الصفحة الأخيرة
الخير في الأمة الإسلامية
لا ينقطع
عبد القادر حامد
قرأت عبارة أثلجت صدري، وحركت مشاعر الفخر في نفسي عن التحديات
التي تواجه المسيحية في العصر الحديث، وأن انتشار الإسلام يأتي على رأسها،
وقلت: الحمد لله الذي تكفل بحفظ دينه، يخرج من الضعف قوة، ويرد كيد الباطل
على الرغم من اجتهاد أهله في نشره وتمكينه.
إن الناظر في هذه الجيوش الجرارة من المبشرين والمتطوعين الرسميين
وغير الرسميين لنشر المسيحية المحرفة في العالم الفقير، والبلاد المنكوبة ليروعه؛ - أول وهلة - حرص هؤلاء وتصميمهم، حيث يستغلون كل شيء في سبيل
عقائدهم، ويستثمرون الكوارث والنكبات، ويتاجرون بمآسي الشعوب ليفتنوهم،
فيصاب المتأمل المتابع جهود التبشير تحت اسم منظمات الإغاثة وغيرها من
المنظمات التي تمهد أمامها الطرق، وتفتح في وجهها الأبواب المغلقة، وتسند من
السفارات والشركات، والمتمولين النافذين.. يصاب بالرعب، وقد يلفه اليأس
وينفض يديه من كل جهد، اعتقاداً منه أن لن ينفع شيء أمام قوة المال المتدفق
والنفوذ العاتي، والأفواه المفتوحة التي تنشد البقاء، والبقاء فقط.
هذا جانب من جوانب الصورة القاتمة التي طالما ألحت على عقول المفكرين
المسلمين في العصر الحديث، وتكاد الكتابات الإسلامية تطرقها يومياً وتتناولها
بالندب والعويل.
ومع أن حقيقة الجهود المضاعفة للقضاء على الإسلام أو تشويهه في قلوب
وعقول أهله قائمة ومستمرة ولم تتوقف أبداً؛ بل تشتد يوماً بعد يوم؛ لكن هناك
حقيقة أخرى أيضاً، لا يحسن أن نغفل عنها، ويشغلنا الندب والبكاء عنها، وهي
أن الإسلام - بحمد الله - يتقدم وينتشر، ويكتسب خبرة وتجربة، وأن جهوداً تبذل، وهي على قلتها - مقارنة بجهود الكفر المعلنة والخفية والناعمة، والقاسية الغليظة
- يبارك الله فيها، وترسم الطريق لليائسين والقانطين، وتدعو الضعفاء والمشككين
أن: دعوا اليأس والقنوط، واخلعوا عنكم ثوب البكاء والتأسف، وضرب الكف
على الكف، فالطريق سالكة ومسلوكة، والساحة الإسلامية - بل والعالمية -
تستنجزكم الهبَّة ونفضَ النعاس عن عيونكم، والخدرَ عن عقولكم، والمسلمون
خيرهم لا ينقطع، وتتفجر البركة من بين أيديهم ومن خلفهم، من حيث لا يحتسبون، ولا ينقصهم إلا شخصيات تكون موضع الثقة، وجهات مؤتَمَنة تقوم بعمل الرائد
الذي لا يكذب أهله.
فلنعمل جميعاً على البحث عن هذه الشخصيات، وإقامة تلك الجهات،
ولنستمد العون على ذلك من الله، من الله وحده.