مجله البيان (صفحة 1875)

وقفات نقدية مع نصوص أدبية فى العددين 81ـ82

مراجعات نقدية

وقفات مع النصوص الأدبية

في العددين (81-82)

محمد حسن بريغش

جمع العددان (81-82) من مجلة البيان عدداً من النصوص الشعرية التي

تدور حول موضوع عام يشغل عالمنا الإسلامي كله، وهو حالة المسلمين

والمؤامرات العالمية التي تحاك ضدهم، وكل نص من هذه النصوص أضاء جانباً

من جوانب الموضوع.

والملحوظ أن العددين المذكورين لم يضما غير الشعر، فلم يكن هناك أثر

للقصة أو غيرها من الفنون الأخرى [1] ، وكنت أتمنى أن تعنى المجلة بكل الفنون

الأدبية، وتحرص على تنويع النصوص.

وأول النصوص الشعرية نص وحيد في العدد (?) بعنوان رؤى خارج القيد

للشاعر تركي المالكي [2] .

والقصيدة تتردد بين عالمين يحاول الشاعر تصويرهما، وهما يتجاذبانه بقوة

إلى حد الشعور بالقهر والاختناق والتمزق بينهما.

العالم الأول هو الواقع الذي يعيشه المسلمون في شتى بقاع العالم، عالم يقوده

صُنّاع القهر من أعداء الإسلام والإنسانية، الذين يحيكون المؤامرات باسم الإنسان

وحقوقه، وباسم الدفاع عن الحرية، والنظام العالمي و....

ويُلْحظ أن هذا الواقع شكل ثقلاً مخيفاً في القصيدة التي تعكس الهموم التي

يعانيها الشاعر، ولا تلبث أن تنتقل عبر مقاطع القصيدة إلى القارئ.

وعبر الشاعر عن هذا العالم (الواقع) بالقيد، وخنق الأفكار والأعناق ثم

الإحساس بالخوف، وجوف القبر، وحالة الحصار، والجراح، وأسر التشيّؤ،

ولسع السياط، وقساوة الجلاد، وأصوات الأبواق المرعبة، والظلماء، والليل،

والأسوار، والجدب، والنار، والإعصار، والأصنام، وكل ما أشارت إليه

القصيدة، بمثل هذه الألفاظ رمزاً لهذ العالم.

والعالم الثاني: هو عالمه الداخلي المكبوت، عالم المظلومين والمقهورين عالم

المؤمنين المحاصرين الذين ينظرون من خلال الشقوق إلى الغد، الذين يدافعون

القهر، ويحاربون الظلم: بالصبر والثبات واليقين بالنصر، ويتطلعون إلى الضياء، والخير، يتطلعون إلى عالم العقيدة، إلى الآفاق البعيدة الرحبة المليئة بالخير

والضياء والأمل، عبر طريق التضحية والجهاد والعطاء حتى الشهادة أو الانتصار

على الأصنام وحملة القيد، وصناع القهر.

واستطاع الشاعر بشفافية أن يصور هذين العالمين، وأن يصور صمود

المسلم وثباته الذي لا يستسلم، بل يصبر ويصابر حتى يصل إلى ما وعد الله وما

بين الحصار همى على جرحي.. همى ترياقْ ورغم لفائف الظلماء! ... أبصر

أنجماً شقّت ستار الليل

برغم ما يحيطه من مؤامرات، وما يحس به من اختناق، كيف لا يحس بذلك

وهو يرى عبّاد الصليب وقتلة الأنبياء، وعبدة الأوثان يلاحقون المسلم في كل مكان، يحددون له ما يحل وما يحرم، وما يجوز وما لا يجوز؟ !

لقد تألّهوا باسم النظام، والإنسانية، وراحوا يتآمرون على الإسلام والمسلمين

في كل بقاع العالم، وينهبون خيراته ويمنعونه من أن يعبد الله.

القصيدة تصور ذلك عن طريق الإيحاء، وتصور أيضاً ثبات المسلم على

دينه، ويقينه بالنصر الموعود.

يرف الآن في سمعي صهيل الخيل

وتمتزج الدماء بشوقها والليل..

يضج منادياً بالويل..

ورغم الجدب والإعصار تَبْسُقُ بيننا شجّرة

تمد فروعها في الأفق.. منتشرة

إنه الأمل الذي لا يفارق المسلم مهما اشتد البلاء.

القصيدة مجموعة من الصور المتشابكة التي تحكي الواقع المتداخل، والحيرة

التي يعيشها المسلم إزاء ما يرى وما يحدث في شتى ديار الإسلام، ويبدو ذلك في

الألفاظ التي استعملها الشاعر كرموز بنجاح في أكثر الأحايين، وبدت عليه حالة

الاختناق، وصعوبة الاختيار في أحيان أخرى.

ففي الحالة الأولى نرى أمثال الألفاظ التالية التي ساعدت على رسم الصورة،

ونقل الحالة الشعورية والفكرية بنجاح.

تخنق الأفكار والأعناق أشواق القبر مصباحاً ترياق الأبواق صهيل الخيل

الدماء الليل أسوار الجفاف الجدب الإعصار الطيور الهاجرات القيد، تبسق..

وفي الحالة الثانية نرى ألفاظاً متعثرة لم تفصح عما يريد الشاعر، أو لم

تتناسب مع الصورة، فضلاً عن غربتها وبعدها عن اللفظ الشاعري، أو الدلالة

المقصودة مثل:

لفائف الظلماء فاللفائف لا تعكس المعنى المقصود من تكاثف الظلام وشدته

وثقله، بل فيها بعض الرقة والشفافية المتنافرة مع الظلماء.

ورشّت في المدى حزماً من الأضواء الأضواء لا ترش، الأضواء ترمز إلى

العزم والثبات، والإصرار على النفاذ، فهي لا ترش وليست حزماً يمكن أن تنثني

ويطاح بها.

تعين على غيار الصمت غيار لا تدل من حيث المعنى على التغيير بل على

الغيرة، فأي معنى أراد لها الشاعر؟ [*]

أسر التشيؤ ما هو التشيؤ؟ هل يراد بذلك الأشياء الجامدة، أو التكيف مع

إرادة الآخرين؟

لا أظن أن هذا الاستعمال يؤدي المعنى المطلوب.

ومع ذلك فالقصيدة لوحة فنية جميلة مؤثرة، تُبرز قدرة الشاعر على استخدام

الصور، بل استخدامها بطريقة ناجحة، ومركبة، وإعطاء الألفاظ بعداً جديداً، عند

وضعها في سياق الصورة على طريقة الرمز، لتحمل بشكل متآلف معاناة الشاعر

إلى قرائه، فإلى مزيد من التجويد والعطاء.

وفي العدد (?) خمسة نصوص شعرية، أولها نص بعنوان كائن بلا هوية

للشاعر الدكتور صالح الزهراني [3] .

وهذا النص يلتقي مع النص السابق، وما يليه في الموضوع العام، ولكنه

يركز على شخصية المسلم في هذا العصر الذي غدا كائن بلا هوية نسي تراثه

وماضيه، نسي تاريخه ومنهجه، وراح يأخذ من هنا وهناك، ويتربى على موائد

الآخرين، وأفكارهم، ومنهاجهم، ويأخذ عاداتهم وأذواقهم حتى نسي صبغته، ولم

يكسب ما يغنيه من الآخرين وأصبح ذليلاً تتناهشه الأمم، وتلتف الأكلة حوله كما

يلتفون على القصعة [4] .

النص لوحة فنية، اختار الشاعر لها أسلوب التساؤل المتكرر، والتعجب

الحائر لرسم هذه اللوحة، وتصوير أوضاع المسلمين:

من أي نهر شربت الصمت؟ من أين عممت هذا الذلّ؟

من أنت؟ كيف انحنى فيك هذا الرأس؟

أو طريقة الاستنكار: كأنه ما أتاك الكون مبتهلاً ...

واستخدام الشاعر أيضاً عدداً من الأسماء والألفاظ كرموز لها دلالتها

وإيحاءاتها التاريخية المعروفة التي ترمز للنصر، والقوة، والجهاد، والفتح،

والإباء.... . مثل سعد، البيرق، الفيلق، صلاح الدين، الخيول،.... العبسي،

ومع تصويره لحال المسلم هذه فإننا نلمح دعوة خفية تستنهضه لرفض الذل،

والنهوض من جديد:

من أنت؟ أقرأ في كفيك ملحمة ... موؤودة، وخيولاً كفنت بطلاً

كأنه ما آتاك الكون مبتهلاً ... يوماً، ولا حف بالنجوى ولا احتفلا

وهذه المقطوعة التي استخدمت كل هذه الألوان اللفظية والأسلوبية لتصوير ما

يريده الشاعر، أكثر أثراً في حس القارئ من قصيدة طويلة تخلو من التلوين

والصوير، أو من الإيحاءات والدلالات التاريخية والفكرية.

وهي محاولة جادة للشاعر في أن يرتاد الآفاق الشعرية الناجحة، ويقدم المزيد

من العطاء الجيد مادام يمتلك الحس الشاعري، والقدرة على التصوير، والخروج

من أسر الرتابة الأسلوبية.

المقطوعة الثابتة بعنوان (الأسماء) للشاعر فيصل بن محمد الحجي [5] وهي

لا تعدو أن تكون صياغة لمثلٍ عامي معروف، أو واقعة اجتماعية مألوفة، فالناس

يطلقون على أبنائهم الأسماء، والألقاب المناسبة وغير المناسبة، أو المجلوبة، كل

ذلك لأن اختيار الاسم لا يكلف صاحبه مالاً ولا تعباً.

ولو كان وراء الأسماء تبعات لعاش كثير من الناس بلا أسماء، أو اختاروا

أقلها كلفة وعناءً.

وهكذا ينطبق مثل هذا على كثير من الأمور التي تمر في حياة الناس،

فيتباهون بها ويتفاخرون لأنهم لم يدفعوا ثمنها، ولو سئلوا الثمن لتنازلوا عنها

وزهدوا فيها، وهربوا من تبعاتها، هذه المقطوعة نوع من النظم لبعض الأفكار

الطريفة، أو الأمثال المعروفة.

أما المقطوعة الثالثة التيه للشاعر محمد عبد القادر الفقي [6] فهي أيضاً تلتقي

مع بقية النصوص في الموضوع العام، وتتناول جانباً مهماً منه، هذا الجانب

يتصل بالإنسان المسلم كفرد، والأمة المسلمة كجماعة، والروح التي سرت في هذه

الأمة فتواكلت، وضعفت وتفرقت، فأصابها العذاب، وتشير المقطوعة إلى أن

سبب ذلك كله من أنفسنا أولاً:

عشش فينا الخوار وها نحن والرجز إلفان

ونصرخ ... نصرخ: يا من يجيء إلينا بسبع سنابل خضرٍ

يفيض علينا من الماء والزيت

ثم مِنْ تآمر الأعداء، من يهود ونصارى وأتباعهم، باسم العلم، والتقدم

والعمران، والتطور، والتقنية، والمساعدات ... الخ.

ويقبل جون بسنبلة في اليسار!

ومُديته ... في اليمين

ولكن العدو لا يستطيع أن يدخل الديار لو لم يجد منا ترحاباً وقبولاً، أو

(قابلية) كما يقول مالك بن نبي رحمه الله [7] :

وتمضي السنون ونحن نقبّل كفيه، والنعلَ

نلعق ما كان بالأمس عارا!

ويختصر الشاعر السببين في الآية القرآنية التي وضحت ناموس التغيرات في

المجتمعات والأمم:

ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا [8]

لفاضت على البعد أنهارُ خير

وصار المواتُ رُبى من زروع وزهر

وأمطرت السّحب سمناً وشهداً

ويوضح المقطع الأخير النتيجة التي صار إليها المسلمون بعدما أعرضوا عن

الذكر، وصموا، وساروا في طريق الشياطين، وتركوا سبل المرسلين.

المقطوعة تحكي لنا قصة الواقع الإسلامي، كيف بدأ، ولماذا وصل إلى هذه

النتيجة عبر صور متتالية، موحية، تتعاقب مع مرور الزمن، وأحداث التاريخ.

وميزات هذا النص الذي آثر الطريقة الحديثة أنه يتسم بالوضوح والبساطة،

مع الحيوية والتدفق، وحسن اختيار الألفاظ الدالة الموحية التي ترسم بعداً مقصوداً

للصورة.

وكذلك فإن الشاعر في تصويره لواقعه الإسلامي كان يعيش في ظلال القرآن

الكريم، يقتبس من أنواره صوراً، ومعاني، وألفاظاً فتزداد الصورة وضوحاً،

وتألقاً وجمالاً.

فعلى سبيل المثال نراه منذ البدء يستخدم الألفاظ القرآنية، أو المستوحاة من

بعض الآيات القرآنية: التيه، الرجز، النار، تشوي، السماوات، تخر، تنشق،

سنبلة، المن والسلوى ...

أما الصور المقتبسة فهي على سبيل المثال والنار تشوي الوجوه، تكاد

السماوات من فوقنا تخر علينا، وتنشق من تحتنا الأرض، والموج يطغى، يا من

يجيء إلينا بسبع سنابل خضر، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا، ولكنهم ما وعوا

الذكر، ما كان أكثرهم مؤمنين [9] فحل عليهم عذاب مهين، ولو أنهم صدّقوا

المرسلين، وكانوا جميعاً من المفلحين.

فالمقطوعة نموذج أدبي جميل للنص الذي يعيش في ظلال القرآن، يمنح منه، ويستضيء بأنواره، ويتفيأ ظلاله فيزداد رسوخاً وقوة وجمالاً، ولو أن هناك

بعض الألفاظ التي تنبو عن الذوق الشاعري، أو لا تتوافق مع الصورة المبتغاة.

والنص الرابع في العدد (?) تحت عنوان دخان الصمت للشاعر عبد الوهاب

الزميلي [10] ، والنص يتصل ببقية النصوص السابقة في الموضوع العام:

(أوضاع المسلمين، ومكابدتهم في ظل النظام العالمي الجديد)

وهو يبشر بشاعرية مُجيدة، تحاول الغوص عن طريق استخدام الصورة

والرمز، وتفتح للقارئ أبواب التأمل والاستمتاع بجمال النص، وغموضه أحياناً.

والشاعر في هذا النص يتحدث عن حالة القهر والكبت التي يعيشها المسلمون

في بقاع الدنيا عن طريق الصورة الموحية، والألفاظ المختارة التي يود الشاعر أن

تشع بين يدي القارئ في عدة اتجاهات، فالمسلم من خلال الصورة الشعرية أصبح

هيكلاً جامداً فارغاً له مظهر دون مضمون، تختنق داخله المشاعر، وتموت

الأحاسيس، ويغرق كما أرادوا بالصمت، وعدم القدرة على أي شيء:

يد النحات تحفر في ... جماجمنا فماً حراً

ترقش في عظام الصدر ... ليلاً يقضم الفجرا

بل وتعدى اعتداء المتأمرين إلى الجيل القادم الأطفال رمز الأمل، وعدة

المستقبل.

تسرّب في رؤى الأطفال ... شهماً يخنق الطهرا

والصورة التي يتظاهرون بها أنهم يدافعون عن الإسلام، ويعلمون الجيل

الدين بعيداً عن كذا.. وكذا.. ولذلك استخدم الشاعر بعض الألفاظ بطريقة تدعوا

إلى السخرية من هذا المنطق، وتوحي بالخداع والغدر (فماً حراً) (شهماً) بهذه

الطريقة يصل إلى ما يريد، يبرز الصورة الحقيقية التي عملوا على إبرازها،

صورة داخلها خواء، وليل مظلم، وطهر مخنوق، وخمر باسم الماء.. وظاهرها

براق وشعارات خادعة.

والشاعر يستخدم الرمز عبر صور متعاقبة، بل تكاد القطعة أن تتحول إلى

رموز متتالية (الأحداق، نقشوا، الدم، الحبر، النحات، حراً، ليلاً، الفجر،

معاطس، يغوث، نسراً ... الخ) وهذه مزية واضحة للشاعر في استخدام الصورة

والرمز للتعبير عن فكره ومشاعره، ولكن الرمز قد يؤدي الغرض في جمال

القصيدة وعمقها ومنحها أبعاداً جديدة ورؤى طريفة، ويكون ذلك حين يحاور الرمز

قارئه، ويطاوعه ولو بعد حين في الإفصاح عن بعض مكنوناته أو كلها، أو حين

يضيء للقارئ شيئاً من الفهم، أو التأويل المقبول والتذوق السائغ، أما حين يستغلق

هذا الرمز على قارئه، أو يغرق في الإبهام ويحيط العبارة بالبعد والغربة، حينها

يتحول الرمز إلى عتمة تظلل القصيدة، إلى حد النفور منها أحياناً، أو عوارض

تمنع التواصل بين الشاعر والمتذوق.

وشاعرنا يقف في هذا بين بين، ففي المقطعين الأولين كان الرمز ناجحاً،

أسهم في تعميق الفكرة، ولوّن الصورة ولكنه في المقطعين الأخيرين بدأ يغرق في

الإبهام الذي تعوده بعض الناس، لغرض أو أغراض.

ولا نريد لشاعرنا أن يماثل هذه الصورة، ولو بطريقة غير واعية، لأنه ولا

شك يجب أن يمنح القارئ بعض مكنونات عقله وفكره، وأن يظل قارئه موصولاً

به عبر طريق الفهم والتذوق، ولو كان ذلك من خلال برقيات قصيرة.

والنص الأخير (أنواء) للشاعر محمد البراهيم [11] لوحة فنية جميلة، تلتقي

مع النصوص السابقة في الموضوع العام، ولكنه يضيء جانباً آخر من الموضوع،

وهو جانب الذين تخلوا عن مجتمعاتهم الإسلامية خدمة للآخرين، ففتحوا لأعداء

هذه الأمة أبواباً ومداخل ليعبثوا بمقدراتها، ما كانوا ليستطيعوا الوصول إليها لولا

تطوع هؤلاء لخدمتهم.

لقد استطاع أعداء الإسلام الوصول إلى عقولنا وأفكارنا، وأذواقنا ليغرسوا

فيها الأفكار الدخيلة باسم العلم، والتطور والتقدم، والمدنية، و ...

لقد أعطيناهم قيادنا حين تركنا لهم قيادة التربية، فربوا الأجيال على النفور

من الدين، وحب الدنيا، والشغف بالمطامع والحرص على الدنيا إلى درجة العبادة، والإعجاب بالأعداء، وتقليدهم بطريقة مخيفة، حتى صار في أمتنا من يحمل

أفكارهم وأضاليلهم، وعاداتهم، وأذواقهم، وبات هؤلاء يدافعون عنهم وينفّذون ما

يريدون.

أشار الشاعر إلى هذا من خلال رموزه التاريخية، وسرده للأحداث: يمضي

عام ويجيء عام، وتظل رعاة الأزلام تزرع عذراً، في عيني غدنا الأحلام..

وأصبح الطوسي (محمد بن الحسن الطوسي) الذي والى التتار وكان مستشار

هولاكو، ودليله لاحتلال بغداد وقتل أهلها، وتخريب مكتباتها، أصبح هذا رمزاً

لكل من يفعل هذا على مدار الأزمان، فالطوسي أصبح له مئات الأسماء والألوان،

وأصبح لديه مدرسة كاملة من الأعوان، وليس لقب (الغازي) الذي أعطى لأتاتورك

عند محاربته للإسلام وإلغاء الخلافة، وإعدام مئات العلماء إلا صورة من صور

الطوسي، وهناك عبرة من الأسماء والأعوان.

المقطوعة على قصرها وبساطتها، ووضوحها تحكي لنا قصة عالمنا

الإسلامي الذي وقع فريسة للأعداء بسبب الذين يوطئون خيل التتر، ويستدعون

حجر الأطهار.

لقد استخدم الشاعر أحداث التاريخ، فأخذ منها بعض الرموز، وأشار إلى

بعض الأحداث التي تضيء الفكرة، وتوحي بدلالات أرادها الشاعر لتساعده على

رسم الصورة، وإضاءة الواقع الذي نعيشه، لنفتش عن الطوسي فينا، ونتعرف

إلى منابع الخراب، والقصيدة جيدة، والرموز تخدم الصورة وتبشر بعطاء جيد إن

شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015