دراسات إعلامية
التقنية في خدمة الدعوة إلى الله
كيف نستفيد من الحاسوب؟
(1من2)
بقلم: حسين السلمان
تطورت وسائل الإعلام والاتصال في هذا العصر تطوراً مذهلاً، مما ساهم
مساهمة فاعلة في تداخل الشعوب والثقافات، واستطاع الغرب تسخير تلك الوسائل
في صناعة الرأي، ونشر هيمنته الفكرية في أكثر الآفاق.
ولقد آن الأوان لكي ينهض الدعاة لأداء رسالتهم، ويخاطبوا الناس بلغة
العصر، وعلى قدر ثقافتهم، ويسخِّروا وسائل التقنية الحديثة لنشر الدعوة، وبيان
الحجة.
وفي هذه المقالة لأحد المتخصصين في علم الحاسوب إلمامة مركزة في كيفية
الاستفادة من الحاسوب في نشر الدعوة الإسلامية بين المسلمين وغير المسلمين.
الحاسوب وسيلة للدعوة:
يمكن تقسيم استخدام الحاسوب في الدعوة إلى مجالين، هما:
1 الدعوة بين المسلمين (دعوة الإصلاح) .
2 دعوة غير المسلمين (دعوة الهداية) .
الدعوة بين المسلمين: ويشمل هذا المجال كل الجهود التي قدمت للاستفادة من
مزايا الحاسوب، التي تركز بشكل أساس في القدرة على تخزين كم هائل من
المعلومات مع سرعة التعامل معها، وأبرز المجالات التي خدمها الحاسوب هي
المجالات المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة النبوية [1] .
دعوة غير المسلمين: دعوة غير المسلمين تتطلب من الداعية إلى الإسلام أن
يتعامل مع فئات مختلفة وقدر كبير من المعلومات، واستحضار سريع للأدلة
والبراهين في مجالات شتى، ومن الناحية النظرية: فإن البرامج الحاسوبية ستكون
ذات أثر فعال في مجال دعوة غير المسلمين؛ نظراً لما يلي:
1- قدرة الحاسوب الرائعة للتعامل مع كم هائل من المعلومات المقروءة
والمسموعة والمرئية، واسترجاعها والوصول إليها بسهولة وإتقان.
2- السبب الآخر الذي يدعو إلى الاعتقاد بنجاح الحاسوب وسيلةً للدعوة هو
نجاح البرامج التطبيقية المستخدمة في مجال التعليم؛ ففي مجال التعليم تستخدم
برامج الحاسوب في أنماط تعليمية مختلفة، مثل: الشرح، والإلقاء، وطرح
التمارين وتصحيحها ونمذجتها، ومحاكاة الظواهر الطبيعية.
نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب [*] :
المقصود من استخدام الحاسوب باعتباره أداة لدعوة غير المسلمين هو تطوير
برمجيات لشرح الإسلام وتوضيح أركانه، وتتم عملية التعليم تحت التحكم الكلي من
قِبَل المستخدم، من حيث: المواضيع التي يرغب في دراستها، وتحكم سرعة
عرض المعلومات، وفي وقت الدرس ومدته.
المزايا: من أهم ما يتميز به الحاسوب باعتباره وسيلة للدعوة عن غيره من
الوسائل الأخرى ما يلي [2] :
1- أن إثبات العقائد يتطلب استحضار عدد كبير من الأدلة والبراهين بحيث
تتناسب مع نوعيات وأصناف البشر باختلاف ميولهم وأهوائهم ومعلوماتهم السابقة،
فالأدلة على وجود الخالق (سبحانه) على سبيل المثال كثيرة وعديدة، يمكن
استخلاصها من مختلف العلوم، مثل: الفلك، والفيزياء، والطب، والأحياء،
وعلم الأجنة، والجيولوجيا.. وغير ذلك من العلوم، هذا بالإضافة إلى الفلسفة،
وعلم المنطق، ويصعب على الداعية البشري أن يستحضر جميع هذه الأدلة من كل
هذه العلوم، أما باستخدام الحاسوب وتقنيات المعلومات فإنه يمكن حفظ جميع هذه
الأدلة وتصنيفها وفق الموضوعات أو وفق درجة صعوبة الدليل وعمقه، ويستطيع
المستخدم أن يختار الأدلة من المواضيع التي تتفق مع ميوله أو مستواه العقلي
والمعرفي.
2- أن برمجيات الحاسوب يمكنها الوصول إلى أماكن بعيدة وإلى المستخدِمين
في شتى بقاع المعمورة بتكلفة زهيدة، لذا: فإن نشر الإسلام عن طريق هذه
البرمجيات سيكون أقل تكلفة بكثير من الأسلوب التقليدي في إرسال الدعاة إلى هذه
المناطق، أيضاً: فإن مستخدِم هذه البرمجيات يملك هذه النسخة منها، وهو بذلك
يستطيع استخدامها ساعة يشاء وفي الأوقات التي تناسبه، وهذا لا يتوفر في
الأساليب التقليدية للدعوة، حيث لا يتوفر الداعية في كل وقت لكي يخاطب من
يحتاج إليه.
3- أن الغرور والكبرياء وعدم الرغبة في الظهور بمظهر الجاهل أمام
الآخرين.. هي بعض أسباب العناد والتمادي في رفض آراء الآخرين وإن كانوا
محقين وصائبين، وتعلم الإسلام عن طريق برمجيات الحاسوب يزيل عن النفس
هذا الحَرَج، وبذلك فإن المستخدِم يكون من الناحية النفسية أكثر تقبلاً لهذه الأفكار
والمفاهيم، وهنا يجب توخي الحرص عند تصميم هذه البرمجيات بحيث لا تثير
مشاعر الرفض لدى المستخدم.
4- يعتبر القرن العشرون الميلادي عصر العلم والمعرفة والتقنية، فقد
استطاعت البشرية في الستين سنة الأخيرة من هذا القرن أن تضيف قدراً من العلوم
والمعارف التجريبية يفوق بكثير ما أنتجته البشرية منذ بدء خلقها، كذلك فإن هذا
العصر شهد تطوراً في التقنية مكن الإنسان من النزول على سطح القمر والخوض
في أعماق البحر والوصول بأجهزته إلى مجاهل الفضاء السحيق، وإذا كان الإنسان
القديم في غياب العقيدة الصحيحة قد عبد الشمس والقمر وقوى الطبيعة المختلفة،
فإن الإنسان في هذا العصر قد اتخذ من عقله ونتاج عقله من علوم وتقنيات آلهة
يعبدها من دون الله، والحواسيب هي إحدى أهم الإنجازات البشرية في هذا العصر، وهي تحظى بكثير من الثقة والاحترام لدى عدد غير قليل من الناس، لذلك: فإن
الحواسيب باعتبارها وسيلة للدعوة إلى الإسلام قد تكون الأقدر على إقناع تلك الفئة؛ نظراً لتقبلهم لها وارتياحهم النفسي في التعامل معها.
5- أن معظم مستخدمي الحاسوب هم من الفئات المتعلمة في أي مجتمع من
أساتذة جامعات، وطلاب، ومهنيين، وكبار مسؤولين، وتربويين، وهذه الفئات
هم في العادة أصحاب التأثير الفعّال في المجتمع، لذا: فإن الوصول إليهم
واستمالتهم إلى دين الإسلام يعني التأثير بطريق غير مباشر على أعداد كبيرة أخرى
من البشر تتأثر بهذه الفئات.
ولكن الذي يجب التأكيد عليه: أن استخدام الحاسوب وسيلة لنشر الإسلام لا
يعني الاستغناء عن الوسائل الأخرى، فهذه الوسيلة ليست بديلاً عنها، وإنما هي
وسيلة تكمل الجهود الأخرى المبذولة في سبيل نشر الإسلام بين الناس.
المجالات المؤثرة: ولكي ننجح في تطوير برمجيات دعوية فعّالة، لا بد من
إجراء دراسات وبحوث عميقة في مجالات علم النفس العام، وعلم النفس الديني،
والشخصية وتكوينها، والميول والأهواء وتأثيرها، وفن الإقناع والتأثير،
ونظريات التعليم والتعلم، وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، وفن التخاطب
بين الآلة والإنسان [3] .
ويبين الشكل المرفق: رسماً يوضح مجالات العلوم والمعرفة التي تؤثر
بصورة مباشرة على نظم الدعوة بمساعدة الحاسوب: الدعوة بمساعدة الحاسوب.
النظم الأساسية: ونظام الدعوة إلى الإسلام بمساعدة الحاسوب هو في جوهره
نظام لتشكيل العقيدة وتطويرها، حيث تهدف هذه النظم إلى تغيير ميول المستخدم
تجاه دين الإسلام، وإلى تعليمه مفاهيم الإسلام الصحيحة، وإزالة ما يمكن أن يكون
لديه من مفاهيم مغلوطة وصورة خاطئة عن الإسلام.
وبالنظر إلى أسس العقيدة الإسلامية والتمحص فيها نجد أنها في مجملها تتكون
مما يلي [4] :
- مفاهيم متعلقة بالتوحيد. ... ... ... - مفاهيم متعلقة بالنبوة والرسالة
- مفاهيم متعلقة بالكتب السماوية ... - تعاليم الشريعة الإسلامية
لذا: فإنه يمكن النظر إلى نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب على أنه يتكون من
مجموعة مترابطة ومتكاملة من الأنظمة التعليمية الحاسوبية، كما يوضحها الشكل
(?) ، وهي كما يلي:
شكل (?) : عناصر نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب
- نظام تعليم لتوحيد: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على وجود الخالق،
ويناقش كذلك القضايا المتعلقة بوحدانية المعبود والصفات الإلهية الأخرى.
- نظام تعليم النبوة: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على نبوة محمد، وأنه
آخر المرسلين وخاتم النبيين، كذلك يعرض النظام جوانب من السيرة النبوية.
- نظام تعليم القرآن الكريم: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على أن
القرآن كتاب منزل من الله (سبحانه وتعالى) ، ويشرح النظام أسس العقيدة التي
يحويها القرآن الكريم، ويعرض جوانب الإعجاز فيه.
- نظام تعليم تعاليم الإسلام: تهدف الأنظمة الثلاثة الأولى إلى إثبات العقائد
الأساس للإسلام المتعلقة بالألوهية والنبوة والكتاب، وتقبل هذه المعتقدات والإيمان
بها يعني اعتناق المرء للإسلام، والمرحلة التالية هي: معرفة تعاليم الدين
الإسلامي وممارستها، ويهدف هذا النظام الأخير إلى شرح تعاليم الإسلام وتبيان
أوامر الله (تعالى) ونواهيه.
المكونات الأساسية:
يتركز تصميم النظام الذكي لتعليم الإسلام على خلاصة التطور في العديد من
المجالات، وبصورة خاصة يستفيد النظام من نتائج الأبحاث في مجال الذكاء
الاصطناعي والنظم الخبيرة، ومجال التعليم الذكي بمساعدة الحاسوب، والتطورات
في بناء قواعد المعرفة باستخدام النصوص الفوقية، ويبين الشكل (?) المكونات
الأساس لأي نظام تعليمي ذكي، وفيما يلي عرض لهذه المكونات:
شكل (?) : عناصر نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب
أ- وحدة نمذجة المستخدِم:
والهدف من هذه الوحدة هو تطوير نموذج (Model) للمستخدم، وأحد ملامح
هذا النموذج أنه يصنف المستخدم وفق محاور متعددة مثل: الجنس، العمر،
مستوى الإدراك الذهني، العقائد السابقة، التأهيل العلمي والتخصص، الوضع
الاجتماعي، الوضع النفسي، الميول والاتجاهات حيال الأديان بصفة عامة وتجاه
الإسلام بصفة خاصة.. إلخ، وسينتج عن هذا النموذج معلومات تحدد الأسلوب
الأمثل في دعوة هذا المستخدم: المواضيع المناسبة له، أسلوب الحوار والنقاش،
مكامن الخلل العقائدي، تساؤلاته الأساس عن الكون والحياة ... إلخ.
ب - وحدة حفظ وعرض المعرفة:
ويحتوي هذا الجزء على كل ما يتعلق بالمعرفة في النظام، ويشمل ذلك جميع
الموضوعات ذات العلاقة بموضوع النظام، المادة العلمية التي تشكل محتوى
الموضوعات، معايير اختيار المادة المعرفية المناسبة للمستخدم، وأساليب عرض
النصوص.
ج - وحدة التخاطب مع المستخدم:
ومهمة هذه الوحدة تيسير التخاطب التفاعلي بين المستخدم والنظام، ويشمل
ذلك: تنفيذ المحاورات المتعلقة بنمذجة المستخدم، واستقبال مدخلات المستخدم،
وعرض مخرجات وحدة عرض المعلومات.
د - وحدة القياس والتقويم:
هذه الوحدة ليست جزءاً من مكونات النظام، وإنما الهدف منها: قياس
مستوى أداء النظام وتنفيذ عمليات التقويم إذا لزم الأمر، والهدف الأساس لهذه
الوحدة هو تحسين أداء النظام والارتقاء به بصورة مستمرة.