وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: قال ابن العربي: فإن كان المقول منه وعدا فلا يخلو أن يكون منوطا بسبب كقوله: إن تزوجت أعنتك بدينار أو ابتعت حاجة كذا أعطيتك كذا، فهذا لازم إجماعا من الفقهاء، وإن كان وعدا مجردا، فقيل: يلزم وتعلقوا بسبب الآية فإنه روي- أنهم كانوا يقولون- لو نعلم أي الأعمال أفضل أو أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله تعالى هذه الآية وهو حديث لا بأس به، وقد روي عن مجاهد أن عبد الله بن رواحة لما سمعها قال: لا أزال حبيسا في سبيل الله حتى أقتل، والصحيح عندي أن الوعد يجب الوفاء به على كل حال إلا لعذر. قلت: قال مالك: فأما العدة مثل أن يسأل الرجل الرجل أن يهب له الهبة، فيقول له: نعم، ثم يبدو له أن لا يفعل فما أرى ذلك يلزمه، وقال ابن القاسم: إذا وعد الغرماء، فقال: أشهدكم أني وهبت له من أن يؤدي إليكم فإن هذا يلزمه، وإما أن يقول: أنا أفعل، ثم يبدو له فلا أرى عليه ذلك. قلت: أي لا يقضي عليه بذلك، فأما مكارم الأخلاق وحسن المروءة فنعم، وقد أثنى الله على من صدق وعده ووفى بنذره، فقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} (?) وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (?) وقد تقدم بيانه.
وقال القرطبي أيضا: الرابعة قوله تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?) استفهام على جهة الإنكار والتوبيخ على أن يقول الإنسان عن نفسه من الخير ما لا يفعله، أما في الماضي فيكون كذبا، وأما في المستقبل