المسلمون والعالم
رؤية في حدثين
د. عبد الله عمر سلطان
لم يجد وزير الخارجية الأمريكي من عبارة لوصف دخول الشرطة الفلسطينية
إلى غزة وأريحا سوى القول: «إنها تجربة تشبه التجربة المثيرة التي نراها اليوم
في جنوب افريقيا» ، وما أبعد الشبه وأخبث المقارنة بين تجربة جنوب افريقيا
التي عادت لتُحكم وتسير وفق رأي أهلها، وبين «الجيب» الاختباري الذي
يحاول المستفيدون من وجوده أن يروجوا له، ويربطوا بينه وبين تجربة الأفارقة
الجنوبيين.
ولكن مهلاً، قد يكون هناك شيء من التشابه بين هذا الحدث، وذاك ربما
يكون هناك خيط رفيع يربط المشهدين، والمسرحين، والجمهور الفاغر فاه لهثاً
وراء ما تخبئه بقية الفصول التي اعتاد الجميع أن تكون مأساوية وفي اتجاه واحد،
والجمهور الذي يهنأ بلذة النصر على الظلم بعد كفاح مرير، ولنتأمل ملامح الشبه
بين الروايتين:
أولاً: كلا المشكلتين في الجنوب الأفريقي أو فلسطين المحتلة بدأت مع انتشار
الرجل الأبيض وحضارته المشينة، التي كانت تحمل الإنجيل المحرّف بيد بينما
تنشغل الأخرى في صب الرصاص والبارود باتجاه سكان العالم من غير البيض،
الرجل الأبيض الذي ينظر إلى نفسه باعتباره مخلوقاً فوق البشر الآخرين كان من
حقه أن يعلن وهو يطأ القدس (بظلالها الإسلامية) انتهاء الحروب الصليبية كما فعل
الجنرال اللنبي أو أن يمارس الصيد البشري في حق سود جنوب افريقيا وملونيها
لأنهم دون البشر، الذين يحملون الدماء والأعين الزرقاء.
ثانياً: كلا الكيانين العنصريين في جنوب افريقيا أو في كيان الصهاينة لم يكن
ليكتب له الاستمرار والبقاء لولا الدعم الغربي المادي والمعنوي المباشر ورغم
تعاقب الشعارات التي بدأت منذ إطلاق الفكرة السخيفة التبريرية بأن الاستعمار جاء
ليطور الشعوب المحرومة، وحتى شعارات «ولسون» وعصبة الأمم في تقرير
حق الشعوب، إلى إعلانات الأمم المتحدة ودساتيرها الطنانة بالرغم من توالي كل
هذا الطنين الهائل، فإن الغرب لم يغير موقفه العملي من هاتين التجربتين
المروعتين، بل ظل ينظر إلى هذين الكيانين باعتبارهما امتداداً حضارياً له بكل
شمولية التجربة الحضارية وتعقيدها.
ثالثاً: ظلت جنوب أفريقيا كما ظل العدو الصهيوني نموذجاً آلياً لما تعنيه
العنصرية والتفرقة على أساس الجنس أو العرق (وأهم من ذلك الدين) فالآبارتايد
التي تعني بلغة المستعمرين البيض التفرقة على أساس اللون والصهيونية كلاهما
كانا ولازالا وجهين لنفس العملة التي جرمها العالم ودوله ومنظماته الدولية عبر أكثر
من عقد، وحتى سقوط نظام التفرقة في جنوب افريقيا التي ظلت تجربتها ممقوتة
ومقاطعة دولياً، بالرغم من الخطوات والمبادرات الإيجابية للبيض لحل هذه
المعضلة، بينما حظيت الصهيونية بدعم أمريكا خصوصاً حتى أجبر العالم في ظل
«النظام العالمي الجديد» أن يبتلع اعتراضه ويدوس على قراراته السابقة لكي
تشرق شمس الصهاينة في ظل الحرب الصليبية.
رابعاً: في ظل هذا المشروع الغربي القذر، وبالدعم الدولي لدوله المنتصرة
في هذا القرن، ومع تزامن الاعتراض الدولي الصوتي غالباً والدبلوماسي أحياناً،
أظهرت الشعوب الأفريقية المجاورة، والدول العربية المحيطة بفلسطين، فشلاً تلو
فشل، وكشفت المواجهة المفروضة على هذه الأمم عن فجوة حضارية هائلة،
وغباء سياسي لا مثيل له، لاسيما حين كان يحارب المهزوم والمظلوم بسلاح ظالمه
وعقيدة من قهره، وهذا بحد ذاته كان دافعاً لطرح أسئلة ضرورية وبدهية حول
الكينونة والذات والجذور الحضارية، وإجابات هذه الأسئلة هي البداية الصحيحة،
لتصحيح المعادلة القائمة.
خامساً: وهنا، ومع تراكم هذه العوامل هب السود في افريقيا مطالبين
بحقوقهم وأرضهم وثرواتهم ... ، بل قبل ذلك بإنسانيتهم، بينما كان شعب فلسطين
المسلم يدفع بالدم الأحمر كل يوم ليغذي روح الجهاد والانتفاضة في وجه الظالم،
ومن يقف وراءه ويستتر بدرعه وآلته العسكرية العجيبة.
أنا أزعم أن عوامل الشبه وتقاسيم الملامح تتنتهي هنا، ليبدأ مفترق طرق قاد
تجربة جنوب افريقيا نحو الانتصار، بينما قاد قضية فلسطين نحو وضع أقسى من
الاحتلال المباشر، وأفظع من التسليم بمفرداته التي تلاشت مع الدخول الهزيل
لقوات القمع الفلسطينية الناشئة.
لماذا نجح «مانديلا» ؟
هذا التساؤل الملح طرحه العديد من المراقبين والمهتمين والمندهشين، وهم
يرون «نلسون مانديلا» يُقْسم رئيساً للدولة الجديدة في جنوب افريقيا، وأكثر ما
أثار دهشة هؤلاء هو مقارنة مصير فلسطين المظلم بالرغم من عدالة قضيتها مع
واقع مشروع «مانديلا» الذي انتهى إلى انتصار باهر ولهذا التساؤل مكانه
المشروع وأهميته البالغة.
لقد اجتمع لمشروع «مانديلا» القائم عدة عوامل لابد من وضعها في
الحسبان عند تناول القضية، بعضها يمكن الإفادة منه كونه تجربة بشرية وتحركاً
إنسانياً يستفاد منه، لاسيما لأولئك الذين تصدوا لحل مشكلة فلسطين من أبناء جلدتنا، نجح «نلسون مانديلا» بعد ثمن باهظ وكفاح لاشك في مرارته، فقد نفي هذا
الرجل الذي حمل قضية أبناء جلدته إلى جزيرة روبن عام 1964 م ومكث في
السجن أربعة وعشرين عاماً، حمل فيها هم أمته، ويقول تعليقاً على ذلك: «
طردت من الجامعة في أول سنة لي فيها، وكنت ابن تسعة عشر عاماً بعد أن قدت
اعتصاماً داخل مبنى الجامعة، بعدها عرفت أن هذا الطريق مليء بالمفاجآت وأن
هذه البداية، مجرد بداية» ، ولم يثن هذا الأمر «مانديلا» عن قناعته، فظل
تحت المراقبة والملاحقة حتى اعتقل عام 1956 م لمدة عام بتهمة إثارة الشعب، ثم
أعقب ذلك قرار بحظر نشاط «المؤتمر الوطني الأفريقي» فاندفع «مانديلا»
نحو العمل السري وانشأ عام 1961 م جناحاً عسكرياً تابعاً للمؤتمر، وإثر ذلك
اعتقل ثم أدين عام 1964 م، وحكم عليه بالسجن المؤبد وحينذاك قال: «ظننت
أن الحياة لا طعم لها بعد شهور من السجن.. كدت أن أنس ما معنى الحياة، لكني
لم أنسَ أنني كنت أعيش لقضية تستحق أن أدفع حياتي ثمناً لها فضلاً عن أن
أنساها..» .
ولنا أن نقارن بين هذا الرجل الضال الذي كان يتخذ من الماركسية نموذجاً
بالرغم من نصرانيته، وبين قيادات العار التي قادت قضية المسلمين الأولى كانت
قيادة المنظمة تعيش في الفترة التاريخية نفسها، ولكن ممارستها أبعد ما تكون عن
طريق التضحية التي مارسها كافر، فضلاً عن متابعة طريق الحق والرشاد، لقد
رفض «مانديلا» أن يفرج عنه ليمضي كدمية تقبل بشروط المؤسسة الحاكمة في
جنوب افريقيا، وفضل السجن على الحرية العوراء، حدث هذا مرتين عام 1973
م وعام 1984 م، ولما كان يسأل كانت إجابته: «لقد سجنت لرفض التفرقة
العنصرية، وسأقبل الإفراج عني شريطة أن ترفع هذه التفرقة البشعة» ، لقد قبل
«مانديلا» السجن لمدة ربع قرن، ثم اضطر الجلادون أن يفرجوا عنه بعد ما
رأى العالم كيف يستطيع فرد أن يرتفع بقضية إلى الآفاق البعيدة، وكيف تستطيع
قيادات أخرى أن تهوي بشعبها وتاريخها ودمائها إلى تلك الهوة السحيقة، وهي
تعيش عيشة الأباطرة، وتمارس النضال على الفرش الحريرية والبسط الحمراء،
ثم تُقْتَنَص كالطيور المرعوبة في قصورها الصغيرة أو على الشواطىء حيث لقي
بعض قادة التهريج النضالي لقضية فلسطين حتفهم وهنا يحضرني مقال «زهير
محسن» الذي اغتيل في مدينة «كان» الساحلية بفرنسا حيث كان يمارس النضال
السياحي! ! بعيدة هي القيادات الفلسطينية بأنانيتها وتهريجها وقصر نظرها ونزقها
وطفولتها السياسية، مقارنة بالمواصفات القيادية المتميزة التي صقلتها التجربة
والممارسة في المثال الذي نطرحه للمقارنة.
لقد علق «جفري بارثولت» المعلق الأمريكي على هذا البون الشاسع بقوله:
«قيادة تصنع الحدث وأخرى تلهث لتظل في دائرة الحدث» ، ونحن نقول: قيادة
تعرض عن شعبها وعقيدتها وعمقها لتظل تحكم ولو شبراً من الطين وأخرى ترفض
أن تتاجر بآلام من ائتمنوها على قضيتهم حاضرهم وغدهم.
إن من الظلم بمكان أن نقارن بين القيادتين رغم المعطيات المتعددة التي
سنحت لعرفات وشركاه فأصروا دوماً على أن يختاروا مقعد القيادة بأي ثمن ولو كان
هذا الثمن باهظاً وغالياً وثميناً، كقيمة القدس ومنزلة الأقصى في قلب كل مسلم،
إن من المفارقة حقاً هنا أن شعب فلسطين قد خاض حرباً ضروساً في وجه الاحتلال
تزيد ضراوتها وتضحياتها على تلك التي شهدتها جنوب افريقيا، لكن جهاد الشعوب
قد يذهب أدراج الرياح في ظل قيادات الترهل والعجز، وهذا أبلغ الدروس التي
يجب أن يستفيد منها الشعب الفلسطيني الآن، وهو يشهد بالرغم من الاتفاق الهزيل
ذروة اشتعال المقاومة والجهاد، فالقيادات التي سطرت الاتفاق الهزيل بأي ثمن
سيطويها الزمن، وحينها ستُظهر الأحداث القيادات الراشدة التي تصبر وتصابر
وترفض الانحناء إلا لربها، وهناك ستبدو تجربة «مانديلا» حتى من الناحية
القيادية ضئيلة، ولكم أن تتأملوا بذرة الصمود التي وضعها الشيخ المقعد المصابر «
أحمد ياسين» ، وهو يواجه بجسده المشلول أعتى قوى الجبروت الوحشية.
وإذا وضعنا في الحسبان الفارق بين القيادتين، نجد عاملاً آخراً لا يقل أهمية
عن هذا العامل، وهو يتمثل في جوهر الصراع في فلسطين، حيث يمثل ذلك
الصراع امتداداً للحرب الصليبية اليهودية التي شنت على أهل التوحيد المضطهدين
في الدعوة، وحتى ظهور الملاحم والفتن، فالحرب في جنوب افريقيا كانت لا
تحمل البعد العقدي، بعد أن روض الرجل الأبيض افريقيا السمراء ونصّرها
وألحقها بمنظومته الحضارية، وإن كان ينظر إليها نظرة العبد المقود والمسيحي
الوضيع، فالإسلام إذاً غائب عن هذه المعادلة، وفي ظل التغيرات الدولية وانقشاع
خطر الشيوعية، وتحول «مانديلا» من شيوعي أحمر إلى متعصب للرأسمالية
وأنصار الليبرالية بمفهومها النصراني وجذورها اليونانية فلا يوجد سبب للقلق
داخلياً أو خارجياً، فهذه الدولة ستظل انعكاساً لحضارة الرجل الأبيض تستورد قيمه
ومبادئه وديموقراطيته، وستهتم بقضاياها الداخلية وكيف تحسن من وضع الإنسان
الأسود المسحوق، الذي سيدور في النهاية حول رحى القوى الغربية، «لن يكون
(مانديلا) خطراً على الحضارة الغربية فليس لديه (جرثومة الأصولية) أو فكرة نشر
(حضارة مغايرة) » كما يقول المعلق الأمريكي «ساوندرز» ، بينما نرجع إلى
فكرة «جفري برثولت» عن ماهية الصراع العربي الإسرائيلي، حيث يعلق على
دخول اتفاق غزة/أريحا أولاً حيّز التنفيذ بقوله: «سواء أكان هذا حسناً أو سيئاً فإن
جنوب افريقيا اليوم تتعامل مع واقعها الشاب، ومهما كان الماضي قاسياً وخاطئاً
فإنه من البقايا التي ينظر إليها بسماح وعفو، أما هناك في الأراضي المقدسة فإن
الوضع يختلف فالتاريخ حاضر، منذ إبراهيم عليه السلام الذي يعتبر نبياً لدى
اليهود والمسلمين، وهذا الماضي يطل كسحابة داكنة يحكم الحاضر ونقاشاته،
ويسحبه إلى الوراء بالرغم من توالي القرون ... » .
الصراع حتى في منظور أولئك المحايدين نظرياً صراع عقدي حضاري
طويل ولاهث لا يمكن حله على الطريقة «المانديلية» ، لأن المعادلة فيه أن نكون
أو لا نكون، والغرب يرفضنا مهما تصنعنا الذل وتعلمنا العبودية لأن الحق أخبرنا
أن هذا النفق ليس له من مخرج إلى أن نتبع ملتهم كما اتبع «مانديلا» ملتهم،
فرضوا عنه، ولكن ضمن المعادلة نفسها، التابع والمتبوع، السيد والعبد، الأبيض
«السوبرمان» والمملوك المنبوذ..
ونتيجة لذلك العامل وذاك الإطار، فقد نجح «مانديلا» حينما أثبت للغرب
أن قضيته معه محصورة في رفع التفرقة غير الإنسانية التي تمارس ضد السود من
بني جلدته، وفي سبيل هذا سعى منذ خروجه من السجن قبل ثلاث سنوات إلى
إثبات اندماجه العضوي ضمن قواعد ومفردات الغرب النافش ريشه اليوم، أعلن
بعد خروجه من السجن تمسكه بالليبرالية الغربية وديمقراطيتها وتجاربها الغربية
الرائجة، ثم أعلن بلا مواربة أنه كان مخطئاً أو مبالغاً في إعجابه بالشيوعية أو
الاشتراكية ورغم كونهما نبتتين غربيتين ثم خطى الخطوة المهمة والحاسمة حينما
أدرك بعد جولته التاريخيةفي الولايات المتحدة بُعيد الإفراج عنه، أن عليه أن
يتقرب ويتودد ليهود العالم، فأعلن دون تردد عن بالغ أسفه واعتذاره عن موقفه
السابق والقائل بأن الصهيونية صورة من صور العنصرية، إنها ليست كذلك، هكذا
اكتشف الزعيم الواقعي قواعد اللعبة وحصل على جواز السفر الذي قُبل بموجبه
عضواً بارزاً ورصيداً مهماً، فزاد هذا من بريقه ولمعانه، فقصته وتاريخه وكفاحه
ثروة وجهت نحو رصيد هائل لنجاحات الغرب، ومن يقبل أن يوظف كل هذه
المعطيات المهمة في اللحظة المناسبة وبالأسلوب الذي يكفل إعادة التأهيل، ثم
الانطلاق في شرايين هذه الحضارة المتوحشة التي توظف كل من يقبل بشروطها
وقواعد لعبتها.
الحقيقة التي تصفعنا:
الحقيقة التي تصفعنا شئنا أم أبينا أن نموذج غزة/أريحا أولاً هو نموذج إقليم
«بانتوستان» وهو إقليم كان يقطنه السود في ظل الحكم العنصري البائد،
ويحكمون أنفسهم ذاتياً ويمارسون فيه ضبط العناصر التي تقلق أمن البيض كما
يجمعون القمامة بطريقتهم الخاصة، ويوزعون الحصص الدراسية حسب اتفاقهم،
ويحق لهم سماع طبولهم التقليدية، وإصدار الطوابع التي تحمل اسم «الكانتون» !!، لكن كان لهم حرية أكبر في المجال الاقتصادي وعبور البشروالتجارة الخارجية.
لقد رفض «مانديلا» دولة «بانتوستان» ليقبل «فخامته» بأقل منها بكثير
بعد شهور من إراقة ماء الوجه والمفاوضات الشاقة التي انتهت بمهرجان التوقيع
الأخير الذي أثبت للعالم الذي كان يتابع حفل الاتفاق أنه يشاهد مسرحية بكل ما
تعنيه الكلمة من قيمة ترفيهية، وأن التهريج السياسي قد يكون أكثر فكاهة من
الترفيه التجاري القائم.
إن الحقيقة التي تصفعنا اليوم تقول لنا مرة أخرى: إن علينا أن نختار موقعنا
في الوجود، فإما أن نكون وإما أن لا نكون، لأن الحل المطروح والقيادة الحالية
في شأن القضية الفلسطينية يقودان حتماً إلى الإندماج في الكيان الصهيوني،
والالتحاق بركب المنتصر الذي قهرنا بالسلاح الفتاك دهراً، ثم روضنا إلى شباكه
تحت شعار السلام والاستقرار والسوق الشرق أوسطية.
إن العالم اليوم لا يعترف إلا بلغة القوة ومفرداتها، ولا يؤمن إلا بجبروت
المنتصر الذي يمارس استعماره بشتى الطرق والوسائل السياسية والاقتصادية
والإعلامية، ومن كان يصدق أو يلهث وراء المبادىء والشعارات فعليه أن يتأمل
في واقع البوسنة، ودفاع «مانديلا» السابق عن حق فلسطين في الوجود وتجريم
الصهيونية الغاشمة وجرائمها.
لازلت أتذكر دفاع بعض الدعاة والإسلاميين الحار عن «مانديلا» الذي وقف
في وجه الصهيونية واليهود، أما اليوم فالأحداث المتوالية والحقائق الدامغة لا تفسح
مجالاً لأنصاف الحلول أو التمييع أو التسطيح، ولهذا نال شعب افريقيا الجنوبية
حريته وفق قانون ومعايير الغرب النصراني، بينما نال شعب فلسطين ومجاهدوه
المصرون على المقاومة هدية رمزية وهي قوة قمع تطارد فيه روح الإسلام الذي
هو المستهدف في هذا الصراع، وشتان بين مظلوم ينال حريته، ومقموع يصب
عليه مزيد من القهر والعسر الذي لابد أن يعقبه اليسر، حسب وعد الله المحتوم.