أم قتيبة
تكالبت علي الهموم والأحزان، بسبب ما أسمع وأرى عن المآسي التي تمر
بها الأمة الإسلامية: حروب طاحنة، مجاعات رهيبة، فيضانات مدمرة، وما يكاد
يلتئم جرح حتى تنفجر جروح من بورما إلى كشمير إلى إرتريا إلى يوغسلافيا،
ولكنني أتساءل أين دور المسلمين على الساحة العالمية؟
فلما تكالبت علي هذه الأحزان، قمت بزيارة إلى البلد الأمين، لعلي أنسى
بعض همومي وعندما وصلت هناك، ورأيت الكعبة انهمرت من عيني الدموع
وهالني منظر الجموع المحتشدة، وتذكرت دعاء أبينا إبراهيم: [رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنتُ
مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ
النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ] . وبعد أداء مناسك العمرة رجعت أدراجي إلى السكن لأستريح
قليلاً، ولكنني فوجئت بالنغمات الموسيقية تنطلق من الشقة المجاورة، وبعد قليل
دوى صوت الله أكبر الله أكبر فذهبت الحرم لأداء الصلاة. وهناك طلبت إحدى
الأخوات تسوية الصفوف، فانبرت أخرى بلسانها البتار، بشتائم مقذعة، وتعالت
الصيحات والعويل من الصفوف الخلفية، قلت في نفسي علَّ بعض النساء وصلتهن
أخبار محزنة، ولكنني علمت فيما بعد أن إحداهن حجزت مكاناً لأخرى فنازعتها
امرأة ثانية على ذلك المكان فقلت: سبحان الله أين نحن من حديث المصطفى -عليه
أفضل الصلاة والسلام-: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) .
ومكثت في مصلاي، وشد انتباهي تبرج بعض النساء من إبداء زينتهن،
وتذكرت قول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - عن الصنف الذي لم يره،
وهن الكاسيات العاريات. فتساءلت أين ذووهن؟ ومن المسؤول عنهن، لماذا لا
يؤخذ على يد السفيه حتى لا يعمنا الله بعقاب، وما أفقت من تفكيري حتى لسعتني
أشعة الشمس ولسان حالي يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم ثبتنا على الإيمان.