المسلمون والعالم
عبد العزيز كامل
(1)
* رغم التغريب والتغييب ... ورغم التجهيل والتغفيل والتأجيل.. فرضت
قضية بيت المقدس نفسها على الساحة الدولية في الآونة الأخيرة، ولكن.. لا يدري
أحد إلى أي منتهى ستقود المنطقة والعالم تلك البقعة الصغيرة المبنى والعظيمة
المعنى؟ !
كل الاحتمالات واردة إلا احتمال تحقق الوهم أو الإيهام العربي بعودتها عن
طريق عملية الدجل الكبرى المسماة: (عملية السلام) !
(2)
* الأحداث الأخيرة التي اجتاحت فلسطين منطلقة من ساحات المسجد الأقصى
أثبتت أن هناك شعباً كاملاً يريد أن يجاهد، ولديه كامل الاستعداد للبذل والفداء،
ولكن هذا الشعب أعزل ... إلا من الحجارة! ! فكيف ذلك؟ ! ومن المسؤول عنه؟
وكيف يظل شعب من المسلمين احتُلت أرضه، واغتُصب حقه مجرداً من السلاح
طيلة أكثر من نصف قرن؟ من المسؤول عن حرمان أهل الأرض المقدسة من
حمل السلاح للدفاع المشروع عنها كما يدافع الشيشان الآن ومِن قَبلِهم الأفغان؟ ! ..
إنها حقاً معضلة تحتاج لمن يحل لغزها ويسعى لفكها! !
(3)
* زيارة رمز الشر (شارون) لباحة المسجد الأقصى كانت على غرابتها
ووقاحتها تصرفاً طبيعياً لمن أراد أن يدشن حرباً دينية صريحة في المنطقة؛ لأن
رد الفعل المترتب عليها لم يكن متوقعاً فقط، بل كان منتظراً من جيش أعد نفسه
لمثل هذا اليوم منذ حادثة النفق عام 1996م. و (شارون) لم يكن ليبادر بمفرده
بخطوة كتلك الخطوة البعيدة الأثر على الحكومة الإسرائيلية بأسرها، لولا أن
(باراك) قد بارك خطوته هذه؛ ليبني الاثنان (حزب الليكود وحزب العمل) عليها
بعد ذلك ما يريان من خطوات في شأن ما يسميه اليهود: (جبل الهيكل) بعيداً عن
أهزولة (عملية السلام) .
(4)
* من غرائب وعجائب تلك الجدلية الهزلية، الإسرائيلية العربية، المعروفة
بالعملية السلمية؛ أنها استمرت نحواً من عشر سنوات للبحث في كل قضايا
الصراع إلا المساءل المهمة، والخطيرة، والمعقدة: (القدس العَوْدة الحدود الدولة
المياه المستوطنات) فلما جاء موعد مناقشة تلك القضايا الكبيرة من أجل الوصول
إلى (الحل النهائي) .. تبرع الراعي (الكاوبوي) الأمريكي، بعشرة أيام في
كامب ديفيد للفراغ منها، ثم تكرم بأربعة أيام أخرى، ليكون نصيب البقعة المباركة
التي ظلت تحت كنف المسلمين أربعة عشر قرناَ، أربعة عشر يوماً، لكي تنقل
ملكيتها إلى من سرقوها واغتصبوها بصكوك دائمة، عنوانها: (الحل النهائي) أو
المحطة الأخيرة في عملية السلام.. «العادل والشامل والدائم» !
(5)
* ظهر عملياً في مفاوضات الحل النهائي في كامب ديفيد، أن كل ما أسماه
اليهود: (أرض إسرائيل) هو جميعه في كفة، والقدس وحدها في كفة، وظهر
أيضاً بعد تسريب بعض تفاصيل المفاوضات أن القدس كلها كانت في كفة، وما
أسماه اليهود (جبل الهيكل) في كفة. و (جبل الهيكل) الذي أصبح (فجأة) هو
الاسم الإعلامي الدولي لمسجدي الأقصى والصخرة؛ ظهر أن يهود العالم يرجحون
كفته على كل شيء من أراضي الشرق الأوسط. وأثبت اليهود أن قادتهم من أمثال
بن جوريون وبيجن وغيرهما، كانوا يعنون ما يقولون عندما رددوا مراراً:
(لا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل) .
(6)
* ترجمة هذا الكلام من الناحية الواقعية أن كامب ديفيد الثانية وربما ما يأتي
بعدها من ثالثة ورابعة كانت تمثل في حقيقتها حواراً تفاوضياً صعباً حول موضوع
مركزي أساسي، وهو أرض المسجد الأقصى نفسها التي لم يكن للحديث المكثف
عن (القدس الشرقية) والسيادة عليها أي معنى غير معنى السيطرة التامة عليها؛
وبهذا اختُصرت أزمة الشرق الأوسط وأعيدت إلى نقطة المركز: المسجد الأقصى
والسيادة عليه: هل هي للمسلمين، أم لليهود، أم للنصارى؟
وأصبح الصراع في الشرق الأوسط صراعاً على أرض مسجد كما قال
(شلومو بن عامي) وزير الخارجية الإسرائيلي بالوكالة.
(7)
* الخطاب الإسرائيلي والأمريكي في الآونة الأخيرة اضطر للإفصاح عن
حقيقته الدينية الصرفة فيما يتعلق بالسيطرة على أرض المسجد الأقصى، واضطر
الخطاب الرسمي السياسي والإعلامي العربي إلى أن يتكلم باللهجة نفسها أو قريباً
منها ليتحدث عن السيادة على (أرض الحرم القدسي) [*] . ولكن ظهر في هذا
الخطاب العربي تصنُّع ظاهر؛ فالخطاب العلماني بدا هزيلاً وهو يتحدث عن
(المقدسات) و (الحرمات) ؛ إذ كيف يتحدث عن القدسية أقوام انتهك أكثرهم كل
شيء مقدس في الدين، بدءاً من الشريعة المقصاة عمداً وقصداً، وانتهاءاً بمحاربة
التدين والمتدينين سراً وعلناً. وقد كان شيئاً مزرياً أن نسمع عن مغادرة الوفد
الإسرائيلي لمكان التفاوض كلما حل يوم السبت احتراماً له، بينما ما زلنا نرى
النظم المعمول بها لا تمانع في أكثر بلاد المسلمين من ممارسة كل الأعمال الحياتية
وقت صلاة الجمعة استهانة بها!
(8)
* الروح الإسلامية على ما يبدو سوف تُستنفر قريباً وتُستدعى للذود عن
المقدسات، بعد الإعلان عن إفلاس الزعامات اللادينية، وتلك الروح تُخاطب الآن
على استحياء، بعد أن (اكتشف) العلمانيون العرب أن الصراع يسفر يوماً بعد يوم
عن وجهه الديني الحقيقي ... ولكن هذا (الاكتشاف) وللأسف الشديد ظهر لهم بعد
أن كسروا بأنفسهم رماح تلك الروح، وقصوا ريشها في أنحاء العالم العربي
والإسلامي، وبعد أن قام عرفات ذاته بخضد الشوكة الإسلامية داخل الأرض
المقدسة، وليجد الفلسطينيون العاديون أنفسهم بعد خراب مالطة قوة عزلاء شلاَّء
تقف وجهاً لوجه أمام قوىً دينية يهودية ونصرانية متربصة بدين الحق، ومتشبثة
بدين الباطل تحت الرايات التوراتية والغايات التلمودية.
(9)
* يبدو أيضاً أن العلمانية العربية لا يزال في جعبتها المزيد من عيِّنات
المزايدين على قضية فلسطين، وأنها تُعِد، أو تُعَد لتتخطى مرحلة الثورية القومية
حيث دعاوى القتال والنضال، إلى مرحلة «الجمهوريات الملكية» ، حيث
الانبطاح بعد الانفتاح على (العدو المصيري) للوصول إلى «تسوية» القضية
نهائياً بالأرض. والتوصل إلى «حل» نهائي لتلك العقدة التي أظهرت عوار
الدعاوى العلمانية بكافة أطيافها وأصنافها الدعائية الخائبة.
(10)
* مفارقة عجيبة، تلك التي يكشفها تسلسل أحداث القضية الفلسطينية؛ فبعد
أن كانت قضية إسلامية، تحولت إلى قضية عربية قومية، ثم إلى قضية أوكِلَ
أمرها إلى (دول المواجهة) ثم إلى قضية تُهم جبهة (الصمود والتصدي) ، ثم إلى
قضية تعني الشعبين الفلسطيني والأردني، ثم إلى قضية تخص الشعب الفلسطيني
وحده، ثم إلى قضية في يد السلطة الفلسطينية دون سائر الشعب الفلسطيني، ثم
إلى قضية تحت تصرف عرفات وحده! ! وإذا بعرفات يتحول بتدبير مقصود إلى
رجل يتكلم وحده باسم أكثر من مليار [**] مسلم بشأن المقدسات، ويجتهد نيابة عنهم،
ويتفاوض ويتفق، ويُوقِّع سراً وجهراً، ومختاراً ومكرهاً، بالوكالة والأصالة عن
العالم الإسلامي بأسره!
(11)
* هذا العالم الإسلامي، استُبعد منذ عقود طويلة ليقف موقف المتفرج على ما
أطلق عليه العلمانيون: (الصراع العربي الإسرائيلي) . وطيلة خمسين عاماً من
صراعات الحرب والسلام البائرة ظل العالم الإسلامي متفرجاً بالفعل، بناءاً على
طلب (أصحاب القضية) فلما جَدَّ الجِدُّ، وبرزت جسامة المسؤولية، إذا بهؤلاء
يستنجدون بالعالم الإسلامي، ويعاتبونه على المواقف الباردة التي يتعامل بها مع
التطورات الساخنة لأكثر قضايا المسلمين المعاصرة خطورة، حتى إن عرفات
ورفاقه بعد أن أيسوا من السيادة الفلسطينية على القدس، طلبوا إسناد تلك السيادة
إلى العالم الإسلامي، ولكن ... أنى للمتفرجين المستبعدين طيلة عقود أن يتحولوا
إلى مشاركين أساسيين في (اللعبة) التي لم يُمكَّنوا من فهم قواعدها، أو يشاركوا
في صنع تطوراتها؟ ! ... لقد رُفض الطلب، قبل أن يتكلم عن المطلوب!
(12)
* في حمأة التورط الفلسطيني الرسمي، والانكشاف العربي العلني، والحرج
المتزايد للعالم الإسلامي، بدا العالم النصراني في أوج التنسيق والتنظيم مع اليهودية
العالمية، حتى إن حديث باراك وشارون وليفي وابن عامي لم يعد يختلف في
جوهره وغايته كثيراً عن حديث كلينتون وأولبرايت وآل جور وبوش عند
الخوض في مسألة (جبل الهيكل) ، وأصبحت القدس كما لم تكن من قبل أحد
الموضوعات الأساسية للمزايدة السياسية في الانتخابات الأمريكية بين الحزبين
الكبيرين الديمقراطي والجمهوري، حتى أصبح البيت المقدس بوابة للدخول إلى
البيت الأبيض.
(13)
* بدا أن كلينتون بعد كامب ديفيد الثانية لم يكن يرغب في ختم عهده الملوَّث
بحيازة جائزة نوبل للسلام، بقدر ما كان حريصاً على إسدال الستار على الفصل
الأخير من عملية الاستسلام التي كانت أمريكا الراعي الأول لها. فتوقيع ياسر
عرفات أو من ينوب عنه أو يأتي بعده على وثيقة التنازل عن القدس ليهود الشرق
(إسرائيل) أو يهود الغرب (أمريكا) تحت مسمى السيادة الدولية لن يكون له معنى
آخر سوى الاعتراف الرسمي للعرب جميعاً؛ بل للمسلمين جميعاً بالهزيمة في
المعركة الراهنة مع اليهود، ولكن لعل الانتفاضة الجديدة تتمكن بعون الله من قلب
السحر على الساحر.
(14)
* قيل الكثير عن «إخفاق» كامب ديفيد الثانية، وقد يأتي يوم يُكشف فيه
عن أن تلك القمة لم تتعثر سوى في موعد التوقيع المعلن عن اتفاقات سبق التوصل
إليها، ولهذا تردد على لسان أكثر من مسؤول عربي وغربي أن كامب ديفيد الثانية
تخطت أكثر من 80% من المسائل المعلقة! وقد تعلمنا من الممارسات السياسية
العربية في السنوات الأخيرة أن أخطر الاتفاقات والمعاهدات لم يتم التوصل إليها إلا
سراً، وعبر مفاوضات متكتم عليها، ثم ترفع المداولة بشأنها لكي تعلن النتائج في
وقت أكثر مناسبة. وبالمناسبة؛ فإن المرء يجد نفسه أمام السؤال: لماذا كان هذا
الحرص القاتل على إحاطة مفاوضات الكامب الثانية بتلك السرية الفولاذية التي لم
تحظ ببعضها مفاوضات الكامب الأولى؟ !
(15)
* بعد انفضاض كامب ديفيد هدد عرفات بالإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية
في موعدها، ورد كلينتون بالتهديد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس قبل موعدها،
ولكن عرفات سحب تهديده وأجَّل إعلان الدولة للمرة الثالثة، وبقي تهديد كلينتون
قائماً؛ لأنه ليس مجرد تهديد من رئيس راحل، بل هو قرار ملزم من مجلس نيابي
يمثل الشعب الأمريكي؛ فقرار نقل السفارة صدر عن الكونجرس الأمريكي منذ عام
1995م وتم التأكيد عليه عام 1997م، ولكن الرئيس الأمريكي لا يملك إلا التأجيل
فقط وليس من حقه الإلغاء، وعندما يحين وقت تنفيذ القرار سيتوالى الاعتراف
الدولي بالقدس عاصمة لدولة (إسرائيل) ، وعندها.. سيكون مسموحاً لعرفات
بالإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة (العلمانية) كما وعد وعاصمتها
القدس.. عفواً: أبو ديس!
(16)
* الذاكرة العربية المصابة بداء النسيان المزمن نسيت أو تناست أن مدينة
(أبو ديس) قد حصل ما يشبه الاتفاق على اعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية حال
قيامها، وذلك بعد إطلاق اسم (القدس) عليها، وقد كُشف عن ذلك أكثر من مرة
عن طريق تسريب بعض التفاصيل عما يسمى بوثيقة (مازن بيلين) نسبة إلى
محمود عباس (أبو مازن) أمين سر السلطة الفلسطينية و (يوسي بيلين) وزير
العدل الإسرائيلي.
وقد كَشَفتْ سر (أمين السِّر) في السلطة الفلسطينية، وعن (عدل) وزير
العدل الإسرائيلي صحيفةُ نيوزويك الأمريكية في منتصف سبتمبر 2000م، ولم
تشأ السلطة أن تنفي كما فعلت طيلة سبع سنوات سابقة مصداقية هذه الوثيقة! !
ومع ذلك لم يكشف لنا (أمين السر) في المنظمة عن السر في اختيار (أبو ديس)
مقراً للبرلمان الفلسطيني الذي تم بناؤه بالفعل فيها! والْتُقطت له الصور ونشرت
بالصحف.
(17)
* أدمن الخطاب العلماني العربي على امتداد عهود وعقود خلت تصوير
الانكسارات بصورة الانتصارات، والهزائم المنكرة على شكل اختراقات مبتكرة،
ولقد كان عجيباً في حس العقلاء أن يصور الموقف المأساوي السلطوي للمنظمة
الفلسطينية؛ رغم تكرار التخاذل والتنازل بمواقف البطولة والرجولة! فعرفات
ورفاقه ما ذهبوا للتفاوض بشأن الحل النهائي في كامب ديفيد إلا بعد أن فرغوا
بشكل نهائي من حرق جميع الأوراق التي كان يمكن الضغط بها والمساومة بشأنها،
وعلى رأسها المقاومة الداخلية الإسلامية، هذا في الوقت الذي ذهب فيه اليهود
للتفاوض (النهائي) بعد أن فرغوا بشكل عملي شبه نهائي من تهويد القدس خلال
ما يزيد على ثلاثة عقود، وخاصة في عقد التسعينيات الذي تكفل عرفات فيه
بتأمين الإسرائيليين (المسالمين) من خطر (الإرهابيين) الإسلاميين حتى قال
(بيريز) عن ذلك العقد: إنه أزهى العصور الأمنية في عمر الدولة الإسرائيلية!
(18)
* ألح عرفات كثيراً على التمسك بـ (الشرعية الدولية) ومقرراتها عند
إبرام أي اتفاق بشأن القضية الفلسطينية، وقد رددت الزعامات العربية العبارات
بهذا المعنى، فهل كان هذا تمهيداً نفسياً ووجدانياً للشعوب العربية والإسلامية لأن
تقبل بأي حل ما دام لا يتعارض مع (الشرعية الدولية) ؛ وإن كان يتعارض مع
الشرعية الإسلامية؟ !
إن الحديث عن حل في ظل الشرعية الدولية شرعية اليهود والنصارى يعيد
القضية إلى نقطة الصفر حيث كانت قبل أكثر من خمسين عاماً، عندما قدمت الدول
الكبرى مشروعاً لوضع أرض المسجد الأقصى تحت الوصاية الدولية، بمقتضى
القرار (181) الصادر عام 1947م، وإذا تم إقرار هذا الحل وهذا احتمال قائم
فإن العرب يكونون بذلك قد أحبطوا بأنفسهم نصف قرن بجهده وجهاده، حرباً وسلماً،
(وكأنك يا أبو زيد ما غزيت) !
(19)
* الشرعية الدولية اليوم تقوم عليها الأمم المتحدة، والأمم المتحدة خاضعة من
الناحية الواقعية للسيطرة الأمريكية؛ وأمريكا واقعياً تحت سيطرة اليهود، فهل
سيبخل يهود أمريكا يوماً على يهود (إسرائيل) بقرار يعيد أرض المسجد الأقصى
للدولة الإسرائيلية؟ ! وهل ستحول دولة من الدول المائة والثمانين من أعضاء
المنظمة الدولية ضد استخدام الفيتو الأمريكي الذي يَنقُض ولا يُنقَض؟ ! ويلغي ولا
يُلغى، حقاً إنه عصر العلو الكبير.
(20)
* وهنا مفارقة أخرى كبرى تكمن بين تقزيم قضية القدس على مستوى
العالمين العربي والإسلامي، حتى تصبح قضية سلطة بلدية، في ظل قيادة فردية
وتضخيم تلك القضية على المستوى الآخر، حتى تتحول من قضية عصابات
يهودية محلية إلى قضية حكومة لها علاقات دولية، إلى قضية عالمية تتبناها
الشرعية الدولية بمنظمتها العالمية، من وجهة نظر يهودية ونصرانية بحيث تمهد
لمفهوم أهل الكتاب من جعل القدس عاصمة للعالم، ريثما يحل زمان السيطرة
اليهودية على العالم.
ونعود إلى ما بدأناه؛ فالقضية تفرض نفسها على الدنيا، وكل العالم يتحدث
بشأنها: الأمريكان، والبريطان، والروس، والطليان، والفرنسيون، والألمان،
وكل عبدة الصلبان والأوثان كلهم يسترضون اليهود، ويتكلمون بلسان اليهود، وقد
لمس عرفات ذلك في جولته التي طاف خلالها بعشرين دولة، حتى أحس بأن دولته
لن يؤيدها أحد ما لم يأذن بها اليهود، يهود أمريكا ويهود إسرائيل، نقول: أما وقد
تكلم أصحاب كل الأديان؛ فقد حُق لنا أن نتساءل: أين أهل الإيمان؟ ! أين القدس
عند أهل الإسلام؟ !
أين بيت المقدس في قلوبنا؟ ! هل قدسناه كما قدسه ربنا؟ ! هل عظمنا
مسجده كما عظمه كتابنا؟ هل شددنا إليه الرحال ولو بقلوبنا كما ندب إلى ذلك
رسولنا ... ؟
اللهم غَفراً ... اللهم ستراً ... اللهم رحمة وعفواً.