الورقة الأخيرة
هيئة الأمم المتحدة بين التنظير والتطبيق
أحمد العويمر
أسست هيئة الأمم المتحدة على أنقاض (عصبة الأمم) لحفظ السلم العالمي،
وحل مشكلات الشعوب والأخذ بيدها إلى ما فيه صلاحها ونموها واستقرارها، وإن
نجحت هذه الهيئة في حل بعض المشكلات، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً في حل
قضايا العالم العربي والإسلامي وعلى رأسها قضية فلسطين، بل ساهمت في إقرار
قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين المغتصبة.
أما ما يحدث في (البوسنة والهرسك) من عار يندى له جبين كل إنسان: إنما
هو سبة على المتنفذين في الهيئة من القمة إلى القاعدة، فهذه المنظمة قد فشلت فشلاً
ذريعاً في أداء الرسالة المنوطة بها، كما أنها تهاونت حيال قضايا أمتنا بشكل يكاد
يكون مقصوداً، ولقد خالف أمينها العام مسلماته الفكرية التي كان يدعو إليها، كما
في كتابه (الحكومة العالمية) ، بل قد تنازل عن مرئياته السياسية المعروفة مثل:
رأيه السابق في إلزامية القرار (242) الذي تراجع عنه تراجعاً عكسياً تماماً، بل
زاد الطين بلة أن صار أكثر همه عقد المؤتمرات العالمية التي تزيد تكاليفها عن
الآثار المتوقعة لها، حتى وكأنه يريد أن يضرب الرقم القياسي في عقد مثل تلك
المؤتمرات في عهده؛ إذ عقد مؤتمر (ريودي جانيرو) عام 1992م، ومؤتمر حقوق
الإنسان عام 1993م، ومؤتمر السكان عام 1994م، ومؤتمر (كوبن هاجن) الأخير
هذا العام.
ولقد تحدث الكاتب بيتر مانسفيلد ساخراً من تبديد الأموال في هذه المؤتمرات
بدون جدوى، ومن الطريف أن رئيس (ملاوي) قال: إن كلفة حضوره إلى مؤتمر
هيئة الأمم الأخير تبلغ 125 الف جنيه استرليني، وأن إنفاقها في حاجيات بلاده
أولى، وما قيل في المؤتمر من دفع الغرب 4. 1 تريليون دولار لمساعدة الدول
الفقيرة، إنما سحبته الدول الغنية من جانب آخر عن طريق القيود التجارية
وبمهازل اضطراب العملات وتسديد الديون المستحقة لهم.
هذه المؤتمرات وما أحدثته وتحدثه من ردود أفعال متباينة لم تعد على العالم
سوى بالكلام وضياع الجهود والأوقات ليس إلا، وتقرير أمور بدهية هي تحصيل
حاصل. وهذا هو المتوقع مادام أن العقلية (الاستعمارية) و (العنصرية) تجعل حق
النقض مكفولاً لأعضاء مجلس الأمن الدائمين ضد أي قرار لا يوافق هواهم، الأمر
الذي يجعل الحقوق تحت رحمتهم، وبإمكانهم إجهاض أي مشروع مهما كان بإشارة
يد فقط، وتمخض الجبل فولد فأراً حيث لم يقبل الكبار إسقاط ديون العالم الثالث،
واختتم المؤتمر بقرارات غير إلزامية! ! .
إن على أمتنا الإسلامية الوقوف جبهة واحدة، وأن يكون لها دور بحكم
مكانتها وعددها وأهميتها، حتى تُحترم قضاياها، وإلا كانت كمّاً مهملاً كما يراد لها.
فهل نفعل.. عسى ولعل.