وهو بهذا حافظ لهذا الأصل لأنه يبين ما طرأ عليه من انحراف وما وافقه من الكتب المتداولة فهو حق، ويجوز أن تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، وما خالفه وناقضه فهو باطل، ولا تكون نسبته إلى الله تعالى صحيحة، ويكون قد طرأ على الكتاب الذي فيه تلك المخالفة والتناقض تبديل وتحريف. وما جاء في القرآن الكريم، ولم يكن في الكتب المتداولة في أيديهم، المنسوبة إلى الله تعالى، فيكون ما جاء في القرآن هو الحق.
والقرآن الكريم شاهد على ما في تلك الكتب، يشهد لأصولها المنزلة بالصدق، ويشهد عليها وعلى أصحابها بما وقعوا فيه من نسيان حظ عظيم وإضاعته، وتحريف كثير مما بقي وتأويله، والإعراض عن العمل بها، كما نصت على ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم، وستأتي إشارات لذلك.
والقرآن الكريم رقيب على سائر الكتب السماوية المحفوظة عن التغيير، حيث يشهد لها بالصحة والثبات، ويقرر أصول شرائعها وما يتأبد من فروعها، ويعين أحكامها المنسوخة ببيان انتهاء مشروعيتها المستفادة من تلك الكتب وانقضاء وقت العمل بها.
ولا ريب في أن تمييز أحكامها الباقية على المشروعية أبدا عما انتهى وقت مشروعيته وخرج عنها من أحكام: هو معنى من معاني الهيمنة