مجله البيان (صفحة 2360)

المسلمون والعالم

مؤتمر..

(مسلمون ومسيحيون من أجل القدس)

عرض وتقويم

بقلم: صفوت وصفي

كانت القدس إسلامية منذ فتحها المسلمون في عهد الخليفة الراشد (عمر بن الخطاب) (رضي الله عنه) ، وحتى عصر السقوط العربي، حين استولى يهود

عليها عامي 1948م، 1967م، عدا فترة الاحتلال الصليبي التي أنهاها القائد

المسلم «صلاح الدين الأيوبي» بتحريرها.

ولا شك أن كل عمل ينطلق من الرغبة في استعادة الأرض المحتلة مطلوب،

ولا سيما في عصورنا المتأخرة التي اشتبكت فيها المصالح، واستطاع (إخوان

القردة والخنازير) أن يوطدوا أقدامهم فيما احتلوه من الأراضي العربية، واستطاعوا

بكل الوسائل الشيطانية أن يغروا الدول والشعوب بتأييدهم، وبخاصة الدول الغربية

وبمكر منقطع النظير مدعين أحقيتهم الكاذبة في أرض الميعاد بزعمهم، بعدما زيفوا

التاريخ ليوافق مزاعمهم في الأرض المحتلة، ولا عجب، فقد زيفوا حتى كتبهم

المقدسة.

مؤتمر (مسلمون ومسيحيون من أجل القدس)

لقد تم عقد مؤتمر (مسلمون ومسيحيون من أجل القدس) في بيروت بلبنان في

الفترة من 14 إلى 16 يونية 1996م بدعوة من مجلس كنائس الشرق الأوسط،

والفريق العربي للحوار المسيحي/الإسلامي، وقيادات إسلامية ومسيحية.. بهدف

تبليغ العالم بموقف الجميع حيال مدينة القدس، واحتلالها من العدو الصهيوني.

المؤتمر: إيجابيات وسلبيات:

وحتى نكون موضوعيين في الموقف من هذا المؤتمر وأمثاله فلا بد من قول

الحق، وإن كنا نختلف مع الداعين لهذا المؤتمر في المنهج والمنطلقات، فلقد علّمَنا

ديننا الإنصاف بقوله (تعالى) : [وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ

أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى] [المائدة: 8] ، فمما يحسب للمؤتمر ما يلي:

1- ما ذكره المؤتمرون من أن القدس مأسورة باحتلالها من الصهاينة، ولا بد

من عودتها إلى جسم فلسطين.

2- لا يوجد سلطة في العالم لها حق تهويد القدس أو تدويلها أو نزع صفتها

الأساسية.

3- دعوة المنظمات والهيئات الإسلامية والمسيحية بأن يكون شغلها الشاغل

تحرير القدس، وأن تصرف له كل جهد ودعم.

4- دعوة المسلمين والمسيحيين معاً للوقوف إلى جانب الحقوق الفلسطينية

المشروعة.

5- دعوة الدول العربية والسلطة الفلسطينية لتوحيد موقفها من قضية القدس،

باعتبارها أمانة في أعناق الجميع، لتعود لعروبتها و (التعددية الدينية) !

6- على (إسرائيل) باعتبارها (سلطة محتلة) أن تكف عن أي إجراء من شأنه

إغلاق القدس أمام أبنائها وكل أبناء الشعب الفلسطيني و (المؤمنين) كافة، والتوقف

عن أي تدبير يؤدي إلى تبديل وجه القدس في سكانها وجغرافيتها.

7- عدم الاعتراف بشرعية أي ممثلية أو بعثة أجنبية لدى (إسرائيل) تتخذ من

القدس مقرّاً لها، وإن حصل هذا: فيعتبر عملاً عدائيّاً عند الجميع.

ولا ندري ما هو الإجراء العملي الذي اتخذه المؤتمرون ولاسيما النصارى

منهم بالتنسيق مع بني ملتهم من نصارى الغرب، وكيف السبيل إلى كشف خطر

الاتجاهات الصهيونية لدى فئات من النصارى أصبحوا أنصاراً لـ (يهود) ، بل

وصهاينة أكثر منهم.

السلبيات في مثل هذا المؤتمر:

1- إن تلك التجمعات التي دعت له، زيادة على منطلقاتها الكنسية والقومية،

إلا إنها تتبنى أطاريح مشبوهة، مثل: (التعددية الدينية) ، و (الحوار

الإسلامي/المسيحي) ، الذي عادة ما يكون لصالح النصرانية والتنصير على حساب

الإسلام، ولا يهمهم حكم الإسلام في هذه المواضيع الذي سنراه مبسوطاً إن شاء الله.

2- إن ما يطرح في مثل هذا المؤتمر من أفكار وجيهة هي في نظري ليست

سوى هالات إعلامية ليس إلا، فالعلاقة بين اليهود والنصارى وثيقة، توضحها

الصلات الحميمة بين دول الغرب النصرانية عامة والكيان الصهيوني.

3- وموقف الإنجيل من اليهود صريح جدّاً، كما سيتبين لك أخي القارئ فيما

بعد، ومع ذلك: وجدنا الفاتيكان يعيد العلاقات مع اليهود ويتنازل حتى عن عقيدتهم

المشهورة وإن كانت باطلة بقتلهم وصلبهم للمسيح، بعد اعتراف الفاتيكان بدولة

(إسرائيل) ودعوته إلى إزالة العداء التاريخي بين أتباع الديانتين، وصدرت بذلك

وثيقة رسمية، أذاعها رئيس أساقفة بالتيمور، ونشرت في 12/12/1969م [1] ،

ومع ذلك: لم نر موقفاً للمؤتمرين من هذه الوثيقة.

4- يجب أن يُفَرّق بين الولاء من ناحية، والتسامح والمعاملة بالحسنى من

ناحية أخرى، فقد قال (تعالى) : [لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ

يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] ... [الممتحنة: 8] ، والمعنى الصحيح كما رجحه ابن جرير: [لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ] من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتَصِلُوهم وتقسطوا إليهم؛ لأن الله (تعالى) عم في الآية جميع من كانت تلك صفته، فلم يخص به بعضاً دون بعض، ولا معنى لمن قال: إن ذلك منسوخاً كما ذكره ابن جرير في تفسيره (28/66) [2] .

5- سماحة الإسلام مع أهل الكتاب شيء واتخاذهم أولياء شيء آخر، ولكنهما

قد يختلطان عند بعض المسلمين ممن لم تتضح لديهم الرؤيا بحقيقة هذا الدين

ووظيفته، فالسماحة التي جاء بها الإسلام مع أهل الكتاب لا تعني الولاء لهم، بل

إن هذا ما حذر منه القرآن، ومن هنا: يحاولون تمييع المفاصلة بين المسلمين

وأهل الكتاب باسم التسامح والتقريب؛ إذ إنهم يخطئون في فهم الدين، كما يخطئون

في فهم التسامح [3] .

6- إن الدعوة إلى ما يسمى (زمالة الأديان) أو الدعوة للتقارب معها: دعوة

مشبوهة، تخالف أصول الإسلام المعروفة القائمة على المفاصلة العقدية مع الأديان

التي نسخها الإسلام، وهذه الدعوة معروفة لدى المدرسة العقلية الحديثة، وكانت

صحيفة العروة الوثقى ميداناً لهذا الباب، بدعوى إزالة الاختلاف والشقاق بين

الأديان الثلاثة [4] .

بيان أن النصارى حلفاء اليهود:

في البداية: أؤكد للقارئ الكريم أن مشكلة فلسطين بدأت بتواطؤ من النصارى

ضد مسلمي فلسطين، فقد نكثوا بالعهد الذي قطعه رهبانهم للخليفة الراشد «عمر

بن الخطاب» (رضي الله عنه) في العهدة العمرية المعروفة [5] ، واشترطوا ضمن

ما اشترطوه: ألا يدخل القدس اليهود ولا اللصوص، وبقي النصارى هناك لهم

أمان الذمة حتى عصر الإحياء النصراني في أوروبا (1096م 1291م) حيث كانت

زعامة البابوية وسيطرتها على ملوك أوروبا آنذاك، فرأوا أن وحدة أوروبا وأمانها

لا بد لاستمراره بتوحيد القوى فيما بينهم والعداوة لفئة واحدة، هم (المسلمون) ،

وتخليص (كنيسة القيامة) من الكفار (المسلمين) .

وحينما دعا «سمعان الثاني» بطريك القدس إلى الحرب الصليبية والقضاء

على الإسلام وإنقاذ كنائسهم، وكان حكام المسلمين آنذاك هم العبيديون، وكان

واليهم على القدس هو «افتخار الدولة» ، وبعد محاصرة الصليبيين للقدس (40)

يوماً: طلب التسليم، على أن ينسحب هو وجيشه إلى (برج داود) وأن يسلم لهم

مبلغاً كبيراً من المال مقابل إبقاء حرسه، ثم دخل الصليبيون بعدها القدس بنشوة

النصر، فأخذوا يقتلون المسلمين رجالاً ونساءً وأطفالاً بلا تمييز، حتى وصل الدم

إلى الركب كما نقل «ريتسمان» النصراني، ووصف ابن الجوزي سقوط القدس

شهادة عيان، وذكر أنهم قتلوا ما يزيد على (70) ألف مسلم، وسرقوا قناديل

المسجد من الذهب والفضة، وبعد أن وحد المسلمون كلمتهم وجمعوا صفوفهم:

استردوا القدس على يد القائد المسلم «صلاح الدين الأيوبي» في معركة حطين،

التي أظهر فيها من البلاء والفروسية والتسامح ما جعله محل إعجاب وتقدير حتى

مؤرخي الصليبية أنفسهم.

ثم سقطت القدس عام 1917م عندما احتلتها جيوش الإنجليز في نهاية الحرب

العالمية الأولى، وبقيت تحت حكمهم (30) عاماً، وضعوا البلاد أثناءها في ظروف

سياسية واقتصادية سيئة، وسمحوا بهجرة كثير من اليهود إلى فلسطين، وأعطى

وزير خارجيتهم وعده المشؤوم (وعد بلفور) بإقامة وطن قومي لليهود في ... فلسطين [6] .

والغريب أن لنصارى العرب في لبنان موقفاً مشيناً، حينما طالبوا بكيان

لليهود في فلسطين منذ عام 1935م، ثم عام 1945م (قبل ولادة دولة يهود) [7] .

اعتقادات النصارى تدعم اليهود:

تعتقد بعض طوائف النصارى أن بناء الهيكل الثالث سيؤدي إلى ظهور

المسيح مرة أخرى، وبموجب هذه العقيدة يحصل التحالف والدعم من النصارى

لليهود.

وعندما عقد المجمع العالمي الثاني للكنائس المسيحية في (أفانستون) سنة

1954م: أكد أن هذا المبدأ أو هذه العقيدة لدى النصارى تتطلب حدوث ثلاثة أمور

حتى يجيء المسيح (بزعمهم) ، وهي:

1- قيام دولة إسرائيل. ... ... ... 2- اتخاذ القدس عاصمة لها.

3- إعادة بناء الهيكل (طبعاً على أنقاض المسجد الأقصى) .

وقد ألّفت الكاتبة الأمريكية المنصِّرة «جريس هالسيل» كتابها (النية القاتلة

المبشرون البروتستانت على درب الحروب النووية) [8] ، وبه معلومات عن

العلاقة الوثيقة بين اليهود والنصارى من أجل تنفيذ تلك الأهداف الشيطانية، وهذا

مشهور لدى كثير من نصارى أمريكا، ويؤمن بها حتى بعض رؤسائها ... المعاصرين، حيث يؤمنون بمجيء يوم يحدث فيه صدام بين قوى الخير والشر (الهرمجدون) [9] ، وفي استفتاء أجرته مؤسسة (بانكلوفيتش الأمريكية) أظهر أن 39% من الشعب الأمريكي يؤمنون بذلك، وهو ما يعادل (85) مليون أمريكي تقريباً، وهؤلاء النصارى هم المسيحيون الصهاينة، وهم أتباع الكنيسة (الإنجليكانية) ، يقول «جورج دلاوب» في كتابه (الدين في أمريكا) : إن أولئك: مَن تنصروا مرة أخرى، ويؤمنون بالمسيح مخلّصاً، ويوسمون إعلاميّاً بالمسيحيين الأصوليين، ولهم جهود إعلامية كبرى، ويتحكمون في الانتخابات الأمريكية، وإليهم ولغيرهم يعزى الولاء الأمريكي لإسرائيل، ومن أبرز رموزهم: المنصر الشهير «سويجارت» .

ماذا يقول اليهود عن النصارى:

الذي يظهر أن اليهود من خلال مكرهم بالأديان بعامة والنصرانية بخاصة

يعتمون على آرائهم عن النصرانية والمسيح (عليه السلام) ، ولو علم عامة

النصارى ما قيل عنهم وبخاصة في كتاب (التلمود) لأبغضوهم ولعنوهم ليل نهار،

فلننظر ماذا قال التلمود عن النصارى:

يقول الأب «آي. بي. براناتيس» في استعراضه لتعاليم الحاخامات اليهود

السرية، في كتاب (فضح التلمود) :

يقول التلمود عن المسيح: إنه كان ابناً غير شرعي، حملته أمه خلال فترة

الحيض، وإنه مجنون ومشعوذ ومضلل، صلب (!) ، ثم دفن في جهنم، فنصّبه

أتباعه وثناً لهم يعبد.

من الطبيعي أن المُضلّل والوثني لا يستطيع تعليم شيء سوى الكذب

والهرطقة اللتين يعوزهما التفكير السليم، ويستحيل على العقل إداركها.

وإن المسيحيين وثنيون، وأسوأ أنواع الناس، وأنهم أكثر سوءاً من الأتراك

(المسلمين) ، وأنهم لا يستحقون أن يكونوا بشراً، بل هم بهائم بأشكال آدمية،

وأصلهم شيطان بهيمي.

إن طقوس النصارى وعباداتهم وثنية، وكهنتهم كذلك، وصلواتهم هي

صلوات أثيمة وعدوانية للرب، وفي الجزء الثاني من الكتاب تحت عنوان (وصايا

التلمود فيما يتعلق بالمسيحيين) ما يلي: يفرض على اليهودي تجنب المسيحيين،

وتجنب الاحتكاك والتعامل معهم، لأسباب: فهم لا يستحقون المشاركة والطريقة

اليهودية للحياة، ولأنهم نجسون وثنيون وقتلة.

العمل بكل ما يستطيعون لإفناء المسيحيين.. فالتلمود يلزم بالتهجم على

المسيحيين على نحو غير مباشر على الأقل، أي: إلحاق الضرر بهم بكل طريقة،

وعلى اليهودي انتظار الظرف السانح لقتل المسيحيين وبدون رحمة [10] ، فهذه

المعلومات يجهلها كثير من النصارى، ولجهل النصارى بتلك المواقف ضدهم من

اليهود: فهم يتعاطفون معهم من تأثير وسائل إعلامهم، غير أن قليلاً جدّاً من

النصارى من يعرف ما قاله اليهود عنهم، ولذلك: فهم يقفون من اليهود موقف

المعادي، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: «الأنبا شنودة الثالث» بطريرك

الكنيسة القبطية بمصر، حيث وضح في محاضرة له ما قاله كتابهم المقدس عن

اليهود من أنهم شعب عنيد مكابر مؤذٍ للأنبياء، فقد أتعبوا نبيهم موسى (عليه

السلام) ، وأنهم شعب شرير عابد للأصنام، وأنه لا يوجد فيهم صالح واحد، وأنهم

نقضوا عهد الرب وعبدوا آلهة غريبة، ومجدوا أصنامها.. كل هذا فضلاً عن

كفرهم بالمسيح وسبهم له ولوالدته [11] .

الحوار مع أهل الكتاب بشروط:

وإن كان هذا المؤتمر يندرج تحت إطار (الحوار) فلا يعني ذلك رفض الحوار

جملة وتفصيلاً، ولكن يمكن الحكم على الحوار من خلال معرفة أهدافه [12] : هل

هي مشروعة أم لا؟ ، فإن كانت مشروعة فحيهلا، ومنها:

الدعوة إلى الإسلام وإقامة الحجة عليهم ببيان محاسن الإسلام والدفاع عنه.

بيان ما هم عليه من باطل سواء بتحريفهم لكتبهم، أو انحرافهم عن منهج

الأنبياء، أو إشراكهم بالله.

الحوار معهم للرد على شبهاتهم وطعنهم في الإسلام، كإثبات رسالة الرسول، وأن الإسلام خاتم الرسالات.

الحوار معهم لتحقيق مصالح المسلمين المشروعة، وكشف شبهاتهم التي

ينصرون بها جهال المسلمين.

أهداف غير مشروعة للحوار معهم:

وأكثر الحوارات التي تدور مع أهل الكتاب يقوم بها بعض الفئات التي

ينقصها العلم الشرعي الصحيح، إذ يشوب تلك الحوارات الموالاة لهم، مستدلين

بمثل قوله (تعالى) : [لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم

مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] [الممتحنة: 8] ،

وهذا كما سبق الإشارة إليه خلط بين السماحة التي تدعو إلى البر بهم وحسن

معاملتهم في المجتمع الإسلامي،.. والولاء الذي لا يكون إلا لله ورسوله وللمؤمنين، فضلاً على أن الله (تعالى) قال: [لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ

مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ]

[المجادلة: 22] ، ولخطر موالاة الكفار والمشركين جاءت النصوص الصحيحة

بتحريم كل ذريعة إلى ذلك، ومنها: التشبه بهم، حتى في الأمور الظاهرة اليسيرة؛ لأنها قد تؤدي إلى مودتهم القلبية.

الحوار معهم من أجل التقارب، وهذا مثل التنازل عن شيء من الدين، أو

أخذ شيء من دينهم، أو مشاركتهم في عبادتهم.. فهذا مردود ومرفوض.

مسلك التقارب في إقرارهم على دينهم، وتصحيحه لهم، أو مدحه باعتباره

ديناً صحيحاً، أو مساواته بالإسلام بدعوى أنه دين سماوي.. فهذا لا يقر أيضاً..

أما ما ورد من مثل قوله (تعالى) : [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ

وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ

قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ] [المائدة: 82] ، فهذه الآية نزلت فيمن أسلم

من النصارى كما قاله كل المفسرون.

وأخيراً:

فإن التعاون الذي يبديه بعض النصارى لصالح القضية الفلسطينية ولصالح

مدينة القدس هو جهد مشكور، لكن الأولى أن يبدأ حوارهم فيما بينهم أولاً لتحديد

موقف إخوانهم النصارى لا سيما في الغرب من اليهود وكيف يوقف أولئك النصارى

دعمهم للصهاينة المحتلين لفلسطين، وثانياً: أهمية أن يعمل النصارى العرب

جهوداً متواصلة بتوعية بني ملتهم، وبيان خطر اليهود عليهم، وإظهار موقف

اليهود من دينهم ومن نبيهم ومن كتبهم المقدسة، ولعل في ذلك ما يحدث ردود أفعال

جذرية لصالح القضية الفلسطينية وكشف ألاعيب اليهود لخدمة مخططاتهم واستخدام

النصارى حلفاء لهم.

ولا مانع من الحوار مع أهل الكتاب بالشروط المشار إليها للوصول إلى الحق، أما الحوار بشكله الذي يتم وبمخالفاته الشرعية: فإن ضرره أكثر من نفعه.

والله من وراء القصد،،،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015