مجله البيان (صفحة 2788)

منتدى القراء

كنز من وهم

علي محمد الغامدي

منذ كنا صبية

وبذور الصمت في أفواهنا

وكبرنا ... فإذا أفواهنا مهجورة

لم يعد يسكنها إلا الوجوم

يوم كنا صبية..

كنت طفلا

هامتي شامخة

وحروفي غابة يقطنها ورد وشوك

كل أشواك حروفي

حينما أرمي بها ... لم تكن تدمي فمي

لم تكن مأسورة في قيد خوفي

وإذا راودني حلمٌ شهيٌ

صاغه ورد حروفي لوحة فاتنة

وبدت زاهية فيها حروفي

* * *

كنت طفلا

ذات يوم خطفوني ... ومضوا بي.

في طريقي واديان:

في فم الأول نخلهْ ... لم أجد فيه لسانْ

فسألت الحارس الواقف في حلق الطريق:

أنتَ ... ما هذا المكان؟

لم يجبني ... ومضوا بي

أسدل الكون جفونهْ

سجد الليل ... وغطاني جبينه

أنزلوني

دهست رجلي لسانا

لامست كفي لسانا

أيها الوادي العجيب!

أي أسرار هنا مخبوءة؟

لم يجبني ... ومضوا بي.

في فم الآخر نخلهْ

ولسانْ

وعلى أطرافه شبه ضياء

وسألت الحارس الواقف في حلق الطريق:

أنت ... ما هذا المكان؟

أخرج الحارس من فيه لساناً

وعلى رأس اللسان

عُلّقت بعض حروف

وبدت واضحة تلك الحروف

إن تكن تملك حرفاً من لجين

فلزوم الصمت كنز من ذهب

ومضوا بي

وبدا الوادي مضيئاً

وبه يصطف أشباه الرجال

كلهم يفتح فاه

وعلى كل لسان ... عُلّقت تلك الحروف

أنْزَلوني ... تركوني حائراً

سألتني جدتي ضاحكة ... أفهمت؟

ثم لمّا لم أجب ... خبّرتني

أن صمتي كلما كان طويلاً

كان هذا من علامات الأدب

منذ كنا صبية ... علموني كلهم عشق الذهب

إن يكن صوتي لجيناً ... فسكوتي من ذهب

حَذّرُوني أن صوتي إن بدت أطرافه

إن يكن حظي سعيداً ... فجزائي بين خنق وعتاب

خدعوني ...

حيث فتّشت عن الكنز.. حروفي

لم أجد إلا ركاماً من تراب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015