البيان الأدبي
نص شعري
شعر: عبد العزيز بن عبد الله العزاز
قوافل العزّ تاهت عن روابينا ... وأنجمُ المجد غارت عن ليالينا
وصافحتنا يد الإذلال معلنةً ... بأنها اليوم قد حلّت بوادينا
يا ويح يَعْرُبَ إن الذلّ عانقنا ... قد صار خِلاً نُرَضِّيه ويُرضينا
يا ليت شعري وباب العزِّ نغلقه ... من أي بابٍ بروقُ النصر تأتينا؟
تموت أمجادنا والذل يقتلنا ... فإننا اليوم نرثيها وترثينا
أتهدم المجدَ أيدينا محطِمةً ... وما بنته لنا إلا أيادينا؟ !
أقول للقوم إشْفاقاً وتعزيةً: ... موتوا فليس حياة اليوم تحيينا
أنرتضي العيش والإسلام في قفص ... تنمى له تهم الإرهاب توهينا؟
وكيف نُمضي نهارَ العمرِ في لعبٍ ... والدين تغتاله سبعون سكينا؟
وكم لنا من بلاد تشتكي وهناً ... نصد عنها كأن ليست تنادينا؟
أما ينادي بنو البلقان في وهجٍ ... من اللظى حين ذاقوا العسف والهونا؟
عدوهم دونهم يفني ألوفَهُمُ ... ونحن في صمتنا نفني الملايينا
أما اشتكت دارة الشيشان غائلها ... ونحن من بعدها بتنا مغنينا؟
العزف يطربنا والقصف يرهبهم ... لا الجرح يدمي ولا الآهات تبكينا
أما شكا إخوة الصومال بأسهمُ؟ ... فالفقر يهلكهم والمال يطغينا
البرد يجلدهم، والحر يسلخهم ... ولم تزل عنهم الأوهام تثنينا
أما سمعنا منادي الشرق منتحباً ... يقول: يا قومُ من ينجي الفلبينا؟
أليست القدس قد أنّت مدويةً ... أَثَمّ ذو هِمَمٍ يفدي فلسطينا؟
يهود عاثوا فساداً في مرابعها ... ودنّسوا أرضها الغراءَ توطينا
تلكم مآسٍ وآلامٌ مبرِّحةٌ ... فمن لنا في مآسينا يواسينا؟
ما بالنا نغمض الأجفانَ في دعةٍ ... ونحن كنا ذوي عزم أبيينا؟
كنا إذا ما دعا داعي الجهاد بنا ... رأيت أفواجَنا جمعاً ملبينا
بالبيض لامعةً، بالخيل صاهلةً ... ليلاً وهاجرةً لله ساعينا
كانت تدين لنا الغبراءُ قاطبةً ... الروم والفرس بالأموال تجزينا
كنا الأساطينَ نَسقي العينَ صافيةً ... واليومَ نُسقى بأكوابِ الأسى طينا
ليس العجيبُ بأن نشري مذلتنا ... وإنما العُجْبُ أن الذلّ يشرينا!
فما لنا ننثني للغرب نطلبه ... معزةً، وهدى الإسلام يغنينا؟
أنطلب العز من علجٍ وطاغيةٍ؟ ... ما العزّ حقاً سوى أن نحفظ الدينا
تمسكوا بكتاب الله واعتصموا ... فهو المُعِزّ وللأمجادِ يُعْلينا
يا أمتي ربما تخبو منائرنا ... لكنّ نورَ الهدى لا ينطفي فينا