التمام التمام..
سالم بن جروان الضوي
واجب على كل إنسان أن يسعى جاهداً لتكميل ما عنده من فضائل وخصال
حميدة، وواجب عليه كذلك أن يسعى جاهداً لعلاج على ما عنده من نقائص وعيوب
طيلة أيام عمره؛ فلا يمر يوم إلا وقد اكتسب فيه فضيلة، وتخلص في مقابل ذلك
من نقيصة، فلا يزال كذلك حتى يرحل عن هذه الدنيا وهو ماضٍ على هذا النهج.
قال إبراهيم الحربي: (لقد صحبت الإمام أحمد عشرين سنة.. فما لقيته في
يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس)
إنه عزم الرجال المؤمنين، ومضاؤهم وحرصهم على المراتب العالية
والمنازل الشريفة. لم يعرف الوقوف فضلاً عن التخلف ورجوع القهقرى.
إن الجنة منازل ودرجات، ولا ينال منازل الجنة العالية من كان مفرطاً
مخلطاً راضياً بالدون. لا ينال المنازل العالية في الجنة إلا من كان ذا همة عالية لا
يرضى بالدون، له من كل خير نصيب، وله في كل عبادة مضرب سهم، لا يدع
فضيلة إلا ويحرص على ضمها إلى ما عنده من فضائل، ولا نقيصة إلا ويسارع
في التخلص منها.
إنها لمصيبة عظيمة أيها الأخ الحبيب أن تمر عليك السنون وأنت لم تتغير
ولم تبرح مكانك. إيمانك هو هو، وعلمك هو هو، وأدبك هو هو، إذن ما الذي
استفدته من مرور الأيام وتعاقب الأعوام. وليكن شعارك المرفوع، وهاجسك الدائم: التمام التمام.
ماجد عائض النصَّار
القلوب الحائرة تلك القلوب التي تاهت عن طريق الحق وزاغت، فلم تعد تعلم
أين طريق الحق، وأصبح الحق لديها باطلاً والباطل حقاً.. وحارت القلوب،
فيمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح مؤمناً ويمسي كافراً.. فانظر كيف
يقلّب الله القلوب كيف يشاء.. لذلك يقول عليه الصلاة والسلام في دعائه: (اللهم
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فإن القلب بين أصبعين من أصابع الله يقلّبه كيف يشاء.
قلوب حائرة وأعجب كيف تحار القلوب والله قد بيّن لها طريق الهداية
والراحة طريق الجنة يقول سبحانه وتعالى: [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ
وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون]
[الأنعام: 153] .
قلوب حائرة.. وجدت نفسها في زمن المادة بعيداً عن معنى الإيمان بالله..
في زمن الأفكار التي يروج لها بين أبناء المسلمين من علمانية إلى حداثية فقومية
فرأسمالية فديمقراطية فاشتراكية فإباحية تدعو إلى الرذيلة، وغيرها مما بليت به
الأمة الإسلامية من مبادئ وقيم بعيدة عن المنهج الرباني، تلقفتها قلوب حائرة..
فكل سلك طريقاً.. وهدفهم الوصول.. ولكن إلى أين؟ !
نهاية طريقهم حيرة، فلا هم كسبوا الدنيا وإن كسبوها، ولا هم نالوا الآخرة
إن كانوا عرفوها.. لأن صاحب القلب الحائر يكون قلبه فارغاً من كل شيء حتى
مفاتيح زوال الحيرة أعرض عنها! وإلا هل يعقل أن حائراً يُدل على الطريق
المستقيم ثم لا يسلكه؟ يرى الناس يروون ظمأهم خمس مرات في اليوم والليلة
يقفون بين يدي ربهم معلنين راحة نفوسهم.. ونجاتهم من الحيرة التي يغرق فيها
أصحاب القلوب الحائرة.