فيكون خلفا وكلاهما مذموم وتأول سفيان بن عيينة قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?) أي: لم تقولون ما ليس الأمر فيه إليكم فلا تدرون هل تفعلون أو لا تفعلون؛ فعلى هذا يكون الكلام محمولا على ظاهره في إنكار القول.
وقال القرطبي أيضا: وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي وسائر الفقهاء: إن العدة لا يلزمه منها شيء؛ لأنها منافع لم يقبضها في العارية؛ لأنها طارئة وفي غير العارية هي أشخاص وأعيان موهوبة لم تقبض فلصاحبها الرجوع. انتهى المقصود.
وقال القرافي: الفرق الرابع عشر والمائتان بين قاعدة الكذب وقاعدة الوعد وما يجب الوفاء به منه وما لا يجب.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?) {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?) والوعد إذا أخلف قول لم يفعل فيلزمه أن يكون كذبا محرما وأن يحرم إخلاف الوعد مطلقا. وقال عليه السلام: «من علامة المنافق ثلاث: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف (?)» فذكره في سياق الذم دليل على التحريم، ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «وأي المؤمن واجب» أي وعده واجب الوفاء به. وفي الموطأ «قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذب لامرأتي؟ فقال عليه السلام: لا خير في الكذب، فقال: يا رسول الله أفأعدها وأقوله لها؟ فقال عليه السلام: لا جناح عليك (?)»، فمنعه من الكذب المتعلق بالمستقبل، فإن رضا النساء إنما يحصل به، ونفى الجناح على الوعد وهو يدل على أمرين: