ولهذه البشارات شواهد سجلها التاريخ:

ولتقوم الحجة على أهل الكتاب أكثر نستدعي شهودا منهم، وهم أولئك الذين سجل التاريخ شهاداتهم واعترافاتهم بأنهم ينتظرون نبيا سوف يبعثه الله، وقد بشرت به كتبهم، فقد سبقت آنفا الإشارة إلى عدد من رؤساء النصارى الذين أسلموا في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام لما بلغتهم دعوته، لأنهم عرفوها أولا وعرفوا نبيها من كتبهم التي بشرت به، فما كانوا يرجمون الغيب، بل يعترفون بحق وجدوه مجسدا في كتبهم:

فهذا إمبراطور الروم يكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لكتاب النبي الذي يدعوه فيه إلى الإسلام: " وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى ابن مريم ". وفي كتاب آخر يقول: " قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه " (?).

وهذه الحجة يقيمها المسلمون على النجاشي من الإنجيل، فلا يعترض على ذلك ولا يرده، فقد قال له عمرو: ". . . وقد أخذنا الحجة عليك من فيك، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاض لا يجور، وفي ذلك موقع الحز وإصابة المفصل، وإلا فأنت في هذا النبي كاليهود في عيسى ابن مريم ". فقال النجاشي: أشهد بالله إنه للنبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب، وإن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل، وإن العيان ليس بأشفى من الخبر " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015