في ذلك فمنهم من يقول بطهارتها ومنهم من يقول بنجاستها. وممن قال بأنها طاهرة الحنفية والمالكية وابن حزم، ومن وافقهم جاء في بداية المهتدي وشرحها الهداية: وإذا تخللت الخمر حلت، سواء صارت خلا بنفسها أو بشيء يطرح فيها، ولا يكره تخليلها (?). وفي الحطاب: ولو تخللت الخمر بإلقاء شيء فيه كالخل والملح والماء ونحوه يطهر الخل وما ألقى فيه (?). وقال ابن حزم: إذا تخللت الخمر أو خللت فالخل حلال (?). واستدل لهذا القول بالسنة والمعنى. أما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم الإدام الخل (?)» رواه مسلم والأربعة من حديث جابر، ووجه الدلالة أنه - صلى الله عليه وسلم - عم ولم يخص.

وعورض هذا الاستدلال بحديث أنس، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الخمر تتخذ خلا فقال: "لا (?)». أخرجه مسلم. وعن أنس أن «أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا قال أهرقها قال: أفلا نجعلها خلا قال: "لا (?)» رواه أبو داود في كتاب الأشربة.

ويمكن الجمع بين هذه الأحاديث بحمل الحديث الأول على الخمر إذا تخللت بنفسها، والخل الذي لم يكن أصله خمرا، وحمل الثاني على ما إذا خللت بفعل فاعل قاصدا، وعلى هذا فلا دلالة في الحديث الأول على طهارة الخمر إذا خللت قصدا، وأما الدليل من جهة المعنى فقد جاء في البداية وشرحها، أنه بالتخليل يزول الوصف المفسد وتثبت صفة الصلاح من حيث تسكين الصفراء وكسر الشهوة والتغذي به والإصلاح مباح وكذا الصالح للمصالح اعتبارا بالمتخلل بنفسه وبالدباغ والاقتراب لإعدام الفساد فأشبه الإراقة والتخليل أولى لما فيه من إحراز مال يصير حلالا في الثاني فيختاره من ابتلي به، وقد يجاب عن ذلك بأنه دليل اجتهادي في مقابل نص والاجتهاد مع النص، والنص هو حديث أنس الذي رواه مسلم «سئل عن الخمر اتخذ خلا فقال: "لا (?)». الحديث وقد سبق (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015