أدب وتاريخ
منصور الأحمد
-1-
من منا لا يعرف أكثر حروف الجر؛ ولا يعرف أثرها على الاسم وهو جره
بالكسره، إذا كان مفردًا، وبالياء إذا كان مثنى أو جمعاً، وأنها من علامات الأسماء، فلا تدخل إلا عليها؟
ولكن، ما سبب تسميتها بحروف الجر؟
السبب في ذلك لأنها تجر معنى الفعل قبلها إلى الاسم بعدها، وتسمى أيضاً
(حروف الإضافة) ، لأنها تضيف معاني الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها. وذلك لأن
من الأفعال ما لا يقوى على الوصول إلى المفعول به، فيتقوى بهذه الحروف، كما
تقول:
(جلست على الكرسي) و (رحبت بسعيد) ولو قلت: (جلست كرسياً)
و (رحبت سعيدًا) لم يصح لضعف الفعل اللازم عن الوصول إلى المفعول به، ما لم
يستعن بحرف الجر.
-2-
كما أن استعمال حروف الجر يسبب كثيًرا من الصعوبات لدارس اللغة
الإنكليزية؛ فهو كذلك في اللغة العربية، ويقع الكاتبون في أخطاء كثيرة في
استعمالهم لهذه الحروف، حيث إن اختيار كل حرف لكل معنى من معانيه المتعددة
يتطلب دقة ومراناً لا يتأتى إلا من خلال القراءة الكثيرة للأساليب الصحيحة،
وملاحظة ذلك عند الكتابة أو الارتجال.
وزيادة في الإيضاح نقول: إن من الأفعال ما يختلف معناه باختلاف حروف
الجر التي يتعدى بها، فمثلاً: الفعل (رغب) فعل لا يتعدى بنفسه، بل يحتاج إلى
حرف جر يحدد معناه، ويختلف هذا المعنى باختلاف حرف الجر الذي يعقبه:
فقولك: رغبت في الأمر.
غير قولك: رغبت عنه.
وهذا غير قولك: رغبت إليه أن يفعل كذا، وهكذا.
ولهذا لا يصح أن يقال: (رغبت أن أفعل كذا) لأن من يسمع ذلك لا يدري:
هل رغبت في الفعل، أم في تركه؟
-3-
تقرأ أحيانًا في بعض الكتابات:
(ذهبت إلى عنده) وهذا خطأ شائع لأن الظروف (لدى، لدن، عند) لا تجر
إلا بحرف الجر (من) ، والصواب أن تقول: (ذهبت إليه) .
-4-
كثيرًا ما يقع الخلط في الاستعمال بين (اللام) و (إلى) من حروف جر.
فمثلاً: اتجه المصلي للقبلة. هذه الدار إلى فلان.
وهذان الاستعمالان كلاهما خطأ، والصحيح فيهما أن يقال:
اتجه المصلي إلى القبلة. هذه الدار لفلان.
وكذلك يقع الخلط كثيرًا بين (الباء) و (في) .
فمثلاً: جلست بالسيارة. كتبت في القلم.
كلتاهما خطأ، والصواب:
جلست في السيارة. كتبت بالقلم.
وإذا أردت أن ترتقي بأسلوبك: كتابة وخطابة وحديثًا، من حيث دقة استعمال
حروف الجر فراقب ورود هذه الحروف في القرآن الكريم، وأمعن النظر في
الأفعال التي تعدت بهذه الحروف، أو المشتقات التي تعلق بها الجار والمجرور،
وستجد ذلك مرجعًا قريبًا وغاية في النفع بإذن الله.