والمراد بالهدنة الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة يوم الحديبية، وقد جاء أبو سفيان إلى المدينة لتجديد العهد بعدما نقضوا هم العهود وخشوا أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل المسجد لذلك، فهذا دليل لنا على مالك رضي الله عنه فإنه يقول: لا يمكن المشرك من أن يدخل شيئا في المساجد، والدليل على ذلك «أن وفد ثقيف لما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بأن يضرب لهم قبة في المسجد فقيل: هم أنجاس. قال: ليس على الأرض من نجاستهم شيء».
ثم أخذ الشافعي رضي الله عنه بحديث الزهري فقال: يمنعون من دخول المسجد الحرام خاصة للآية. فأما عندنا فلا يمنعون من ذلك كما لا يمنعون من سائر المساجد ويستوي في ذلك الحربي والذمي، وتأويل الآية: الدخول على الوجه الذي كانوا اعتادوا في الجاهلية ما روي أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة.
والمراد القرب من حيث التدبير والقيام بعمارة المسجد الحرام وبه نقول: إن ذلك ليس إليهم ولا يمكنون منه بحال (?).
4 - قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (?)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?) ابتداء وخبر، واختلف العلماء في وصف المشرك بالنجس، فقال قتادة ومعمر بن راشد وغيرهما: لأنه جنب إذ غسله من الجنابة ليس بغسل. وقال ابن عباس وغيره: بل معنى الشرك هو الذي نجسه. قال الحسن البصري من صافح مشركا فليتوضأ. والمذهب كله على إيجاب الغسل على الكافر إذا أسلم إلا ابن عبد الحكم فإنه قال: ليس بواجب لأن الإسلام يهدم