المسلمون والعالم
هذا ما يفعله الرافضة في إفريقيا
محمد إدريس
تضعف إسلامية المرء فقهاً وسلوكاً، إذا قل اهتمامه بلغة القرآن الكريم،
ويبدو خلله العقدي إذا عاداها، ويأبى الروافض الفرس إلا أن يظهروا الأدلة الدامغة
على التربص بالإسلام عقيدة صحيحة، ومنهاجاً قويماً، فهاهم يشيدون صرحاً
للفارسية على جسد العربية، وهي تغرغر في جامعة غانا، ولا لوم على الروافض
إذ يحبون الفارسية، ولكن اللوم على المسلمين والعرب بخاصة الذين يجهلون أو
يتجاهلون مصرع العربية سامدين في مواقع كثيرة وهم مشغولون عنها، والله
المستعان.
- البيان -
أولاً اللغة العربية تحتضر في جامعة غانا:
تبادرت إلى ذهني صرخة اللغة العربية على لسان حافظ إبراهيم قديماً:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي ... وناديت قومي فاحتسبت حياتي
ولدت ولما لم أجد لعرائسي ... رجالا وأكفاء وأدت بناتي
ومحدثي يشرح لي ما جرى وهو أحد أساتذة اللغة العربية والعلوم الإسلامية
بجامعة غانا وأنا مشدوه حقاً مما سمعته منه، لقد تمثّل لي هذا الوأد حقاً في هذه
القصة الغريبة في واقعنا العربي المعاش! ففي جامعة الليغون أعرق الجامعات في
غانا، بل وفي إفريقيا، توجد كلية اللغات التي كانت تضم قسم اللغة العربية
باعتبارها لغة حية مثل الفرنسية والأسبانية والألمانية والروسية التي تدرس بها،
وفي الحقيقة أنه لا يستفيد من اللغة العربية ولا يقبل عليها في الجامعة إلا الطلبة
المسلمون الأفارقة الدارسون فيها، أو بعض الطلبة النصارى المتخصصون في
اللسانيات وهم قلة قليلة، وكانت الحكومة الغانية ممثلة بوزارة الجامعات هي التي
تمول قسم اللغة العربية هذا كباقي اللغات فتحضر الأساتذة وتتكفل بتكلفة السنة
التطبيقية المتمثلة في انتقال الطلبة إلى جامعات الأقطار العربية قبل سنة التخرج،
لتطبيق ما أخذوه ميدانياً بين إخوانهم العرب المسلمين، ولكن منذ أربع سنوات
خلت، توقفت الحكومة عن تمويل كلية اللغات بالجامعة كلها، وأوكلت هذا إلى
حكومات وقوميات كل لغة لتقوم بذلك.
ويقول محدثي: فانبرت كل حكومة وكل قومية تقوم بواجب المسؤولية إزاء
لغتها، فقدمت كل منها دعماً فائضاً، وتكفلت بجميع احتياجات الأساتذة والطلبة
والوسائل التعليمية والمادية، بل ووضعت أيضاً حوافز مغرية، حتى يلتحق أكبر
عدد ممكن من الطلبة بقسم لغتها!
وبقي أساتذة اللغة العربية السبعة في القسم يرقبون ماذا يحدث؟ وينتظرون
ماذا يقع من حكوماتهم العربية الإسلامية، فطال الانتظار، ولم يحدث شيء!
فقرروا إشعار المعنيين لعل قرار الحكومة الجديد لم يصلهم، أو لم يذكر كثير من
حكام العرب المسلمون في غمرة الحياة السياسية، فتوجهوا إلى سفارات الدول
العربية الممثلة في غانا، وعددها ست سفارات، وقد وجدوا من ممثلي هذه
السفارات لقاءاً لبقاً وودياً، وترحيباً فيّاضاً، ووعوداً معسولة فاطمأن لها الأساتذة
وتنفسوا الصعداء.
ولكن الأيام توالت والشهور مرت، والأساتذة يراجعونهم حيناً بعد آخر فلا
يجدون منهم غير اعتذارات كثيرة ومبررات واهية ووعوداً عرقوبية! ! فقرر
الأساتذة جزاهم الله خيراً العدول عن السفارات إلى الهيئات والجمعيات العربية
الإسلامية، والثقافية والخيرية المهتمة بنشاط الدعوة، فراسلوا مؤتمر الدول
الإسلامية بهذا الخصوص، وبعضاً من الهيئات والجمعيات العلمية العربية،
ومجامع اللغة العربية، والمراكز الثقافية، بل وبعض الشخصيات العلمية التي تهتم
بمثل هذه الموضوعات، فتلقوا ردوداً مختلفة، ومنهم من أرسل مبعوثه لمعاينة
المكان أي لجامعة غانا لدراسة الموضوع عن كثب مع الأساتذة، ورفع تقريراً بعدها
مفصلاً ومأساوياً عن وضع اللغة العربية إزاء اللغات الأخرى! ! ولكنه مع الأسف
الشديد منذ ذلك الحين لم ير له أثر! !
ومرت السنتان والثلاث والأربع، فحزم خمسة أساتذة حقائبهم وغادروا
الجامعة نهائياً بعدما ساءت حالتهم المادية، ليبحثوا عن عمل في مكان آخر وقرر
البقية مواصلة جهودهم مصرين على المواصلة مهما كان الأمر ومهما ساءت الأمور.
يقول الأستاذ: وأخيراً فوجئنا بقرار الجامعة في هذه الآونة ومضمونه كالآتي: نظراً لما لوحظ على قسم اللغة العربية من تدهور في نشاطه العام وعدم توفر
الشروط المتماشية مع لوائح النظام الجامعي لبقائه، فإنه تقرر إلغاء هذا القسم
تدريجياً بدءاً بالسنة الأولى إلى السنة الرابعة على مدى أربع سنوات ابتداءاً من
السنة الدراسية المقبلة 95/1996 م، وتحل محله اللغة القادرة على توفير الشروط.
ويواصل الدكتور حديثه والألم يبدو على قسمات وجهه: وما أن صدر القرار
المذكور بأيام حتى شهدنا رجالاً من الشيعة الرافضة يتحركون في الجامعة بين
الإدارة والوزارة بسعي حثيث، ولما تتبعنا خطاهم أخبرنا بأنهم قدموا طلبهم
يحاولون بكل ما يملكون من جهد ووسائل إحلال اللغة الفارسية محل اللغة العربية،
وهم مستعدون أن يوفروا كل الشروط وزيادة في هذا المجال! !
ويقول محدثي: ولا يستبعد حسب الإشارات والأمارات والأخبار أن تفتح
السنة أولى فارسية مكان السنة أولى عربية الموءودة في الموسم الجامعي المقبل! !
فقلت مواسياً ومتحسراً لمحدثي: وماذا بوسع مثلي ومثلك أن يفعل؟ ومنذ
سنتين مضتا أغلقت الجامعة الإسلامية بالنيجر لمدة سنة ونصف، وهي التي تموّل
من قبل مؤتمر الدول الإسلامية! ! وليس القسم كالجامعة! ! فإني أخاف أن يكون
قول حافظ قد صدق حقاً، وها هي ذي اللغة العربية توأد في هذه الرقعة التي
يسكنها 54 % من المسلمين الراغبين في تعلم لغة القرآن والإسلام وكأن شيئاً لم
يكن! ! فهل من مجيب؟ ! وأين التشدق بالقومية والهوية والأصالة! وإلا فعفن
السياسة العلمانية المنبطحة قد طغى على كثير من حكام العرب والمسلمين! فهل
تموت العربية في غانا؟ !
ثانياً إيران تبني جامعة في كينيا:
ذكر النائب الثاني لرئيس حزب فورد كينيا الحزب المعارض للحكومة
البروفيسور/ راشد مزي، أن هناك خطوات جارية لبناء جامعة في منطقة الساحل
بكينيا، ذكر ذلك فورد فور رجوعه من زيارة استغرقت أسبوعين إلى إيران تلبية
لدعوة قدمت إليه لحضور ذكرى الثورة الإيرانية الخامسة بتاريخ 4/6/1994 م،
مع زميله/ فارح معلم عضو في البرلمان لمنطقة لغنيرا كما ذكر أنه على اتصال
بالسفارة الإيرانية لتنفيذ الخطة، وأن الكلام حول المشروع المذكور قد تمت مناقشته
خلال زيارته مع مندوب دولة إيران للشؤون الإفريقية ونائب وزير الدراسات العليا
الذي أيد الفكرة.
كما أكد بأنه واثق كل الثقة أن الحكومة الكينية لن تعارض الأمر لأنه في
مصلحتها، وذكر أن المندوبين الإيرانيين سيأتون إلى مدينة ممباسا لدراسة الوضع
بهذا الخصوص، وأضاف قائلاً بأن الحكومة الإيرانية قد وعدت بتقديم عشرين
(20) منحة دراسية سنوياً لمن يريد من الشباب الكينيين الالتحاق بجامعاتها،
والهدف واضح كالشمس في رابعة النهار.
تعليق:
هذه إيران الدولة الرافضية تقدم كل الجهود لنصرة عقيدتها وإيجاد موطئ قدم
لها في كل مكان، لاسيما في إفريقيا التي تكاد تكون خالية من مذهبها بعد سقوط
دولة بني عبيد الباطنية في مصر، إذ تصطفي بعض الشباب الأفارقة الذين توفر
لهم كل الإمكانيات للدراسة في جامعاتها وحوزاتها العلمية، وتستقطب بعض
المسؤولين الذين لا يعرفون حقيقة مذهبها، وها هي تقوم بالعمل المتواصل لبناء
جامعة رافضية في كينيا.
فماذا فعل أكثر أهل السنة سوى الكلام، بل إن الجامعات الإسلامية في
بعض الدول العربية لم تعد تقبل الطلاب من الدول الإفريقية إلا في أضيق نطاق،
بينما إيران تشرع لهم الأبواب؟ إن الأمر جد خطير إذا لم تتخذ كل السبل لقطع
الطريق على الرافضة وتوعية الشعوب المسلمة بما تخطط له إيران وملاليها، فهل
نعي عظم الخطر أم على قلوب أقفالها وأولئك يعملون ليل نهار؟ أدركوا إفريقيا
فإنها قارة المستقبل قبل أن يسبقكم إليها القوم بمخططاتهم ولامبالاتنا! .
- البيان -