الصفحة الأخيرة
جمال سلطان
وأخيراً استُقبلَ سلمان رشدي استقبال الفاتحين المغاوير في البيت الأبيض
الأمريكي، وأنعم عليه رئيس أكبر دولة في العالم اليوم، بشرف المقابلة التي تنم
عن اعتزاز وتقدير وامتنان لجهوده المتميزة في خدمة الإنسانية! وكان هذا الحدث
هو ذروة مسلسل التكريم والتبجيل الذي تلقاه شاتم الرسول ومُحَقّر أقداس الإسلام،
في مختلف الدول الغربية، وفي مقدمتها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حيث شرفته
وكرمته وقابلته قياداتها السياسية العليا، وقد صرح الرئيس الأمريكي عقب المقابلة
بأنه أراد أن يبلغ العالم الإسلامي رسالة، وهي أن أمريكا تحترم حقوق الإنسان
وفي مقدمتها حقه في حرية التعبير، وهي فروسية أمريكية لم تظهر إلا ضد الإسلام، ومع حرية من ينتهك شرف المسلمين وكرامتهم.
ومما يذكر في هذا المقام أن شعب البوسنة والهرسك ظل يذبح على مدى
عامين في أبشع جرائم العصر، وظل الرئيس البوسني يلح على مدى العامين على
مقابلة الرئيس الأمريكي، وظل البيت الأبيض يتفلت من الطلب متجاهلاً قصة
حقوق الإنسان ومن أعظمها حقه في الحياة، حتى ذهب رئيس وجاء رئيس، وظل
التجاهل، حتى فاحت رائحة التآمر والتواطؤ، فأنعم عليه الرئيس الأمريكي باثنتي
عشرة دقيقة مقابلة، أخبره فيها بلباقة أمريكية: آسف لا أستطيع أن أفعل لك شيئاً!
ومازالت الناس عاجزة عن فهم المعادلة: كيف يكون حق كاتب في السباب والقذف
أهم من حق شعب بكامله في الحياة عند أوربا المتحضرة وأمريكا المستنيرة؟ !
أعتقد أن تلك الرسالة قد وصلت، وسيظل العِرْض الإسلامي مستباحاً، عقيدة
وإنساناً، مادام وضع هذه الأمة في العالم لم يجاوز بعد: عير الحي والوتد!