كان يوم الخميس الموافق للثامن عشر من شهر " آب " المنصرم هو الموعد
المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان لتعيين الرئيس الجديد الذي سيخلف
الرئيس الحالى في الأعوام الستة القادمة.
إن الراصد لمجريات الأحداث عن كثب في بلد كلبنان ليدرك تماماً وبدون
عناء أن قرارات رئيسية كالانتخابات الرئاسية وما شاكلها لا يكون لها أن تمضي
دون مباركة من قِبَل واضعي سياسات ذلك البلد ممن تكمن مصالحهم الخاصة في
إبقائه في هذه الدوامة من النكبات والفواجع في انتظار اللحظة المناسبة للإجهاز
عليه تماماً واقتسام أشلائه، وفي طليعتهم الأنظمة الباطنية و " إسرائيل " وأمريكا
وآخرون.
وبغض النظر عمن وضع أو سيوضع على كرسي الرئاسة هذه المرة، فإنه
من المعروف جيداً أن النفوذ الذي يتمتع به شاغل هذا المنصب في لبنان بات لا
يمكّنه من البت في اتخاذ أبسط القرارات السياسية مهما كانت تافهة بل إن سلطاته لا
تكاد تتعدى أسوار قصره، وعلى الرغم من ذلك فإن القوى الخارجية ذات المصالح
الخاصة في لبنان - ما فتئت تسعى جادة لضمان فوز مرشحها الذي ينفذ رغباتها
ليكون فيما بعد ريشتها التي ترسم بها - وبشيء من الشرعية - سياساتها الإجرامية
المستقبلية ضد شعب هذا البلد المنكوب؛ لذا فإنه من غير الحكمة الوقوف طويلاً
عند هذه الانتخابات التي لا تنطوي على أية منفعة مرجوة بالنسبة للمسلمين، ولا
التلهف لمعرفة إفرازاتها، لاسيما أن جميع مرشحي الرئاسة - وكما هو معروف -
من الموارنة المتعصبين لطائفتهم، ولا يبقى لأهل السنة إلا فتات الموائد.
إن ما يجب أن يحرص أبناء السنة في لبنان - على مختلف فئاتهم - على
تحقيقه وإعطاء الأولوية له وفي ظروف حرجة كالتي يمرون بها - هو مبدأ التعاون
والتناصح ونبذ الخلافات الجانبية والوقوف سداً منيعاً في وجه المتآمرين ضدهم،
كما أن عليهم أن يشمروا عن ساعد الجد لإبراز شخصيتهم المستقلة ودورهم المتميز
الواضح تجاه مجريات الأحداث وأن يسعوا ليكونوا هم الوجه الحقيقي للمسلمين
هناك، وأن يفوتوا الفرصة على المتاجرين باسم هذا الدين، كما يجب أن يكون لهم
منبرهم المستقل وأن لا تكون أصواتهم منطلقة من خلال منابر غيرهم من الطوائف
والنِّحَل التي تزخر بها أرض لبنان ممن يُظهرون لهم المودة ويبيتون لهم الحقد
والكراهية الدائمين.