مجله البيان (صفحة 2270)

كلمة صغيرة

مفارقة عجيبة

زعماء الدين النصارى في لبنان كيان كبير، له وزنه الرسمي، من احترام

الدولة لهم، ومراعاة توجههم في كل مناسبة، تقديراً لثقلهم في الساحة، ولذلك:

حينما طلب هؤلاء الزعماء من الرموز النصرانية عدم المشاركة في انتخابات

1992م؛ أحجم كثيرٌ من هؤلاء عن المشاركة، استجابة لهم، ولما رأوا أن ذلك

عاد عليهم بالخيبة، ووصول رموز جدد لا سيما من الإسلاميين؛ عادوا ليعطوا

الضوء الأخضر لنوابهم بالمشاركة النيابية، مع تحفظهم المعلن عن الانتخابات

المقبلة.

غريب جدّاً دور (رجال الدين) النصارى في لبنان، وتدخلهم في العمل

السياسي، وهم الذين جاء في كتابهم المقدس «دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله» .

والأعجب أن يحجم كثير من علماء دين الإسلام ودعاته وهو دين يشمل الحياة

جميعها؛ والحكم فيه لله [إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ] عن المشاركة الفعالة في الحياة العامة، ويُضرب على يد دعاته في كثير من البلاد الإسلامية، وتصدر قوانين تحرم

الدخول في (اللعبة الانتخابية) للإسلاميين، بدعوى أنه لا يصح أن يدخل فيها ذوو

الانتماء الديني عموماً، مع اعتقادنا الجازم أن نصرة هذا الدين لن تأتي عن طريق

تلك الأساليب المحدودة الأثر.

إلا أن المقارنة بين المنهجين مثيرة للعجب والتساؤل، وتنبئ عن واقع أليم

للأمة؛ لاضطراب موازينها ... والله المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015