المنتدى
ماجد بن عيد الحربي
قبل حوالي خمس وعشرين سنة وتحديداً في أواخر عام 1973م كان الرئيس
الأمريكي وقتها ريتشارد نيكسون في زيارة لمنطقة المشرق العربي قيل عنها إنها
تهدف إلى محاولة تسوية النزاع العربي اليهودي؛ وحقيقة الأمر أنها كانت تهدف
إلى تحقيق انتصار شخصي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية على حساب حقوق
العرب. فوقتها كانت فضيحة ووتر جيت على أشدها ومحاكمة الرئيس قاب قوسين
أو أدنى. ولكن لم تشفع له تلك الزيارة أمام محكمة الشعب الحر. فقد أرغم نيكسون
بعد عودته على الاستقالة وكاد أن يقدَّم للمحاكمة لولا صدور قرار خليفته بالعفو عنه.
وفي هذه الأيام نجد أن التاريخ يعيد نفسه فها هو كلينتون بين ظهرانينا وبنفس
الحجة التي كان يدعيها سلفه. فالهدف المعلن هو دفع عملية السلام بين الفلسطينيين
واليهود إلى الإمام وفي واقع الحال ما هي إلا محاولة من محاولات كلينتون الهادفة
إلى تحقيق أي انتصار يواجه به خصومه من أعضاء الحزب الجمهوري الذين
يعدون العدة لبدء محاكمته في فضيحة مونيكا لوينسكي.
وهنا يحق لأي عربي أن يتساءل: لماذا المنطقة العربية بالذات هي التي يلجأ
إليها رؤساء أمريكا لتحقيق الانتصارات التي يحتاجونها أمام شعبهم؟ هل لأننا
كرماء بطبعنا أوفياء لأصدقائنا نتنازل بكرمنا المعهود عن حقوقنا لهؤلاء الأصدقاء
حتى يظهروا أمام شعوبهم بمظهر الأبطال الذين يحققون الانتصار تلو الانتصار
لصالح دولة (إسرائيل) الصديقة، حتى ولو كان ذلك على حساب حقوق العرب
وكرامتهم؟ أم لأننا شعب مغلوب على أمره تفرض عليه الحلول الظالمة ويرضى
بها دون تردد أو مناقشة؟ وقد وصل بنا الانهزام إلى درجة أننا نعتبر قمة الانتصار
أن يأتي عظيم الروم إلى بلادنا ويصدر إلينا تعليماته المقدسة التي نتقبلها بكل فخر
واعتزاز، ولا أدل على ذلك من وقوف ما يسمى بأعضاء المجلس الوطني
الفلسطيني لرئيس أمريكا في مدينة غزة والتنازل له عن ميثاق الشعب الفلسطيني
الذي يعتبر آخر رموز السيادة التي تم التنازل عنها لصالح اتفاقية أوسلو وأخواتها.
وهنا نصل إلى نتيجة مفادها: أن كل ما ذكر آنفاً يدل دلالة واضحة على
الاستهانة بهذه الأمة واعتبارها الجانب الأضعف باللعبة السياسية الذي تعوَّد هؤلاء
الأعداء على تحقيق انتصاراتهم عن طريقه.
وما أريد أن أقوله لأبناء أمتي هو الانتباه لخطورة الأمر؛ فأمريكا ممثلة
برئيسها الذي يعمل بوحي من شعبها تعمل لمصلحة دولة يهود التي احتلت أرضنا
ومقدساتنا، وشردت أبناء شعبنا، وقتلت مجاهدينا، وتعمل ليل نهار على مسخ
عقيدتنا الإسلامية لإحلال عقيدة التلمود محلها. فالرئيس نيكسون ومن بعده كلينتون
مروراً بجميع رؤساء أمريكا المتقدمين منهم والمتأخرين لم يعتلوا كراسيهم إلا
بصوت الناخب اليهودي؛ فهم مدينون لهم بالولاء والنضال من أجل قيام دولتهم
وتحجيم جميع القوى المعارضة لهم، لا أقول بالمنطقة فحسب ولكن بجميع أنحاء
العالم. لذا يجب علينا أن نستيقظ من غفوتنا ونؤوب إلى رشدنا ونحزم أمرنا
ونعرف صديقنا من عدونا ونعلن للعالم كله أننا مجاهدون لإعلاء كلمة الله أولاً ثم
منافحون عن حقوقنا المغتصبة حتى تعود والتاريخ لم يذكر يوماً من الأيام أن فيه
حقوقاً سلبت عنوة عادت بدون القوة وإراقة الدماء. وبكل الأحوال نحن الفائزون
بإذن الله تعالى فشهداؤنا في الجنة وموتاهم إلى جهنم وبئس المصير. وإن لم نفعل
ذلك فسيأتي يوم نقول فيه: أُكِلنا من قِبَل يهود كما أُكِل الهنود الحمر من قبل
الأمريكان؛ وعندها سيلعننا التاريخ ونكون قد جنينا على الأجيال الآتية من بعدنا
بإطالة أمد الجهاد ورفع نسبة التضحيات لدرجة ما كان ينبغي أن تصل إليها لولا
تخاذلنا. ونحن على يقين أن العاقبة لهذا الدين وأهله، أسأل الله أن لا يجعلنا من
الذين قال عنهم: [وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ]
(محمد: 38) .