أخطار الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في ألبانيا
عبد العزيز طيفور
إن الحرية التي تتمتع بها الكنيسة الرومية الأرثوذكسية في ألبانيا دفعتها
لاختيار قس يوناني لرئاستها في ألبانيا بعد تزكيته من قبل البطريركية الرومية
الأرثوذكسية في اسطنبول، ولم تسفر معارضة القساوسة (البطارقة) الألبان رغم ما
بذلوه من معارضة اتخذت الصحافة وبعض وسائل الإعلام لها منبراً، وتم بموافقة
الحكومة الألبانية اعتماده رئيساً لأساقفتها وهو البطريق (باتو لاتوسي) .
وعمد هذا البطريق اليوناني إلى اختيار قساوسة لكل مدينة من مدن الجنوب،
وممن أختارهم: القس البطريق كريستوف استومي، لمدينة جروا كاسترا، وقد
كان يتردد عليها من مقره في يانيا بشمال اليونان، ومن نتائج حركته التي اتخذت
طابعاً ديبلوماسياً تمكن من خلاله من تنفيذ مخطط نتج عنه تهجير كمًّ هائل من
الألبان تحت ضغط المعاناة المعيشية متخذاً أسلوب تغيير الاسم المسلم إلى نصراني
سبباً للحصول على تأشيرة الدخول التي يتيسر له العمل بها، كذلك دعمه
للأرثوذكس من الأصل الألباني، أو اليوناني لشراء الأراضي في الجنوب حتى بلغ
به أن جاهر بدعوته في حث الأرثوذكس على المطالبة بالإنضمام إلى الشمال
اليوناني بحكم أنها امتداد طبيعي لخارطة اليونان، بدليل انتشار عضوية الحزب
اليوناني الذي سيطر على بعض البلديات في انتخابات المجالس البلدية بالجنوب
الألباني.
وبعد طول متابعة لما يجري على مرأى ومسمع من أهل الجنوب، بدأت
الحكومة الألبانية في جمع الحقائق والمعلومات، ثم وجهت له الانذارات التي انتهت
أخيراً بالقرار الصادر في 25/6/93 بإبعاده من البلاد، وتم ذلك في 26/6/93،
وعندها بدأت ردود الفعل اليونانية وبصورة عاجلة بطرد 1500 مهاجر، واعتقال
4500 بدعوى دخولهم إلى البلاد وتسللهم بدون أوراق ثبوتية، ثم تلاحق الطرد
للمهاجرين الألبان إلى أن وصل إلى حوالي 20 ألف مهاجر، علماً بأن اليونان
كانت قد أقامت لهم معسكراً حول مدينة سيلانيك [*] أكبر مدن الشمال اليوناني،
والمتاخمة للحدود الألبانية على الطريق المؤدي إلى اسطنبول حيث مقر المنظمة
التي تدعى منظمة شمال اليونان (Vorio صلى الله عليه وسلمpir) ويتم فيها اعتناق الأرثوذكسية من
قبل هؤلاء المهاجرين الألبان.
ثم بدأ الإعلام دوره في تغطية ما يدور، متخذاً أسلوب صرف الأنظار عن
موضوع الإبعاد، حيث أذاعت اليونان خبراً مغايراً فادَّعت أن ما تم تنفيذه من
الإبعاد إنما كان لاتفاق سابق تم في اجتماع سابق بين السيد صالح بريشة رئيس
الجمهورية الألباني، ورئيس الوزراء اليوناني، ودعمت ذلك إذاعة لندن الـ رضي الله عنه.
رضي الله عنه. C في تبرير موقف اليونان، وآخر مارددته الإذاعة اليونانية، تصريح
الرئيس الروسي بوريس يالتسين في زيارته لليونان ضمن خطابه الذي ألقاه في أثينا
تحت شعار حماية الأرثوذكسية بكل الوسائل، ومواجهة هجمات المسلمين أينما
كانوا، وتكلم بشدة ضد ألبانيا.
ولا تزال اليونان تذكي نار الفتنة في جنوب ألبانيا حيث قامت عدة تظاهرات
تندد بالرئيس صالح بريشة، وتؤيد موقف اليونان، مما يؤكد فعالية الأيدي الأجنبية
التي لا تزال تعمل داخل ألبانيا.
أخي المسلم:
لا يخفى على أحد أن ما يجري في منطقة البلقان ابتداءً بالبوسنة وتمهيداً
لكوسوفو وإعداداً لألبانيا، يشبه المؤشرات التي سبقت وانتهت بالحرب العالمية
الأولى والثانية، وقد لاحت في الأفق ملامح حرب عامة وصارت قاب قوسين أو
أدنى، فقد تكالبت كل أطراف الأرثوذكسية بكل بشاعتها ووقاحتها وتحرشاتها
السافرة سواء من اليونان بما يجري الآن في جنوب ألبانيا، أو من صربيا وقناصتها
في شرق ألبانيا التي لا تزال تنال من الشعب الألباني بين فترة وأخرى.
إن موقف هذا الشعب الذي لا تزال آثار الشيوعية عالقة بسحنته شحوباً وفقراً، يتطلب حماية ووقفة تذكره بإسلامه وتدفع عنه وتواسيه.
إن ضرورة الوقوف بجانب الحكومة والشعب الألباني المسلم يحتمها الإسلام
في دعم المواقف والمؤازرة، لذلك قامت الجمعيات من خلال مجلسها التنسيقي
بإعداد وترتيب الجهود في جمع ما يمكن توفيره من المساعدات لمساعدة هذا الكم
الهائل من المهاجرين الذين افتقروا إلى المأكل والمشرب والملبس والدواء زيادة
على ما تعانيه دولتهم من البؤس وقلة المؤونة.
لذلك نهيب بأهل الخير والإحسان أن يعملوا كي تتضافر الجهود لدعم ونصرة
هؤلاء المستضعفين والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. (وأهل
المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) ، والله يجزي المحسنين خيراً.