كلمة صغيرة
كان لأحداث انتفاضة الأقصى أثر في إثارة مشاعر العداوة والبغضاء لليهود
على كافة المستويات الثقافية، والانتماءات الفكرية، والمراحل العمرية كذلك،
وهذا أمر إيجابي حين تتحرك مشاعر الإنسانية والتعاطف في وقت يتطلب إظهار
هذه المشاعر ولو على سبيل المجاراة والمحاكاة، لكن نفراً يحسبون أنفسهم من
«بني آدم» قد استبدلوا بإنسانيتهم شيئاً آخر لا ينتمي حتى إلى خلق آخر ولو
كان جماداً صلباً! !
وكان نصيب ما يسمى «حركة السلام العربية أو جماعة كوبنهاجن» من ذلك
الشيء الكثير؛ ففي مقابلة مع أحدهم اعتبر أن ما قام به الفلسطينيون من مقاومة في
المسجد الأقصى نوع من أنواع الفاشية الجديدة! ! «إنه قهر للمجتمع المدني
وإحراج لقوى السلام في إسرائيل، حتى المظاهرات التي خرجت في الشوارع
العربية لم تكن إلا تمهيداً لهذه الفاشية وليست في صالح الشعب الفلسطيني» .
ويؤمِّن على هذا الكلام الذي يحتاج إلى تأميم، وتأمين للناس من سفهه كاتب
آخر، فيقول: «نحن نعيش حالة الحرب في عقولنا فقط، ونرفض الاستماع إلى
أصوات السلام داخل إسرائيل، إن التصور الصحيح أن كل الأطراف مسؤولة عما
جرى وعما يحدث الآن، ومن العبث تصور أن إسرائيل وحدها هي المخطئة، لقد
رأيت صورة محمد الدُّرة، ولكن رأيت أيضاً صورة الجنود الإسرائيليين الثلاثة
وهم يذبحون وتُحرق جثثهم، لماذا تتجاهلون ذلك أيضاً؟ ! !» .
لا يدري المرء وهو يسمع ذلك ماذا يقول! ! في الوقت الذي يطالب فيه
بعض اليهود حكومة باراك بالكف عن المجازر التي يفعلونها! ألم يستمع أولئك إلى
رفض المسؤولين في حركة السلام الإسرائيلية تنظيم أية مظاهرات تأييداً لعملية
السلام، وذلك لشعورهم بالإحباط؛ لأن باراك قد قدم تنازلات لم تحدث من قبل
وخاصة في شأن القدس، وأن الفلسطينيين غير مستعدين لذلك.. فرحمة الله على
بني الإنسان.. ولا عزاء للإحساس.