وهذه البشارة واضحة الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوة عيسى وموسى عليهما السلام. فمجيء الرب أو تجليه من طور سيناء، هو إنزاله التوراة على موسى عليه السلام من طور سينا، وإشراقه من ساعير، وهي جبال بفلسطين، هو إنزاله الإنجيل على عيسى عليه السلام وتجليه أو استعلانه من جبال فاران، إنزاله القرآن الكريم على محمد صلى الله عليه وسلم.
وليس بين المسلمين وأهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة، وقد جاء في التوراة أيضا أن إبراهيم عليه السلام أسكن هاجر وإسماعيل " فاران "، فأي نبي بعد عيسى عليه السلام نزل عليه كتاب واستعلن له الله من فاران غير محمد صلى الله عليه وسلم؟
فالمراد باستعلان الرب من " فاران " هو إرسال محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر سبحانه إنزال الكتب الثلاثة بهذا الترتيب: التوراة ثم الإنجيل ثم القرآن، وكان مجيء التوراة مثل طلوع الفجر أو ما هو أظهر من ذلك، ونزول الإنجيل مثل إشراقة الشمس، ازداد به النور والهدى.
وأما نزول القرآن، فهو بمنزلة ظهور الشمس في السماء، ولهذا قال: واستعلن من جبال فاران - في إحدى التراجم - فإن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر به نور الله وهداه في مشرق الأرض ومغربها، أعظم مما ظهر