مجله البيان (صفحة 112)

جهاد المسلمين الأفغان يمر بأخطر مراحله

شؤون العالم الإسلامي ومشكلاته

جهاد المسلمين الأفغان

يمر بأخطر مراحله

إعداد. محمد أحمد عبد الله

مقدمة:

سيلاحظ القارئ أن هذه الدراسة عن أفغانستان جاءت طويلة بعض الشيء،

ومع أننا -من حيث المبدأ- لا نحب إملال القارىء، ولسنا من هواة الإسهاب في

غير ما طائل؛ لكن موضوعاً بأهمية موضوع أفغانستان يحتم علينا أن نعالجه بعيداً

عن التسرع، وعن أسلوب الاستنكار والشجب.

فقضية أفغانستان أكثر من قضية دولة صغيرة تجتاحها دولة كبرى، وأكثر

من نموذج لنظام يستمد الوقوف على قدميه من قوة من وراء الحدود، بل هي قضية

الحرية عندما يضيق بها أعداء الحرية، وقضية الإسلام حينما يقع بين فكَّي القوى

الكبرى، قوة تحاول سحقه، وقوة تساوم عليه، وليست القوة التي تساوم عليه بأقل

خبثاً وأخف عداءً من تلك التي تحاول سحقه!

لذلك لابد من معالجة تكشف طرفاً من المناورات والمساومات، وتحلل جانباً

من الدوافع التي قد تكون خافية وراء التصريحات والتحقيقات.

مما لا شك فيه: أن المعارك التي يخوضها المجاهدون المسلمون الأفغان ضد

الغزاة الشيوعيين من أخطر معارك المسلمين في عصرنا الحديث وأعمقها أثراً،

فانتصار المجاهدين يعني قيام الخلافة الإسلامية في شبه القارة الهندية، وتحرير

الجمهوريات الإسلامية المجاورة لأفغانستان في جنوب الاتحاد السوفييتي، ويعني

أخيراً: انهيار النظام الشيوعي وسقوط الإمبراطورية السوفييتية، وعلى نقيض ذلك

فهزيمة المجاهدين -لا سمح الله- تعني سقوط آخر سد منيع أمام الشيوعيين في شبه

القارة الهندية، بل وفي العالم الإسلامي أجمع، ولهذا فقد قلنا غير مرَّة: إن

المجاهدين الأفغان يقاتلون نيابة عن المسلمين عامة، والمعركة معركة كل مسلم

يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

وفي العدد الأول من مجلتنا (البيان) الصادر في غرة ذي الحجة من عام

1406هـ: وجهنا رسالة مفتوحة إلى المجاهدين الأفغان، أعربنا فيها عن عواطفنا

نحو إخواننا الأفغان ومحبتنا لهم، وتحدثنا عن أهمية جهادهم، وعن وجوب الأخذ

بأسباب النصر المادية منها والمعنوية، وحذرناهم من التفرق والاختلاف، كما

حذرناهم من المخربين الذين يحيكون المؤامرات ويفسدون داخل الصف، ولا

يصلحون، وبيّنا ضرورة الاستقلالية في اتخاذ القرار، وعدم الاعتماد في الجهاد

على الغرب الصليبي أو الشرق الشيوعي، وأشرنا في نهاية الرسالة إلى الأسباب

التي دعت حكام موسكو إلى الاعتماد على عدو الله -الذي أسماه أبوه: نجيب الله-

ليكون رجل المرحلة القادمة في أفغانستان.

وبعد صدور العدد الأول علمنا أن بعض القادة الأفغان أبدوا ارتياحهم من

الرسالة، ووصلتنا رسائل من كثير من القراء يقولون فيها: إن الرسالة جاءت في

وقتها المناسب، ويؤكدون على وجوب التناصح بين الدعاة إلى الله، ويطالبون

بتكرار كتابة مثل هذه الرسالة، ومع ذلك كنا ننتظر أن بعض الناس -غفر الله لنا

ولهم، ورزقنا وإياهم الاستقامة- سوف يحمِّلون أقوالنا ما لا تحتمل، ويفسرون

كلماتنا تفسيراً ظالماً، وصدق ما توقعناه، ولكنهم كانوا قلة والحمد الله، ونصيحتنا

لكل مسلم، أن يحسن الظن بأخيه، ويتقي الله فيما يقوله ويحدِّث به الآخرين،

وليفكر بعقله وليس بعقل صديقه أو أستاذه.

ومما ينبغي التأكيد عليه: أن معظم المسلمين يفكرون -عندما تمر بهم أحداث

غير عادية- بعواطفهم وليس بعقولهم، ويمارس شيئاً غير قليل من الإرهاب

الفكري، بحيث لا يجرؤ المفكرون وأصحاب العقول على إبداء ما عندهم من آراء

خوفاً من الاصطدام بمشاعر الجماهير، ولهذا فبعض المفكرين يلجأون إلى الصمت، وبعضهم يقول ما يُرضي الجماهير، ويخالف قناعاته، بل قد يعتلي المنابر

ويشحن العواطف المتأججة بأمور لا يعتقدها ولا يؤمن بها.. وكم جرّت هذه

الأساليب والممارسات من كوارث ومحن على أمتنا الإسلامية! ورحم الله من قال:

الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني

فإذا هما اجتمعا بنفس حرة ... بلغت من العلياء كل مكان

والأصل في هذا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي

رواه مسلم في (صحيحه) : «الدين النصيحة، قلنا: لَمْن؟ قال: لله، ولكتابه،

ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» .

والنقد البناء الهادف صورة من صور التناصح، ويأثم من قصّر في نصح

إخوانه المسلمين رغبة أو رهبة، ومن كان هدفه إرضاء الله لا يخشى الناس، لأن

إرضاءهم غاية لا تدرك.

ومن هذا المنطلق نؤكد بأننا سوف نمضي في طريقنا لا نخشى ظلم الظالمين، ولا سطحية الساذجين، أو مزايدات المراوغين، وسيعلم المنصفون غداً الصادق مِن غيره، والناصح مِن المتلاعب.

وسوف نتحدث في هذا البحث عن أخطر المراحل التي يمر بها الجهاد

الإسلامي في أفغانستان:

أعلن الزعيم السوفياتي غورباتشوف مبادرته القاضية بسحب القوات السوفيتية

المسلحة من أفغانستان خلال أقل من ثلاث سنوات، في إطار برنامج سياسي لحل

النزاع الأفغاني.

وبعد زيارة قام بها (نجيب الله) إلى موسكو أعلن عن مبادرة سلمية، وعن

وقف لإطلاق النار من جانب واحد يمتد لستة أشهر، وتتألف مبادرته من الفقرات

التالية:

1- وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر، لوقف سفك الدماء في أفغانستان.

2- مشاركة جميع الأطراف في الشؤون السياسية والحياة الاقتصادية في

البلاد.

3- عدم ملاحقة أي شخص بسبب نشاطه السابق، وإصدار عفو عام عن

الجميع، بما في ذلك الجنود والضباط الفارون من الجيش.

4- عودة الوحدات العسكرية السوفييتية (المحدودة) إلى بلادها خلال مدة

ثلاث سنوات، ويمكن أن يغادر القسم الأكبر منها أراضي أفغانستان خلال ستة

أشهر إذا ما سارت الأمور على ما يرام.

5- إجراء مفاوضات مع أطراف النزاع، وتشكيل حكومة ائتلافية تضم

شخصيات معارضة، وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية يتمثل فيها قادة الثوار بشكل

متساوٍ مع الأطراف الآخرين.

كان ذلك في أوائل شهر يناير من عام1987، ووقف إطلاق النار يكون

ساري المفعول ابتداء من 15/1/1987.

وكان نجيب الله ينظم جولات، ويعقد الندوات قبل هذه المبادرة وبعدها،

ويخاطب الجماهير قائلاً:

(أنا مسلم، وكل عائلتي مسلمون، وأنتم كذاك مسلمون، وأنا عضو في

الحزب لأنني أفغاني ثوري، وكلنا نريد القرآن الكريم ونقرؤه، ونراعي أحكام

الشريعة، ونعمل من أجل عقيدة الدين، ولا يوجد إله غير الله، ومحمد رسوله..

وقال: إننا نعمّر المساجد والأماكن المقدسة التي يحاول الأعداء هدمها، وكان

يحمل القرآن الكريم ويتلو آيات منه.. ورحب عدو الله بعودة ظاهر شاه) .

وسوف نعرض فيما يلي ردنا على هذه المبادرة، وموقف المجاهدين منها،

وما هي الآثار والنتائج المتوقعة. والله أعلم.

أولاً: المبادرة سوفيتية وليست أفغانية:

جاءت مبادرة (نجيب الله) بعد المبادرة التي أعلنها غورباتشوف، ومن يتأمل

المبادرتين يعلم أن نجيب ليس أكثر من ببغاء يردد الأقوال والتصريحات التي

وردت على لسان غورباتشوف، وهو لم ينكر ذلك، فقد جاء في تصريحاته بعد

زيارة الكرملين أنه اتفق مع الزعيم السوفياتي على طرح هذه المبادرة، والرئيس

الأفغاني موظف ذليل في المؤسسة الشيوعية، وهو يعرف مصير من سبقه من

الرؤساء الأفغان ابتداء ب: نور محمد طراقي، وانتهاء ب: براك كارمل.

ثانياً: هل يرغب السوفييت في الانسحاب من أفغانستان؟!

نعم، إن إدارة الكرملين تحرص على الخروج من أفغانستان وذلك للأسباب

التالية:

1- إن الاتحاد السوفييتي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة لا يستطيع معها

الاستمرار في تحمل تكاليف الحرب التي بلغت حوالي [70 مليون دولار يومياً] .

2- تكبد الجيش السوفييتي خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وقد تمكن

المجاهدون من الحصول على تقرير رسمي صادر عن الحكومة الأفغانية في كابل،

جاء فيه ما موجزه بأن المجاهدين أسقطوا [206] طائرة خلال عام 1986م، مما

أدى إلى انهيار معنويات العسكريين، وفي شهر نوفمبر من عام 1986 سجلت

حالات عصيان لبعض الطيارين لأوامر التحليق أو الفعاليات الجوية فوق خط جلال

آباد، أو من جلال آباد، حيث أن هذه الأراضي كان الطيارون يخشونها جداً،

وتقول المصادر المجاهدين: أنه تم قتل أكثر من 50000 جندي روسي.

3- انتشرت المخدرات بين العسكريين السوفييت الغزاة، وانتشرت أيضاً

الأمراض والأوبئة المحلية الخطيرة.

4- الذين يحكمون أفغانستان بشكل فعلي هم المستشارون السوفييت،

وهؤلاء أصبحوا يتلقون هدايا من المسؤولين الأفغان، فمستشار (كارمل) يسمى (سوسولوف) وقد تلقى هدية من وزير الدفاع عبد القادر أثناء سفر الأول قيمتها [600] ألف روبية من المنسوجات الحريرية، وقدم له الدكتور نجيب هدية قيمتها [200] ألف روبية، ويقاوم الزعماء السوفييت بشدة نمو الروح الاستهلاكية المترفة بين المسؤولين وعموم أفراد الشعب لأن ذلك سيزيد من المطالب الاستهلاكية، ولهذا فلقد تم عزل عدد من كبار المسؤولين الذين عملوا في أفغانستان رغم أن بعضهم كان مقرباً عند (بريجنيف) .

5- الحدود المفتوحة حالياً بين الاتحاد السوفييتي وأفغانستان تسمح بانتقال

الكتب والرسائل والأخبار إلى جنوب روسيا، وكان هذا من الأسباب التى أدت إلى

نمو الوعي الإسلامي عند المسلمين في هذه المناطق، وما أخبار مظاهرات

(كازخستان) عنا ببعيدة، لقد نشرت وكالات الأنباء معلومات كثيرة عن

الأنشطة الإسلامية السرية في تركستان، وطاجكستان، وأزبكستان، وبخارى، وسمرقند وغيرها من مناطق المسلمين في الاتحاد السوفييتي.. وأصبحت هذه الأنشطة تقلق قادة الكرملين أشد القلق، فكم من مسؤول شيوعي عزل لأنه فشل في مهمته، وكم من مؤتمر كان له أثر مضاد في بلدان المسلمين.. واستمرار احتلال أفغانستان سوف يضاعف اتصال المسلمين في الشمال والجنوب وتعاونهم ضد الشيوعيين.

6 - خسر السوفييت نفوذهم في الأمم المتحدة، فبعد أن كان السوفييت

يربحون كل قضية يجري التصويت عليها داخل المنظمة الدولية، وتلجأ الولايات

المتحدة إلى استخدام حق (الفيتو) لإلغاء القرار، انقلبت الأمور بعد احتلالهم

لأفغانستان، وصاروا لا يطمحون إلى أكثر من 18 صوتاً عند أي اقتراع،

وأصبحوا يلجأون إلى حق النقض وهذا يعني خسارتهم في مجال الدبلوماسية

العالمية.. وخسر السوفييت أيضاً نفوذهم في دول عدم الانحياز التي زاد عددها من 77 دولة لكي يصبح بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان 94 دولة.

7- إن غورباتشوف يقود تياراً جديداً في الحزب الشيوعي ينادي

بإصلاح الأوضاع ومحاربة الفساد المستشري، وينظر إلى ما جرى في

أفغانستان على أنه من أخطاء القيادة السابقة، ويحاول إنقاذ جيشه ونظامه

من هذه الورطة.

ثالثاً: وهل يقبل السوفييت الانسحاب دون قيد أو شرط؟ !

يقول بعض الطيبين: هذه المبادرة تعني أن السوفييت قد أفلسوا وفشلوا، وهم

عازمون على الرحيل دون قيد أو شرط! !

ونحن نتمنى أن يكون الأمر كما يقول إخواننا، ولا ننكر أن السوفييت دفعوا

ثمن الاحتلال باهظاً، وقد ذكرنا ذلك فيما مضى من هذا البحث، ولكن من خلال

متابعتنا للأحداث، ومن خلال قراءة تصريحات السوفييت وعملائهم في كابل، نجد

أن هذه المبادرة تعني أسلوباً آخر يسلكه الشيوعيون، والخطأ في التقدير قد يقود

إلى كوارث ومحن جديدة لاقبل للإسلاميين بها.

وللإجابة على هذا السؤال لابد من عرض سريع لأطماع السوفييت في

أفغانستان.

- في 28 شباط 1921 م وقع الزعماء السوفييت والأفغان معاهدة ألزمت

الطرفين بتحرير شعوب الشرق، ووعد الروس فيها بمساعدة تقنية واقتصادية

لأفغانستان.

- في عام 1933م اغتال الموالون للسوفييت الملك نادر شاه، وجرى تعيين

ابنه ظاهر شاه الذي حكم البلاد مدة أربعين عاماً، وفي عام 1933 وقع السوفييت

مع الأفغان معاهدة تقضي بعدم السماح لقوة أجنبية بالتمركز في أراضيها، وعدم

انتهاج سياسة معادية للسوفييت.

- وفي عام 1955 زار بولغانين وخروتشوف كابل في كانون أول في طريق

عودتهما من الهند، وجددا مع رئيس الوزراء محمد داود معاهدة 1933، ووقعا

قرضاً لأفغانستان مقداره مائة مليون دولار.

- في أواخر الأربعينات برزت حركة يسارية معارضة في المدن تتستر تحت

عباءة الديمقراطية، وتسمى (يقظة الشباب) واستمرت الحركة بين (1949-

1952) وكانت إرهاصاً لمولد الحزب الشيوعي، وكان طرقي وكارمل - عضوين

في الحركة.

وطرقي كان أكبر الشيوعيين في السن، فلقد ولد عام 1917 أي في أيام

الثورة الروسية، وعرف في الأربعينات ككاتب للقصة القصيرة، وعندما أوقف

نشاط الحركة الديمقراطية 1952 أرسل طرقي كملحق ثقافي في سفارة أفغانستان

في واشنطن، وعاد إلى أفغانستان بعد ثورة داود، وأصبح مديراً لإذاعة كابل.. ثم

استقال ليتفرغ للكتابة، ونشر حتى عام 1978 م ما ينوف على الثلاثين كتاباً،

احتلت القصة معظمها، وتحدث في ثلاثة منها عن الفلسفة الشيوعية.

وكان كارمل أصغر من طرقي بعشرين سنة، وهو ابن ضابط بوشتوني،

وكان من قادة طلاب الحركة الديمقراطية.

- تأسس حزب (خلق) الشيوعي سنة 1951، وبعد ظهور بعض الحرية

السياسية سنة 1964م، عقد الحزب مؤتمره العلني الأول في كابل في كانون الثاني

سنة 1965م، وذلك استعداداً للانتخابات المتوقعة بعد فترة، ولم يكن تعداد أعضاء

الحزب في ذلك الوقت يتجاوز عدة مئات، وكان محصوراً في كابل، وقد انتخب

مؤتمره الأول والوحيد لجنة مركزية من تسعة يرأسها (طرقي) كأمين عام.

وأصدر الحزب جريدته (خلق) عام 1966م، وظهر منها ستة أعداد بين

11 نيسان و 16 أيار، ثم أغلقتها الحكومة.

- انقسم الحزب على نفسه بعد إغلاق صحيفته (خلق) بعد وقوع خلاف شديد، هل تصدر الجريدة سراً، وهو الأمر الذي كان يدعو إليه كارمل،

أو إيقافها، الأمر الذي تبناه طرقي. وعند ذلك أصدر كارمل صحيفته الخاصة (بارشام) أي الراية، وكانت سرية في البداية، ثم علنية في جو الحرية النسبية قبيل انتخابات 1969 م، ثم عادت للسرية، وكانت (بارشام) تتبنى خطاً شيوعيا ً اكثر تصلباً من (خلق) .

- وفي انتخابات 1969 نجح عضوان من الشيوعيين، وهما حفيظ الله أمين، وبابراك كارمل، وكان زمام المبادرة بيد (بارشام) وكان لهذه الحركة نشاط

واسع في القوات المسلحة، وكان هناك تعاون بينهم وبين رئيس الوزراء

محمد داود.

- وفي 17/7/1973 قام محمد داود بانقلاب عسكري أطاح بابن عمه محمد

ظاهر شاه، وقد نفذ الحركة الانقلابية (300 ضابط) لم يكن بينهم سوى (10

ضباط) محايدين، وما تبقى كانوا شيوعيين، وشكل داود حكومة ضمت عدداً من

الشيوعيين وأنصارهم.. ومنذ بداية انقلاب داود بدأ الاستعمار السوفييتي لأفغانستان

بشكل غير مباشر.

- وفي عام 1977م شعر محمد داود بخطر الشيوعيين وخشي أن ينقلبوا عليه

فالتفت نحو إيران الشاه، ونحو الولايات المتحدة، وحصل على مساعدات كان من

آثارها إقصاء الوزراء الشيوعيين عن الحكم، وحاول التعاون مع خصومهم

التقليديين.

- شعر الشيوعيون بالخطر وتوحدت كلمتهم، وقاموا بانقلاب عسكري في

30/4/1978م وأطاحوا بحليفهم التاريخي محمد داود، وأعلنوا عن تشكيل مجلس

لقيادة الثورة برئاسة نور محمد طرقي، وأصبح نائبه بابراك كارمل، وتم الإعلان

عن جمهورية أفغانستان الديمقراطية.

- وبدأت فيما بعد صراعات أجنحة الحزب الشيوعي الأفغاني، فقام حفيظ الله

أمين بإقصاء محمد نور طرقي، وفي أواخر عام 1979 تدخلت القوات الروسية

وأعدموا حفيظ الله أمين، ونصبوا بابراك كارمل رئيساً.

- وفي 4/5/ 1986 عين السوفييت رئيس المخابرات الأفغانية (خاد) أميناً

عاماً لحزب الشعب الديمقراطي.

وبلغت المساعدات التي قدمها الاتحاد السوفييتي لأفغانستان (750 مليون)

دولار حتى عام 1975، وإذن كان السوفييت قبل احتلالهم لأفغانستان يحكمون البلد

بشكل غير مباشر، وأثناء حكم ظاهر شاه وابن عمه محمد داود قام السوفييت

بتشييد طرقات وجسور تربط أفغانستان بالاتحاد السوفييتي، كما قاموا بمسح جوي

لأراضي أفغانستان الشمالية، ودربوا ضباط الجيش، وبلغ عدد الضباط الأفغان

الذين تدربوا في الاتحاد السوفييتي [7000 ضابطاً] وكان عدد الذين تدربوا في

الولايات المتحدة لا يزيد على [100] ، وكانت اللغة التقنية المعمول بها في وحدات

الجيش الأفغاني هي اللغة الروسية بسبب اعتماده الكلي على موسكو.

وقصارى القول: فأطماع الشيوعيين السوفييت في أفغانستان لم تبدأ في عام

1979م كما يظن البعض، وإنما بدأت محاولاتهم منذ بداية قيام الثورة البلشفية في

روسيا، وأول معاهدة بين البلدين كانت في عام 1921م، وكانت هذه المعاهدة أول

ثمرة لمحاولاتهم التي لم تنقطع.

ومن جهة أخرى: فهذا أول غزو للجيش السوفييتي خارج حلف وارسو [1] ...

ومن أجل إنجاح مهمتهم رصدوا أرقاماً مذهلة من المال والعتاد، وخسروا

أكثر من [50000] عسكرياً ... والذي نعتقده: بأن السوفييت يحبون أن يخرجوا

من أفغانستان، ولكنهم لا يوافقون على تسليم أفغانستان للمجاهدين المسلمين، كما

أنهم لا يقبلون التخلي عن هيمنة الحزب الشيوعي الأفغاني، وتقديم كل عون

ومساعدة عند الضرورة. إنهم لا يقبلون هذا ولا ذاك للأسباب التالية:

1- إذا خسر الاتحاد السوفييتي معركة أفغانستان فإن سمعته في العالم

الشيوعي سوف تنهار، لاسيما وأن أفغانستان دولة مجاورة للسوفييت.

2- هزيمة السوفييت، وقيام نظام إسلامي في أفغانستان يعني أن ثورة

أخرى سوف تبدأ في الجمهوريات الإسلامية جنوب الاتحاد السوفييتي، وهذا يعني - كما قلنا سابقاً- انهيار الإمبراطورية السوفييتية كلها.

3- هزيمة السوفييت تعني خسارة القاعدة العسكرية (شاندان) القريبة من

إيران، وهي قاعدة استراتيجية ضخمة يمكنها أن تغطي منطقة إيران والخليج،

والسوفييت يحاولون الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج، ولهم قواعد جوية

وبحرية كثيرة حول العالم في: أثيوبيا، وموزمبيق، وفيتنام، واليمن الجنوبي،

وسورية، ولهم أعداد كبيرة من السفن والطائرات في المحيط الهندي وقريباً من

الخليج، حيث يحتفظون قرب الخليج بحوالي 83 سفينة حاملة طائرات لكل منها

70 طائرة، والاحتفاظ بقاعدة (شاندان) العسكرية يجعل خطوط الإمدادات داخلية

وليست خارجية، وليس من العسير تدميرها.

4- الحرب المتوقعة في المستقبل ستكون بين السوفييت والصين -والله ... أعلم -، وكلاهما يستعد لها، ولقد أكمل السوفييت حصارهم للصين من جميع الجهات في كمبوديا ولاوس وفيتنام. وأسطولهم قادر على قطع أي إمداد بحري للصين، الممر الوحيد المتبقي لإمداد الصين هو طريق (كاراكم) الذي يربط الصين عبر باكستان إلى بحر العرب والمحيط الهندي، ومنه تأتي إمدادات النفط وغيرها.

واحتلال السوفييت لممر (واخان) يضع هذا الطريق تحت تهديدهم المباشر.

ومن جهة أخرى: فإن الاستيلاء على ممر (واخان) يجعل حدود الاتحاد

السوفييتي مشتركة مع حدود باكستان، وبالتالي يضع باكستان تحت التهديد

السوفييتي إذا حاولت التدخل ضد كابل أو مساعدة خصوم النظام.

ومن جهة ثالثة: ففي حالة وقوع حرب مع الصين تندفع القوات السوفييتية

عبر ممر (واخان) لتصل إلى أراضي حلفائها في الهند، فتنفصل باكستان عن

الصين، وتنقطع الإمدادات عبر طريق (كاراكوم) ، ولهذه الأسباب فإن السوفييت

يرغبون في الانسحاب من أفغانستان، مع الإبقاء على قاعدة عسكرية في (شاندان)

وعلى ممر (واخان) إلى الأبد، ويحرصون على وجود حكومة تدور في فلكهم

تماماً، ولا يشترطون أن تكون عناصر تلك الحكومة ماركسية، بل إنهم لا يمانعون

في انضمام عناصر قومية إلى الحكومة، وكذلك لا مانع لديهم من عودة الملك

السابق ظاهر شاه، أو مشاركة عناصر ذات صبغة إسلامية، ولكنهم يعارضون أشد

المعارضة تمثيل المجاهدين، لاسيما إن كان لهم شأن في صنع القرار، وقد

أفصحوا عن معظم أهدافهم وغاياتهم من خلال التصريحات الرسمية التي صدرت

عنهم.

رابعاً: أهدافهم من وراء هذه المبادرة:

1- إن غورباتشوف رجل مخابرات، فهو الذي كان مسؤولاً عن جهاز

المخابرات السوفياتية (كي. جي. بي) فأساليبه تختلف عن أساليب العسكريين ...

وطريقة تفكيرهم، ولهذا فقد اختار زعيماً جديداً للنظام الأفغاني وهو المدعو (نجيب

الله) الذي تدرب على أيدي [كي. جي. بي] وتولى مسؤولية ما يسمى بإصلاح

جهاز مخابرات أمن الدولة (خاد) ، وخلال توليه مسؤولية هذا الجهاز أثبت كفاءة

- من وجهة نظر السوفييت - حتى أنه اكتسب لقب (دكتور الموت) أو (دكتور

الرعب) وهو الاسم الذي يطلقه عليه المجاهدون الأفغان.

وطبيعة هذه المرحلة لا تعتمد على القوة وحدها، وإنما تعتمد على الدهاء،

والغدر، والمناورات، والتجسس.

2- ينتمي (دكتور الرعب) إلى إقليم (بوشتانستان) وهو من قبائل (البشتو) - بكتيا - المجاورة لباكستان والذي يمر من خلاله 70% من قوافل المجاهدين، وبعد توليه الحكم زار (بكتيا) وعقد لقاء قبلياً في معقل (الباشتون) ضم حوالي [5000] شخصاً، وأعلن خلال اللقاء عن تمسكه بالإسلام، كما أعلن عن عزم الحكومة على تطوير المنطقة، وهذا يعني أن الاختيار قد وقع عليه ليقود معركة وطنية ضد باكستان بقصد توحيد (البوشتون) [2] .

3- تكثيف جهاز المخابرات الأفغاني (خاد) لعمليات التخريب داخل باكستان

وإثارة الفتن والقلاقل بين المهاجرين الأفغان والمواطنين الباكستانيين، وتحريك

المعارضة ضد النظام الباكستاني.

وقد تحركت المعارضة، ففي باكستان (14) حزباً سياسياً، منها (11) حزباً

ضد المجاهدين الأفغان، ونجح النظام الأفغاني في تنظيم عدة انفجارات داخل

باكستان، من أهمها الانفجار الذي حدث في مخيم للاجئين الأفغان الذي وقع بالقرب من مدرسة باكستانية، وأدى هذا الانفجار إلى انهيار المدرسة ومقتل حوالي (50) طالباً، وأثر هذا الانفجار نظم الشيوعيون وعملاؤهم مظاهرات استمرت ثلاثة أيام، وقد تم خلالها منع المهاجرين الأفغان من النزول إلى مدينة (بيشاور) والتجول بالشوارع، وقام المتظاهرون بحرق ثلاث

سيارات للأفغان.. وبعد أيام أطلق على مطار (بيشاور) أربعة صواريخ أرضية صغيرة لم ينتج عنها خسائر.

4- ومع الحديث عن المبادرة السلمية، فلقد كانت القرى الباكستانية

والمخيمات الأفغانية هدفاً لغارات جوية قامت بها الطائرات السوفييتية، ومن أعنف

هذه الغارات: ما نفذته الطائرات السوفييتية في النصف الأول من الشهر الثالث من

هذا العام، حيث شاركت فيها ولأول مرة حوالي تسع عشرة طائرة وعلى دفعتين

متلاحقتين، وأدت هذه الغارات إلى تدمير عشرات المنازل والمتاجر، وتقول

السلطات الباكستانية: إنها سجلت أكثر من [900] انتهاكاً للأجواء الباكستانية،

وكان ضحايا هذه الغارات أكثر من [150] قتيلاً، والغريب أن هذه الغارات جرت

بينما كان الوفدان الباكستاني والأفغاني في جنيف لمناقشة ما يسمى بالمبادرة ... السلمية [3] .

5- وقع الاختيار على [الحاج محمد تشمكني] ، ليكون رئيساً للدولة، وهو

من مواليد قرية [تشمكني] في محافظة [بكتيا] ، ووالده زعيم قبلي في المنطقة،

ويكررون في إذاعة كابل لفظ (الحاج) لجذب عواطف (العامة) وإشعارهم بأن ...

الرئيس الأفغاني ليس شيوعياً، وحقيقة الأمر أن الحاج محمد انتهازي وصديق لهم، والحكم كله بيد نجيب الله، وأمثال هذه العناصر أشد خطراً على المسلمين من قادة

الحزب الشيوعي الأفغاني.

6- يسعى نجيب الله كما يسعى غورباتشوف لامتصاص النقمة العالمية على

الشيوعيين بسبب غزوهم لأفغانستان، وبشكل أخص يحاولون امتصاص النقمة

العالمية لدى دول عدم الانحياز، ولدى الدول التي تدين شعوبها بالإسلام.

7- يعمل الشيوعيون من أجل قيام حكومة ائتلافية تضم شخصيات معارضة،

وهذه الحكومة إذا قامت لا تتعارض مع مخططاتهم المرسومة، لأن الجيش يبقى

مؤسسة شيوعية، وتبقى الخطوط مفتوحة بينهم وبين قيادتهم في موسكو.

وهدفهم من طرح هذه الفكرة: ضرب ما تبقى من وحدة المجاهدين،

والمتمرسون في المخابرات يعرفون كيف يتسللون إلى ضعاف النفوس

من المحسوبين على الجهاد، ويعلمون بأن هناك ثلاث منظمات سوف تقبل

المبادرة إذا قبلها الملك وقبلتها الولايات المتحدة الأميركية وحكومة باكستان.. وستحاط هذه الحكومة بضجيج إعلامي عالمي، وسوف يحاولون عزل

المجاهدين الذين لا يقبلون الاشتراك بهذه الحكومة التي سيكون من أخطر

أهدافها القضاء على جهادهم، ومصير هذه الحكومة لن يكون أفضل من مصير الحكومات التي شكلها حليفهم الهالك محمد داود.

8- يحرص السوفييت على تطوير المفاوضات مع باكستان والولايات المتحدة

الأميركية، والوصول إلى حل متفق عليه للمشكلة الأفغانية، وإذا كانت المبادرة

مرفوضة عند باكستان وحلفائها، فإن المفاوضات تحرز شيئاً من التقدم، وما تقبله

باكستان لإنهاء الحرب لا تقبله بالتأكيد المنظمات الجهادية التي نثق بها ... ويقول

الشيوعيون: إذا وصلنا إلى اتفاق مع باكستان وحلفائها فلن نخشى المنظمات

الجهادية إذا تخلت عنها باكستان.

9- لن يتخلى الشيوعيون عن العمل العسكري في أفغانستان، ولهذا فهم

يحرصون على بقاء الجيش بأيديهم، كما يحرصون على بقاء القاعدة العسكرية في

(شاندان) .

ومن جهة أخرى: فقد كثف الشيوعيون هجماتهم على مخيمات الأفغان،

واستخدموا كافة الأسلحة، وكان هذا الهجوم بعد المبادرة، بل وأثناء مفاوضات

جنيف.

خامساً: موقف المجاهدين من المبادرة:

أدرك المجاهدون الأهداف والغايات التي يتطلع إليها الشيوعيون من وراء

طرحهم لهذه المبادرة، وتنادى قادة الائتلاف إلى اجتماع حاشد حضره أكثر من

[150000 مجاهداً] من كافة الاتجاهات، تحدث فيه كل من: محمد يونس خالص، عبد رب الرسول سياف، صبغة الله مجددي، برهان الدين رباني، محمد نبي

محمدي، أحمد الجيلاني، حكمت يار.. وفي نهاية الحفل ألقى محمد نبي محمدي

رئيس الائتلاف بياناً باسم كافة أطراف الائتلاف جاء فيه:

«إن شعبنا المجاهد لن ينخدع، وسوف يواصل جهاده المقدس السامي بكل

يقظة حتى الوصول إلى غايتنا النبيلة، ولو وجد من يقبل وقف إطلاق النار المعلن

من قبل نجيب العميل، وصفق لما يسمى بالمصالحة الوطنية، وسقط في شراك

العدو الغادر، والتحق بالحكومة العميلة، فإنه ليس إلا من العناصر المتصلة

بمخابرات روسيا [كي. جي. بي] وفرعها منظمة الخاد في الحقيقة، وكان قد

تسرب إلى صفوف الجهاد متغطياً بغطاء الإسلام والجهاد» [4] .

«.. إن الاتحاد الإسلامي لمجاهدي أفغانستان الممثل الوحيد لغايات ومرامي

شعبنا المجاهد المسلم، يعلن بصراحة ما فوقها صراحة: أن نغمة وقف إطلاق النار

والمصالحة الوطنية وإقامة حكومة ائتلافية تضم الشيوعيين والمجاهدين، التي

يعزف الشياطين الروس على أوتارها وعلى لسان عميلهم نجيب؛ ليست إلا واحدة

من احتيالات العدو التي لا تعد ولا تحصى، ولن تخدع مجاهدينا الأبطال إن شاء

الله» .

واستطرد البيان في الرد على أكاذيب الشيوعيين، وفي فضح مقاصدهم،

وفي الختام أصدروا القرارات التالية:

1- إننا في حين نطالب بالانسحاب الفوري وغير المشروط والكامل للقوات

الروسية، لا نعرف طريقاً آخر لاسترجاع الحرية وطرد القوات الروسية من بلادنا

وإقامة حكومة إسلامية فيها غير استمرار المقاومة المسلحة.

2- سوف تتقلد حكومة المجاهدين المؤقتة زمام الأمور في البلاد بعد انسحاب

القوات الروسية وسقوط النظام العميل.

3- سوف تقام انتخابات حرة تحت إشراف هذه الحكومة المؤقتة، وتنجم

الانتخابات عن تشكيل شورى وحكومة إسلامية منتخبة.

4- تم الاتفاق على تشكيل لجنة لوضع دستور الحكومة المؤقتة وكيفية

تأسيسها وتجديد قدراتها ووظائفها، وسوف ترفع هذه اللجنة خطواتها العملية في

غرة فبراير من هذا العام، وتكمل اقتراحاتها خلال شهر واحد، وتقدم إلى مجلس

الشورى الحالي للاتحاد للمناقشة والإقرار.

5- تم الاتفاق على تشكيل لجنة قضائية ذات قدرة وصلاحية لتناقش

المنازعات الموجودة في صفوف المجاهدين، وتضع خططاً عملية لإزالتها،

وتصدر فتاوى شرعية بهذا الخصوص. ويجب تطبيق قرارات هذه اللجنة على كل

الأفراد والمجاهدين.

6- سوف يتلو تشكيل الشورى المنتخبة وضع دستور البلاد والمصادقة عليه، والدستور هذا يكفل تطبيق الشريعة الإسلامية في كل مجالات حياة شعبنا

الفردية منها والاجتماعية تطبيقاً كاملاً. ومن الله التوفيق.

وفي تجمع كبير قال الأستاذ سياف:

«واسمعوا: إننا لن نجلس على طاولة المفاوضات مع الذين خدموا الروس

وساعدوهم في عدوانهم السافر على أفغانستان، وقتل إخوانهم وإراقة دمائهم ... وإن

الائتلاف مع الشيوعيين أو المتغربين [يعني: محمد ظاهر شاه، وبطانته، ومن

سار على نهجهم] بمنزلة بيع دماء الشهداء وإضاعتها.. وإن المتغربين من الأفغان

الذين يستوطنون في الدول الغربية يحلمون بحكم أفغانستان، لكن -وبمشيئة الله-

سوف يأخذون أحلامهم هذه إلى قبورهم» [5] .

وقال الأستاذ حكمتيار [6] :

«إن الجهاد الإسلامي هو الآن في أخطر مراحل أقداره، ويقتضي منا كل

الاحتياط والكياسة في خطوات عملنا وسياستنا، علينا أن ننتبه إلى مؤامرات العدو

الماكر في بداية الطريق، وأن نتصدى للآمال الكاذبة والتوقعات الخادعة المضلة

التي ليست أكثر من سراب والتي يزرعها العدو. وعلينا أن نلفت الشعب إلى

خطورة هذه المناورات السياسية حتى لا تتطرق عقلية الانعطاف والمداهنة إلى

صفوف الشعب.. حتى لا نخسر المعركة التي كسبناها خلال حرب [152 شهراً] ،

وقدمنا فيها تضحيات ليس لها نظير في التاريخ.

وانطلاقاً من تلك الدروس والتجارب التاريخية فإننا سنصر على مواصلة

الحرب حتى اللحظة التي تترك فيها قوات العدوان بلدنا وترفرف راية الإسلام على

ربوع البلاد» .

وقال في نهاية محاضرته:

«إن حربنا ستستمر وسنواصل دون توقف أو تأخير حتى يخرج آخر جندي

روسي من بلدنا.. وإننا لنثق بأن استمرار الجهاد المسلح سيرغم في نهاية الأمر

قوات العدوان على ترك بلادنا دون قيد أو شرط» .

سادساً: أين مواطن الخلل؟

لقد صدرت تصريحات عن جميع قادة المجاهدين تبشر بالخير، سواء منهم

الذين يعملون داخل الائتلاف أو خارجه، ولا غرابة في ذلك فلقد عرفوا الشيوعية

والشيوعيين عن كثب، والمثل العربي القديم يقول: «أهل مكة أدرى بشعابها» ،

ورغم التصريحات والمواقف الجيدة التي وقفوها، هناك ثغرات يعرفها العدو تمام

المعرفة، ويحاول التسلل لنسف ما تبقى من وحدة المجاهدين من خلالها، وسوف

نشير فيما يلي إلى أهم مواطن الخلل:

1- الباطنيون الرافضة:

يعلم المجاهدون جميعا أن دور الباطنيين من الجهاد ومنذ البداية كان سلبياً،

ويعلمون أيضاً أن هناك بعض التفاهم بين طهران وموسكو، ويقال: إن رئيس

الوزراء الأفغاني منهم، ويحدثنا القادمون من الجبهات أن المرور من مناطقهم

مغامرة يحسب لها المجاهدون ألف حساب ... ومع أن المجاهدين يعلمون هذه

الأمور كلها فقد عرض عليهم أربعة عناصر في مجلس الشورى، ورفضوا هذا

العرض لأنهم يريدون نصف عدد المجلس ونصف عدد أعضاء الوزارة مع أن

عددهم في أفغانستان لا يتجاوز [1. 5مليون] ، وكعادتهم ينكرون ذلك ويزعمون

أن عددهم سبعة ملايين ونسبتهم 35%! ! وبدأت طهران تناور من جهتها،

واتصلت بالسوفييت وطرحت عليهم مبادرتها، وهذه المناورة هدفها تحقيق مكاسب

مهمة لهم في أفغانستان بعد انسحاب الروس.

ومع تقديرنا لوجهة نظر إخواننا المجاهدين نقول:

لا تظنوا أن اشتراكهم معكم في مجلس الشورى ومجلس الوزراء سوف يساعد

على وجود هدنة بينكم وبينهم، إنهم إن قبلوا بهذا الاشتراك فسيكون -أي الاشتراك

بحد ذاته- ميداناً جديداً من ميادين صراعهم معكم، فأنتم في نظرهم كفار ناصبة،

وليس بينهم من يعتقد بأننا مسلمون عصاة على الأقل، وسوف يتعاونون مع

السوفييت والأمريكان واليهود ضدكم، وسوف يستخدمون تقيتهم لذر الرماد في

العيون، وسوف يجعلون من أفغانستان (لبناناً) آخر بل أشد من لبنان لأن

أفغانستان مجاورة للبلد الذي تحكمه قيادتهم في العالم.. ومن المؤسف أن الذين

يعرضون مثل هذا الرأي هم الذين يستبعدون منظمات وهيئات طيبة ولا يقبلون أن

يكون لها دور في مجلس الشورى وغيره من المجالس الأخرى ... فخذوا حذركم يا

أخوة، وصراعكم مع هؤلاء الغلاة لن يكون أقل من صراعكم المرير مع الشيوعيين، ونحن نعلم أن كثيراً منكم سوف يستغربون ما نقوله عنهم، ولمثل هؤلاء نقول:

لا تحكموا عليهم من خلال ظاهر أحوال من تعرفون منهم، ولكن احكموا عليهم من

خلال عقائدهم، وتاريخهم، ومواقفهم من أهل السنة.. واعلموا حق العلم أنهم لم

ولن يقبلوا أن يقوم للمسلمين السنة دولة في أفغانستان، ولا نشك أنكم سوف

تخوضون معركة معهم، وسوف يفرضون عليكم هذه المعركة فرضاً والله أعلم،

وسوف يجدون من يتعاون معهم من ضعاف النفوس وطلاب الزعامات وبعض

أصحاب الاتجاهات الباطنية فانظروا ماذا تفعلون.

2- مجددي وجيلاني:

قال الإخوة المجاهدون الذين نثق بهم:

لهذين الرجلين صلات وثيقة مع الدوائر الغربية، ولهما صلات قوية مع

ظاهر شاه وينسقان معه.. وقالوا أيضاً: لا نقبل بحال من الأحوال أن يضمنا

وإياهم اتحاد واحد للأسباب السابقة ولأسباب أخرى ليس هذا هو موضع الحديث

عنها، ومن خلال متابعة سيرة الرجلين تأكد عندنا صحة ما يقوله إخواننا قادة

المجاهدين.. وبعد حين من الزمن تغير شكل الاتحاد فخرج منه ناس ودخله آخرون

وأصبح إخواننا الذين نثق بهم، ومجددي وجيلاني في اتحاد واحد، وقالوا في

تبرير موقفهم لقد أُرغمنا على اتخاذ هذا الموقف! ! .

وإذاً فلقد أصبح المستحيل ممكناً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

ونسأل الله أن لا يتكرر مثل هذا الإرغام في مواقف أشد خطورة من هذا الموقف!.

وقبل بضعة أشهر قام مجددي وجيلاني ورباني ومحمد نبي بزيارة الولايات

المتحدة الأميركية، وعقدوا لقاءً مع الرئيس الأمريكي ريغان، وقاموا بزيارة عدد

من العواصم الغربية، وعقد [مجددي] مؤتمراً صحفياً، كما ألقى كلمة في احتفال

عقده أنصاره مما قاله:

«والتقينا أيضاً برئيس بلدية باريس نيابة عن رئيس الجمهورية، وجلسنا

معاً في غرفة واحدة حيث ألقى كلمة وألقيت كلمة، ثم قال بعد انتهاء الكلمتين: إن

هذه الغرفة مخصصة للقاء المسؤولين الحكوميين، وهانحن نلتقي بكم هنا للارتقاء

بجهادكم.. وإن الحكومة الفرنسية تساندكم في جهادكم كما قلنا سابقاً» .

وقال: «وفي أمريكا فقد استقبلنا هناك بحفاوة بالغة حيث رافقتنا الحماية من

الشرطة المزودين بأجهزة اللاسلكي للاتصال فيما بينهم، وأحضروا لنا سيارتين

كبيرتين يستقبل بهما رؤساء الحكومات، وبدأنا المفاوضات وطرحنا مشاكلنا

وشرحنا حقيقة مأساتنا وأبعادها السياسية، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية،

وأبدينا ملاحظاتنا حول حاجة جهادنا إلى المعونة، وأعلن الأمريكيون استعدادهم

لدعم جهادنا وإسناده.. وأؤكد أن هذه الزيارة ليست ضد الشرع ... والمساعدات

المالية التي نطلبها ليس فيها أو في طلبها ما يخالف الشرع، وقد أجيز لنا شرعاً أن

نطلب ذلك» .

وعن السوفييت قال: «إن الروس عندهم الآن من القوة والعتاد مالا نستطيع

مقاومته وحدنا إلا بالاستعانة بالغير، وقد طلبنا الاستعانة بالكفرة وهذا أمر جائز

شرعاً حسب المذهب الحنفي» .

وأوضح قناعته بالحل السياسي فقال: يقول الله تبارك وتعالى: [وإن جَنَحُوا

لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ] ونحن أمامنا عدو قوي فلماذا لا نكف عن سفك

الدماء ونرضى بالصلح إذا كان فيه صالحنا وتحرير أرضنا. والمحادثات في جنيف

هي من أجل الصلح ووضع حد للقتال بين المجاهدين وعدوهم «.

هذه أقوال مجددي كما جاءت في مؤتمره الذي عقده بتاريخ 8/7/1986

ونتركها دون تعليق؛ لأن أقواله كانت صريحة ... وندد الأستاذ سياف والمهندس

حكمتيار بهذه الزيارة في تصريحات صدرت عنهما، وتوترت الأجواء بين الطرفين ... ومرت أيام أُخر، ويعلن عدو الله وسادته في الكرملين عن مبادرتهم، ... ويتنادى قادة الائتلاف إلى اجتماع حاشد، ويتفقون على موقف موحد، وكان من بينهم مجددي وجيلاني، ويتقدم محمد نبي ليتلو البيان الموحد على المجتمعين، وتتحسن الأحوال بين الطرفين.. وأصبحنا نسمع من يقول: لقد كنا نجهل حقيقة مجددي، وعندما عرفناه عن كثب عرفنا فيه الصدق والخير وأكد لنا أنه ليس صوفياً، وليس له علاقات مشبوهة! ! .

وتمر الأيام مرة أخرى ويصرح جيلاني بأنه يرحب بعودة محمد ظاهر شاه،

وجاء بعده محمد نبي ليدلي بتصريح مماثل ... أما مجددي فقال: أنا أريد حكومة

يرأسها رجل اسمه (محمد ظاهر شاه) ، وقال محمد نبي محمدي: إن ظاهر شاه

رجل كبير ويعرف كيف تدار الأمور، وفضلاً عن هذا فهو من أهل الخبرة ومقبول

عند الأفغان ويرحبون بعودته، وقيل لجيلاني: ما تقوله يتناقض مع بيانكم الذي

ألقاه السياف في مؤتمر القمة الإسلامي؟ ، فأجاب: ما قاله سياف في المؤتمر يمثله

شخصياً ولا يمثلنا ... ومما يجدر ذكره أن مثل هذه التصريحات نشرتها الصحف،

وبعضها نشر في لندن، وتنادى قادة الائتلاف إلى اجتماع واتفقوا على موقف موحد

من أجل وضع حد للإشاعات التي بدأت تنتشر في صفوف المجاهدين.

إن جيلاني ومجددي وحلفاءهم كانوا ومنذ البداية يرون التعاون مع الولايات

المتحدة الأميركية وبقية دول أوروبا الغربية، كما أنهم يرون وجوب التعاون مع

محمد ظاهر شاه وأعوانه ... وكانت الولايات المتحدة مهتمة بالمقاومة المسلحة ضد

السوفييت والشيوعيين الأفغان، وكانت تنطلق في موقفها هذا من مصالحها الخاصة

التي تتعارض في النهاية مع أهداف المجاهدين الأفغان، وكان طريق المقاومة

المسلحة يمر بالتحديد من [سياف وحكمتيار] ، ولهذا طرحوا -أي: مجددي

وجيلاني- وجوب ائتلاف المجاهدين وفرض سادتهم الائتلاف فرضاً، كما أخبرنا

بذلك إخواننا المجاهدون.

وعندما طرح الشيوعيون مبادرتهم كان موقف الولايات المتحدة منها سلبياً،

وكانوا يشككون بنوايات السوفييت، ومن جهة أخرى كانوا يريدون مزيداً من

الضغط على السوفييت، وهذا يقتضي التهديد باستمرار المقاومة، وعندما يتنازل

الشيوعيون عن بعض شروطهم القاسية، ويتفقون مع الأمريكان سيخرج علينا

مجددي ليذكرنا، بقوله تعالى: [وإن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ] ،

وليقول أيضاً:» فلماذا لا نكف عن سفك الدماء ونرضى بالصلح إذا كان فيه

صالحنا وتحرير أرضنا «.

وقد قال هذا وذاك بعد زيارته للولايات المتحدة، وأعداء الله في كابل وموسكو

يعرفون هذه المسألة، ولهذا فقد قالت إذاعة كابل بعد طرح المبادرة بأيام:» إن

أربعة من زعماء المعارضة قبلوا مبادرة نجيب الله، وكانوا على وشك التوجه إلى

كابل قبل أن تتدخل باكستان وتطلب منهم التريث «.

أرأيتم -إخواننا- الخطأ الفادح الذي يرتكبه الدعاة والقادة في تقويم الرجال؟ !

أرأيتم كيف تمر بنا حالات فتطغى العواطف على العقول فننسى الماضي،

ونسوغ لأنفسنا الأعذار ولو كانت مضطربة متناقضة؟ !

أرأيتم كيف لا نستفيد من أخطاء إخوان لنا، ونتصرف من حيث بدأ غيرنا؟!

قد تضطرون إلى مهادنة مجددي وجيلاني وغيرهما، ولكم أن تتخذوا مثل هذا

الموقف، ولكن ادرسوا الأمر من كافة جوانبه، وإياكم والمبالغة في حسن الظن،

وانظروا ماذا تفعلون عندما ينضم مجددي وجيلاني لركب محمد ظاهر شاه

والولايات المتحدة الأميركية؟ .

3- الموقف الدولي:

بعد يومين من إعلان نجيب عن مبادرته، قام وزير الخارجية السوفييتية [

ادوارد شيفارد نادزة] ، ومستشار الكرملين للشؤون السياسية الخارجية [اناتولي

دوبرينين] بزيارة كابل، وكررت وكالة [نوفستي] السوفييتية القول:» إن

الهدف الحالي الذي تسعى له الحكومة السوفييتية هو: تحقيق مصالحة وطنية «.

وفي 20/1/1987: قام النائب الأول لوزير الخارجية السوفييتية [اناتولي

كوفاليف] بزيارة إسلام آباد وسلم الرئيس الباكستاني رسالة من نظيره السوفييتي،

وتزامنت زيارة [كوفاليف] مع زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية [مايكل

أورماكوست] لإسلام آباد، وعقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء محمد خان جونيجو

ووزير الخارجية يعقوب خان ... ووصف [ارماكوست] المحادثات التي أجراها

مع الزعماء الباكستانيين بشأن أفغانستان بأنها (ممتازة) ، وأكد مساندة واشنطن

للأفغان من أجل انسحاب القوات السوفييتية من بلادهم، وأشار أرماكوست في

تصريح أدلى به قبل مغادرته إسلام آباد في ختام زيارة لباكستان استغرقت يومين

إلى أنه يشعر بالارتياح التام للمشاورات التي أجراها مع المسؤولين الباكستانيين

والمتعلقة بصفة خاصة بالاقتراحات الأخيرة لموسكو ونظام كابل، من أجل وضع

حد للنزاع الأفغاني، وأشار أرماكوست إلى أن ما يهم هو انسحاب القوات

السوفييتية من أفغانستان.

وقال أرماكوست: لقد ساندنا دائماً كفاح الشعب الأفغاني العادل من أجل

رحيل القوات الأجنبية، وذكر أن الولايات المتحدة تأمل في التوصل إلى تسوية

سلمية تلبي رغبة الشعب الأفغاني.

واستؤنفت مفاوضات جنيف بعد المبادرة، وهذه المفاوضات بدأت منذ عام

1982 بين باكستان والحكومة الأفغانية، وتتم بشكل غير مباشر تحت إشراف الأمم

المتحدة، وكان هناك ثلاثة اقتراحات بعد المبادرة:

-اقتراح قدمه الشيوعيون ويقتضي قيام حكومة ائتلافية بين المجاهدين

والحزب الشيوعي، وتكون هذه الحكومة تحت سيطرة نجيب، وإذا قامت مثل هذه

الحكومة فإن الروس ينسحبون بسرعة، وقد رفض الوفد الباكستاني هذا الاقتراح.

-واقتراح الوفد الباكستاني: أن ينسحب الروس حسب جدول زمني محدد،

وتشكل حكومة غير منحازة وتكون مقبولة من قبل المجاهدين والشيوعيين، وبعد

انسحاب الروس تسقط هذه الحكومة، وتجرى انتخابات..

-وطرح مندوب الأمم المتحدة اقتراحاً يجمع بين الاقتراحين السابقين، وبقيت

المدة الزمنية المختلف عليها سنة واحدة، يطلبها السوفييت زيادة على المدة التي

حددها الوفد الباكستاني.

ثم تكرر الحديث على وجوب تشكيل حكومة غير منحازة يرضاها الشعب

الأفغاني [انظر تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني في زيارته للندن في 5/4/

1987] ، أما الولايات المتحدة الأميركية والدوائر الغربية: فيصرحون أحياناً

بوجوب اشتراك محمد ظاهر شاه، أو رئيس الوزراء السابق [محمد يوسف الذي

يقيم في ألمانيا] .

ومن أجل الوصول إلى مزيد من الوضوح، فقد سأل أحد قادة المجاهدين

الأفغان مسؤولاً كبيراً في الحكومة الباكستانية قائلاً له: هل تكون مساعدتكم لنا حتى

يخرج الروس من أفغانستان، أم حتى يقوم نظام إسلامي في أفغانستان؟ فأجاب

المسؤول: نحن معكم إلى أن يخرج الروس من بلدكم ... وعلق الأخ المجاهد قائلاً: لا يريدون أن يقوم نظام إسلامي صحيح في أفغانستان، لأنهم يخشون أن يقوم

مثل هذا النظام في بلدهم ... أما مطالبتهم بحكومة غير منحازة فأمر يدعو إلى

العجب، وهل هناك مسؤول غير منحاز؟ ! . لا نعتقد ذلك، فقد يكون منحازاً إلى

الإسلام، أو إلى الشيوعية، أو إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وإذا علمنا بأن الولايات المتحدة الأميركية أخبث دول العالم، ولمخابراتها دور

واسع في حرب الإسلام والمسلمين منذ أكثر من نصف قرن، وهي التي صنعت

زعامات كثير من الطواغيت الذين وجهوا أشرس الضربات لطلائع البعث الإسلامي.. إذا علمنا هذا فقد أصبح واضحاً عندنا: لماذا يطالبون بحكومة غير منحازة، أو على حد قولهم: محايدة. وأصبح واضحاً عندنا الأخبار المشوهة التي تنشرها أجهزة الإعلام الغربية عن المجاهدين.

وليست هذه المرة الأولى التي يتفق فيها الروس مع الأمريكان ضد الدعاة

المجاهدين الذين يقاتلون من أجل أن يكون الدين كله لله في الأرض.

4- التكتيك الشيوعي:

يتحالف الشيوعيون والعلمانيون -من دعاة التغريب- في معظم بلدان العالم

الإسلامي ضد العلماء والدعاة والجماعات الإسلامية، ويستغرب السذج قولنا هذا،

واستغراب هؤلاء الناس ليس شيئاً مهماً، فهناك رابط يجمع الطرفين ويوحد بينهما

إلى حين من الزمن.. هذا الرابط هو العلمانية وعداوة الدين الإسلامي، وشعور كل

طرف بأنه عاجز عن المضي في هذه المعركة إن لم يكن له حليف قوي، ويظهر

هذا التحالف داخل البلد على أنه تحالف بين حزبين أو أحزاب تقدميه وطنية،

ويرفعون شعارات براقة: كالحرية، والوحدة، والاستقلال، ومكافحة الجهل

والتخلف ... أما في حقيقته فهو تحالف بين الغرب الصليبي والشرق الشيوعي

ويمثله نيابة عنهم شخصيات وأحزاب مناضلة -على حد قولهم-، وينشط الطرفان

في جذب ضعاف النفوس من المنسوبين إلى العلم والدين، ومن طبيعة هؤلاء

التقرب إلى الحكام والتزلف إليهم، وربما كان بينهم من يجهل حقيقة هؤلاء الزعماء

ويسقط في شراكهم بسبب جهله وغفلته، وإذا كانت النوايا لا يعرفها إلا علام

الغيوب فنستطيع التأكيد بأن ضعاف النفوس من هؤلاء العلماء يطعنون العمل

الإسلامي طعنات موجعة، سواء كانوا يدرون أو لا يدرون ... وننتقل فيما يلي من

التعميم إلى التخصيص وضرب الأمثلة والشواهد:

ففي أفغانستان: قدم محمد ظاهر شاه خدمات للشيوعيين لا تنسى، ولعب

دوراً مأساوياً في حرب الإسلام والمسلمين، أما حليفهم التاريخي فكان محمد داود

ابن عم محمد ظاهر شاه ورئيس وزرائه، وقائد الانقلاب العسكري الذي أطاح بابن

عمه ونظامه الملكي، وكانت العلمانية وعداوة الإسلام الأساس الذي قام عليه تحالف

محمد ظاهر شاه أو رئيس وزرائه مع الشيوعيين، ومع ذلك فلكل طرف منهما

أهداف وغايات تختلف عن أهداف وغايات الطرف الآخر، فمحمد ظاهر شاه كان

بحاجة إلى مساعدات وقروض من الدولة العظمى -الجارة-، كما أنه بحاجة إلى

تنظيم قوي يتعاون معه في معركته ضد العلماء والدعاة، ومحمد داود كذلك يشترك

مع الملك في أهدافه، وكان له هدف آخر ألا وهو: التعاون مع الشيوعيين والروس

ضد خصومه السياسيين في البلاط الملكي، ولولا الشيوعيون ما استطاع أن ينفذ

الانقلاب العسكري الذي شارك فيه 300 ضابطاً ليس بينهم من غير الشيوعيين

سوى عشرة، وصحيح أنه أصبح رئيس دولة لكنه كان ورقة بيد الشيوعيين،

وعندما أراد أن يتحرر من هيمنتهم أطاحوا به وقتلوه شر قتلة.

أما الشيوعيون (فتكتيكهم) من أجل الوصول إلى الحكم معروف، لقد كان

تعاونهم مع محمد ظاهر شاه يمثل مرحلة في هذا الطريق، وتعاونهم مع داود يمثل

مرحلة أخرى لكنها أفضل عندهم من الانفراد في الحكم، ولولا أن محمد داود شعر

بخطرهم وأراد الإطاحة بهم لما انقلبوا عليه، لأنهم يعرفون طبيعة الشعب الأفغاني

المسلم، وأنه لن يقبل أن يكونوا حكاماً له بشكل مباشر..

وعلى كل حال كان خبث محمد داود لا يقارن بخبث الشيوعيين، وكانت

حساباته معهم خاطئة، وسهل عليهم تنحيته وقتله، والشيوعيون ليس في قاموسهم

شيء اسمه وفاء ومروءة وخلق! !

وهناك أمثلة كثيرة في البلاد العربية تشبه إلى حد كبير تحالف الشيوعيين

ومحمد ظاهر شاه وداود في أفغانستان، ففي السودان: تحالف الشيوعيون مع

الأحزاب الوطنية والإسلامية عند الإطاحة (بعبود) ، لأنهم كما يزعمون ضد

الانقلابات العسكرية، ودعاة إلى الديمقراطية [مع أنهم ألد أعدائها] ، وبعد زمن

يسير تعاونوا مع عدد من العسكريين، وأطاحوا بالنظام الديمقراطي، وبعد زمن

يسير من قيام الانقلاب العسكري دبروا انقلاباً آخر ضد شركائهم في الحكم [جعفر

نميري وبضعة من قطاع الطرق] ، ولأمرٍ أراده الله فشل انقلابهم، وبطش بهم

نميري وأعوانه.

وهناك أمثلة أخرى في العراق ومصر واليمن الجنوبي وسورية، وتفضح هذه

الأمثلة أساليب الشيوعيين ومخططاتهم، ونعرض عن سردها والتعليق عليها لضيق

المجال، ولكن الصور تتكرر مع اختلاف في التطبيق والنتائج، فيقابل داود عند

الأفغان: عفلق، وأكرم الحوراني، ونميري، وعبد الكريم قاسم، وقحطان الشعبي، وغيرهم وغيرهم عند العرب.

والشاهد من حديثنا عن (التكتيك الشيوعي) ، أنه لا يجوز أن نكرر أخطاء

الماضي، ويجب أن ننشط إعلامياً ودعوياً في كشف حقيقة الذين تحالفوا مع

الشيوعيين، وأنهم أخطر علينا من الشيوعيين، فمحمد ظاهر شاه أخطر من

الشيوعيين؛ لأن أوراق الشيوعيين مكشوفة، أما هو فلا يزال بين المسلمين من

يحسن الظن به، ويطالب بعودته، ومن شروط هذه العودة إقامة جبهة وطنية مع

الشيوعيين وغيرهم من العلمانيين دعاة التغريب، وإذا كان هناك نفر من العلماء

يزعمون أنهم كانوا يجهلون هذه الحقائق، ولهذا كانوا يتعاونون مع محمد ظاهر شاه

عندما كان على رأس الحكم، فلماذا يطالبون بعودته الآن؟ ! .

فإن أصر هؤلاء على موقفهم الظالم، فمن الواجب علينا بيان حقيقتهم وتحذير

المسلمين من نفاقهم.

5- العالمية:

هناك صراع عالمي على أفغانستان:

فالجانب الأول في هذا الصراع يتزعمه السوفييت، ويقف الشيوعيون: دولاً

وأحزاباً وهيئات مع السوفييت، والبداية كانت عندما رمى الاتحاد السوفييتي بثقله،

وأرسل جيشه ليقاتل مع الشيوعيين الأفغان في خندق واحد، وبغض النظر عن

أهداف السوفييت وأطماعهم، وحسبنا أن نعلم بأن الشيوعيين السوفييت والأفغان

يقاتلون سوية، ولم يترك الشيوعيون في العالم إخوانهم وحدهم في الساحة، مع أن

السوفييت دولة عظمى، فبلغاريا تزود الغزاة بالطعام، وخبراء ألمانيا الشرقية

يدربون الشرطة والمخابرات الأفغانية [خاد] ، وتشارك قوات رمزية من كوبا،

وخمسة آلاف جندي من دول حلف وارسو، وقوات محدودة من فصائل منظمة

التحرير الفلسطينية اليسارية، وتساهم الدول الشيوعية بـ 50% من نفقات الحرب

والسوفييت بـ 50%.

وتتعاون الشيوعية العالمية وفق خطة جهنمية تستهدف عقائد المسلمين الأفغان

وتصوراتهم، فعدد الشيوعيين الأفغان عند بداية انقلابهم كان [5000] ، وخلال

السنوات الست أصبح العدد [40000] ، وسبب تزايد العدد قوة برامجهم التعليمية

للشباب داخل موسكو، وتدرب خلال السنوات الأربع الماضية [100000] شاباً

داخل الاتحاد السوفييتي ليكونوا الكوادر الشيوعية وإدارات الحكم.

وفي التاسع من نوفمبر لعام 1984 توجه [860] طفلاً أفغانياً من كابل إلى

موسكو مباشرة بالطائرات، وتتراوح أعمارهم ما بين [12 إلى 16 عاما] ، والهدف

من وراء ذلك تخريج جيل جديد لا يعرف عن الإسلام شيئاً.

أما عن نشر الفساد فتقول مصادر المجاهدين بأن [كى. جي. بي] تدفع

نصف ثمن حقن (الهيروين) لكي تجعلها في متناول أيدي الشباب في أفغانستان

ويعيد الشيوعيون للأذهان موقفهم عند احتلالهم للولايات الإسلامية الواقعة جنوبي

الاتحاد السوفييتي، لقد وقفت هذه الولايات تحت قيادة [الإمام شامل] وقفة رجل

واحد للذود عن دينها؛ مما أكد للروس أن هزيمة هذا الجيل مستحيلة، فأطالوا فترة

الحرب، واستخدموا الحرب النفسية، وعندما كانت تعقد المعاهدات بين المسلمين

والروس، وكانوا يتبادلون الرهائن لضمان عدم اندلاع الحرب، فكان المسلمون

يطالبون بضباط الجيش كرهائن في حين كان الروس يطالبون بالأطفال، وتعجب

المسلمون فماذا يريد الروس من الأطفال، ولكن تعجبهم لم يدم طويلاً لأن الأطفال

كبروا وعادوا ضباطاً يقاتلون آباءهم، وكان أحد هؤلاء الضباط [جمال بن الإمام

شامل] ابن القائد المسلم الذي فعل الأفاعيل في الروس، عاد جمال وأمثاله ليقاتلوا

آباءهم، ولهذا تحطمت معنويات المسلمين ودب بينهم اليأس، فانهزموا وانتصر

الشيوعيون. [اعتمدت في هذا على دراسات ودوريات للمجاهدين] .

والجانب الآخر تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، ومعها الدول الغربية

والهيئات والمؤسسات الصليبية، ولهم مخططات قد تكون أضعف من مخططات

الشيوعيين في جوانب، وأخبث منها في جوانب أخرى، ويستغلون أعمال الخير

كالطب والتعليم وغيرهما من أجل إفساد المسلمين، وتنصيرهم، أو تجنيدهم

لمصلحة الغرب.

وإذا كانت هذه مخططات الأعداء، فماذا أعددنا لها؟ !

- منذ بداية الجهاد وحتى يومنا هذا لم ينجح المجاهدون في توحيد صفوفهم،

وجميع المحاولات التي بذلت باءت بالفشل، وهذا ليس سراً من الأسرار.

والغريب أننا نقرأ تصريحات لهم جميعاً يقولون فيها: ليس بيننا خلافات منهجية،

وقوتنا في وحدتنا. ومع ذلك لا تقوم هذه الوحدة.

- بعضهم يحرص على أن تكون الحكومة المؤقتة قاصرة على المنظمات

السبع وجهات أخرى، وهذا يحتاج إلى إعادة نظر، فهناك منظمات وأفراد وهيئات

أحسن من بعض المنظمات المشتركة في الائتلاف، وهى خارجه الآن، ونرجو أن

لا يكون الائتلاف شكلاً من أشكال الاستبداد المعروفة، ويستغل بعض القائمين عليه

اعتراف الدول بهم، وعدم اعترافها بإخوانهم.

- سرَّنا البيان الذي صدر عن علماء باكستان، والذي ينص على أهمية جهاد

المسلمين الأفغان، وضرورة دعمهم، ولكن المطلوب من العلماء والدعاة

والجماعات الإسلامية في باكستان أكبر من هذا بكثير، فالجهاد جهادنا جميعاً،

والواجب يقتضي أن ينتظم شبابهم في صفوف المجاهدين، وأن ينشطوا في تعبئة

الرأي العام ضد الملاحدة والعلمانيين الذين يطالبون بإخراج الأفغان من باكستان.

- بدأت مشاركة الرأي العام الإسلامي قوية عند بداية الجهاد، وتقاطر

المسلمون من جميع بلدان العالم الإسلامي إلى باكستان، فبعضهم شارك بماله،

وآخرون بمالهم وبجهادهم ... ومع مرور الزمن خفت الحماسة، وضعفت الهمم،

وتثاقل الناس إلى الأرض، ولا نريد الاسترسال في عرض أسباب هذه المشكلة،

وكيفية علاجها، ومن المسؤول عنها؟ .. فهذه مهمة العلماء الدعاة الذين يجب

عليهم أن يتنادوا لمؤتمر إسلامي عالمي مستقل ليس لأية جهة سلطان عليه،

ويدرسوا هذه الظاهرة المؤسفة، ويضعوا قرارات جادة تساعد على استمرار مسيرة

الجهاد عسكرياً، ومالياً، وسياسياً، وإعلامياً. وعليهم أن ينطلقوا من حقيقتين:

الأولى: المسلمون الأفغان يقاتلون نيابة عن المسلمين في كل مكان ضد

الطوفان الشيوعي.

الثانية: لا يستطيعون الاستمرار في جهادهم إذا تخلى إخوانهم المسلمون عنهم

.. وهاتان الحقيقتان يجب أن تكونا واضحتين عند المجاهدين الأفغان وعند غيرهم.

سابعاً: وما النصر إلا من عند الله:

عندما يُفوّتُ المجاهدون المخلصون الفرصة على الأعداء، ويحصنون صفهم، ويأخذون بأسباب النصر الشرعية سينصرهم الله -جلَّ وعلا- كما نصر الفئة

المؤمنة على جالوت وجنوده، قال تعالى: [قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم

مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ] [البقرة: 249] .

وكما نصر الفئة القليلة المؤمنة على جموع المشركين في بدر والأحزاب. قال

جل من قائل: [إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ المَلائِكَةِ

مُرْدِفِينَ * ومَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلاَّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ومَا النَّصْرُ إلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ

إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] [الأنفال: 9 -10] .

وقال: [واذْكُرُوا إذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ

النَّاسُ فَآوَاكُمْ وأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ورَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] [الأنفال: 26] .

وقال: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا

عَلَيْهِمْ رِيحاً وجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً] [الأحزاب: 9] .

هذه نماذج من تاريخنا الزاخر بالأمجاد والبطولات، أما تاريخ غير المسلمين

المعاصر: فهناك نماذج تدل على أن القلة القليلة المعتدى عليها قد حققت انتصارات

باهرة، فالجنرال [جريفاس] في قبرص استطاع بقوة متواضعة لا تتجاوز مائتي

مقاتل مواجهة جيش بريطانيا يوم أن كانت عظمى، وكان تعداد جيشها في قبرص

وحدها خمسين ألف جندياً، ونجح في كسب تأييد المواطنين له، ولم يحرص على

زيادة عدد المقاتلين لأنه ما كان قادراً على تجهيز أكثر من هذا العدد، وكان حريصاً

على استقلالية القرار، والاستقلالية تحتم عدم الاعتماد على تمويل جهات أجنبية.

وفي فيتنام: كان تعداد الجيش الأمريكي نصف مليون جندياً، وقد ذاقوا

الويلات، وكان تعداد الجيش الذي يقاتلهم [1500] جندياً، ولكنهم كانوا في مستوى

جيد من التنظيم والإعداد والتخطيط.

أما إخواننا المجاهدون الأفغان فهم مسلمون يريدون إحدى الحسنيين: النصر

أو الشهادة، ولهذا فهم خير خلف لخير سلف، وأثبتوا كفاءة عالية خلال جهاد دام

أكثر من سبع سنين، وبينهم رجال يحظون باحترام عامة المسلمين وخاصتهم في

بلدهم، وعندما تظهر بوادر غير مشجعة من العناصر التي تدور حولها الشبهات

سوف يتخلى عنهم عدد غير قليل من العاملين معهم، وينضمون إلى صفوف

المنظمات التي يحظى قادتها باحترام الأفغان.

وفضلاً عن هذا وذاك، فطبيعة أفغانستان الجغرافية تجعل مهمة الشيوعيين

السوفييت شاقة جداً، وإذا كانت مهمة المجاهدين الأفغان شاقة في بداية الأمر، فقد

اكتسبوا والحمد لله خبرة قتالية نادرة، وسبروا غور القوات الشيوعية، وعرفوا

مواطن الضعف عندهم ... وهذه الخبرة التي دفعنا ثمنها أكثر من مليون شهيداً، لا

يجوز بحال كل من الأحوال أن نخسرها باسم ما يسمى بالحل السلمي.

إن الجيش الأفغاني المجاهد الجديد يجب أن يوقظ المسلمين في شبه القارة

الهندية الذين يزيد عددهم كثيراً عن عدد سكان الاتحاد السوفييتي ... وقد آن الأوان

لتحرر المسلمين في أواسط آسيا وما ذلك على الله بعزيز.

اللهم وحّد المجاهدين الأفغان على المنهج الذي أنزلته على خير خلقك محمد

بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، وانصرهم اللهم على أعداء دينك الشيوعيين

والأمريكان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين [7] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015