المنتدى
ماجد بن جعبل
ليس من المجازفة ولا من واقع الخيال إذا قلنا بأن ثلاثة أرباع المجتمع في
ظرف يوم أو يومين على الأكثر يصبحون في عالم من الفوضى بسبب الفراغ الذي
يغطي معظم الأوقات بالنسبة لهم؛ وهذا إن دل على شيء فالدلالة واضحة وهي
عدم الانضواء تحت برنامج منظم يحفظ الوقت ويحمي من سوء ما يجلبه الفراغ من
مساوئ. إن بعض الناس وهم الأغلبية يرى في البرنامج المنظم مصطلحاً واحداً
وهو كبت الحرية وأخذ الراحة المزاجية من العطلة الصيفية. ونرجو أن تكون هذه
الأسطر إيضاحاً لأحبائنا ودليلاً لهم إلى ما فيه صلاح الدنيا ومن ضمنها الإجازة
الصيفية وصلاح الآخرة.
الوقت أغلى ما عني الإنسان بحفظه، وإذا كان هذا الوقت هو ريحان العمر
وريعان الشباب فيا ترى كيف ستكون هذه الخسارة؟
وإن مما ينفع الإنسان في آخرته شغله فراغه في الدنيا بما يرضي الله؛ وعلى
ذلك فللإجازة أمور تشغل بها منها:
حلقات تحفيظ القرآن الكريم: والتي يخرج منها الدارس برضى الله وبالتقوى
وحسن الأخلاق وتعلم شرع الله والبعد عن أماكن الفساد والمعاصي، وهذا لا يقتصر
على شخص دون آخر، بل حتى الأطفال في العاشرة فما فوقها على الآباء توجيههم
إلى تلك الحلقات؛ فلعل الله أن يجعلهم بذرة صالحة ونواة طيبة لبناء مجتمع طاهر
محافظ.
المراكز الصيفية: لقد أدت المراكز الصيفية عبر الأعوام السابقة دوراً كبيراً
في الإجازات، وذلك لما تقوم به من نشاطات مختلفة تنمي الشباب على الخير
والإصلاح؛ فمن الأنشطة الثقافية إلى الأنشطة الرياضية إلى بقية الأنشطة التي
تتلاءم مع النشء.
طلب العلم الشرعي: ليست الإجازة حكراً على سن معين، ومن هذا المنطلق
فإن بين أولئك شباب الصحوة الذين هم عماد الأمة بعد علمائها الأفذاذ، ولذلك فإن
الإجازة ساحة للتنافس في طلب العلم الشرعي وتحصيله وتحصين النفس به من
الشبهات المتتابعة عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به
لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله، وسنتي» .
الخروج إلى القرى والهجر: للدعوة إلى الله ونشر دينه؛ وهذه النقطة ليست
«لكل من هب ودب» ولكن لمن آتاهم الله علماً واسعاً وأخذوا على عواتقهم الوفية
لله الدعوة إلى سبيله، وما أجمل لو نظم هذا العمل ونسق له كي يؤتي ثماره بإذن
الله.
الالتحاق بدور التحفيظ النسائية: وهي والله عصمة للفتاة من السوء وأهله،
ودليلٌ لها إلى مرضاة الله عز وجل. إن فتيات المسلمين اليوم هن غداً أمهات
رجالهم الأفذاذ؛ فهل من شيء أحق بالحفظ منهن؟
أصون عرضي بمالي لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض بالمال
تنظيم برنامج أسري: ويكون فيه كل متطلبات النفسيات الأسرية فيكون مثلاً
متضمناً لدروس السيرة المتناسبة مع الأطفال، ودروس السيرة المتناسبة مع الكبار
إلى جانب الرحلات البرية والتنزه.
ختاماً: إن بالإمكان أن يُشغل الفارغ بأي شيء؛ ولكن ما دام أن هناك سؤالاً
وجزاءاً عن هذا الفراغ وعمَّا شغل به فإنه لا بد من التفكير في الذي سوف يحل
محل الفراغ ما هو: نعيم، أم جحيم؟