إلى متي؟
محمود مفلح
إلى متى والليل لا يرحل ... وكلُّ هذا العهرُ لا يخجلُ؟
والساق لا تسأل عن ساقها ... والباب لا يورى ولا يقفل
إلى متى والشيخ لا يرعوي ... عن غيّه، والطفلُ لا يعقل
إلى متى والريحُ في أرضنا ... تعوي، وهذا الجبن يستبسل؟
والسهلُ لا يهفو إلى سهله ... والنهرُ لا نهرٌ ولا جدول
والجهل يقضي بيننا واثقاً ... والعقل لا يقضي ولا يفصل
****
إلى متى ينزو علينا الأسى ... والكأس من آهاتنا تثمل؟ !
وكل أهل الأرض قد مزقوا ... أكفانهم، بل سافروا واعتلوا
ونحن في بحر خصوماتنا ... والنار غيرَ الودِّ لا تأكل
راياتنا ألفٌ بلا عزة ... أصواتنا من بعضها تجفل! !
والبلبل الغريد لا ينتشي ... والوردُ في أكمامه يذبل
وكلنا يا أمتي ظامىءٌ ... ودون هذا المنحنى المنهل..
****
يا أمتي يا أمتي إنني ... أبكي وصدري من أسً مِرجل
أعزّنا الله فماذا جرى ... حتى يهون النسرُ والأجدلُ! ؟
وعندنا يا أمتي مشعلٌ ... فكيف يخبو عندنا المشعل
ونحن قومٌ سادة في الورى ... ونحن من أسيادهم أفضل
فكيف ينأى المجد في أرضنا ... والنصر عن أسيافنا يذهل
وكيف نستنبت هذا الأذى ... وكلنا في حقده يوغل
وكلما مرّت ليال بنا ... رأيتُ فيها الخطبَ يستفحل
****
أضيق بالحرف وأشجانه ... فالحرف في أفواهنا حنظلُ
الخيل كلّ الخيل صهالةٌ ... ما بال هذي الخيل لا تصهلُ؟ !
والناس شادوا ناطحات السما ... ونحن يغفو عندنا المعول
ننام والحالُ على حالها ... (اللهو والهَيصة والبرْْطل)
كم مرة همت بها أمتي ... همّتْ ورغم الهمِّ لا تفعل!
كم مرة كان لنا محفلٌ ... وانفضّ عن أسراره المحفل
****
القدس ما زالت على حالها ... واللدّ والرملة والكرملُ
والشعب ما زال بها صامداً ... رغم العذاب المرّ يستبسل
يا أمتي يا كعبةً للهدى ... يا أيها السيف الذي يُصقل
ما زال نبض الحب في خافقي ... هلا يجيء القادم الأول
أرنو إلى تلك الوجوه التي ... فيها يضيء الليلُ بل يرحل
ما زال فينا عصبةٌ حرة ... في كلِّ يوم حبلها يُفتل
تمضي ويمضي الفجر في إثرها ... فيها يُرى تاريخنا المقبلُ