طب
أطباء الغرب..
يحذرون من شرب الخمر
د. حسان شمسي باشا
الإدمان على المسكرات مشكلة يعاني منها الغرب، ويعاني منها البعض في
بلادنا العربية والإسلامية. وإن ما يدعو إلى الأسف الشديد أن نشاهد ازدياداً في
شرب الخمر في بلادنا الإسلامية، في الوقت الذي يدعو فيه الغرب إلى الابتعاد عن
المسكرات.
تقول دائرة معارف جامعة كاليفورنيا للصحة (طبعة 1991) : «يعتبر الخمر
حالياً القاتل الثاني - بعد التدخين - في الولايات المتحدة. فشرب المسكرات في
أمريكا سبب موت أكثر من 100. 000 شخص سنوياً هناك. والخمر وحده
مسؤول عن أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في أمريكا (والبالغة
50. 000شخص سنوياً) .
وليس هذا فحسب، بل إن الخمر مسؤول عن إصابة أكثر من نصف مليون
شخص بحوادث السيارات في أمريكا في العام الواحد. وأما في البيت، فالمسكرات
مسؤولة عن كثير من حرائق البيت، وسقوط شاربي الخمر على الأرض، أو
غرقهم أثناء السباحة» .
وتتابع دائرة معارف جامعة كاليفورنيا القول: «والمسكرات لا تسبب
المشاكل في البيت.. أو على الطرقات فحسب، بل إن خسائر أمريكا من نقص
الإنتاج وفقدان العمل نتيجة شرب الخمر تزيد عن 71 بليون دولار سنوياً. ناهيك
عن الخسائر التي لا تقدر بثمن من مشاكل نفسية وعائلية واجتماعية. ويحثُّ
الكتَّاب في الجرائد والمجلات الأمريكية الناس على عدم تقديم المسكرات قبل العشاء
- أثناء حفلاتهم - وعلى أن يصادروا مفاتيح السيارات من المفرطين في شرت
الخمر، حتى لا يقودوا أنفسهم إلى الموت! !» .
تذكر موسوعة جامعة كاليفورنيا في مكان آخر: «أن ثلث اليافعين في أمريكا
يشرب المسكرات بدرجة تعيق نشاطه الدراسي في المدرسة، أو توقعه في مشاكل
مع القانون..! وقد بدأ معظم هؤلاء الشباب شرب المسكرات قبل سن الثالثة عشرة
من العمر» .
ويقول البروفسور «شوكيت» وهو بروفسور الأمراض النفسية في جامعة
كاليفورنيا ومدير مركز الأبحاث المتعلقة بالإدمان على الكحول: «إن 90 % من
الناس في الولايات المتحدة يشربون الخمر، وأن 40 - 50% من الرجال هناك
يصابون بمشاكل عابرة ناجمة عن المسكرات. وأن 10 % من الرجال و 3-5 %
من النساء مصابون بالإدمان على الكحول» [1] .
ويقدّر خبراء جامعة كاليفورنيا أن 15 مليون أمريكي يشرب أكثر من كأسين
من البيرة - أو ما يعادلها من أنواع الخمر الأخرى - يومياً. واستناداً إلى المعهد
الوطني الأمريكي للإدمان على الخمر، فإن من يشرب مثل تلك الكمية يعتبر «
مفرطاً في شرب المسكرات» «Heavy عز وجلrinker» ، وأن 18 % من هؤلاء
يشرب أكثر من 4 كؤوس من البيرة - أو ما يعادلها - يومياً، وهذه الفئة مهددة
بالإدمان الخطير على الكحول.
هذا ما يجري في أمريكا، فماذا يحدث على الجانب الآخر من الأطلنطي -
وبالخصوص بريطانيا؟ تقول مجلة «لانست» البريطانية الشهيرة: «إن مئتي
ألف شخص يموتون سنوياً في بريطانيا بسبب المسكرات» . وذكرت المجلة
البريطانية للإدمان «رضي الله عنهritish Journal of صلى الله عليه وسلمddiction» أن الخسائر الناجمة
عن مشاكل الكحول الطبية بلغت 640 مليون جنيه استرليني في العام الواحد. إن
الخسارة الإجمالية الناجمة عن شرب المسكرات تقدر بـ 2000 مليون جنيه
استرليني في العام الواحد. وذكرت هذه المجلة أيضاً أن 12 % من المرضى الذين
يدخلون المستشفيات في بريطانيا، يدخلون بسبب مشاكل ناجمة عن المسكرات.
وعودة إلى أمريكا.. فحسب ما جاء في كتاب «Cecil» الطبي الشهير -
طبعة 1992 - فإن الخسائر الكلية الناجمة عن مشاكل المسكرات في أمريكا بلغت
ما قيمته 136 بليون دولار في العام الواحد. ويقدِّر الخبراء أن ربع الحالات التي
تدخل المستشفيات الأمريكية سببها أمراض ناجمة عن شرب المسكرات «.
فحذار.. حذار أيها المسلمون، قبل أن يستشري فينا الداء الذي يريده لنا
الغرب. فالأفلام والمجلات الخليعة تدعو الناس صباح مساء في بلادنا العربية إلى
شرب المسكرات عن طريق إبراز الفنانين والممثلين، وفي أيديهم كأس من
المسكرات، أو عن طريق الدعايات والمقالات.
ويظن بعض الناس أن شرب قليل من المسكرات أمر لا بأس فيه. ولكن هذا
غير صحيح. وقد نبَّهت على خطورته مجلة» لانست «الطبية، فتقول في عدد
صادر لها عام 1987:» لقد تبين أخيراً أن معظم الوفيات والاختلاطات الناجمة
عن الكحول تحدث عند الذين يظنون أنهم لا يشربون الكثير من الخمر، وعند
أولئك الذين كان يظن أطباؤهم أن ما يتناولونه من المسكرات ما هو بالكثير، بل
هو في حكم المقبول في عرف المجتمعات الأمريكية والأوربية «.
ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ليغفل عن ذلك، فقال حديثه
المشهور:» ما أسكر كثيره فقليله حرام « [2] .
المسكرات.. والقلب:
زعم البعض من الأطباء أن القليل من الخمر قد ينقص نسبة الوفيات من
جلطة القلب. ولكن مقالة رئيسية في مجلة» لانست «البريطانية (صدرت عام
1987) فنِّدت هذه المزاعم، يقول كاتب المقال:» إن ما يدعيه بعض الأطباء من
أن الكحول قد يكون مفيداً إذا ما أخذ بجرعات صغيرة إنما هو محض كذب
وافتراء «. وتقول المقالة أيضا:» إن الدراسة التي يستند إليها هؤلاء دراسة غير موثوقة ولا يعتد بها «. ويتابع كاتب المقال القول:» وخلاصة القول أن على الأطباء أن يبلغوا الناس رسالة واحدة فقط وهي: أن الكحول ضار بالصحة «.
ويقول البروفسور» شوكيت «:» إن شرب ثلاث أو أربع كؤوس من
البيرة يومياً يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ولهذا يعتبر الخمر حالياً سبباً هاماً من
أسباب ارتفاع ضغط الدم. ويؤدي شرب الخمر إلى «اعتلال العضلة القلبية» ،
وما ينجم عنها من توسع في حجرات القلب وقصور (فشل) القلب. فيصاب
المريض بضيق نفس لدى القيام بأي مجهود. وقد تتشكل جلطات في الجهة اليسرى
من القلب. وهناك بلا شك علاقة وثيقة بين حدوث السكتة الدماغية Stroke،
وبين شرب المسكرات. ويسبب الكحول اضطراباً في ضربات القلب، مما يسبب
تسرعاً شديداً في القلب. وقد يحدث ذلك عقب شرب الخمر مرة واحدة فقط «.
المسكرات والسرطان:
يعتبر السرطان حالياً القاتل الثاني عند شاربي الخمر (بعد جلطة القلب) ،
فنسبة حدوث السرطان عند شاربي الخمر تفوق بعشرة أضعاف ما هي عليه عند
الآخرين. والأعضاء التي يزداد فيها حدوث السرطان - حسب أحدث الإحصائيات
- هي: سرطان الرأس والرقبة، والمريء، والمعدة، والكبد، والبنكرياس،
والثدي.
المسكرات والغذاء:
يعطي الغرام الواحد من الكحول سبع سعرات حرارية، وهكذا فإن شرب 8-
10 كؤوس من أحد المشروبات الكحولية يمكن. أن يعطي 1000 سعراً حرارياً في
اليوم. ولكن يجب الانتباه أن هذه الحراريات خالية (صلى الله عليه وسلمmpty) من أي عناصر
غذائية كالبروتين أو المعادن أو الفيتامينات.
وجاء في كتاب» هاريسون «:
(فكل الفيتامينات يعاق امتصاصها في الأمعاء عند شاربي الخمر، وتسجل
ذلك نقصاً في الفيتامين ب1، ب2، حمض الفوليك، والفيتامين (أ) . ويحدث عند
شاربي الخمر نقص في البوتاسيوم.. يمكن أن يؤدي إلى شلل دوري في العضلات
وانعدام المنعكسات. ونقص المغنزيوم.. يمكن أن يسبب اضطراباً في الإدراك
وأعراضاً عصبية أخرى. ونقص الكالسيوم.. يؤدي إلى تكزز وضعف عام.
ونقص الزنك.. قد يسبب اضطراباً في الأعضاء الجنسية ونقصاً في الشهية،
وضعفاً في مناعة الجسم. ونقص الفوسفات.. يمكن أن يجعل فشل القلب يتفاقم،
ويسبب اضطرابات في الدماغ.. وضعفاً في العضلات) .
المسكرات.. والجنس:
يقول البروفسور» شوكيت «: قد يلاحظ بعض شاربي المسكرات ازدياداً
في الشعور الجنسي لدى تناول كأس أو كأسين من المسكرات. ولكن ينسى هؤلاء
أن ذلك يمكن أن يسبب العُنَّة عند الرجال (ضعف القدرة الجنسية) . وينسى هؤلاء
أيضاً أن شرب المسكرات قد يؤدي إلى ضمور الخصيتين، وفقدان النُّطَف.
كما أن شرب المسكرات عند النساء يمكن أن يؤدي إلى انقطاع الطمث،
ونقص في حجم المبايض، وما يتبع ذلك من عقم، أو إجهاض تلقائي.
وشرب المسكرات أثناء الحمل يؤدي إلى مرض يسمى (تناذر الجنين
الكحولي) » Fetal صلى الله عليه وسلمlcohol Syndrome «. ويصاب الجنين فيه بآفات
خلقية في القلب، وتشوهات في الوجه، واضطراب في المفاصل، وتخلف عقلي
شديد. ولا تعرف كمية المسكرات ولا الوقت الذي تكون الحامل فيه عرضة
لإصابة الجنين بهذا المرض. ولهذا يصر الباحثون على أن تمتنع الحامل عن
المسكرات امتناعاً تاماً» .
المسكرات.. والدماغ:
إن سهرة يقضيها شارب الخمر في شرب المسكرات يتبعها فقدان وعي
«رضي الله عنهlackout» في كثير من الحالات. ويذكر البروفسور «شوكيت» أن هذه الظاهرة قد أصيب بها 30-40% من الرجال في سن العشرينات في أمريكا خلال فترة من الفترات. ويسبب الإدمان على المسكرات اعتلالاً في الأعصاب المحبطية عند 5-15% من شاربي الخمر. ويشكو فيها المرضى من الخدر والتنميل في الأطراف. أو قد يصاب المدمنون على المسكرات بتناذر كورساكوف وفيه يصبح الإنسان غير قادر على أن يتعلم الأشياء الجديدة، ويفقد الذاكرة، ويختلق فيها المريض قصصاً وأحداثاً وهمية لم تقع من قبل. وتحدث علامات ضمور الدماغ عند 50% من المدمنين على الكحول. ويقدر الباحثون أن 20% من المصابين بالخرف كانوا من المدمنين على الخمر.
المسكرات.. وجهاز الهضم:
كثيراً ما يصاب شاربو الخمور بالتهاب في المريء أو التهاب في المعدة.
ويعتبر التهاب المعدة أكثر الأسباب شيوعاً لنزيف المعدة عند شاربي المسكرات،
وقد يحدث النزف الهضمي نتيجة دوالي المريء (بسبب تشمع الكبد) .
والمسكرات سبب شائع لالتهاب البنكرياس. كما أن الكبد يصاب بالالتهاب..
أو بالتشحم.. أو بالتشمع (Cirrhosis) ، وهو مرض خطير غير قابل للتراجع.
أنعجب بعد هذا كله من تحريم الإسلام للمسكرات؟ ! حتى للقليل منها! ؟ ألم
يقل رسول الإنسانية عليه صلوات الله وسلامه: «كل مسكر حرام، وما أسكر منه
الفَرْقُ فملءُ الكف منه حرام» [3] .
ثم ألم يحذِّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجلوس على موائد الخمر
لأن ذلك قد يعرض صاحبها لمسايرة الجالسين، فربما ذاقها للمرة الأولى ثم تبعها
جلسات وسكرات. «نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجلوس على
مائدة يشرب عليها الخمر» [4] .
[إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ]