مجله البيان (صفحة 2483)

هموم ثقافية

المسلمون على مشارف القرن الواحد والعشرين

(2من2)

بقلم: د. محمد طاهر حكيم

تناول الكاتب في الحلقة السابقة واقع الأمة في المجالات العلمية والتقنية،

فبيّن الهوّة الواسعة بين واقعها وموقعها المفترض، ثم قسم العالم الإسلامي في

معرض بيانه لواقعه الاقتصادي حسب ارتفاع الدخل وانخفاضه.. وأخيراً: عرض

لمشكلة الديون وأخطارها.. وفي هذه الحلقة يستكمل جوانب أخرى.

- البيان-

الخطر الرابع للديون:

إن المساعدات الغربية تأتي مصحوبة ومتوازية مع بضائع أجنبية ومع

احتكارات غربية لسلع بعينها، وترتبط هذه المساعدات بنهب المواد الخام في

صورة تصدير إلى الدول الأجنبية [1] .

ثم بعد هذا، والأمرّ من كل ما تقدم: التنازل أو شبه التنازل عن السيادة

الوطنية أو الاستقلال الاقتصادي، أو حتى التدخل في شؤون الأفراد الدينية! .

وفيما يلي نذكر مثالين [2] فقط:

1- وافقت مصر في يوليو 1994م على شروط صندوق النقد الدولي، ومن

بين هذه الشروط: وضع احتياطي البنك المركزي المصري تحت رقابة الصندوق،

وهذا يعتبر في رأي كثير من المراقبين مساساً بسيادة السلطات النقدية المصرية.

2- في زيارة قام بها وفد من صندوق النقد الدولي إلى صنعاء في نهاية مايو

وأوائل يونيو لعام 1995م وضع الوفد توصيتين مهمتين إلى الحكومة اليمنية،

وذلك مقابل منحها مساعدات تبلغ قيمتها (280) مليون دولار على مدى اثني عشر

شهراً.

أما التوصية الأولى: فهي كما جاءت على لسان خبير اقتصادي يمني

ونشرتها وكالة الأنباء الفرنسية تتمثل في: (الحد من نفوذ التيار الإسلامي داخل

المؤسسات الحكومية) .

أما التوصية الثانية: فهي (إلغاء قرار إنشاء البنك الإسلامي) الذي كانت

الحكومة اليمنية قد وافقت مبدئيّاً على إنشائه في شهر إبريل من العام نفسه.

ثم إن المؤسف والمحزن: أن هذه الأموال التي نستقرضها هي في الأصل من

أموال العرب والمسلمين، فالعالم الإسلامي مدين كبير ودائن أكبر، فقد ذكرت

التقارير أن هناك نحو 800 مليار دولار من الأموال العربية والإسلامية تستثمر في

بنوك الدول الكبرى، وإنه لمن السخرية بعد هذا أن تدّعي الدول الكبرى أن فائض

أموالها يُستثمر اليوم في دول العالم الثالث على هيئة قروض حكومية، فكأنها

تستعبد المسلمين بأموال المسلمين، وتغرق المقرض والمستقرض في أوحال الربا،

وكان الأجدر بأموال المسلمين أن تُتَداول بينهم بغير وِصاية أو ابتزاز من أعدائهم أو

اضطرار إلى الخروج على أوامر ربهم والخوض في كبيرة الربا.

يأتي بعد هذا: اعتماد الدول الإسلامية على الاستيراد من الدول الأخرى،

بدلاً من التكامل الاقتصادي والصناعي والزراعي فيما بينها، مما أدى إلى خنق

كثير من الأنشطة الصناعية والزراعية في العالم الإسلامي، وإلى استنزاف أموال

المسلمين واستغلالهم من قبل الدول الكبيرة وتكتلاتها الصناعية والتجارية والزراعية

المختلفة.

إن ما يدفعه العالم الإسلامي سنويّاً في الاستيراد يكفي لإقامة كبرى الصناعات، فقد ذكرت التقارير الرسمية: أنه قد بلغ حجم الصادرات بين الدول العربية 12.

88 مليار دولار سنة 1993م، أي حوالي 9% من إجمالي صادرات هذه الدول

التي تقدر بـ 142. 3 مليار دولار، وبلغ حجم الواردات داخل العالم العربي

1,11مليار دولار في السنة ذاتها، مما يمثل 8. 7% من إجمالي الواردات العربية

الذي بلغ 126. 6 مليار دولار عام 1993م طبقاً للإحصاءات التي نشرها صندوق

النقد العربي الذي مقره في (أبوظبي) .

وأما حجم التبادل التجاري بين الدول الإسلامية فلا يُمثل أكثر من 6% (نعم،

أكرر: 6%) من تجاراتها الدولية [3] .

مصادر الغذاء:

وأما الغذاء: فإن الأمة الإسلامية باتت تعتمد فيه على الاستيراد من الخارج،

فهي تستورد 65% من احتياجاتها من القمح، و 74% من السكر، و62% من

الزيوت النباتية.. في مقابل بلايين الدولارات سنويّاً، رغم أنها تملك الأراضي

الواسعة الصالحة للزراعة، ففي العالم العربي على سبيل المثال 133 مليون هكتار

لأراضٍ صالحة للزراعة، لا يستغل منها سوى 32% فقط.

وفي يوم 16 أكتوبر الماضي وبمناسبة يوم الغذاء العالمي ذكرت التقارير:

1- أن متوسط الاستثمارات الزراعية في الوطن العربي لا يتجاوز أكثر من

5 , 7% من حجم الاستثمارات العامة خلال النصف الأول من عقد التسعينيات

الميلادية.

2- التكاليف الناتجة عن الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك ارتفعت من

600 مليون دولار عام 1970م إلى (20) مليار دولار عام 1994م.

3- استوردت الدول العربية من المواد الغذائية عام 1994م ما قيمته 21

مليار دولار، علماً بأن هذه القيمة لم تتجاوز عام 1971م مبلغ 2. 5 مليار دولار، ويقول الدكتور (فلاح سعيد جبر) أمين عام الاتحاد العربي للصناعات الغذائية:

إنه من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم العربي إلى 295 مليون نسمة سنة

2000م (والبالغ عدده الآن 240 مليون نسمة) ، وبالتالي: فقد ترتفع الفاتورة

الغذائية إلى 50 مليار دولار عام 2000م.

وأما الدول الإسلامية، فقد استوردت من الغذاء عام 1989م ما يعادل 28.

5 مليار دولار من الدول الأخرى، وصدّرت من المواد الغذائية ما قيمته 10 مليار

دولار، وهذا رقم ضئيل إذا وضع في الحسبان كثرة عدد هذه الدول [4] .

هذا، وإن من المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً بعد أن وقّعت أغلب دول العالم

الإسلامي والعربي على اتفاقية (الجات) ، التي سيتم بموجبها إلغاء كافة أنواع الدعم

الزراعي الذي تقدمه الحكومات على بعض السلع الضرورية.

وكذلك ستلغي هذه الاتفاقية كافة أنواع الامتيازات التي كانت تسمح لكل دولة

أن تحدد السقوف الجمركية المناسبة لحماية منتجاتها الوطنية، وبالتالي: سيؤدي

هذا إلى ارتفاع أسعار فاتورة الغذاء بنسبة 30% عن سعرها الحالي.

الحاجة الملحة إلى الاتحاد:

وتأتي بعد هذا حالة التشرذم والتشتت والتفرق التي تعيشها الدول الإسلامية

وهي تستقبل القرن الواحد والعشرين، كيف يمكن لهذه الدول أو الدويلات والكيانات

الصغيرة أن تتعايش مع التكتلات الكبرى التي تتكامل فيها الطاقات البشرية

والموارد الطبيعية، مثل: (أوروبا الموحدة) ، ونمور شرق آسيا، وأمريكا،

والصين.. وغيرها؟ .

إنه لمن المحزن والمؤسف حقّاً: أنه لم تُتخذ أو لم تتحقق بعدُ خطوة عملية

جادة من أجل وحدة الأمة، على الرغم من وحدة العقيدة التي تربطها، وعلى الرغم

من تجاور الأرض، وتشابك المصالح، وتشابه الطبيعة الجغرافية والمناخية،

واتفاق العادات والعبادات والأخلاق والسلوك، ووحدة الأعداء، ووضوح الرؤية

لدى الكافة.

رغم أن الحاجة شديدة وملحة للوحدة الإسلامية عن أي وقت مضى، خاصة

بعد اغتصاب فلسطين، والاعتداء على البلاد والعباد في البوسنة وكشمير وبورما..، وتقتيل الأطفال والشيوخ، والنساء، وانتهاك الحرمات، وملء السجون

والمعتقلات بالمسلمين، واستخدام الأسلحة الكيميائية والجرثومية المحرمة دوليّاً

ضدهم، وبعد حروب باردة وساخنة ومؤامرات مستمرة.. رغم كل هذا إلا إن

الوضع كما هو مع وجود منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والاتحادات

الإقليمية المختلفة، فإننا لم نزدد إلا تفرقاً واختلافاً! ، إننا لم نع الدرس كما وعته

أوروبا الغربية، فبدأت على الرغم مما بينها من اختلافات عرقية ولغوية وعقائدية

وتاريخية وتنافسات على السوق الدولية ومصالح متعارضة تتجه إلى الوحدة،

وحققتها في فترة وجيزة [5] .

وإنها لمصادفة عجيبة ولكنها تُجَسِّد مفارقة لا تخلو من مغزى ودلالة أن الوحدة

الأوروبية والوحدة العربية بدأتا في وقت واحد تقريباً، فقد ولدت فكرة التعاون

الاقتصادي العربي في سنة 1945م، بينما دعا رئيس الوزراء البريطاني إلى إقامة

اتحاد الدول الأوروبية في سنة 1946م، وتكوّن المجلس الاقتصادي العربي في

سنة 1950م، بينما ولد اتحاد أوروبا للفحم والصلب سنة 1951م [6] .

وحين وُقِّعت اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في سنة 1957م كانت

مفاوضات تأسيس المجموعة الأوروبية قد انتهت وجرى التوقيع على (معاهدة روما)

التي كانت بمثابة إعلان عن ميلاد المجموعة في العام ذاته، وبعدما قرر مجلس

الوحدة الاقتصادية إنشاء السوق العربية المشتركة في سنة 1964م ثم توحيد

الجمارك الأوروبية في سنة 1968م، وإذ أنشئ في سنة 1973م صندوق النقد

العربي فإن النظام النقدي الأوروبي واكبه في الميلاد حيث قام سنة 1979م، وفي

العام نفسه جرى انتخاب البرلمان الأوروبي مباشرة من قبل شعوب الدول الأعضاء، وفي ديسمبر 1991م وقّع زعماء اثنتى عشرة دولة أوروبية في (ماستريخت)

اتفاقية الاتحاد الأوروبي، التي تنص على تحقيق الوحدة الاقتصادية والنقدية بما في

ذلك اعتماد عملة أوروبية موحّدة بحلول عام 1999م، وكذلك تحويل المجموعة

الأوروبية إلى اتحاد سياسي مع منح البرلمان الأوروبي مزيداً من الصلاحيات،

وعليه، ومنذ 1/11/1993م: أطلق مسمى الاتحاد الأوروبي على المجموعة

الأوروبية، وتحققت الوحدة الأوروبية اقتصاديّاً وسياسيّاً.

إذا كان هذا هو النموذج الأوروبي للوحدة فإن التحرك الوحيد الذي حدث على

مستوى الأمة من ذلك الحين وحتى اللحظة الراهنة تمثل في اجتماع المسؤولين

لمناقشة قضية تثبيت الأمن ومكافحة التطرف والإرهاب! .

مآزق العالم الإسلامي وتحدياته:

إن العالم الإسلامي يُقبل على القرن الواحد والعشرين بكمٍّ هائل من التحديات

والمشاكل والمآزق الأخرى، منها:

مأزق حضاري: ويتمثل في غياب المشروع الحضاري المستقل النابع من

ضمير الأمة محققاً أحلامها وآمالها، وفي ظل النخب المتغربة القابضة على زمام

السلطة ومنابر التوجيه والإرشاد في كثير من الدول وهيمنة المشروع الليبرالي

الغربي.. فإن فرص صياغة ذلك المشروع المرتقب تصبح عسيرة إلى حد كبير.

أليس من المؤلم والمحزن أن دول العالم الإسلامي وقد مضى على استقلال

أكثرها نحو نصف قرن لا تملك مشروعاً مستقلاً للمستقبل، وكانت إلى وقت قريب

تحاول أن تستفيد من التناقض الموجود بين الشرق والغرب لتحتمي في خندق

أحدهما في محاولتها الحفاظ على نفسها، ولكن زوال الاتحاد السوفييتي أبقى ظهر

تلك الدول مكشوفاً، إذ وجدت نفسها أمام المشروع الغربي وعليها أن تختار: إما

أن تلحق به وتدور في فَلَكه، وإما أن تبحث لنفسها عن خندق من نوع آخر تحتمي

به شريطة أن تكون مستعدة لدفع ثمن ذلك الخيار، فإن لم تجد ولن تجد فسيظل باب

الإسلام خياراً لا مناص من اللجوء إليه لتأسيس المشروع الحضاري المستقبلي.

مأزق التشرذم: الذي ظهر بوضوح في الآونة الأخيرة، ويتمثل في تفجير

الصراعات المذهبية والقومية والعرقية، الذي يسعى بعض المغرضين إلى تأجيجها

في مختلف دول العالم الإسلامي، وهذا لا يخفى على أي متابع.

مأزق أهل الشتات: ويتمثل في أفواج اللاجئين والمهجّرين الذين يزيد

عددهم على 18 مليوناً، 80% منهم من النساء والأطفال لا يجدون ملجأً ولا مأوى، هذا بالإضافة إلى الأقليات المسلمة في كل من الهند، وبورما، والفلبين..

وغيرها، وأما البلاد المغتصبة في فلسطين، وكشمير، والبوسنة.. فذلك مأزق

آخر.

مأزق التنصير: ويتمثل في تعاظم فتنة المؤسسات التنصيرية في العديد من

بلدان العالم الإسلامي، ولا سيما في مناطق اللاجئين وضحايا الجفاف والحروب في

آسيا وإفريقيا، وأكثر هؤلاء من المسلمين الذين صاروا مهددين في عقائدهم وعقائد

أبنائهم [7] .

هذا باختصار هو واقع العالم الإسلامي في مستهل القرن الواحد والعشرين.

مقومات بناء الأمة:

ومن الواضح أن هذا الواقع ليس وليد صُدفة فقط، وإن كنا نحن المسلمين

ننتظر القَدَر من الله لتغييره، إلا إننا ننسى أن هذا الواقع لا يتغير إلا بالأسباب التي

سنها الله لتغييره: [إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ] [الرعد:11] .

إن الأمة الإسلامية تملك المقومات الكافية لتغيير هذا الواقع، وهي (آفاق

المستقبل) لو أحسنا التعامل معها، فإن المستقبل لهذه الأمة في القرن الواحد

والعشرين بإذن الله.

وقبل أن أذكر هذه المقومات أؤكد أنه لابد للمسلمين أن يعيدوا في أنفسهم

إحياء معنيين أصليين مهمين، وهما: شمول الإسلام، والوحدة الإسلامية، فإذا

آمنت القيادة الفكرية والسياسية في عالمنا الإسلامي المعاصر بهذين الأصلين

الأساسين الشرعيين، ودعت إليهما، وعملت جاهدة على تحقيقهما بخطى وئيدة

متزنة، وتخطيط يتسم ببعد النظر وعمق الرؤية حينها.. يتبلور الأمل في إمكانية

نهضة الأمة من كبوتها واجتياز فترة التخلف التي عاشتها إن شاء الله [8] .

أما المقومات التي تملكها الأمة فهي متنوعة وكثيرة، من أهمها كما ذكر

الدكتور النجار:

1- مقومات بشرية: حيث يبلغ عدد المسلمين أكثر من ألف ومئتي مليون

نسمة، ويمثل هذا العدد قرابة ربع سكان العالم، ويضم الملايين من العلماء

والمهندسين والأطباء والأدباء والمفكرين والمتخصصين في مختلف مجالات المعرفة

الإنسانية، ويمثل ذلك أكبر تجمع بشري على وجه الأرض تربطه عقيدة واحدة.

2- مقومات أرضية: تبلغ مساحة دول العالم الإسلامي أكثر من أربعين

مليون كيلو متر مربع، ويمثل ذلك أكثر من ربع مساحة اليابسة، ويزيد من قيمة

تلك المساحة الشاسعة: اتصالها مع بعضها، وتوسطها دول العالم، وتكاملها من

ناحية المناخ والتضاريس وطبيعة الأرض، وتعدد ثرواتها، وتنوع مصادر الحياة

فيها، وكثافة سكانها، وعراقة حضارتها، وقدم ارتباطها بالرسالات الإلهية.

3- مقومات بحرية: يطل العالم الإسلامي على مسطحات مائية عديدة،

تخترقها أهم خطوط المواصلات البحرية في العالم، وله موانئ مهمة على كل من

المحيطات: الأطلسي، والهندي، والهادي، وعلى البحار: الأبيض، والأحمر،

والأسود، وبحر قزوين، كما يتحكم في مداخل كل من المحيط الهندي والبحر

الأحمر وكذا: الأبيض والأسود، هذا بالإضافة إلى عدد من المسطحات والقنوات

المائية المهمة التي تعتبر إسلامية بأكملها، مثل: البحر الأحمر، والخليج العربي،

وبحر عُمان، والبحر العربي، وقناة السويس.

4- مقومات اقتصادية: وهذه تشتمل على مقومات زراعية وحيوانية عديدة

ومصادر للطاقة، وثروات تعدينية لم تُقّدر تقديراً نهائيّاً بعد، ومنشآت صناعية

مختلفة، يمكن إيجازها فيما يلي:

أ- الثروة الزراعية: وتتمثل في أكثر من أربعمئة مليون من الأفدنة

المزروعة في مناطق مختلفة، وتشكل هذه المساحة نسبة 11% من الأرض

المزروعة في العالم، و394 مليون هكتاراً من الغابات، هذا بالإضافة إلى مساحات

شاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، والتي لم تزرع بعد.

ب- مصادر الطاقة: يملك العالم الإسلامي ما يتراوح بين 72% إلى 77%

من احتياطي النفط العالمي، وأكثر من 25% من احتياطي الغاز الطبيعي، ونحو

45% من احتياطي اليورانيوم.

ج- الثروة المعدنية: على الرغم من أن معظم أراضي العالم الإسلامي لم يتم

مسحها بعد مسحاً علميّاً مفصّلاً باستخدام الوسائل التقنية الحديثة إلا إن الدراسات

المحدودة التي أجريت حتى الآن أثبتت وجود العديد من الخامات المعدنية، مثل:

القصدير (25% من احتياطي العالم) ، والكروم 23%، والفوسفات 45%،

والمنجنيز 9. 2%، والرصاص 6%، وغيرها من الخامات المعدنية العديدة.

وربما كان تأخر المسلمين في اكتشاف ثرواتهم التعدينية واستغلالها لحكمة لا

يعلمها إلا الله، وذلك لأن العالم قد استنفد ثرواته من خامات المعادن أو كاد نتيجة

لعملية الاستنزاف التي تعرضت لها تلك الخامات، وهنا تبرز خامات العالم

الإسلامي احتياطيّاً مأمولاً، ولكنه يحتاج إلى الكفاءات العلمية والتقنية القادرة على

استخراجه وتصنيعه، وإلى الرجال القادرين على حمايته من شَرَه الدول الصناعية.

د- مقومات تعليمية وتدريبية: تضم دول العالم الإسلامي اليوم أكثر من 224

جامعة، و335 معهداً عالياً من المعاهد المتخصصة، بالإضافة إلى ما يفوق

التسعمئة من مراكز البحوث وأكاديميات العلوم والتقنية، وخمسة عشر مركزاً

ومؤسسة للطاقة الذرية والنظائر المشعة (يتركز خمسة منها في باكستان، وثلاثة في

تركيا، واثنان في مصر، ومركز واحد في كل من: الجزائر وإيران وتونس

وأفغانستان، وكان أحدها في العراق) .

وتملك دول إسلامية عديدة قاعدة صلبة في الصناعات الثقيلة والتقنية المتقدمة، وتصنع الطائرات والسيارات والقاطرات ومنتجات هندسية وكيميائية وكهربائية ومنسوجات ومعادن وبناء سفن.. وغير ذلك، مثل: ماليزيا، وإندونيسيا، وتركيا، ثم باكستان، فمصر.. وغيرها.

وقبل هذا كله: نملك أعظم مقومات التقدم البشري المتمثل في الإسلام

ورسالته الخالدة، الرسالة التي نزلت للناس كافة، والتي بدأ العالم يتلمس طريقه

إليها في ظرف لم تعرف له البشرية نظيراً من قبل، بعد أن سئموا الحياة المادية

الخاوية الخالية من الروح، وإن المعطيات الكلية للعلوم في هذا العصر قد تجمعت

لتؤكد على ضرورة الإيمان بالله وعلى صدق الرسالة المحمدية.

فهل يدرك المسلمون ذلك فيبادروا بجمع طاقاتهم المبعثرة في خطة محكمة

هدفها إعادة بعث الأمة على أسس إسلامية سليمة، وهداية الإنسانية إلى نور

الرسالة التي حملوا أمانتها، فإذا فعلوا ذلك فإن المستقبل في القرن الواحد والعشرين

يكون لهم بإذن الله، وتفتح لهم الدنيا، وتجثوا أمامهم الأمم، وهنا تحضرني كلمة

للأستاذ (ت. ب إيرفنج) الأستاذ بجامعة (تنسي) الأمريكية حينما وقف مخاطباً

تجمعاً للمسلمين في مدينة (جلاسجو) ببريطانيا منذ سنوات قائلاً: (إنكم لن

تستطيعوا أن تنافسوا الدول الكبرى علميّاً أو تقنيّاً أو اقتصاديّاً أو سياسيّاً أو عسكريّاً، ولكنكم تستطيعون أن تجعلوا تلك الدول تجثوا على ركبها أمامكم بالإسلام، أفيقوا

من غفلتكم لقيمة هذا النور الذي تحملون والذي تتعطش إليه أرواح الناس في

مختلف جنبات الأرض، تعلموا الإسلام وطبقوه، واحملوه لغيركم من البشر تنفتح

أمامكم الدنيا ويدين لكم كل ذي سلطان، أعطوني أربعين شابّاً ممن يفهمون هذا

الدين فهماً عميقاً، ويطبقونه على حياتهم تطبيقاً دقيقاً، ويحسنون عرضه على

الناس بلغة العصر وأسلوبه وأنا أفتح بهم الأمريكيتين!) [9] .

فهل نفهم هذا الكلام ونعيه ونطبقه، ونعمل جاهدين لإدراك قيمة ديننا في

واقعنا؟ .. آمل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015