منتدى القراء
بقلم: فاتن الصويلح
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: أبعثُ برسالتي هذه إلى مجلة البيان الإسلامية، وذلك من باب [وَتَعَاوَنُوا
عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى] [المائدة: 2] ، وقوله: (الدين النصيحة) . أحببت أن أسطر
أحرفي ولأول مرة، لا ككاتبة لموضوعات أو حتى ناقدة، وإنما رغبة مني في
طرح موضوعات أعتقد أنها مهمة جداً، ولكنها لا تحظى باهتمام مناسب، ولعل
البيان توليها المزيد من العناية، ومنها:
أولاً: تناول الجوانب المهمة في حياة الفتاة المسلمة من منظور شرعي
وتربوي؛ فهناك مواضيع جادة وهادفة تخاطب الفتاة المسلمة تتناول جوانب حساسة
من حياتها وظروفها الاجتماعية وهي تلك المواضيع التي تتحدث عن إشباع الفطرة
بالحلال بالتحدث عن مشاعرها وعواطفها الجياشة: إلى أين؟ وإلى من تكون؟
وما ضابطها؟ مع الحديث عن العفة؛ لتكون لأهل العفة نوراً على نور ولأهل
الشهوة نوراً يبدد الظلمات، لاسيما والفتاة هي أول من يقع فيها إلا من حفظ الله.
نحن بحاجة إلى هذا التذكير الذي ينبثق من منظور تربوي شرعي لا يكتفي
بطرح كلمات جامدة يعرفها الجميع، بل يعمل على أن يتغلغل إلى حنايا النفس
المؤمنة فيطرح عليها القضية، ويترك مجالاً لذلك الحوار النفسي الهادف حتى
يتوصل إلى الحقيقة وتعرف النتيجة المؤدية إلى العلاج، ولنا في رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- خير مثال؛ وهو خير قدوة يعالج ويحاور ويثير؛ ألا تراه كيف
يخاطب الوجدان قبل أن يخاطب العقل؟ فحينما دخل على رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فتى، وقال للرسول: (ائذن لي بالزنا يا رسول الله! وإذا به يسمع
صليل سيوف الصحابة التي تحركت ليؤدبوه بها، ولكن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نهاهم عن ذلك، وقال للفتى: اقترب مني، ادنُ مني. ولما اقترب من
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هش في وجهه وبش وابتسم، وبعد أن هدأ روع
الفتى قال له رسول الله: أترضاه لأمك؟ فقال الفتى: لا. قال الرسول: كذلك
الناس لا يرضونه لأمهاتهم. أترضاه لأختك؟ فقال: لا، فقال الرسول -صلى الله
عليه وسلم- كذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم. أترضاه لعمتك؟ فقال الفتى: لا،
قال الرسول: كذلك الناس لا يرضونه لعماتهم. وبعد هذه المحاورة مسح رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- على صدر الفتى، ودعا له. فيقول الفتى: ذهبتُ وما من
شيء أبغض عندي من الزنا) ، فهذا يا إخوتي مثال من أمثلة لا تعد عالج فيها
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعضاً من تلك الأمور التي لا يستطيع الإنسان
كبتها أو كتمانها وهو يسعى إلى إيجاد الحل في ذلك.
ومن الجوانب المهمة في حياة الفتاة المسلمة: (الأخوة في الله) ، التي أصبحت، وللأسف الشديد تأخذ مساراً غير طبيعي، أو تفرعت إلى اتجاه آخر وخاصة
داخل بعض المدارس والجامعات؛ هذا الاتجاه الذي خالف ما عرفناه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعن سلفنا الصالح. وقد أخذ هذا الاتجاه جوانب سلبية
عديدة نتيجة المفهوم الخاطئ للأخوة في الله أو الحب والبغض في الله. وأنا معكم
في أن الطابع العام لمجلة البيان هو الجدية، ولكن: هل تدعونا هذه الجدية إلى
رفض مثل هذه الأمور التي يكاد يكون إغفالها أو حتى إهمالها أن ينشأ عنه أمور تعتبر عواقبها وخيمة وتكاد تكون نتائجها السلبية ضارة على الفرد والمجتمع؟
ثانياً: تناول الموضوعات التي تتحدث عن الطفل وتربيته التربية الإسلامية
الجادة، وكذلك المواضيع التي تجيب عن كثير من تساؤلات يحار فيها الكثير
وخاصة أسئلة الطفل؛ فكثيراً ما تسأل الأم أو الأخت أو أي أحد من أفراد الأسرة
المسلمة: كيف أجيب عن تساؤلات الطفل عن الله (جل جلاله) ؟ فمثلاً نقول له:
إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؛ كما في الحديث
الذي رواه البخاري ومسلم: (ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث
الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني
فأغفر له؟) وغيره من الأحاديث؛ فكثيراً ما يكون سؤال الطفل: كيف يكون
نزوله؟ أو كيف هي صفته؟ وأين هو؟ وغير ذلك من الأسئلة التي تمس العقيدة
ونقف أمامها حائرين، إلى غير ذلك من الأمور التي تهتم بتربية الطفل تربية جادة.
هذا وأتمنى أن تعتنوا بذلك ضمن اهتماماتكم وجهودكم المشكورة. هذا ونسأل
الله لنا ولكم السداد والتوفيق.