فيقول: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (?). ويقول: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (?). إن هذا الإنسان المخلوق من: {مَاءٍ دَافِقٍ} (?) {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} (?) هو الإنسان الذي كرمه الله واختاره لصناعة الحضارة: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (?) إنه هو نفسه الذي سجدت له الملائكة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} (?). وهو الذي تعلم الأسماء كلها: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (?) وهو الحر الذي يختار طريقه بإرداته: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} (?) {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (?).
على أن الإنسان بالرغم من كل هذه المكانة التي أعطاها له الله تعالى، ومن كل الأسلحة التي زوده بها - لن يستطيع الإسهام الصحيح في فعل إيجابي وخالد إلا إذا حافظ على عبوديته لله والالتزام بمنهجه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (?) فإذا ارتكس وسار في طريق الانحراف والضلال فإنه يهبط إلى أسفل سافلين: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} (?). ومن هنا نفهم من كتاب الله تعالى أن