مجله البيان (صفحة 3068)

نص شعري

عَلى رِسْلِكُم صَحبي

ياسر محمد أحمد جياكتا

ها هي جموع المهاجرين من أرض كوسوفا الحبيبة تتتابع في الخروج من

مساقط رأسها، ومرابع أحبابها وأهليها بعد قهر المعتدين لها.

وكان منهم هذا الذي أنشد هذه القصيدة، يعزّي بها نفسه ويسلّي بها أصحابه.

كانوا حينذاك على أكمة تطلّ على البلاد. فقال والدّموع تخضب لحييه:

على رِسْلكم صحبي ... فقد أشفقَ القَلبُ وهلّت دمُوع العَين واسْتَعظم الخطبُ

قفوا سَاعةً نزجي منَ الأمس غَابِراً ونحكي لنَا ذكرى يزركشُها الحبّ

قفوا ساعةً قبل الرّحيل لعلّنَا تَقرّ لنَا عَينٌ ويصطَبرُ القَلبُ

وصَلّوا بنَا في مسجدِ الحيّ ركعةً تكونُ لنَا زاداً إذا اسْتُوحِشَ الدّربُ

ومُرّوا بنَا حيناً على قبر والدِي ولا تجزعُوا صحبي إذا طَال بي القُربُ

ومُرّوا بنَا حِيناً على الجثَثِ التي تسِفّ عَليها الريح، ينْهشُها الكَلبُ

سَلامٌ عَلى الأطهار من أهل ملّتِي سَلام على أهل الجهاد الأُلى هبّواً

ألاَ إنّما الجنّات والحورُ مَوعِدٌ عقدناه يومَ الْتفّ من حَولنَا الصّرْبُ

عقدناهُ والهيجَا تُزلزلُ حولَنَا وقهقَهةُ البارود كالوَبل لاَ يخبُو

عقدْناه يَوم ابتَاعنَا القرنُ عِرضنا وأطّبنَا أطّاً وأرهقَنا الكَربُ

عقدناه يومَ الذّبح والحرق باللّظى ووحشِيّة شَنعاء ليسَ لها غِبّ

وأصبَحتِ الأرجاء كالموج هَائجاً فلا شَرقنا شَرقٌ، ولا غَربنَا غَربُ

لقد ضَاق بي بؤسي وأيقنتُ أنّني قريباً ستَدعُوني المنيّة والتّربُ

سَلامٌ على الألبان من أهل ملّتِي سَلامٌ أَ (كوسوفا) يخالجهُ ندبُ

سَأرحلُ عنك اليَومَ لكن إلى غَدٍ يُزمجرُ في الأعداء فيصلُنَا العضبُ

سَأبعثُ في قومي نداء استماتَةٍ وآتي بهم جنداً لمولاهمُ لَبّوا

أناديهِمُ في كلّ قطرٍ ومحفَلٍ ببغدادَ أو بالشّام، يَجمعُنَا الحبّ

وأرفع راياتِ الجِهاد كأنّماَ هيَ الشّمسُ، لا تُنهي مَسِيرتَها السّحبُ

أقولُ لهمُ: يا قَومُ ثوبُوا لرشدِكم فإنّ احتباس القَطر يعقُبه الجدبُ

وإنّ اضطرام النّار في الأصل جَذوة وقبل خروج الرّوح يسْتَحْكم الطّبّ

أمَبْلَغُكم في الأمر أن تَبعثوا صَدًى يدير رحاهُ الشّتمُ يبعثهُ الشّجبُ؟

فَلا ابتلّتِ الآكام بالقَطر هَامِعاً إذا جَبُنَ الفُرسَان وَاسْتُضْعِف الغُلْبُ

هَوانُ الفتى مَوتٌ وإن كانَ في الوَرى يُعَدّ منَ الأحياءِ يَا أيّها الشّعبُ

كأنّي بهم قد يَمّموا شطر دَارنَا وحينَ يفي الجمْعَان تحتَدم الحربُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015