كلمة صغيرة
انقضى شهر عظيم من شهور الله المباركة، ولكن بصورة أخرى ما كنا
نعهدها من قبل في الأعوام السالفة؛ ففي مطلعه كانت طبول الاستعداد العالمي تُدقُّ
لدخول ما يُسمى بـ (الألفية الثالثة) ، وفي وسطه بدأت الاحتفالات الصاخبة تطغى
على كافة الأجواء الفكرية والإعلامية والاجتماعية، ولا زال الضجيج يصمّ الآذان،
ويسيطر على العقول والأفئدة.
كان الجميع يسعى للتميز زعموا! فهذه المناسبة لا تكرر عليهم كثيراً.. لم
نعجب كثيراً من هذا الصخب الغربي، ولكن العجب لا ينقضي من تلك التبعية
الفكرية والإعلامية لبعض المنتسبين إلى الإسلام الذين سلبت عقولهم، ومسخت
هويتهم..! !
لقد انتُهكت حرمة شهر رمضان، ومسخت لياليه المباركة بليالي الرقص
والخمر والمجون، وسقطت الأقنعة الكالحة، وراح دهاقنة العلمنة وأباطرة الإعلام
ودعاة الرذيلة يستبيحون المحرمات، ويلهثون وراء الشهوات، ويزيِّنونها بكل
ألوان الفتنة والإغراء، ويُلبسون الحق بالباطل.
نعم! حصل ذلك كله، وهو أمر عظيم، ولكن الأعظم منه ذلك الخلل العقدي
العريض الذي ظهرت بعض معالمه في موالاة الكفار، ومحبتهم، والتشبه بهم،
ومجاراتهم في أعيادهم وشعاراتهم وأخلاقهم، والسقوط في أحضانهم، وها هنا
مكمن الداء نسأل الله السلامة.
إنَّ التقليد الأعمى للغرب ومجاراته في ضلاله آية من آيات الهزيمة النفسية
والفكرية التي تسيطر على بعض النفوس الضعيفة، ولهذا روى الشيخان في
صحيحيهما عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من
كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) قلنا:
يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: (فمن؟ !) .
إن هذه الظاهرة من أهم النوازل التي يجب دراستها وتحديد معالمها، ثم
معالجتها برؤية شرعية متكاملة.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من مضلات الأهواء والفتن.