما بنهج الآخر
وسياساته ومراميه؛ فكيف يكون هذا والله تعالى يقول: [وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ
وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ] (البقرة: 120) فغياب المرجعية الدينية عند
كثير من المثقفين العرب هو ما جعلهم يتخبطون في مواقفهم ويجرون الأمة إلى
أنفاق مظلمة مسدودة.
إن من ينادي بالحوار مع الكيان الصهيوني بعد كل ذلك إنما يمهد للمزيد من
الوحشية والبطش لإخواننا الفلسطينيين مع موافقته لها على الاحتلال والتهديد والقوة
والتشريد والتفكيك بل والمحو لهم.
[وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ] (الحج: 40) .