الورقة الأخيرة
ثمن الكرسي
أحمد العويمر
في كل دول الدنيا، يرشح الوزير لمؤهلاته العلمية، ولتجربته العملية ليتمكن
من إداء رسالته على الوجه المطلوب، انطلاقاً من إيمانه بالأيدلوجية العقدية
والفكرية التي تدين بها أمته، غير أن جل ديار العرب والمسلمين في هذا الزمان
عندما يرشح الوزير فيها إنما يعود أمر ترشيحه إما لصلة حزبية أو لنزعة عشائرية
أو لصداقة خاصة أو لترشيح الحزب ذي الأغلبية، فهي في الغالب معايير لا تمت
للعلمية بصلة ولا للمعرفة العملية بأي رابطة.
ولذلك ستكون عطاءات وزارة (سعادته) إن وجدت راجعة في الغالب على ما
بناه سابقه، وقد يتهور بنصيحة بعض المستشارين إياهم فيهدم ما بناه سلفه وتعود
الأمور «حيص بيص» ، وفي النهاية إما أن يقال الوزير أو تقال الوزارة لفشلهما
في أداء ما هو مناط بهما من مهام.
وفي أثناء ممارسة سعادته لمهام وزارته فإن عليه شروطاً يلزمه أن ينفذها ثمناً
لبقائه في الكرسي، ومنها:
* الثناء المنقطع النظير للمعطيات التي جاء بها الزعيم الهمام والتي انتشل بها
البلاد وساهم في تطورها والتي لم يأت بها سواه، وتلك المعطيات سيستمر المديح
لها حتى ولو لم يرها الشعب.
* الدعوة لإعادة ترشيح الزعيم لأن البلد لم تنجب مثله ولن تنجب غيره وعليه
البقاء في الحكم حتى تقبض روحه أوأن يطاح به.
* الدعوة بمناسبة وبغير مناسبة لعلمنة المجتمع: ليس بفصل الدين عن
السياسة، وإنما لفصل الدين عن الحياة.
* المعارضون في نظره ليسو سوى شلل وغوغاء لا يعرفون (ألف باء)
السياسة، ولو أتيح لهم المجال لأودوا بالبلاد إلى الخراب والدمار وعليهم أن يعيشوا
على هامش الحياة إن لم يكونوا في غياهب السجون إن لم يكونوا على أعواد
المشانق.
* أن أسلمة المجتمع تخلف ورجعية وأن الدعاة لذلك متطرفون وإرهابيون وأن
على المجتمع وفئاته أن يعيشوا حياة ليبرالية لا تقيم لثوابت الدين أي احترام، بل
وعلى الحكومة أن تتخذ من البرامج والخطط ما يجفف منابع الإسلام خوفاً من نشوء
الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى.
إن لم يؤمن الوزير بهذه «الأفكار المتطرفة» ويعمل جاهداً على تنفيذها فإن
بقاءه في كرسيه مشكوك فيه.
قولوا لي بربكم: هل هذه الأفكار أساليب عمار أم أساليب دمار؟ وهل أولئك
الذين يدعون لتلك السياسات الخرقاء بناة أم هدامون؟ وهل هم مسلمون حقاً أم أنهم
أدعياء ومنافقون لأنهم لا يقيمون للدين وزنا؟ وهل تستطيع مثل تلك الدول أن
تسير إلى الأمام أم ستسير إلى الهاوية؟
قاتل الله اليهود فتلك مخططاتهم، وقاتل الله من سار على نهجهم ما أجهلهم،
والله نسأل أن يرى العاملين للحق ما تقر به العيون وما تصلح به الأحوال، رغم
كل المعوقات، وأن يخزي أعداء الإسلام وأن يريهم نهايات باطلهم المحتومة.
[ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله] .