التطورات الأخيرة في الفلبين
د. مالك الأحمد
رغم البعد الجغرافي للفلبين عن البلاد العربية، فإن دخول الإسلام فيها قديم،
وله عدة قرون عن طريق التجار والدعاة المسلمين، ومنذ دخول الأسبان للجزيرة
فإنهم ما فتئوا يحاولون طمس الوجود الإسلامي في تلك الجزر فضلاً عن تنصير
شعوبها، وورث الأمريكان المنطقة حيث ضموا قسراً مناطق المسلمين إلى الدولة
النصرانية الوليدة وتعاقبت على المسلمين حكومات الظلم والاضطهاد، ثم محاولات
الإبادة الكاملة في عهد المجرم ماركوس، نشأت على أثر ذلك منظمتان للمقاومة
الأولى هي جبهة تحرير مورو الوطنية برئاسة نور مسواري، والثانية جبهة تحرير
مورو الإسلامية برئاسة سلامات هاشم، والأولى ذات توجه وطني علماني والثانية
إسلامية التوجه (انشقت عن الأولى إثر تغير توجهاتها) ، تلا ذلك مفاوضات بين
الأولى وحكومة ماركوس على أساس إعطاء حكم ذاتي للمسلمين في مناطقهم،
ورغم ذلك لم يلتزم ماركوس بها واستمرت حركة الجهاد في عهد أكينو التي أعطت
المسلمين الكثير من الوعود دون تنفيذ شيء منها، وهي وإن قابلت الكثير من
المشكلات أثناء حكمها فإن المسلمين لم يسلموا من أذى جيشها وتحرشاته بهم.
وأخيراً اعتلى الحكم راموس والذي ترقى في عهد ماركوس من قائد للشرطة
العسكرية، فنائب لرئيس الأركان، فوزير للدفاع، وهو الذي حمى أكينو ونظامها
من السقوط أمام حركات التمرد من بعض قطاعات الجيش فوثقت به ودعمته في
الانتخابات. وهو ذو تاريخ قذر مع المسلمين فهو الذي أنشأ منظمة (إيلاجا)
الإرهابية في عام 1970 م والتي قامت بأبشع المجازر ضد المسلمين وقامت بإتلاف
المزارع وتدمير البيوت والمساجد وتشريد الكثير من المسلمين من مناطقهم وتوطين
النصارى مكانهم، ثم شارك الجيش عندما تحرك المسلمون لحماية أنفسهم واشترك
في عمليات إبادة كاملة للمسلمين بتوجيهات من ماركوس ووزير دفاعه راموس.
التطورات الأخيرة:
تتطور الأحداث بشكل سريع في الأشهر الأخيرة بعد تسلم راموس الحكم،
والذي نجح بفضل الدعم الأمريكي على وجه الخصوص، ويظهر أن من أولوياته
القضاء على الوجود الإسلامي في الفلبين وتظهر بوادره في التالي:
- الحرص على إحياء منظمة إيلاجا الإرهابية والتي تسربت أنباؤها فضلاً
عن تسليح النصارى القاطنين في مناطق المسلمين.
- الحشود العسكرية المتوالية والأنباء تذكر حشد ما يقارب المائة ألف جندي
بآلياتهم الثقيلة لمواجهة المسلمين المجاهدين في الجنوب، إضافة للغارات الجوية
على مركز قاعدة المجاهدين (قاعدة أبي بكر الصديق) مع الاستعداد لحصار عسكري
اقتصادي على مناطق المجاهدين وبدأ فعلياً حصار بعض القواعد للمجاهدين.
- توحيد صف الحكومة وتوجيه عدائها للمسلمين، بدأ راموس بالعفو عن
جميع الجنود الذين شاركوا في تمردات سابقة ضد الحكومة، وتوثيق الصلة
بالمعارضين والاستعداد للاعتراف بالشيوعيين كحزب رسمي في البلاد في حال
إلقائهم السلاح.
- الحرب الإعلامية ضد المجاهدين، حيث التعتيم الإعلامي على عملياتهم
من جهة، وتشويه صورتهم من جهة أخرى واتهامهم بالإرهاب والتعامل مع بلدان
خارجية، فضلاً عن الحرب النفسية بالتخيير بين العفو العام (الاستسلام) أو الحرب
الشرسة، ومحاولة استرضاء مسواري والتفاوض معه لشق صف المسلمين
وإضعاف كلمتهم.
- الاستعداد لعمليات مستقبلية عن طريق تهيئة القوات الخاصة لعمليات
متقدمة ضد المجاهدين مستعيناً بخبرات اليهود الذين جاؤوا كخبراء في مكافحة
الإرهاب.
- مراقبة الجمعيات والشخصيات الإسلامية، والتضييق عليهم وتجنيد
المرتزقة والجواسيس للعمليات الدنيئة ضدهم.
وهذه التطورات تنبئ بخطة خبيثة للقضاء على المجاهدين من جبهة تحرير
مورو الإسلامية والقضاء على الوجود الإسلامي في المنطقة أسوة بما يحدث
للمسلمين في ديار أخرى كالبوسنة والهرسك، وقد آن الأوان ليدرك المسلمون هذه
العداوة من النصارى فضلاً عن اليهود [ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ ولا النَّصَارَى
حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ] .
والمسلمون اليوم في الفلبين تحت قيادة جبهة تحرير مورو الإسلامية في حاجة
ماسة للمساعدة (ومن جهز غازياً فقد غزا) ، وهم على ثغرة هامة وجهودهم
ملموسة، فقد أسلم آلاف الوثنيين على أيديهم، ولهم جهود طيبة في التعليم والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساط المسلمين فضلاً عن هدفهم الأساسي في
إقامة الحكم الإسلامي عن طريق الجهاد في سبيل الله.