ثانيا: ذهب الإمام الشافعي وغيره من المحدثين إلى أن الحديث إذا كان صحيحا على شرط المحدثين لا يكون مخالفا للكتاب أبدا (?). أما التعارض بين الأحاديث فأجاب عنه الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: ولم نجد عنه حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج، أو على أحدهما دلالة بأحد ما وصفت، إما بموافقة الكتاب، أو غيره من السنة، أو بعض الدلائل (?).
وقال ابن خزيمة: لا أعرف أنه روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما (?).
فدعوى ابن حجر بالتعارض حيث لا ترجيح مرفوض بتصريحات هؤلاء الأئمة.
ثالثا: إن الحافظ ابن حجر عندما اختار استثناء ما ظاهره التعارض كان عليه أن يعين ذلك، ويشير إلى الأحاديث التي هي متعارضة تعارضا لا يمكن دفعه أصلا، من أي وجه من الوجوه؟ لتكون بين عيني الحفاظ المتأخرين عنه، ولتجرى عليها أسس البحوث والمناقشات كما جرت على انتقادات من انتقدها قبل، فتأتي بالنتيجة النهائية، إما الحكم عليها بالتعارض حقيقة، وإما الحكم بالذهول، والقصور، والعجز على مدى ذلك التعارض.
لأن العقول تتضارب والمدارك تتباين، والمراتب العلمية تتفاوت، فرب دليل يتعارض عند أحد، مع أن غيره يجد له محملا صحيحا.