الصفحة الأخيرة
جمال سلطان
قديماً قالوا: إن من الجهل جهلاً مركباً، وهو أن يجهل الإنسان ثم هو يجهل
أنه يجهل. ذكرني بهذه الكلمة تلك الفتاوى التي ظهرت مؤخراً حول الفن والفنانين، وهي فتاوى رسمية أحياناً، وشبه رسمية أحياناً أخرى، من هؤلاء النفر
المنتسبين إلى العلم والدعوة ممن يحرصون على الظهور بمظهر المستنيرين
والمتحضرين والمتسامحين! !
وهذه الفتاوى استدرجهم إليها بعض الخبثاء، ومجلات الغواية والفتنة، لكي
يشوهوا بها الدلالة الرائعة لتوبة بعض الفنانين والفنانات ولزومهم هدي الله وهدي
نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم -، حيث أتت بيانات وتصريحات هؤلاء
الفنانين واضحة حاسمة، بأن ما يحدث مما يسمى الفن إنما هو تضليل وغواية
وإفساد لمجتمعات المسلمين، وشبابهم وشاباتهم على وجه الخصوص، والشهادة
دامغة لأنها من داخل البيت المتهم ذاته، ومن أكثر الناس دراية وإحاطة بأسراره،
ومعلناته سواء، فإذا بالفتاوى تصدر بأن الفن حلال زلال، وأفي الفن رسالة
لإصلاح المجتمع، وأن الإسلام يقف مع الفن ويرحب بأهل الفن.. إلى آخر هذا
الخلل والوهم العجيب، فهؤلاء الشيوخ إما أنهم يتحدثون عن الفن من كوكب آخر
غير الأرض لم يكتشفه الإنسان بعد، وإما أنهم من الجهل بالواقع إلى حد البله،
وهذا ما نشك فيه، وإما أنهم يلمعون وجوههم على حساب الدين والحق والأمة معاً.
يا أصحاب الفضيلة، إن شرط الفضيلة أن يكون وجه الحق، وسلامة الدين،
وطهارة المجتمع، فوق الاعتبارات الشخصية الضيقة، أو المصالح الآنية، فإذا ما
غاب الشرط غابت الفضيلة والكرامة!