فتاوى أعلام الموقعين
فتوى في الحذر من كتاب
إحكام التقرير في أحكام التكفير
من المعلوم أن أهل السنة والجماعة وسط في باب الإيمان بين الوعيدية من
الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة، وقد حذّر سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى من
غلو الخوارج ومن سلك سبيلهم الذين يُكفّرون بمطلق المعاصي، كما حذّروا من
تفريط المرجئة؛ حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان، وكان ردّ
السلف الصالح على تلك الطوائف بعلم وعدل، وحجة وبرهان، فلم يواجهوا البدعة
بالبدعة، بل واجهوا البدعة بالسنة.
وقد ظهر في زماننا من أصابته لوثة الخوارج الغلاة، فانبرى بعض
المنتسبين إلى السنة للرد عليهم بنَفَس إرجائي، فلا أظهروا السنة، ولا أماتوا
البدعة..
ونسوق في هذا العدد فتيا اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية
في التحذير من كتاب معاصر ذي نزعة إرجائية غالية. نسأل الله تعالى أن يهدينا
وسائر إخواننا لما اختلف فيه من الحق بإذنه. ... ...
- البيان -
فتوى رقم (20212) وتاريخ 7/2/1419هـ:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... وبعد: فقد اطلعت
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من
المستفتي إبراهيم الحمداني، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء
برقم (942) وتاريخ 1/2/1419هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:
سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن
باز.. سلمه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: يا سماحة الشيخ نحن
في هذه البلاد المملكة العربية السعودية في نعم عظيمة ومن أعظمها نعمة التوحيد.
وفي مسألة التكفير نرفض مذهب الخوارج ومذهب المرجئة، وقد وقع في يدي هذه
الأيام كتاب باسم: (إحكام التقرير في أحكام التكفير) بقلم مراد شكري (الأردني
الجنسية) ، وقد علمت أنه ليس من العلماء، وليست دراسته في علوم الشريعة، وقد
نشر فيه مذهب غلاة المرجئة الباطل، وهو أنه لا كفر إلا كفر التكذيب فقط، وهو
فيما نعلم خلاف الصواب وخلاف الدليل الذي عليه أهل السنة والجماعة، والذي
نشره أئمة الدعوة في هذه البلاد المباركة، وكما قرر أهل العلم في (الكفر) أنه يكون
بالقول وبالفعل وبالاعتقاد وبالشك. نأمل إيضاح الحق حتى لا يغتر أحد بهذا الكتاب
الذي أصبح ينادي بمضمونه (الجماعة المنتسبون للسلفية في الأردن) [*] ، والله
يتولاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد دراسة اللجنة العلمية للاستفتاء أجابت بأنه بعد الاطلاع على الكتاب
المذكور، وجد أنه متضمن لما ذكر من تقرير مذهب المرجئة ونشره، من أنه لا
كفر إلا كفر الجحود والتكذيب، وإظهار هذا المذهب المردي باسم السنة والدليل،
وأنه قول علماء السلف، وكل هذا جهل بالحق، وتلبيس وتضليل لعقول الناشئة
بأنه قول سلف الأمة والمحققين من علمائها، وإنما هو مذهب المرجئة الذين يقولون
لا يضر مع الإيمان ذنب، والإيمان عندهم هو التصديق بالقلب، والكفر هو
التكذيب فقط، وهذا غلو في التفريط، ويقابله مذهب الخوارج الباطل الذي هو غلو
في الإفراط في التكفير، وكلاهما مذهبان باطلان مرديان من مذاهب الضلال،
ويترتب عليهما من اللوازم الباطلة ما هو معلوم، وقد هدى الله أهل السنة والجماعة
إلى القول الحق والمذهب الصدق، والاعتقاد الوسط بين الإفراط والتفريط من
حرمة عرض المسلم، وحرمة دينه، وأنه لا يجوز تكفيره إلا بحق قام الدليل عليه، وأن الكفر يكون بالقول والفعل والترك والاعتقاد والشك كما قامت على ذلك
الدلائل من الكتاب والسنة. لما تقدم فإن هذا الكتاب لا يجوز نشره ولا طبعه، ولا
نسبة ما فيه من الباطل إلى الدليل من الكتاب والسنة، ولا أنه مذهب أهل السنة
والجماعة، وعلى كاتبه وناشره إعلان التوبة إلى الله؛ فإن التوبة تغفر الحوبة.
وعلى من لم ترسخ قدمه في العلم الشرعي أن لا يخوض في مثل هذه المسائل
حتى لا يحصل من الضرر وإفساد العقائد أضعاف ما كان يؤمله من النفع والإصلاح. وبالله التوفيق..
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..